الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
تعريف الجود:
الجود لغة: مصدر قولهم جاد الرجل بماله يجود جوداً، وهو مأخوذ من مادة (ج و د) التي تدل على التسمح بالشيء وكثرة العطاء.
واصطلاحاً: قال التهانوي: إفادة ما ينبغي لا لعوض ولا لغرض. وقال الجرجاني: الجود صفة هي مبدأ إفادة ما ينبغي لا لعوض … وقال الزبيدي: الجواد هو الذي يعطي بلا مسألة صيانة للآخذ من ذل السؤال …(1).
قال الحسن البصري: ((بذل المجهود في بذل الموجود منتهى الجود))(2).
وأجود الخلق على الإطلاق رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بدون منازع ولا مقارب فضلاً عن مماثل.
عَنِ ابنِ عَبَّاسٍ, رَضِي اللَّهم عَنهمَا قَالَ: ((كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَجوَدَ النَّاسِ وَكَانَ أَجوَدُ مَا يَكُونُ فِي رَمَضَانَ حِينَ يَلقَاهُ جِبرِيلُ وَكَانَ جِبرِيلُ يَلقَاهُ فِي كُلِّ لَيلَةٍ, مِن رَمَضَانَ فَيُدَارِسُهُ القُرآنَ فَلَرَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - حِينَ يَلقَاهُ جِبرِيلُ أَجوَدُ بِالخَيرِ مِنَ الرِّيحِ المُرسَلَةِ)) وَرَوَى أَبُو هُرَيرَةَ وَفَاطِمَةُ رَضِي اللَّهم عَنهمَا عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -: ((أَنَّ جِبرِيلَ كَانَ يُعَارِضُهُ القُرآنَ))(3).
قَالَ ابنُ عُمَرَ: ((مَا رَأَيتُ أَحَدًا أَنجَدَ وَلَا أَجوَدَ وَلَا أَشجَعَ وَلَا أَضوَأَ وَأَوضَأَ مِن رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -))(4).
أنواع الجود:
قال ابن القيم: والجود عشر مراتب: أحدها الجود بالنفس وهو أعلى مراتبه، كما قال الشاعر:
يجود بالنفس، إذ ضن البخيل بها والجود بالنفس أقصى غاية الجود
وقد كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أجود الناس بنفسه. عَن أَنَسٍ, - رضي الله عنه - قَالَ: ((كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَحسَنَ النَّاسِ وَأَجوَدَ النَّاسِ وَأَشجَعَ النَّاسِ قَالَ وَقَد فَزِعَ أَهلُ المَدِينَةِ لَيلَةً سَمِعُوا صَوتًا قَالَ فَتَلَقَّاهُمُ النَّبِيٌّ - صلى الله عليه وسلم - عَلَى فَرَسٍ, لِأَبِي طَلحَةَ عُريٍ, وَهُوَ مُتَقَلِّدٌ سَيفَهُ فَقَالَ لَم تُرَاعُوا لَم تُرَاعُوا ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَجَدتُهُ بَحرًا يَعنِي الفَرَسَ))(5).
عَن عَلِيٍّ, - رضي الله عنه - قَالَ: ((لَقَد رَأَيتُنَا يَومَ بَدرٍ, وَنَحنُ نَلُوذُ بِرَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَهُوَ أَقرَبُنَا إِلَى العَدُوِّ وَكَانَ مِن أَشَدِّ النَّاسِ يَومَئِذٍ, بَأسًا))(6).
عَن أَبِي إِسحَاقَ قَالَ: قَالَ البَرَاءُ: ((كُنَّا وَاللَّهِ إِذَا احمَرَّ البَأسُ نَتَّقِي بِهِ وَإِنَّ الشٌّجَاعَ مِنَّا لَلَّذِي يُحَاذِي بِهِ يَعنِي النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم -))(7).
عَن عَلِيٍّ, رَضِي اللَّهم عَنه قَالَ: ((كُنَّا إِذَا احمَرَّ البَأسُ وَلَقِيَ القَومُ القَومَ اتَّقَينَا بِرَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَمَا يَكُونُ مِنَّا أَحَدٌ أَدنَى مِنَ القَومِ مِنهُ))(8).
وفي موقعة أحد لم يثبت غيره - صلى الله عليه وسلم - قال - تعالى -: {إِذ تُصعِدُونَ وَلا تَلوُونَ عَلَى أَحَدٍ, وَالرَّسُولُ يَدعُوكُم فِي أُخرَاكُم} (آل عمران: من الآية153).
وفي حنين حين ولّوا مدبرين ثبت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وجعل يناديهم: قال - تعالى -: {لَقَد نَصَرَكُمُ اللَّهُ فِي مَوَاطِنَ كَثِيرَةٍ, وَيَومَ حُنَينٍ, إِذ أَعجَبَتكُم كَثرَتُكُم فَلَم تُغنِ عَنكُم شَيئاً وَضَاقَت عَلَيكُمُ الأَرضُ بِمَا رَحُبَت ثُمَّ وَلَّيتُم مُدبِرِينَ} إلى قوله {...والله غفور رحيم}(التوبة: 25-27).
قَالَ عَبَّاسٌ: ((شَهِدتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى ال
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد