بسم الله الرحمن الرحيم
الخطبة الأولى:
أمّا بعد: فيا أيّها المسلمون، خيرُ العطَا الإيمان والتّقى، ولا بأس بالغنى لمن اتَّقى، والصّحة لمن اتّقى من الغِنى، وما قلَّ وكفى خير مما كثُر وألهى، وما يغني عن الظالم الثرا، وما يغني عنه مالُه إذا تردَّى، ليس الغِنى عَن كثرةِ العَرَض، ولكنّ غنى النفسِ هو الغِنى، ومن اشتدَّ حِرصه أوشَكَ وقصُه، ومن مدَّ عينَيه إلى ما ليس في يدَيه أسرعَتِ الخيبةُ إليه وتمكَّنت الحزونةُ عليه، ورسوله الهدى يقول: ((قد أفلَحَ مَن أسلم ورزِقَ كفافًا وقنَّعه الله بما آتاه)) أخرجه مسلم[1].
أيّها المسلِمون، مِن قواعدِ المعامَلات وأسُسِ المعاوَضات وأركانِ التّبادُلات والبياعَات التي تُبنى عليها جلٌّ الأحكام ويعتَمد عليها كلٌّ الحُكّام قولُ الملِك العلاّم: يَا أَيٌّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَأكُلُوا أَموَالَكُم بَينَكُم بِالبَاطِلِ إِلاَّ أَن تَكُونَ تِجَارَةً عَن تَرَاضٍ, مِنكُم [النساء: 29]، وَلا تَأكُلُوا أَموَالَكُم بَينَكُم بِالبَاطِلِ وَتُدلُوا بِهَا إِلَى الحُكَّامِ لِتَأكُلُوا فَرِيقًا مِن أَموَالِ النَّاسِ بِالإِثمِ وَأَنتُم تَعلَمُونَ [البقرة: 188].
وأخو المسلم كنَفسِه في الحُرمَة، لا يجوز أن يأكلَ مالَه بما حرُم في الشَّرع تعاطِيه أو بباطلٍ, لا فائدةَ فيهº لأنَّ أخوّةَ الدّين تقتضيه وشفقةَ الآدميّة تستدعيه، فعن أبي بكرةَ - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله: ((إنّ دماءَكم وأموالَكم وأعراضكم عليكم حَرام)) متفق عليه[2]، وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله: ((كلٌّ المسلِم على المسلمِ حَرام: دمُه وعِرضه وماله)) أخرجه مسلم[3]، ورسول الهدى حين باعَ العدَّاءَ عَبدًا أو أمَة كتَب له: ((هذا ما اشترَى العدّاء بن خالدٍ, بن هوذة مِن محمّدٍ, رسول الله، اشتَرى منه عبدًا أو أمَة لا داءَ ولا غائلَةَ ولا خِبثَة، بَيعَ المسلم للمسلم)) أخرجه البخاري معلَّقًا ووصله الترمذيّ والنسائيّ وابن ماجه[4]. ((لا داء ولا غائِلةَ ولا خِبثَة)): لا عيبَ يُكتَم، ولا فجورَ ولا حيلة تتلِف مالَ المشتري، ولا خديعةَ ولا خلابة، ((بيعَ المسلم للمسلِم)) الذي يستشعر الإقساط ويتّقي الإشطاط.
أيّها المسلمون، لقد سلك الجِشاع وأهلُ الأطماع طرقًا مِن المكر والغدرِ والخِداع للسَّيطرةِ على أموال الضعفاء والاستحواذِ على حقوقِ الفُقراء واستغلالِ الرّعاع والدَّهماء الذين أخنعتهمُ الحاجةُ واضطرَّتهم الفاقةُ وحمَلَهم حسنُ الظّنّ وابتغاءُ الفضلِ والرّزق للوقوع في الشَّرَك المنصوب والشَّبَك المضروب، حتى إذا انكشَفَ الغِطاء وانكشَفَ الغِشاء ظهرت أماراتُ الغدرِ ولوامِحُ المخاتَلةº حِرصٌ بلا عِفّة ورَغبة بلا مخافَة، تُرَوَّج عقودٌ وتضرَب وعودٌ، لا تجارَى في العرضِ والتّسويق، ولا تُبارى في التمويه والتّشويقِ، بأساليبَ ماكرةٍ, ومسالكَ فاجرة، لا تعدو أن تكونَ حُبلةً متلفة ومكيدةً مهلِكة وسَلبًا ونهبًا باسم المساهَمَة والاتِّجار والعَقارِ والاستثمار والتوفيرِ والادِّخار، ولن يعدمَك منَ اللّئيمِ خلابة، وصدَق رسول الهدَى: ((ليأتينَّ على الناس زمانٌ لا يبالي المرءُ بما أخَذَ المال، أمِن حلال أو مِن حرام)) أخرجه البخاري[5].
وللحِرصِ علَى المالِ قُحَمٌ ومهالِك ومخاطرُ ودربٌ شائك، فعن كعب بن مالك - رضي الله عنه - قال: قال رسولُ الله: ((ما ذِئبان جائعانِ أُرسلا في غنَمٍ, بأفسَدَ لها من حرصِ المرء على المالِ والشَّرفِ لدينه)) أخرجه أحمد والترمذي[6].
فيا مَن باع دينَه بحفنةٍ, منَ المال، يا مَن أكل أموالَ الناس بالباطلِ وطرُق المكرِ والاحتيال، تذكَّر يوم العرضِ والأهوال، تذكَّر يوم الوقوفِ بين يدي الكبير المتعالِ، تذكَّر يومَ لا ينفع الثرا ولا الأموال، تذكَّر يوم تصفَّد بالسلاسلِ والأغلال، ولكلِّ غادرٍ, لواءٌ يومَ القيامة يقال: هذه غدرةُ فلان.
فيا حسرةَ من اشترَى النارَ وغضَبَ الجبارِ بمتاعٍ, رخيص يضمحلّ ويزول ويحولُ، فعن كعبِ بنِ عجرة - رضي الله عنه - أنَّ رسول الله قال: ((لا يربو لحمٌ نبَت من سحتٍ, إلا كانت النارُ أولى به)) أخرجه الترمذي[7]. فأين من رَبا لحمُه على عظمِه بمكاسِب الميسر والقمار وحُلوان الكهَنَة والسّحرة والعرّافين والمشعوذين وكَسبِ البغايا والقَينَات وأثمانِ ما حرُم بيعُه من الدّخان والخمور والمخدِّرات وأطباقِ القنوات والسّرِقة والخِلسة والغُصوب وجحدِ الحقوق وكِتمان العيوبِ والتلاعبِ بأثمان السّلَع والغشِّ والنّجش والتطفيفِ في المكاييلِ والموازينِ وصَفَقات الرّبا الخاسرة بزياداتِه الظالمة ومضاعفاتِه الفاحشة وأكلِ أموال اليتامى والتّعدِّي على أموالِ الأوقافِ والوصايا وما يُدفَع في ضُروبِ المراشاةِ والمحاماة، عالَمٌ مشحونٌ بالجَشَع والطّمع والمكرِ والخُدَع والأنانيّة والرّوح النّفعيّة، وصدَق رسول الله حين قال: ((فوالله، ما الفَقرَ أخشى عليكم، ولكني أخشَى أن تُبسَط الدنيا عليكم كما بُسِطت على من كان قبلكم، فتنافسوها كما تنافسوها، فتهلِكَكم كما أهلكتهم)) متفق عليه[8].
أيّها المسلمون، آكلُ الحرامِ مطرود، ودعاؤه مردُود، فعَن أبي هريرةَ - رضي الله عنه - أنَّ رسول الله ذكَر الرجلَ يطيل السّفرَ أشعثَ أغبر يمدّ يديه إلى السماء: يا رب يا رب، ومطعمُه حرام، ومَشرَبه حرَام، ومَلبسُه حرام، وغذِي بالحرام: ((فأنَّى يُستجَاب لذلك)) أخرجه مسلم[9].
يا مَن أمِنتُم الحسابَ والعقاب في دنيا الغاب، إنَّ ورائكم قَضاءً وقِصاصًا وتَدقيقًا وحِسابًا وتَكريرًا وسُؤالاً وعِقابًا، فعن أبي هريرةَ - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله: ((أتَدرون ما المفلس؟)) قالوا: المفلِس فينا من لا درهمَ له ولا متاع، فقال رسول الله: ((إنَّ المفلس مِن أمّتي من يأتي يومَ القيامة بصلاةٍ, وصيام وزكاة، ويأتي قد شتَم هذا وقذف هذا وأكلَ مال هذا وسفَك دم هذا وضرَب هذا، فيُعطَى هذا من حَسَناته وهذا من حَسَناته، فإن فنِيَت حسناته قبل أن يُقضَى ما عليه أخِذَ من خطاياهم فطُرِحَت عليه، ثمّ طرِحَ في النار)) أخرجه مسلم[10].
أيّها المسلمون، إنّ مدارَ حكمِ الحاكم إنما هو علَى الظاهر من كلامِ الخَصمَين وحُجَج المتداعِيَين، ولا حظَّ له في الباطنِº لأنّه لا يبلغه علمه، فلا ينفُذ فيه حكمه، والحرامُ لا يصير حلالاً بقضاءِ قضاءٍ, أو حُكم حاكم، فعن أمّ سَلمةَ - رضي الله عنها - قالت: قال رسول الله: ((إنّكم تختصمون إليَّ، ولعلَّ بعضَكم أن يكونَ ألحنَ بحجّتِه من بعض، فأقضي له علَى نحو ما أسمعُ منه، فمن قطعتُ له من حقِّ أخيه شيئًا فلا يأخذه، فإنما أقطعُ له قطعةً من نارٍ,)) متفق عليه[11]. فويلٌ لمن أكل مالَ أخيه بدعاوَى كاذبة وحجَجٍ, ملفَّقة.
يا مَن حلَف اليمينَ الغموس، يا مَن أقسم بالمحرِجَة العَبوس، لقد حلفتَ بأيمانٍ, لا تطيقها الجبالُ وأقسامٍ, تقصّ أعناق الرجال، تدمِّر حياةَ عاقِدِها، وتبتُر عمُر حالِفِها، فعن أبي أمامةَ - رضي الله عنه - أنَّ رسولَ الله قال: ((من اقتَطَع حقَّ امرِئ مسلِم بيمينه فقد أوجَبَ الله له النارَ وحرَّم عليه الجنّةَ))، فقال له رجل: وإن كان شيئًا يسيرًا يا رسول الله؟ قال: ((وإن قضيبًا من أَراك)) أخرجه مسلم[12]، وللشّيخين: ((مَن حلَف على يمينِ صبرٍ, يقتطِع بها مال امرِئ مسلم هو فيها فاجِر لقيَ اللهَ وهو عليه غضبان))[13]، وعن وائل بن حجرٍ, - رضي الله عنه - قال: جاء رجلٌ من حضرموت ورجلٌ من كندة إلى النبيِّ، فقال الحضرميّ: يا رسول الله، إنَّ هذا قد غلَبني على أرضٍ, لي كانت لأبي، فقال الكنديّ: هي أرضي في يدي أزرعُها ليس له فيها حقُّ، فقال النبي للحضرميّ: ((ألك بيّنة؟)) قال: لا، قال: ((فلك يمينُه))، قال: يا رسول الله، إنَّ الرجل فاجرٌ لا يبالي علَى ما حَلَف عليه، وليس يتورَّع من شيء، فقال رسول الله: ((ليس لك منه إلاّ ذلك))، فانطلَقَ ليحلف فقال رسول الله لمّا أدبَر: ((أما لئن حلَف على مالِه ليأكلَه ظلمًا ليلقَينَّ الله وهو عنه معرِض)) أخرجه مسلم[14].
فيا من حلفتَ الأيمانَ الفاجرة، قد حلَّت بك الخيبةُ والخسارُ والذّلّة والقِلّة والبوارُ. يا من ضيّعتُم الحقوقَ بشهادةِ الزور وأدليتُم بأقوالِ كذبٍ, وفجور، ويلكم يومَ يُنفخ في الصور، وَيلكم يومَ يُبَعثَر ما في القبور، وَيلكم يومَ يحصَّل ما في الصدور، فعن أبي بكرةَ - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله: ((ألا أنبّئكم بأكبر الكبائر؟)) قلنا: بلى يا رسول الله، قال: ((الإشراكُ بالله وعقوق الوالدين))، وكان متكئًا فجلس فقال: ((ألا وقول الزور))، فما زال يكرّرها حتى قلنا: ليته سكت. متفق عليه.
يا مانِعِي العُمّالِ أجورَهم، ويا باخسِي الأُجَرَاء حقوقَهم، نُزِعَت الشّفَقة مِن قلوبكم، وغارَت الرحمة مِن صدوركم، حتى أكَلتم حقَّ كَسير وحَسير وملهوفٍ, وفَقير ومهيضٍ, وأجير، أرَضَّ التّعبُ منهُ العرَق، له زوجةٌ ترِنّ وطِفلٌ يحنّ ومَريضٌ يئنّ، فتبًّا لكم أيّها الظالمون، وسُحقًا لكم أيها الجائِرون، وبُعدًا لكم أيّها الماكِرون، فعن أبي هريرةَ - رضي الله عنه - عن النبيِّ قال: ((قال الله - تعالى -: ثلاثةٌ أنا خصمهم يومَ القيامة: رجل أعطى بي ثم غدر، ورجلٌ باع حرًّا فأكل ثمنه، ورجل استأجر أجيرًا فاستوفَى منه ولم يعطِه أجره)) أخرجه البخاري[15].
فيا عبد الله، لا تكن ممّن ظلَم وألهَد وجارَ وألحَد ولا توالَد، فعن عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما - قال: قال رسول الهدى: ((أعطوا الأجيرَ أجرَه قبلَ أن يجِفَّ عرقُه)) أخرجه ابن ماجه[16]، ((هم إخوانُكم وخوَلُكم، جعلَهم الله تحت أيديكم، فمن كان أخوه تحتَ يدِه فليطعمه مما يأكُل وليلبِسه مما يلبَس، ولا تكلِّفوهم ما يغلِبهم، فإن كلّفتموهم فأعينُوهم)) متفق عليه[17].
يا عبدَ الله، لا تخاصِم وأنت تعلم أنك ظالِم، لا تدلي بالحجَجِ وأنت تعلم أن الحجَّة عليك والحقَّ ليس إليك، فالمكاسِب المحرّمة مستخبَثةُ الأصول ممحوقَة المحصول، واللٌّقمة الحرام غصَّةٌ طولَ الأيام وحَسرَة على مدِ الأعوام، وعِفّةٌ في طُعمة واكتسابُ قليلٍ, من حِلِّة ذخيرةٌ ليس لها نفاد وبَرَكة تتضاعَف وتزداد.
يا من أصيب بماله، لا تعرِّض أجرَك للإحباط، ولا تتعرَّض من ربك للإسخَاط، اصبِر على الرّزيّة، واشكر العَطيّة، فما جلَّت رزيّة إلاّ أفادَت ذخرًا، ولا اشتدَّ بلاءٌ إلا أفادَ صبرًا، وَلَنَبلُوَنَّكُم بِشَيءٍ, مِن الخَوفِ وَالجُوعِ وَنَقصٍ, مِن الأَموَالِ وَالأَنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّر الصَّابِرِينَ الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتهُم مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيهِ رَاجِعُونَ أُولَئِكَ عَلَيهِم صَلَوَاتٌ مِن رَبِّهِم وَرَحمَةٌ وَأُولَئِكَ هُم المُهتَدُونَ [البقرة: 155-157].
بارَكَ الله لي ولَكم في القرآنِ والسنّة، ونفعني وإيّاكم بما فيهما منَ البيّنات والحِكمة، أقول ما تسمعون، وأستغفِر الله لي ولكم ولسائرِ المسلمين من كلِّ ذنب وخطيئَة، فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.
----------------------------------------
[1] صحيح مسلم: كتاب الزكاة (1054) عن عبد الله بن عمرو - رضي الله عنهما -.
[2] صحيح البخاري: كتاب العلم (67، 105)، صحيح مسلم: كتاب القسامة (1679).
[3] صحيح مسلم: كتاب البر (2564).
[4] صحيح البخاري: كتاب البيوع، باب: إذا بيَّن البيِّعان ولم يكتما ونصحا، سنن الترمذي: كتاب البيوع (1216)، سنن ابن ماجه: كتاب التجارات (2251)، وأخرجه أيضا ابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (1501)، وابن قانع في معجم الصحابة (807)، والدارقطني (3/77)، والطبراني في الكبير (18/12)، والبيهقي في الكبرى (5/327، 328) وغيرهم، قال الترمذي: \"هذا حديث حسن غريب\"، وصححه ابن الجارود (1028)، وحسنه ابن حجر في الفتح (12/367)، والألباني في صحيح سنن الترمذي (972).
[5] صحيح البخاري: كتاب البيوع (2083) عن أبي هريرة - رضي الله عنه -.
[6] مسند أحمد (3/456، 460)، سنن الترمذي: كتاب الزهد (2376)، وأخرجه أيضا الدارمي في الرقاق (2730)، والطبراني في الكبير (19/96)، وقال الترمذي: \"هذا حديث حسن صحيح\"، وصححه ابن حبان (3228)، وهو في صحيح سنن الترمذي (1935).
[7] سنن الترمذي: كتاب الجمعة، باب ما ذكر في فضل الصلاة (614)، وقال: \"حديث حسن غريب\"، وصححه ابن حبان (5567)، وله شاهد من حديث جابر أن النبي قال لكعب بن عجرة: ((أعاذك الله من إمارة السفهاء...)) في حديث طويل أخرجه عبد الرزاق (20719)، وأحمد (3/321)، والبزار (1609)، وصححه ابن حبان (1723)، والحاكم (4/422)، ووافقه الذهبي، وكلاهما في صحيح الترغيب (867، 1728، 1729).وفي الباب عن أبي بكر وعمر وابن عباس وابن عمر وعبد الرحمن بن سمرة - رضي الله عنهم -.
[8] صحيح البخاري: كتاب الرقاق (6425)، صحيح مسلم: كتاب الزهد (2961) عن عمرو بن عوف - رضي الله عنه -.
[9] صحيح مسلم: كتاب الزكاة (1015).
[10] صحيح مسلم: كتاب البر (2581).
[11] صحيح البخاري: كتاب الشهادات (2680)، صحيح مسلم: كتاب الأقضية (1713).
[12] صحيح مسلم: كتاب الإيمان (137).
[13] صحيح البخاري: كتاب الشهادات (2667، 2670، 2673، 2677)، صحيح مسلم: كتاب الإيمان (138) عن ابن مسعود - رضي الله عنه -.
[14] صحيح مسلم: كتاب الإيمان (139).
[15] صحيح البخاري: كتاب الإجارة، باب: إثم من منع أجر الأجير (2270).
[16] سنن ابن ماجه: كتاب الأحكام، باب: أجر الأجراء (2443)، وأخرجه أيضا القضاعي في مسند الشهاب (744) من طريق عبد الرحمن بن زيد بن أسلم، عن أبيه، عن ابن عمر - رضي الله عنهما -، وهذا سند ضعيف من أجل عبد الرحمن بن زيد، لكن للمتن شواهد من حديث أبي هريرة وجابر وأنس - رضي الله عنهم - لا يخلو كل منها من ضعف، قال المنذري في الترغيب (3/58): \"وبالجملة فهذا المتن مع غرابته يكتسب بكثرة طرقه قوة. والله أعلم\"، وقد صححه الألباني في الإرواء (1498)، وانظر: نصب الراية (4/129).
[17] صحيح البخاري: كتاب الإيمان، باب: المعاصي من أمر الجاهلية (30)، صحيح مسلم: كتاب الأيمان، باب: إطعام المملوك.. (1661).
الخطبة الثانية:
الحمد لله على إحسانِه، والشّكر له علَى توفيقه وامتنانِه، وأشهد أن لا إلهَ إلاّ الله وحدَه لاَ شريكَ له تَعظيمًا لشأنه، وأشهَد أنّ محمّدًا عبده ورَسوله الدّاعي إلى رِضوانه، صلّى الله عليه وعلَى آلِهِ وأَصحابِه وإخوانِه، وسلّم تَسليمًا كثيرًا.
أمّا بعد: فيا أيها المسلمون، اتقوا الله وراقبوه، وأطيعوه ولا تعصوه، يَا أَيٌّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ [التوبة: 119].
أيّها المسلمون، حاذِروا الديون وجانِبوا القروض إلاّ عن ضرورةٍ, واقعة وحاجَةِ ملِحّة باقِعة، واعلَموا أنَّ صاحب الدَّين مأسور بدَينه مرهون بقرضِه حتى يؤدَّى عنه، فعَن أبي قتادةَ - رضي الله عنه - قال: قام رجل فقال: يا رسول الله، أرأيتَ إن قُتِلتُ في سبيل الله أتكفَّر عني خطاياي؟ فقال رسول الله: ((نعم وأنت صابِر محتسِب مقبلٌ غير مدبِر إلاّ الدين، فإنَّ جبريلَ - عليه السلام - قال لي ذلك)) أخرجه مسلم[18]، وعن أبي هريرةَ - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله: ((نفسُ المؤمِنِ معلَّقة بدَينِه حتى يُقضَى عنه)) أخرجه الترمذي[19].
أيها المسلمون، من أنظَر معسِرًا أو أمهَل غريمًا أو أجَّل مدينًا أو وضَع عنه أو محا عنه قليلاً كان في ظلِّ الله يوم يلقاه، فعن أبي اليَسَر - رضي الله عنه - قال: أشهَدُ بَصَرُ عينيَّ هاتين ـ ووضع أصبعيه على عينيه ـ وسَمعُ أذنيَّ هاتين ووعاه قلبي هذا ـ وأشار إلى مناط قلبه ـ رسولَ الله وهو يقول: ((من أنظر معسرًا أو وضَع عنه أظلَّه الله في ظلِّه)) أخرجه مسلم[20]، وعن أبي هريرةَ - رضي الله عنه - أن رسول الله قال: ((كان رجل يداين الناس، فكان يقول لفتاه: إذا أتيتَ معسِرًا فتجاوز عنه لعلَّ الله يتجاوز عنا، فلقي الله - تعالى -فتجاوز عنه)) أخرجه مسلم[21]. فارحموا المسكينَ والضعيف يتجاوز عنكم الرّحمن اللطيف.
واعلموا أنّ الله أمركم بأمرٍ, بدأ فيه بنفسِه، وثنّى بملائكته المسبِّحة بقدسه، وأيّه بِكم أيّها المؤمِنون من جِنِّه وإنسه، فقال قولاً كريمًا: إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلٌّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيٌّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلٌّوا عَلَيهِ وَسَلِّمُوا تَسلِيمًا [الأحزاب: 56].
اللّهمّ صلِّ وسلم وبارك وأنعم على عبدك ورسولك محمد صاحب الحوض المورود والمقام المحمود...
----------------------------------------
[1] صحيح مسلم: كتاب الزكاة (1054) عن عبد الله بن عمرو - رضي الله عنهما -.
[2] صحيح البخاري: كتاب العلم (67، 105)، صحيح مسلم: كتاب القسامة (1679).
[3] صحيح مسلم: كتاب البر (2564).
[4] صحيح البخاري: كتاب البيوع، باب: إذا بيَّن البيِّعان ولم يكتما ونصحا، سنن الترمذي: كتاب البيوع (1216)، سنن ابن ماجه: كتاب التجارات (2251)، وأخرجه أيضا ابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (1501)، وابن قانع في معجم الصحابة (807)، والدارقطني (3/77)، والطبراني في الكبير (18/12)، والبيهقي في الكبرى (5/327، 328) وغيرهم، قال الترمذي: \"هذا حديث حسن غريب\"، وصححه ابن الجارود (1028)، وحسنه ابن حجر في الفتح (12/367)، والألباني في صحيح سنن الترمذي (972).
[5] صحيح البخاري: كتاب البيوع (2083) عن أبي هريرة - رضي الله عنه -.
[6] مسند أحمد (3/456، 460)، سنن الترمذي: كتاب الزهد (2376)، وأخرجه أيضا الدارمي في الرقاق (2730)، والطبراني في الكبير (19/96)، وقال الترمذي: \"هذا حديث حسن صحيح\"، وصححه ابن حبان (3228)، وهو في صحيح سنن الترمذي (1935).
[7] سنن الترمذي: كتاب الجمعة، باب ما ذكر في فضل الصلاة (614)، وقال: \"حديث حسن غريب\"، وصححه ابن حبان (5567)، وله شاهد من حديث جابر أن النبي قال لكعب بن عجرة: ((أعاذك الله من إمارة السفهاء...)) في حديث طويل أخرجه عبد الرزاق (20719)، وأحمد (3/321)، والبزار (1609)، وصححه ابن حبان (1723)، والحاكم (4/422)، ووافقه الذهبي، وكلاهما في صحيح الترغيب (867، 1728، 1729).وفي الباب عن أبي بكر وعمر وابن عباس وابن عمر وعبد الرحمن بن سمرة - رضي الله عنهم -.
[8] صحيح البخاري: كتاب الرقاق (6425)، صحيح مسلم: كتاب الزهد (2961) عن عمرو بن عوف - رضي الله عنه -.
[9] صحيح مسلم: كتاب الزكاة (1015).
[10] صحيح مسلم: كتاب البر (2581).
[11] صحيح البخاري: كتاب الشهادات (2680)، صحيح مسلم: كتاب الأقضية (1713).
[12] صحيح مسلم: كتاب الإيمان (137).
[13] صحيح البخاري: كتاب الشهادات (2667، 2670، 2673، 2677)، صحيح مسلم: كتاب الإيمان (138) عن ابن مسعود - رضي الله عنه -.
[14] صحيح مسلم: كتاب الإيمان (139).
[15] صحيح البخاري: كتاب الإجارة، باب: إثم من منع أجر الأجير (2270).
[16] سنن ابن ماجه: كتاب الأحكام، باب: أجر الأجراء (2443)، وأخرجه أيضا القضاعي في مسند الشهاب (744) من طريق عبد الرحمن بن زيد بن أسلم، عن أبيه، عن ابن عمر - رضي الله عنهما -، وهذا سند ضعيف من أجل عبد الرحمن بن زيد، لكن للمتن شواهد من حديث أبي هريرة وجابر وأنس - رضي الله عنهم - لا يخلو كل منها من ضعف، قال المنذري في الترغيب (3/58): \"وبالجملة فهذا المتن مع غرابته يكتسب بكثرة طرقه قوة. والله أعلم\"، وقد صححه الألباني في الإرواء (1498)، وانظر: نصب الراية (4/129).
[17] صحيح البخاري: كتاب الإيمان، باب: المعاصي من أمر الجاهلية (30)، صحيح مسلم: كتاب الأيمان، باب: إطعام المملوك.. (1661).
[18] صحيح مسلم: كتاب الإمارة (1885).
[19] سنن الترمذي: كتاب الجنائز، باب: أن نفس المؤمن معلقة بدينه... الحديث (1078، 1079)، وأخرجه أيضا أحمد (2/508)، وابن ماجه في الأحكام، باب: التشديد في الدين (2413)، وقال الترمذي: \"حديث حسن\"، وصححه الحاكم (2/32)، وهو في صحيح سنن الترمذي (860).
[20] صحيح مسلم: كتاب الزهد (3014).
[21] صحيح مسلم: كتاب المساقاة (1562)، وهو في البخاري أيضا في كتاب أحاديث الأنبياء (3480).
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد