غزوة حنين والطائف 8هـ


 

بسم الله الرحمن الرحيم

أسبابها وأحداث المعركة

لما فتح الله مكة على رسوله والمؤمنين، وخضعت له قريش، خافت هوازن وثقيف وقالوا: قد فرغ محمد لقتالنا، فلنغزه قبل أن يغزونا، وأجمعوا أمرهم على هذا، وولوا عليهم مالك بن عوف النصري، فاجتمع إليه هوازن، وثقيف وبنو هلال، ولم يحضرها من هوازن كعب وكلاب، وكان معهم دريد بن الصمة، وكان معروفًا بشدة البأس في الحرب وأصالة الرأي، إلا أنه كان كبيرًا فلم يكن له إلا الرأي والمشورة.

 

وكان رأي مالك بن عوف أن يخرجوا وراءهم النساء والذراري والأموال حتى لا يفروا، فلما علم بذلك دريد سأله: لم ذلك؟ فقال: أردت أن أجعل خلف كل رجل أهله وماله ليقاتل عنهم، فقال دريد: راعي ضأن والله، وهل يرد المنهزم شيء؟ إنها إن كانت لك لم ينفعك إلا رجل بسيفه ورمحه، وإن كانت عليك فضحت في أهلك ومالك. ولكنه لم يستمع لمشورته(1).

 

أولاً: أهم أحداث غزوة حنين:

تحرك المسلمون باتجاه حنين في اليوم الخامس من شوال ووصلوا حنين في مساء العاشر من شوال(2) وقد استخلف الرسول - صلى الله عليه وسلم - عتاب بن أسيد على مكة عند خروجه، وكان عدد جيش المسلمين اثني عشر ألفا من المسلمين، أما عدد هوازن وثقيف فكانوا ضعف عدد المسلمين أو أكثر، ولما رأى بعض الطلقاء جيش المسلمين قالوا: لن نغلب اليوم من قلة، ودخل الإعجاب في النفوس(3).

 

أ- التعبئة التي اتخذها مالك بن عوف زعيم هوازن وثقيف:

اتخذ مالك بن عوف زعيم قبائل هوازن وثقيف تعبئة مرت بمراحل:

1- رفع الروح المعنوية لدى جنوده: وقف مالك خطيبًا في جيشه وحثهم على الثبات والاستبسال، ومما قال في هذا الجمع الحاشد: إن محمدًا لم يقاتل قط قبل هذه المرة، وإنما كان يلقى قومًا أغمارًا(4) لا علم لهم بالحرب فيُنصر عليهم(5).

2- حشر ذراري المقاتلين وأموالهم خلف الجيش: أمر قائد هوازن بحشد نساء المقاتلين وأطفالهم وأموالهم خلفهم، وقد قصد من وراء هذا التصرف، دفع المقاتلين إلى الاستبسال والثبات أمام أعدائهمº لأن المقاتل -من وجهة نظره- إذا شعر أن أعز ما يملك وراءه في المعركة صعب عليه أن يلوذ بالفرار مخلفا ما وراءه في ميدان المعركة، عن أنس بن مالك - رضي الله عنه - قال: افتتحنا مكة، ثم غزونا حنينًا، فجاء المشركون بحنين بأحسن صفوف رأيت، قال: فصفت الخيل ثم صفت المقاتلة، ثم صفت النساء من وراء ذلك ثم صفت الغنم ثم صفت النعم(6).

3- تجريد السيوف وكسر أجفانها: جرت عادة العرب في حروبهم أن يكسروا أجفان سيوفهم قبل بدء القتال، وهذا التصرف يؤذن بإصرار المقاتل على الثبات أمام الخصم حتى النصر أو الموت، وقد أمر مالك جنده بذلك تحقيقًا لهذا، بدليل قولهم: إذا أنتم رأيتم القوم فاكسروا جفون سيوفكم وشدوا شدة رجل واحد عليهم(7).

4- وضع الكمائن لمباغتة جيش المسلمين والانقضاض عليهم: كانت عند مالك بن عوف النصري معلومات وافية عن الأرض التي ستدور عليها المعركة، ولهذا رأى أن يستغل هذه الظروف الطبيعية لصالح جيشه، فعمل -بمشورة الفارس المحنك دريد بن الصمة- في نصب الكمائن لجيوش المسلمين، وقد كادت هذه الخطة تقضي على قوات المسلمين لولا لطف الله - سبحانه وتعالى - وعنايته.

5- الأخذ بزمام المبادرة في الهجوم على المسلمين: كان ضمن الخطة التي رسمها القائد الهوازني، الأخذ بزمام المبادرة ومهاجمة المسلمينº لأن النصر في الغالب يكون للمهاجم، أما المدافع فغالبا ما يكون في مركز الضعف، ولهذا آتت هذه الخطة ثمارها بعض الوقت، ثم انقلبت موازين القوى بفضل الله - تعالى -ثم بثبات رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، حيث كسب المسلمون الجولة وانتصروا على أعدائهم(8).

6- شن الحرب النفسية ضد المسلمين: كان من ضمن بنود الخطة الحربية التي رسمها القائد مالك بن عوف الهوازني، استعمال سلاح معنوي له تأثير كبير في النفوس، فقد شن الحرب النفسية ضد المسلمين من أجل إلقاء الخوف في نفوسهم، وذلك بأن عمد إلى عشرات الآلاف من الجمال التي صحبها معه في الميدان فجعلها وراء جيشه ثم أركب عليها النساء، فكان لذلك المشهد منظر مهيب يحسب من يراه أن هذا الجيش مائة ألف مقاتل، وهو ليس كذلك(9).

 

ب- خطوات الرسول - صلى الله عليه وسلم - لصد هذه الحشود:

لما بلغ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - عزم هوازن على حربه بعد أن تم له فتح مكة -شرفها الله- قام بالآتي:

1- أرسل عبد الله بن أبي حدرد الأسلمي حتى يوافيه بخبر هوازن:

فذهب - رضي الله عنه - ومكث بينهم يومًا أو يومين ثم عاد وأخبر النبي - صلى الله عليه وسلم - بما رأى(10).

ولقد ذهب عبد الله إلى حيث أمره الرسول - صلى الله عليه وسلم - وعاد على وجه السرعة بخبر هؤلاء الأعداء، إلا أنه قصر - رضي الله عنه - في أداء هذا الواجب حيث لم يختلط بهوازن اختلاطًا كاملاً بحيث يسمع ويرى ما يدبر ضد المسلمين هناك، وكان من أهم ما يجب أن يُعنى به معرفة مواقع المشركين التي احتلوها، وقد فوجئ المسلمون باختفاء تلك الكمائن التي نصبها الأعداء في منحنيات الوادي حتى استطاعوا أن يمطروا المسلمين بوابل من سهامهم فانهزموا في الجولة الأولى، فكان الجهل بهذه الكمائن أحد الأسباب الرئيسية وراء هزيمة المسلمين في أول المعركة، وما حدث نتيجة لهذا الخطأ لا يقدح في العصمة الثابتة لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -º لأن هذا الأمر ليس وحيًا من الله - سبحانه وتعالى -، وإنما هو من باب الاجتهاد في الأمور العسكرية، وقد بذل النبي - صلى الله عليه وسلم - جهده في سبيل الحصول على أدق المعلومات وأوفاها لكي يضع على ضوئها الخطة العسكرية المناسبة لمجابهة العدو(11).

 

2- عدة الجيش واستعارة الدروع والرماح:

أعد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - جيشًا قوامه عشرة آلاف -وهم من خرجوا معه من المدينة- وألفان من مسلمة الفتحº فكان عدد من خرج في تلك الغزوة اثني عشر ألفا، عن أنس بن مالك - رضي الله عنه - قال: لما كان يوم حنين أقبلت هوازن وغطفان بذراريهم ونَعمهم ومع النبي - صلى الله عليه وسلم - يومئذ عشرة آلاف ومعه الطلقاء(12) وهم ألفان(13)، وسعى - صلى الله عليه وسلم - لتأمين عدة الجيش فطلب من ابن عمه نوفل بن الحارث بن عبد المطلب ثلاثة آلاف رمح إعارة، وطلب من صفوان بن أمية دروعًا، وتكفل - صلى الله عليه وسلم - بالضمان، وكان نوفل وصفوان لا يزالان على شركهما، عن صفوان بن يعلى بن أمية عن أبيه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «إذا أتتك رسلي فأعطهم -أو قال فادفع إليهم- ثلاثين درعا وثلاثين بعيرا، أو أقل من ذلك» فقال له: العارية مؤداة يا رسول الله، قال: فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «نعم»(14) وفي رواية: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - استعار منه يوم حنين دروعا فقال: أغصبًا يا محمد؟ قال: «لا، بل عارية مضمونة» قال: فضاع بعضها فعرض عليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يضعها له، فقال: أنا اليوم يا رسول الله في الإسلام أرغب، قال أبو داود: وكان أعاره قبل أن يسلم ثم أسلم(15).

 

3- ثباته - صلى الله عليه وسلم - وأثره في كسب المعركة:

سبقت هوازن المسلمين إلى وادي حنين، واختاروا مواقعهم، وبثوا كتائبهم في شعابه ومنعطفاته وأشجاره، وكانت خطتهم تتمثل في مباغتة المسلمين بالسهام أثناء تقدمهم في وادي حنين المنحدر.

لقد باغت المشركون المسلمين وأمطرهم الأعداء من جميع الجهات، فاضطربت صفوفهم، وماج بعضهم في بعض، ونتيجة لهول هذا الموقف انهزم معظم الجيش ولاذوا بالفرار، كل يطلب النجاة لنفسه، وبقي الرسول - صلى الله عليه وسلم - ونفر قليل في الميدان يتصدون لهجمات المشركين، ونترك العباس عم الرسول - صلى الله عليه وسلم - يصف لنا ذلك المشهد المهيب حيث يقول: شهدت مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوم حنين فلزمت أنا وأبو سفيان بن الحارث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فلم نفارقه، ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - على بغلة له بيضاء، فلما التقى المسلمون والكفار ولَّى المسلمون مدبرين، فطفق رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يركض بغلته قِبَل الكفار، قال العباس: وأنا آخذ بلجام بغلة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أكفها إرادة ألا تسرع، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «أي عباس، نادِ أصحاب السمرة» (16) فقال العباس -وكان رجلا صيتًا-: فقلت بأعلى صوتي: أين أصحاب السمرة؟ قال: فوالله لكأن عطفتهم حين سمعوا صوتي عطفة البقر على أولادها، فقالوا: يا لبيك يا لبيك! قال: فاقتلوا الكفار، والدعوة في الأنصار، يقولون: يا معشر الأنصار، يا معشر الأنصار، قال: ثم قصرت الدعوة على بني الحارث من الخزرج، فنظر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو على بغلته، كالمتطاول عليها إلى قتالهم فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «هذا حين حمي الوطيس»(17).

 

لقد أيد الله نبيه - صلى الله عليه وسلم - يوم حنين بأمور منها:

* نزول الملائكة من السماء.

* سلاح الرعب(18).

تأثير قبضتي الحصى والتراب في أعين الأعداء:

من الأسلحة المادية التي أيد الله بها رسوله - صلى الله عليه وسلم - يوم حنين تأثير قبضتي الحصى والتراب اللتين رمى بهما وجوه المشركين، حيث دخل في أعينهم كلهم من ذلك الحصى والتراب فصار كل واحد يجد لها في عينيه أثرًا، فكان من أسباب هزيمتهم(19)، قال العباس - رضي الله عنه -: ثم أخذ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حصيات فرمى بهن وجوه الكفار، ثم قال: «انهزموا وربِّ محمد» قال: فذهبت أنظر فإذا القتال على هيئته فيما أرى قال: فوالله ما هو إلا أن رماهم بحصياته فما زلت أرى حدهم كليلاً وأمرهم مدبرا(20).

 

ثانيًا: مطاردة فلول الفارين إلى أوطاس والطائف:

أ- قال أبو موسى الأشعري - رضي الله عنه -: لما فرغ النبي - صلى الله عليه وسلم - من حنين بعث أبا عامر على جيش إلى أوطاس، فلقي دُريد بن الصمة، فقتل دريد، وهزم الله أصحابه، قال أبو موسى: وبعثني مع أبي عامر، فرُمي أبو عامر في ركبته، رماه جُشمي بسهم فأثبته في ركبته، فانتهيت إليه فقلت: يا عم، من رماك؟ فأشار إليَّ فقال: ذاك قاتلي الذي رماني، فقصدت له، فلحقته، فلما رآني ولى فأتبعته وجعلت أقول له: ألا تستحي؟ ألا تثبت؟ فكف، فاختلفنا ضربتين بالسيف فقتلته، ثم قلت لأبي عامر: قتل الله صاحبك، قال: فانزع هذا السهم، فنزعته فنزا منه الماء.

قال: يا ابن أخي أقرئ النبي - صلى الله عليه وسلم - السلام وقل له: استغفر لي، واستخلفني أبو عامر على الناس فمكث يسيرًا ثم مات، فرجعت فدخلت على النبي - صلى الله عليه وسلم - في بيته على سرير مُرمل(21) وعليه فراش قد أثر رمال السرير بظهره وجنبيه، فأخبرته بخبرنا وخبر أبي عامر، وقوله: قل له استغفر لي، فدعا بماء فتوضأ، ثم رفع يديه فقال: «اللهم اغفر لعبيد أبي عامر» ورأيت بياض إبطيه، ثم قال: «اللهم اجعله يوم القيامة فوق كثير من خلقك من الناس» فقلت: ولي فاستغفر، فقال: «اللهم اغفر لعبد الله بن قيس ذنبه وأدخله يوم القيامة مدخلاً كريمًا».

قال أبو بردة(22): إحداهما لأبي عامر، والأخرى لأبي موسى(23).

ب- محاصرة الفارين إلى الطائف: حاصر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أهل الطائف، واستخدم أساليب متنوعة في القتال والحصار، ومارس الشورى، واختار المكان المناسب عند الحصار، واستخدم الحرب النفسية والدعاية في صفوف الأعداء..ومن هذه الأساليب:

1- استخدامه - صلى الله عليه وسلم - أسلوبا جديدا في القتال: استعمل النبي - صلى الله عليه وسلم - في حصاره للطائف أسلحة جديدة لم يسبق له أن استعملها من قبل، وهذه الأسلحة هي:

* المنجنيق: فقد ثبت أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - استعمل هذا السلاح عند حصاره لحصن ثقيف بالطائف، فعن مكحول - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نصب المنجنيق على أهل الطائف(24).

والمنجنيق من أسلحة الحصار الثقيلة ذات التأثير الفعال على من وجهت إليه، فبحجارته تهدم الحصون والأبراج، وبقنابله تحرق الدور والمعسكرات، وهذا النوع يحتاج إلى عدد من الجنود في إدارته واستخدامه عند القتال(25).

* الدبابة: ومن أسلحة الحصار الثقيلة التي استعملها الرسول - صلى الله عليه وسلم - لأول مرة في حصار الطائف: الدبابةº والدبابة على شكل بيت صغير تعمل من الخشب وتتخذ للوقاية من سهام الأعداء، عندما يراد نقض جدار الحصن، بحيث إذا دخلها الجنود كان سقفها حرزًا لهم من الرمي(26).

* الحسك الشائك: من الأسلحة الجديدة التي استعملها الرسول - صلى الله عليه وسلم - في حصاره لأهل الطائف: الحسك الشائكº وهو من وسائل الدفاع الثابتة، ويعمل من خشبتين تسمران على هيئة الصليب، حتى تتألف منهما أربع شعب مدببة، وإذا رمى في الأرض بقيت شعبة منه بارزة تتعثر بها أقدام الخيل والمشاة، فتتعطل حركة السير السريعة المطلوبة في ميدان القتال(27).

وقد ذكر أصحاب المغازي والسير أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - استعمل هذا السلاح في حصاره لأهل الطائف، حيث أمر جنده بنشر الحسك الشائك حول حصن ثقيف(28)، وفي هذا إشارة إلى قادة الأمة خصوصًا، والمسلمين عموما، ألا يعطلوا عقولهم وتفكيرهم من أجل الاستفادة من النافع والجديد الذي يحقق للأمة مصلحة الدارين، ويدفع عنها شرور أعدائها.

 

2- اختيار رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مكانًا مناسبًا عند القتال: نزل الجيش في مكان مكشوف قريب من الحصن، وما كاد الجند يضعون رحالهم حتى أمطرهم الأعداء بوابل من السهامº فأصيب من جراء ذلك ناس كثيرون، وحينئذ عرض الحباب بن المنذر على الرسول - صلى الله عليه وسلم - فكرة التحول من هذا الموقع إلى مكان آمن من سهام أهل الطائف، فقبل - صلى الله عليه وسلم - هذه المشورة وكلف الحباب -لكونه من ذوي الخبرات الحربية الواسعة في هذا المجال- بالبحث عن موقع ملائم لنزول الجند، فذهب - رضي الله عنه - ثم حدد المكان المناسب، وعاد فأخبر النبي - صلى الله عليه وسلم - بذلك، فأمر النبي - صلى الله عليه وسلم - جيشه بالتحول إلى المكان الجديد، وهذا شاهد عيان يحدثنا عما رأىº قال عمرو بن أمية الضمري - رضي الله عنه -: لقد أطلع علينا من نبلهم ساعة نزلنا شيء الله به عليم كأنه رجل جراد، وترسنا لهم حتى أصيب ناس من المسلمين بجراحة، ودعا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الحباب فقال: «انظر مكانًا مرتفعًا مستأخرًا عن القوم» فخرج الحباب حتى انتهى إلى موضع مسجد الطائف(29) خارج من القرية، فجاء إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فأخبره، فأمر النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يتحولوا(30).

 

3- استخدام الحرب النفسية والدعاية: لما اشتدت مقاومة أهل الطائف وقتلوا مجموعة من المسلمين أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - بتحريق بساتين العنب والنخل في ضواحي الطائف للضغط على ثقيف، ثم أوقف هذا العمل بعد أثره في معنوياتهم وإضعافه روح المقاومة، وبعد أن ناشدته ثقيف بالله والرحم أن يترك هذا العمل، ووجه النبي - صلى الله عليه وسلم - نداء لعبيد الطائف أن من ينزل من الحصن ويخرج إلى المسلمين فهو حر، فخرج ثلاثة وعشرون من العبيد منهم أبو بكرة الثقفي فأسلموا، فأعتقهم ولم يعدهم إلى ثقيف بعد إسلامهم(31).

 

4- الحكمة من رفع الحصار: كانت حكمة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في رفع الحصار واضحةº فالمنطقة المحيطة بها لم تعد تابعة لها، بل صارت ضمن سيادة الدولة الإسلامية، ولم تعد تستمد قوتها إلا من امتناع حصونها، فحصارها ورفعه سواء أمام القائد المحنك، وقد استشار رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من حوله في عملية الحصار(32) فقال نوفل بن معاوية الديلي: ثعلب في جحر إن أقمت عليه أخذته، وإن تركته لم يضرك، فأمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ابن الخطاب فأذن في الناس بالرحيل، فضج الناس من ذلك وقالوا: نرحل، ولم يفتح علينا الطائف؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «فاغدوا على القتال» فغدوا، فأصبت المسلمين جراحات، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إنا قافلون غدا إن شاء الله»، فسروا بذلك وأذعنوا، وجعلوا يرحلون ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - يضحك(33)، فلما ارتحلوا واستقلوا، قال: «قولوا: آيبون، تائبون، عابدون، لربنا حامدون»(34)، وقيل: يا رسول الله، ادع الله على ثقيف، فقال: «اللهم اهد ثقيفًا وائت بهم» (35).

 

----------------------------------------

(1) انظر: السيرة النبوية لأبي شهبة (2/467)، السيرة النبوية لابن هشام (4/88).

(2) انظر: طبقات ابن سعد (2/150).    

(3) انظر: السيرة النبوية الصحيحة (2/497).

(4) أغمار: جمع غُمر، بضم الغين وإسكان الميم، وهو الذي لا يجرب الأمور.

(5) انظر: مغازي الواقدي (3/893).

(6) مسلم، كتاب الزكاة، باب إعطاء المؤلفة قلوبهم (2/736) رقم 1059.

(7) انظر: مجمع الزائد (6/179، 180)، المستدرك للحاكم (3/48، 49) صحيح الإسناد

(8) انظر: القيادة العسكرية على عهد رسول الله، ص252.

(9) انظر: غزوة حنين للشيخ محمد أحمد باشميل، ص128- 131.

(10) انظر: تاريخ الطبري (3/73).

(11) انظر: القيادة العسكرية على عهد رسول الله، ص369.

(12) الطلقاء: هم الذين أطلقهم النبي - صلى الله عليه وسلم - بعد فتح مكة وخلى سبيلهم.

(13) مسلم، كتاب الزكاة، باب إعطاء المؤلفة قلوبهم (2/735) رقم 1059.

(14) أبو داود، كتاب البيوع، باب تضمين العارية، (3/826) رقم 8566.

(15) أبو داود، كتاب البيوع والإجارات، باب تضمين العارية (3/823) رقم 8562.

(16) مسلم، كتاب الجهاد والسير، باب في غزوة حنين (3/1398) رقم 1775.

(17) المصدر نفسه (3/1399) رقم 1772.

(18) انظر: صحيح السيرة النبوية، ص599.

(19) انظر: القيادة العسكرية في عهد رسول الله، ص259.

(20) مسلم، كتاب الجهاد والسير، باب غزوة حنين (3/1399) رقم 1775.

(21) أي معمول بالرمال وهي حبال الحصر.

(22) أبو بردة هو ابن أبي موسى الأشعري راوي الحديث عن أبيه.

(23) البخاري، المغازي، (5/120) رقم 4323.

(24) أبو داود، كتاب الجهاد، باب فضل الجهاد، ح(35) مراسيل أبي داود، ص183.

(25) انظر: المدرسة العسكرية الإسلامية، اللواء محمد فرج، ص407.

(26) انظر: القيادة في عهد الرسول، ص405.

(27) انظر: الفن الحربي في صدر الإسلام، اللواء عبد الرءوف عون، ص 195.

(28) انظر: الطبقات الكبرى (2/214).

(29) مسجد الطائف: هو المسجد المعروف الآن بمسجد ابن عباس.

(30) انظر: مغازي الواقدي (1/416).  

(31) انظر: السيرة النبوية الصحيحة (2/510).

(32) انظر: دراسات في عهد النبوة والخلافة الراشدة، للشجاع، ص206.

(33) مسلم، كتاب الجهاد والسير، باب غزوة حنين (3/1403) رقم 1778.

 (34) انظر:زاد المعاد (3/497).    (7) المصدر نفسه، صحيح السيرة النبوية، ص566.

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply