رمضان وأحوال الأمة


 

بسم الله الرحمن الرحيم

 

الخطبة الأولى:

أما بعد: في كل مجتمع مسلم لقاء بين زائر وَمزور، لقاء يتجدّد كلَّ عام، تحفّه الخيرات والمكارم والإنعام، أمّا المَزور فكل مسلم رضي بالله ربًا وبالإسلام دينًا وبخير الأنام محمد نبيًا ورسولاً وكل مؤمن يرجو الله واليوم الآخر وذكر الله كثيرًا، أما الزائر فضيف عزيز كريم يحل علينا كل عام يحمل معه المكارم والبشائر، ويفيض على الأمة من سحائب الجود الإلهي والكرم الرباني.

يحل علينا كل عام، فتستقبله الأمة بالوجوه الباسمة والنفوس السامية والهمم العالية، لكن في هذا العام قد زارنا ونعم الزائر هو، فاستقبلته الوجوه البائسة والهمم الباردة.

خاطب الضيف العزيز مضيفه فتكلم وافد المسلمين قائلاً:

مرحبا أهلاً وسهلاً بالصيام***يا حبيبًا زارنا في كـل عـام

عذركم شهرنا عما تـرى*** إنّ أرض المسلمين اليوم تضام

أيها الشهر المعظم، عذرًا فنحن والله لا نعرف أفضالك ولا ندرك جلالك ولا نستشعر نفحاتك ولا نستقي من بركاتك. عذرًا أيها الشهر المعظم، قد حللت علينا هذا العام ونحن نصارع طوفانًا من الفتن هائجًا وموجًا من الهموم عاتيًا، تحل علينا هذا العام وأمة الإسلام قد رمتها أمم الكفر عن قوس، وتكالب علينا الأعداء يهوديٌّهم ونصرانيٌّهم، شيوعيٌّهم وهندوسيٌّهم، بوذيٌّهم ورافضيٌّهم منافقُهم وعلمانيٌّهم، وأمة الإسلام ما بين مظلوم تُداس كرامته ويهجَّر من بلده ويُحال بينه وبين شريعة ربه، وما بين متخاذل خذل إخوانه في موقف أهينت فيه كرامته، وانتقص فيه عرضه، وما بين ضعيف لا يملك حولاً ولا طولاً ولا قوة.

يا شهر الله المعظم، نحن المسلمين قد أوذينا في ديننا وعقيدتنا ودمائنا من قبل أن تأتينا ومن بعد ما جئتنا. يا شهر الله المعظم، تحل علينا هذا العام وقد أطلت الفتن بأعناقها وأصبح الحليم حيرانًا، تذبذبٌ في الآراء والمواقف، نكوصٌ على الأعقاب، انهزامية نفسية، تناقض في الأحكام والفتاوى، فأصبحت الأمة تعيش فراغًا تبحث فيه عن مرجعية ولمّا تجد.

يا أيها الشهر المعظم، عذرًا على الجفاء وضعف الاحتفاء فأنت تحل علينا ضيفًا عزيزًا في زمن ظهرت فيه خفافيش الظلام وهم المنافقون الذين يأمرون بالمنكر وينهون عن المعروف، وبرز فيه أصحاب الشهوات الذين يريدون أن تميل الأمة ميلاً عظيمًا، ظهروا في زمن انشغلت فيه الأمة بمصائبها، وهكذا هم لا يظهرون إلا في الأزمات، يظهرون ليبثوا سمومهم ولينشروا أفكارهم العفنة ودعواتهم المنحرفة والتي تهدف إلى إفساد أخلاق المجتمع ونبذ الأحكام الشرعية التي تكفل قيام مجتمع محافظ تسود فيه الفضيلة.

لقد استغلوا انشغال الأمة رعاة ورعيّة بالأحداث الجارية، فبدؤوا في بثّ سمومهم، فسمعنا عن دعواتهم لإصدار بطاقات للمرأة تحمل صورتها بل قد فعَلوا، وقرأنا عن دعواتهم لتغيير المناهج لأنها ـ بزعمهم الكاذب ـ تخلق جيلاً يحمل مبادئ الإرهاب والتطرف وتغذي روح العدوانية، ونسوا بل تناسوا أن المناهج الإسلامية التعليمة في بلدنا هي السبب بعد الله في ترابط المجتمع وتربية أفراده على الانتماء للدين والأمة، وأنها هي التي تربي الناشئة على طاعة الله وطاعة رسوله والسمع والطاعة لمن ولاهم الله أمر الأمة، وأنها هي التي تصنع جيلاً مسلمًا معتزًا بدينه مفتخرًا بانتمائه إلى بلد المقدسات، جيلاً قادرًا على الدفاع عن بلده وأمته إذا اشتدت الأزمات، أما المناهج التي يريدها المنافقون فمناهجُ تغذي في الناشئة روح الولاء لأعداء الله، وتضعف جانب التميز والشعور بالعزة الإسلامية، مناهج تربي الشباب على الميوعة في المبادئ والأفكار، فينشأ جيل ضعيف الانتماء لدينه ووطنه.

يا أيها الشهر المعظم، معذرة على هذا الجفاء، فنحن نستقبلك والأمة تعيش أحداثًا أبرزت الحقائق وأظهرت الخلل في عقيدة الولاء والبراء عند المسلمين، فأصبحنا نسمع من يدعو لنصرة الكفار، ونقرأ لكتاب يسخرون من الإسلام والمنتسبين إليه، وأصبحنا نسمع من يدعو إلى الله أن يرفع عن الكفار الجمرة الخبيثة، وآخر يفر من المساجد التي يُقنت فيها للمسلمين، وصدق الله: (مَّا كَانَ اللَّهُ لِيَذَرَ المُؤمِنِينَ عَلَىا مَا أَنتُم عَلَيهِ حَتَّى يَمِيزَ الخَبِيثَ مِن الطَّيِّبِ [آل عمران: 179].

يا شهر الله المعظم، نحن نستقبلك وأمة الإسلام تعيش حربًا ظالمة، يُقتل فيها الأبرياء، وتهدم البيوت، وتسفك فيها دماء الضعفاء من الأطفال والشيوخ والعجائز والنساء، حرب صليبية تحت غطاء محاربة الإرهاب، وتحت هذا الغطاء يُجَرٌّ المسلمون إلى استعداء إخوانهم وزرع بذور الحقد والغلّ بين المسلمين.

يا أيها الشهر الذي زارنا، تحلّ علينا هذا العام وقد حصحص الحق، واتضحت الحقائق، وانكشف المغطى، وبرزت نتائج الحرب الصليبية التي يسمونها الحرب ضد الإرهاب. لقد تبين أخيرًا أن الإرهاب الذي يُحارَب هو إعفاء اللحى وارتداء الحجاب والترفع عن الغناء والموسيقى، وأن الإرهاب هو التوحيد الخالص وهدم المظاهر الشركية.

لقد بدت الحملة الصليبية لمكافحة الإرهاب، فحلق الناس لحاهم، وتسابقت النساء لنزع الحجاب، وفتحت المزارات والأضرحة لزوّارها، وصدحت في وسائل الإعلام أصوات الموسيقى، وصدق الله: وَلاَ يَزَالُونَ يُقَـاتِلُونَكُم حَتَّى يَرُدٌّوكُم عَن دِينِكُم إِن استَطَاعُوا [البقرة: 217].

ألا ليت الحالقين للحلى، ويا ليت المتبرجات من النساء، ويا ليت السامعين للغناء، يا ليت هؤلاء يدركون أنهم بأفعالهم تلك يحققون أهداف الحملة الصليبية على الأمة الإسلامية من حيث لا يشعرون.

ويا أيها الرجال المتجمّلون باللحى، ويا أيتها النساء المتحشّمات، ويا أهل الصلاح والاستقامة، هنيئًا لكم وصف الإرهاب بمفهومه الغَربي الكفريّ، هنيئًا لكم عداوة الكفار لكم وعداوتكم لهم.

يا أيها الشهر الكريم، لقد استعدت لك الأمة وتهيأت لاستقبالك، فالإعلانات التجارية والزحام في الأسواق ينبئك عن حال فئة من الناس لا ترى فيك إلا موسمًا لملء البطون والتنافس في كثرة الصحون، ووسائل الإعلام جعلت منك موسمًا للهو والترفيه غير البريء، عبر الفوازير والمسلسلات الساقطة مما طاش به عقل الحليم، وما طاش إلا لما فيها من السفه والسقوط الوخيم.

يا أيها الشهر المعظم، حللتَ علينا واليهود والنصارى عبر وسائل إعلامهم الفاسدة المفسدة تشن حربًا إعلامية جائرة على بلادنا، واصفة إياها بتبني الإرهاب والإفساد، ولعمرو الله إنها تعلم أن بلادنا لم تعتد على أحد، ولا ترضى أن يعتَدَى على أحد، لكنهم يعنون بالإرهاب أننا دولة تحكم بالإسلام، وتقيم شعائره، وتعلم مبادئه، وتنشر تعاليمه في العالم عبر المراكز الإسلامية والجمعيات الخيرية، وصدق الله وهذا يؤكد الحقيقة الآية: وَلَن تَرضَى عَنكَ اليَهُودُ وَلاَ النَّصَـارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُم [البقرة: 120]، وإذا كان هذا إرهابًا فليشهد العالم أننا إرهابيون وأننا متطرّفون وأننا مستعدون لتحمل تبعات هذا الإرهاب وتكاليفه.

أما النساء فيرين فيك فرحة للهروب إلى الأسواق والتجوال فيها قرب السحر، حيث يوأد الحياء وتقتل المروءة والشهامة، حيث ينصب الشيطان راية للشباب. قد تهيئوا لك بتجهيز الاستراحات وتهيئة الملاعب، هؤلاء هم الناس الذين يستقبلونك، فعذرًا أيها الشهر المبارك.

يا ضيفنا، يا شهر الله المعظم، حينما تحلّ علينا يغدو إلى المساجد أناس تعرف منهم وتنكر، ما هم بجن ولا ملائكة، كل ما نعرفه عنهم أنهم مسلمون، ويسمعون نداء الله يجلجل في بيوتهم طوال العام، لكنهم لا يعرفون طريقًا إلى بيت الله إلا حينما تحلّ علينا، وحتى حينما تحلّ علينا فهم يَكثُرون عند المغرب والفجر، وينامون عن الصلاة في الظهر والعصر، فبئس القوم لا يعرفون الله إلا في رمضان.

يا شهر الله العظيم، هذه بعض حالنا، وهذا خبر ما عندنا، وهذا هو عذرنا حينما استقبلناك بالفتور وضعف العزيمة، فيا ترى ما خبر ما عندك؟!

قال الضيف العزيز: أما خبر ما عندنا فسوف أنبئك به بعد أن تستريح وتريحَ قليلاً، وبعد أن تستغفروا ربّكم كثيرًا، فأستغفر الله لي ولكم، إنه هو الغفور الودود.

 

الخطبة الثانية

لله، والصلاة والسلام على رسول الله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليمًا كثيرًا.

أما بعد: فبعد أن قال وافد المسلمين قوله ووصف حالهم أجاب الزائر الكريم شهر رمضان المعظَّم بلسان الحال فقال: قد تسمّعتُ ـ يا وافد المسلمين ـ إلى مقالك وتألّمت لحالك، وآلمني أن تكونوا آيسين قَنِطين، أوَما علمتم أنه لا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون، ولا يقنط من رحمة ربه إلا الضالون؟!

لِمَ اليأس ووعد الله لن يُخلَف وكلمته لا تتبدل وسنته في الأمم لا تتغير؟! وَكَانَ حَقًّا عَلَينَا نَصرُ المُؤمِنينَ [الروم: 47]، إن أوذيتم في دينكم وعقيدتكم فـعَسَى رَبٌّكُم أَن يُهلِكَ عَدُوَّكُم وَيَستَخلِفَكُم فِى الأرضِ فَيَنظُرَ كَيفَ تَعمَلُونَ [الأعراف: 129]، وإن تسلط المنافقون فأظهروا كيدَهم ومكرهم وتَبَينَ مسارعتهم خلف العدو فَعَسَى اللَّهُ أَن يَأتِىَ بِالفَتحِ أَو أَمرٍ, مّن عِندِهِ فَيُصبِحُوا عَلَى مَا أَسَرٌّوا فِى أَنفُسِهِم نَـادِمِينَ [المائدة: 52]. ثم إنه لا تصيب الأمةَ مصيبةٌ إلا بما كسبت أيديهم، وكيد المنافقين لا يُواجَه بالتشاكي ولا بالتباكي، وإنما الحلّ بأيديكم أنتم أيها المسلمون. إن كيد المنافقين يواجَه باستنكاره والرفع إلى من بيده الأمر، فإن الله يزع بالسلطان ما لا يزع بالقرآن.

كيد المنافقين يواجه بزرع بذور الإيمان في الأسرة وتربية النساء والناشئة على رفض كل ما يخدش بالحياء أو يجرح الكرامة أو يخالف أمرًا شرعيًا وتربيتهم على الاعتزاز بالدين والحشمة والحياة.

كيد المنافقين يواجه بتكثيف الدعوة والإصلاح في الناس وبثّ الخير وإيصال كلمة الحق إلى كل بيت وكل فرد في المجتمع، أما أن ينشغل المصلحون فيما بينهم بنقاشات وردود وانتصار للنفس فذلك مما يفتح الثغرات للمنافقين ويضعف أثر الصالحين، وما نجح منافق إلا بما قصّر مصلح.

أما ما ذكرتَ من كيد الأعداء وحربهم على المسلمين وقلبهم للحقائق وتلاعبهم بالمصطلحات فذاك أمر قد علمناه في كتاب ربّنا، وقد نبأكم الله من أخبارهم: وَإِذَا لَقُوكُم قَالُوا ءامَنَّا وَإِذَا خَلَوا عَضٌّوا عَلَيكُم الأَنَامِلَ مِن الغَيظِ قُل مُوتُوا بِغَيظِكُم إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصٌّدُورِ [آل عمران: 119].

أما ما تشكوه من حال فئة من الناس لا يرون في الحياة الدنيا إلا فرصة للمآكل والمشارب والملاهي والملاعب فتلكم حال أهل الهمم الضعيفة الذين لا يرون في الحياة إلا أنها لهو ولعب وزينة وتفاخر، ونسوا أنه في الآخرة عذاب شديد ومغفرة من الله ورضوان.

لكنني أذكّرك:

إنَّ للَّـه عِبـادًا فُـطَنـا طلّقوا الدّنيا وخافوا الفِتَنا

جَرّبوا الدّنيا فلمّا عَرفـوا أنَّها ليست لِحيّ سَكنًـا

جعلوهـا لُجَّـة واتَّخذوا صالحَ الأعمال فيها سُفنا

فكما أنّ في الناس من يريد الدنيا فمنهم من يريد الآخرة، تَرَاهُم رُكَّعًا سُجَّدًا يَبتَغُونَ فَضلاً مّنَ اللَّهِ وَرِضوَانًا سِيمَـاهُم فِى وُجُوهِهِم مّن أَثَرِ السٌّجُودِ [الفتح: 29]، تَتَجَافَى جُنُوبُهُم عَنِ المَضَاجِعِ يَدعُونَ رَبَّهُم خَوفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقنَـاهُم يُنفِقُونَ [السجدة: 16]. فهؤلاء وأولئك سيلقي كل منهم ما عمل، فَمَن يَعمَل مِثقَالَ ذَرَّةٍ, خَيرًا يَرَهُ وَمَن يَعـمَل مِثقَالَ ذَرَّةٍ, شَرًّا يَرَهُ [الزلزلة: 7، 8].

يا وافد المسلمين، إن من ذكرتهم بأنهم لا يعرفون بيت الله إلا في رمضان وكأنهم يستكثرون على الله زيارة بيته والنيل من فضله ثم هم يهجرون المساجد ويتركون الصلاة بعد رمضان، هؤلاء يخادعون الله والذين آمنوا وما يخدعون إلا أنفسهم وما يشعرون. بلِّغ هؤلاء أن الله غني عن عبادتهم، وأن دين الله وأحكامه لا يقبل التلاعب والمخادعة، وأن الأمر بالعبادة لا يحدّ بزمان أو مكان، وَاعبُد رَبَّكَ حَتَّى يَأتِيَكَ اليَقِينُ [الحجر: 99]، ((اتق الله حيثما كنت واتبع السيئة الحسنة تمحها)). قل لأولئك: فَإِن يَتُوبُوا يَكُ خَيرًا لَّهُم [التوبة: 74]، فَإِن لَّم يَستَجِيبُوا لَكَ فَاعلَم أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهوَاءهُم وَمَن أَضَلٌّ مِمَّن اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيرِ هُدًى مّنَ اللَّهِ [القصص: 50].

يا وافد المسلمين، اسمع مني وبلغ مَن وراءك: إني شهر شرّفه الله وعظّمه، فيّ تفتح أبواب الجنان وتغلق أبواب النيران، وإني ميدان للتنافس والمسارعة إلى الخيرات، فتزوّدوا مني، فإني إذا مضيت لا أعود.

يا وافد المسلمين، بلغ مَن وراءك أني أحلّ عليكم وأنتم تنعمون بأمن في الوطن وصحة في البدن ورغد في العيش وسعة في الرزق، وإنني أفد على آخرين وهم يقضون أيامي في حالة لا يعلمها إلا الله جل جلالهº خوف وجوع ومسغبة وبرد قارس، لا مأوى ولا سكن، ولا أمن في الوطن، يقضون أيامه تحت أزيز الطائرات المهاجمة وزئير الدبابات وأصوات الطلقات، قد حيل بين الأب وأبنائه والزوجة وزوجها.

أقدم على قوم على الأسرَّة البيضاء يتمنّون أن يصوموا مع الصائمين ويقوموا مع القائمين، بلّغوا من وراءكم أنكم قد بلغتموني وأدركتموني، بينما اخترم الموت أناسًا كانوا مثلكم، لهم من الآمال ما لكم، وعندهم من القوة ومن الغنى ما عندكم، لكنهم اليوم في بطون الألحاد صرعى، ويتمنون لله ركعة أو سجدة أو صياما، ولكن حيل بينهم وبين ما يشتهون. فهؤلاء وأولئك سيلقى كل منهم ما عمل، فَمَن يَعمَل مِثقَالَ ذَرَّةٍ, خَيرًا يَرَهُ وَمَن يَعـمَل مِثقَالَ ذَرَّةٍ, شَرًّا يَرَهُ.

يا وافد المسلمين، بلغ من وراءك أن الجنة حفت بالمكاره، وأن سلعة الله الجنة غالية، لا تنال بالتشهي ولا بالتمني، وأن رحمة الله التي يعلّق عليه البطّالون آمالهم دون عمل لا يستحقها إلا أهلها، وَرَحمَتِى وَسِعَت كُلَّ شَىء فَسَأَكتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤتُونَ الزَّكَاةَ وَالَّذِينَ هُم بِآيَاتِنَا يُؤمِنُونَ [الأعراف: 156]، ومغفرة الله لا ينالها إلا من تاب وآمن وعمل صالحًا ثم اهتدى.

يا وافد المسلمين، بلغ مَن وراءك في شهري المعارك الحاسمة والانتصارات الرائعة، وأن من نصر رسوله على المشركين في بدر سينصرهم على الصليبيين اليوم، وأن من فتح مكة لرسوله سيفتح على المسلمين اليوم فتحًا مبينًا، وأن من أذل التتار في عين جالوت سيذل أحزاب الكفر، وإياكم والقنوط، إنكم قوم تستعجلون.

يا وافد المسلمين، أنا شهر قبول الدعوات وإغاثة اللهفات وكشف الكربات، فبلغ مَن وراءك أن للصائم دعوة لا ترد، وله عند السحر والفطر دعوة مستجابة، فادعوا ربكم تضرعًا وخفية إنه لا يحب المعتدين.

وصلوا وسلموا على خير المرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن اتبع هديه بإحسان إلى يوم الدين...

 

 

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply