بسم الله الرحمن الرحيم
الخطبة الأولى:
إن الله جلت حكمته، قد أخفى على كل أحد وقت قيام الساعة، وجعل ذلك من خصائص علمه، لم يُطلع عليها أحداً، لا ملكاً مقرباً، ولا نبياً مرسلاً \"يسألونك عن الساعة أيان مرساها قل إنما علمها عند ربي لا يجليها لوقتها إلا هو ثقلت في السموات والأرض لا تأتيكم إلا بغتة يسألونك كأنك حفيّ عنها قل إنما علمها عند الله ولكن أكثر الناس لا يعملون\".
ولكنه - سبحانه وتعالى - قد أعلمنا بأماراتها وعلاماتها وأشراطها، لماذا؟ وما الحكمة؟ لنستعد لها.
إن في سرد هذه العلامات والأشراط عليكم أيها الأحبة، من خلال كلام النبي - صلى الله عليه وسلم - تحذير للأمة، وتنبيه للناس ليستيقظوا من غفلتهم، ويدركوا بأن الساعة قريبة، وأن الواجب الاستعداد لها.
وبعض هذه العلامات ظهر وانقضى، والبعض نعيشه الآن، والبعض ننتظره، بنص كلام النبي - صلى الله عليه وسلم - وسيقع لا محالة.
ومن أشراط الساعة : تقارب الزمان، روى البخاري في صحيحه عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((لا تقوم الساعة حتى يتقارب الزمان)).
وعنه - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((لا تقوم الساعة حتى يتقارب الزمان، فتكون السنة كالشهر، ويكون الشهر كالجمعة، وتكون الجمعة كاليوم، ويكون اليوم كالساعة، وتكون الساعة كاحتراق السعفة)) رواه الإمام أحمد بسند صحيح.
ما معنى تقارب الزمان؟ معنى تقارب الزمان، قلة بركة الزمان، كما سمعتم في الحديث تكون السنة كالشهر، تمضي عليك السنة ولم تفعل شيئاً، ولم تنجز عملاً يذكر، كأنه شهر، والشهر يقل بركته، فيصير كالأسبوع، والأسبوع كاليوم، واليوم كالساعة، والساعة كاحتراق السعفة، كم يستغرق وقت احتراق السعفة، بضع دقائق، الساعة بركتها كالدقائق والله المستعان.
وهذا أيها الأحبة، يشعر به العقلاء من الناس، وأهل العلم، والفطنة، وأصحاب العقول الراجحة، والأذهان الصافية، أما فسقة الناس وجهالهم، وأصحاب الهمم الدنيئة، وأصحاب الشهوات العاجلة، فهؤلاء لا يشعرون بشيء، إن هم إلا كالأنعام، همّ الواحد أن يملأ بطنه من الطعام والشراب ويستمتع ويقف عند ذلك. يتمتعون ويأكلون كما تأكل الأنعام والنار مثوى لهم.
ما السبب أيها الأحبة في تقارب الزمان؟ وما هو السبب في قلة بركة الوقت؟ وأظن أن الكثيرين منكم فعلاً يشتكي من هذه القضية، يمر عليك اليوم، واليومان والشهر والسنة، والإنجاز قليل، والعطاء ضعيف، السبب هو ظهور الأمور المخالفة للشرع في حياة الناس الخاصة، وفي مجتمعاتهم، إنه من الغلط ربط قلة البركة ونزعها من حياة الناس بغير القضايا الشرعية، إن علاقتها المباشرة بالأمور الشرعية ولا غير، يشتكي الناس من قلة البركة في الأوقات كما كان في الماضي، يشتكي الناس من قلة البركة في المال، يستلم الموظف عشرة آلاف أو أكثر، ولا يدري أين ذهب الراتب وفي الماضي كان يأخذ نصف راتبه الآن، ويجد ما يوفر بل ويتصدق، يشتكي الناس قلة البركة في الأولاد، نعم لديك سبعة أو ثمانية من الولد، لكن أين هم؟ ما وجودهم، ما قيمتهم بين الناس؟ هذه وغيرها يشتكي الناس من نزع البركة فيها، والسبب كما قلت أيها الأحبة وأقول، السبب نحن، ضعف إيماننا، وكثرة معاصينا، وجرأتنا على الحرام، كثرة فشو المنكرات في مجتمعاتنا، وقلة المنكرين كل هذا وغيره، عاقبنا الله -جل وتعالى - وهذه تعد عقوبة يسيرة، نزع البركة من حياتنا قال الإمام ابن أبي جمرة الأندلسي - رحمه الله - تعالى -: (ولعل ذلك – أي تقارب الزمان – بسبب ما وقع من ضعف الإيمان، لظهور الأمور المخالفة للشرع من عدة أوجه، وأشد ذلك الأقوات، ففيها من الحرام المحض ومن الشبه ما لا يخفى، حتى أن كثيراً من الناس لا يتوقف في شيء ومهما قدر على تحصيل شيء، هجم عليه ولا يبالي، والواقع – والكلام لا يزال له – أن البركة في الزمان وفي الرزق وفي النبت إنما تكون عن طريق قوة الإيمان، واتباع الأمر واجتناب النهي، والشاهد لذلك قوله - تعالى -: \"ولو %C
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد