تسير في طريق أو تتجول في سوق أو تمشي في دائرة أو تدخل مكانا ضج بالحضور فتلتقي بعدد ليس بالقليل من الإخوة وقد لا تهتم بتحية كل من لقيته في الطريق، أو شاهدته في السوق أو قابلته في الدائرة أو رأيته في أي مكان هذه التحية هي تحية الإسلام (السلام عليكم ورحمة الله وبركاته) هذه التحية التي كاد كثير من الناس أن ينسوها، أو يستبدلوها بتحية أخرى: كأهلاً وسهلاً أو مرحبًا أو يا هلا وما شابهها، ولا ننكرُ أن لتلك العباراتِ الأخرى التي تُستعمل حسنها وإضفاءها جوّا من الألفة والمحبة، ولكنَّ السنة التي نؤجر عليها وعلى العمل بها وإحيائها هي أن تكون تحية الإسلام في مقدمة كل تحية ومقدمة كل لقاء فهي تحية أبينا آدم - عليه السلام - وتحية أبنائه من بعده كما جاء في الحديث المتفق عليه قال - صلى الله عليه وسلم -: (لما خلق الله - تعالى -آدم - صلى الله عليه وسلم - قال: اذهب فسلم على أولئك، نفر من الملائكة جلوس فاستمع ما يحيونك، فإنها تحيتُك وتحيةُ ذريتك فقال: السلام عليكم، فقالوا السلام عليك ورحمة الله).
ومع ذلك فقد جعل الكثير من الناس التحية للمعارف وخصصوها لهم، وهذا من علامات الساعة وأشراطها لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: (إن من أشراط الساعة أن يسلِّم الرجل على الرجل، لا يسلم عليه إلا لمعرفة)، فتجد الرجل الآن يمر بالرجل ويقابله فلا تسمع سلاماً ولا تحية بينهما ولو كان يعرفه لسلم عليه ولقابله بالتحية والترحاب، وهذا مما يخالف هدي المصطفى - صلى الله عليه وسلم - وسنته، قال حينما سأله رجل: أي الإسلام خير؟ (تطعم الطعام وتقرأ السلام على من عرفت ومن لم تعرف) متفق عليه.
فلتكن شعارنا عند اللقاء ولتكن هذه التحية عالقة بألسنتنا فتكون في مقدمة كلِّ تحية فنلقيها على كل أخ، على الجميع دون تفريق، عرفناه أم لم نعرفه، لنحصل على فوائد دينية ودنيوية منها:
1- حصول الأجر العظيم في كل مرة نقولها، جاء رجلٌ إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: السلام عليكم فرد عليه ثم جلس فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: عشر، ثم جاء آخر فقال: السلام عليكم ورحمة الله، فرد عليه وجلس فقال: عشرون، ثم جاء آخر فقال: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته فرد عليه فجلس فقال: ثلاثون.
فكم ضيعت يا من أبدلت تحية الإسلام بتحية غيرها من حسنات؟ وكم أضفت إلى رصيدك من الحسنات يا من التزمت بها فجعلتها تحيتك تلقيها على من لقيت وقابلت؟ فهنيئا لك.
2- أن من يبدأ الناس بالسلام يكون أولاهم بالله فقد جاء في الحديث: \"أولى الناس بالله من بدأهم بالسلام\".
3- زيادة الترابط بين المسلمين ومحبة بعضهم لبعض، فأثر هذه التحية عظيم في تأليف القلوب وإزالة الوحشة بينها، واختصار المسافة في التعارف والألفة، وما في ذلك من فوائد منها السير في طريقٍ, نهايتُه الجنة للحديث: (لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا ولا تؤمنوا حتى تحابوا، أو لا أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم؟ أفشوا السلام بينكم) رواه مسلم.
وفي المقابل تجد من يرد عليكم السلام بـ (أهلا أهلا أو ما شابهها) ولا يرد بـ (وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته) فهذا أشد وأخطر لأن السلام سنة ورده واجب كما جاء في الحديث، فكل عبارة تُقال في الرد على السلام لا تصل إلى درجة ردِّ السلام، وليس لفظ أقل من عليكم السلام قال - تعالى -: (وَإِذَا حُيِّيتُم بِتَحِيَّةٍ, فَحَيٌّوا بِأَحسَنَ مِنهَا أَو رُدٌّوهَا) سورة النساء آية 86.
وأخيرا فليست تحية اللقاء بأفضل أو أحق من تحية الوداع فكما للقاء تحية فللوداع تحية مثلها لقوله - صلى الله عليه وسلم -: (إذا انتهى أحدكم إلى المجلس فليسلم فإذا أراد أن يقوم فليسلم فليست الأولى بأحق من الآخرة).
فما أعظم هذه التحية، وما أعظم فوائدها التي نجنيها من إفشائها بيننا، فأفشوا السلام يا أمة الإسلام.
نسأل الله بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يجعلنا جميعا ووالدينا ممن عناهم الله في قوله (دَعوَاهُم فِيهَا سُبحَانَكَ اللَّهُمَّ وَتَحِيَّتُهُم فِيهَا سَلامٌ وَآخِرُ دَعوَاهُم أَن الحَمدُ لِلَّهِ رَبِّ العَالَمِينَ (10)) آمين وصلى الله وسلم على نبينا محمد والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد