1 ـ تعريف: هي مأوى ومثوى رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم -، مفازة الدرب الشمالي إلى الشام، أرض الخصب والنماء...التمر والماء، واحدة من أعرق المدن في التاريخ وإحدى محطات التجارة الزاهرة في الجزيرة العربية.
2 ـ الموقع تقع المدينة في الحجاز على هضبة تتدرج قليلا في الاتجاه الشمالي على بعد 447 كم عن مكة المكرمة، و425 كم عن جدة و210 كم عن ينبع ميناء المدينة على البحر الأحمر. وترتفع عن مستوى سطح البحر نحو 557 م، على خط طول 39 درجة و36 دقيقة وخط عرض 24 درجة و28 دقيقة. يحدها من الشمال جبل أحد، ومن الشمال الغربي جبل سلع، ومن الجنوب الغربي جبل عير (الذي يقع على بعد نحو 4 كم عن مركزها الحالي) وتكتـنفها من جهة الشرق والغرب حرتان هما حرة واقم وحرة الوبرة (الحرة هي الحجارة البركانية السوداء).
3 ـ التأسيس:
يرجع تأسيس المدينة إلى عهود سحيقة في حياة أمم انقرضت، وأقدم ذكر لها يرجع إلى عهد المعينيين التي ازدهرت حضارتهم في الفترة مابين (1300 و630 قبل الميلاد)، ويدلنا القرآن الكريم في سورة الأحزاب / 13 أن اسم المدينة كان يثرب وهو اسم لقرية كان يسكنها جماعات من العرب يذكر التاريخ بان الناس لما خرجوا من سفينة نوح - رضي الله عنه - بعد الطوفان ضاقت بهم المنطقة وكانت قبيلة عبيل منهم، حيث استطاع زعيمهم (يثرب بن عبيل) الحفيد الرابع لنوح - رضي الله عنه - ان يبني المدينة ويوطن قدمه بها، وسكنها كذلك العماليق بعد أن أخرجوا القبيلة العبلية منها، وقد شاع اسم يثرب قديما حيث وجد في نقوش وكتابات تاريخية قديمة، فقد ذكرت في جغرافية بطليموس باسم يثربا، وفي النقوش السبئية كما عرفت أيضا بهذا الإسم من كلمة (مدينتا) التي تعني بالأرامية (الحمى) ثم اختصرت فقيل لها المدينة، ولم يرض رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بتسميتها يثرب لأنه لمح معنى التثريب (وهو اللوم والتوبيخ) فغير اسمها وسماها المدينة، وبعد قدومه إليها من مكة أصبح اسمها مدينة الرسول - صلى الله عليه وسلم -، كما أنها عرفت بأسماء أخرى كثيرة أحصاها ياقوت الحموي فوجدها (29) اسماً منها: طيبة، طابة، المسكينة، العذراء، الجابرة، المحبة، المحببة، المحبورة، الناجية، المباركة، الدار، الإيمان.... الخ.
4 ـ التوسعة والإعمار:
استمرت المدينة بالتوسعة والإعمار كمركز للحكم الإسلامي منذ الهجرة النبوية حتى رجب سنة 36 هـ حيث نقل الإمام علي - رضي الله عنه - مركز الخلافة إلى الكوفة، حيث أصبح المسجد النبوي الشريف مركزا للمدينة يحدد اتجاهات نموها وامتدادت شوارعها.
ـ سنة 127 هـ / 725 م زاد مروان بن محمد (مروان الثاني) في عمارة المدينة وأقيمت فيها القصور والحدائق.
ـ سنة 263 هـ / 876 م بنى الأمير إسحاق بن محمد الجعدي أول سور حول المدينة وكان من اللبن.
ـ سنة 367 هـ هدم عضد الدولة البويهي السور القديم للمدينة وأقام بدلاً عنه سورا مبنيا من الحجر لغرض حمايتها.
ـ سنة 540 هـ جدد جمال الدين محمد بن أبي المنصور المعروف بالجواد الأصفهاني السور مرة أخرى بعد 200 سنة من بنائه.
ـ سنة 558 هـ قام نور الدين زنكي بتجديد السور مرة أخرى أيضا.
ـ سنة 627 هـ أنشأ الخليفة العباسي أبو جعفر المستنصر بالله بيمارستانا شمال المسجد النبوي الشريف.
ـ اهتم الملك قايتباي (826 ـ 901 هـ) بعمران المدينة وأقيمت في عهده المدارس والأبنية الكثيرة.
ـ سنة 927 هـ امتدت سلطة الدولة العثمانية إلى الحجاز واهتم سلاطينها بمكة والمدينة وحظيت المباني بشكل عام والمسجد النبوي بشكل خاص بالعناية والرعاية الخاصة، ففي عهد السلطان سليمان القانوني تم بناء آخر اسوار المدينة واقواها.
ـ سنة 1285 هـ تم تجديد سور المدينة وأحدثت فيه عدة أبواب هي: الباب المجيدي، باب الحمام، باب بصري، وباب القاسمية.
5 ـ معالم المدينة المنورة واحة صحراوية تحيط بها الجبال والحرار من كل اتجاه، وهي مكونة من صخور بركانية تقطعها مجموعات من الوديان التي تنحدر من هذه الجبال، لتجلب معها تربة خصبة صالحة للزراعة.
وطوبوغرافية المدينة تتلخص في تسميتين تاريخيتين تعبران عن جملة خصائص الموقع وهي عالية المدينة وسافلتها (العالية والسافلة)
وتنقسم إلى ثلاثة أجزاء هامة هي كما يلي:
1 ـ الجبال المحيطة: تحيط الجبال بالواحة من جميع جهاتها وتكون قريبة من الشمال والجنوب وأهمها
ـ جبل أحد: الذي يقع شمال المدينة المنورة على بعد نحو 5. 5 كم ويمتد لمسافة 9 كم. ويتراوح عرضةُ بين 100 ـ 300 م وبارتفاع يصل 350 م وتحف به من جميع جوانبه مسايل الأودية \" نعمان، قناة، حمص « ـ جبل عسير: في جنوب المدينة ويبعد عنها نحو 8 كم ويمتد لمسافة 4 كم ومتوسط عرضه 70 م ويرتفع نحو 300 م عن وادي أبي هريرة.
2 ـ الحرات
3 ـ الأودية: تنحدر من الجبال إلى الواحة لتشقها وتتجة جميعها إلى الشمال الغربي (أسفل السافلة) حيث تلتقي جميعها في « زغابة » وأهمها أودية « قناة العقيق ». وبطحان « ابوجيدة » وثلاثة أخرى أقل أهمية.
محلاتـها السكنية الحديثة: ينبع، العلا، بدر، المهد، الحناكية، الفريش، المليلح، الحسو، الصويدرة، وادي الفرع، أبيار الماشي.
أشهر قراها القديمة:
العقيق (وهو وادي على بعد 3. 5 كم عن المدينة)، خيبر (على بعد 115 كم عن المدينة)، فدك (وهي قرية من قرى خيبر على بعد 3. 5 كم عن المدينة)، وادي القرى (وهو وادي بين الشام والمدينة)، وبين تيماء وخيبر الكثير من القرى وبها سمي وادي القرى.
شوارعها:
شارع البقيع، شارع النخاولة، شارع الامام علي - رضي الله عنه - (العوالي)، شارع السالمية الجديد، شارع مالك، شارع المطار، شارع أبي ذر، شارع الستين، شارع قربان، وشارع الحزام.
مساجدها:
تضم المدينة المنورة مجموعة كبيرة من المساجد الأثرية عد منها السمهودي قرابة 56 مسجدا غير أن أكثرها قد زال واندثر مع مرور الأيام واهم تلك المساجد:
المسجد النبوي الشريف: ويضم قبر الرسول الأعظم محمد - صلى الله عليه وسلم -، (مسجد الغمامة « أو المصلى »، مسجد السيدة فاطمة - رضي الله عنه - ، مسجد بلال بن رباح مؤذن الرسول - صلى الله عليه وسلم -، مسجد القشله « أو مسجد العسكر »، مسجد الشمس) (ازيلت مواقعها حاليا)، مسجد ذي الحليفة « أو مسجد الشجرة » (دخل في التوسعة السعودية للحرم)، مسجد السقيا، مسجد المنارتين، مسجد عروة، مسجد المعرس، مسجد الجمعة « مسجد الوادي »، مسجد بنات النجار (بقباء)، مسجد قباء (وهو أول مسجد بناه النبي - صلى الله عليه وسلم - في المدينة وصلى فيه بأصحابه جماعة ظاهرا)، مسجد القبلتين، مسجد الاجابة، مساجد الفتح (وهي مسجد الفتح، مسجد علي - رضي الله عنه - ، مسجد فاطمة - رضي الله عنه - ، مسجد سلمان الفارسي، مسجد أبي بكر، مسجد عمر.. الخ)، مسجد الفضيخ، مسجد أبي ذر الغفاري (مسجد السجدة)، مسجد الراية، مسجد سيد الشهداء « حمزة بن عبد المطلب ».
آبارها:
في المدينة 20 بئرا تاريخيا اهمها: بئر اريس أو بئر الخاتم أو بئر النبي - صلى الله عليه وسلم -، بئر غرس: « يروى بن ماجة بسند عن الامام علي - رضي الله عنه - قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا انا مت فغسلوني بسبع قرب من بئري (بئر غرس) »، بئر اهاب أو بئر زمزم، بئر بدر.
أهم أو ديتها:
وادي العقيق، وادي بطحان أو وادي أبي جيدة، وادي رانوناء، وادي مذينيب.
دورها الأثرية المشهورة:
دار أبي أيوب الأنصاري، دار الحسن بن زيد بن الحسن بن علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - ، دار جعفر الصادق- رضي الله عنه - . (ازيلت جميعها أثناء التوسعة السعودية مؤخرا).
مقابرها:
مقبرة البقيع، والتي تضم (مقابر زوجات النبي - صلى الله عليه وسلم -، مقابر ابناء وبنات النبي - صلى الله عليه وسلم -، مقابر أهل بيت النبوة - رضي الله عنه - ، مقابر بني هاشم، مقابر أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - (عثمان بن مظعون، وكعب بن عمر).
ثناياها المشهورة:
ثنية الوداع، ثنية عثعث، ثنية الشريد.
أسواقها:
كانت في المدينة المنورة 11 سوقا في المناخة أكبرها وأوسعها، سوق الحبابة، وسوق التجارة، سوق السمانه، (الرواسة)، وسوق الفخارة والبياطرة وبعض النحاسين وسوق البرسيم... ويعتبر سوق زبالة من اقدم أسواق المدينة.
مدارسها: المدرسة الرستمية: توقف التعليم فيها وتحولت إلى مجلس خاص بالاغوات وأدخلت في توسعة المسجد النبوي.
مدرسة قرة باشي: تحولت المدرسة إلى رباط ما زال قائماً حتى الان رغم تغير المبنى الاول الذي ادخل في توسعة المسجد النبوي.
مدرسة محمد آغا: تغير اسمها أو اغلقت.
مدرسة الشفاء (دار السيادة): ظلت تؤدي دورها إلى نهاية العهد العثماني.
مدرسة الساقزلي: ظلت قائمة إلى نهاية العهد العثماني.
المدرسة الجديدة (مدرسة كبرلي): ظلت قائمة إلى أواخر العهد العثماني.
المدرسة الحميدية: ظلت قائمة إلى آخر العهد العهد العثماني.
المدرسة المحمودية: ازيلت عام 1371 هـ عندما بدأ مشروع التوسعة.
مدرسة حسين آغا: ازيلت في مشروع تحسين شوارع المدينة.
المدرسة الاحسائية: ظلت قائمة إلى أخر العهد العثماني.
المدرسة القازانية: تحولت إلى رباط.
المدرسة الخماسكية: توقف التدريس فيها ثم تحولت إلى مقر دار الحكومة ثم صارت مستشفى للعساكر النظامية.
مكتباتها: مكتبة الملك عبد العزيز (مجمع المكتبات الأثرية)، مكتبة عارف حكمت، مكتبة المصحف، مكتبة الحرم المدني(التي ازيلت مؤخرا).
6 ـ من ذاكرة التاريخ:
سنة 586 ق. م هاجر اليهود إليها في عهد الملك بخت نصر وتعتبر قبيلة قينقاع أشهر القبائل اليهودية وأغناها التي سكنت في الجزء الجنوبي من المدينة واشتهرت بصناعة الذهب.
ـ سكن العرب من العمالقة مدينة يثرب قبل هجرة القبائل العربية القادمة من اليمن بعد سيل العرم الأول (عام 450 م) وقبل نزوح اليهود إليها.
ـ في الفترة مابين (447 ـ 532 م) بدأت هجرة القبائل العربية إليها ومنهم قبيلة الأوس والخزرج.
ـ وقعت معارك عديدة بين قبيلتي الأوس والخزرج منها حرب سمير (نسبة إلى الرجل الذي أشعلها واسمه (سمير بن زيد)، حرب حاطب، حرب بعاث، موقعة السرارة، موقعة فارغ، موقعة الفجار الأولى والثانية... الخ. ـ لقد أكرم الله- تبارك وتعالى - أهل المدينة المنورة بخطابه إياهم في الآيات المدنية بقوله « يأيها الذين آمنوا ».
ـ سنة 620 م تم أو ل اتصال بين الرسول - صلى الله عليه وسلم - وأهل يثرب عند قدومهم للحج في مكة وتكرر ذلك سنة 622 م في عام الهجرة.
ـ سنة 622 م بدأت الهجرة النبوية الشريفة من مكة إلى المدينة حيث وصل الرسول - صلى الله عليه وسلم - قباء في يوم الاثنين 8 ربيع الأول من العام الأول للهجرة ومكث فيها أربعة أيام حيث أصلح بين قبائل الأوس والخزرج كما خطط لنفسه ولآل بيته داراً بعد أن انشأ مسجده فيها.
ـ في ظهر يوم الثلاثاء في النصف من شعبان سنة 2 هـ حولت القبلة من بيت المقدس إلى الكعبة المعظمة، وفي هذه السنة أيضا فرض الصوم، ووقعت غزوة بدر، وفي هذه السنة أيضا تزوج الامام علي - رضي الله عنه - من السيدة فاطمة الزهراء (سلام الله عليها).
ـ سنة 3 للهجرة ولد الامام الحسن بن علي - رضي الله عنه - ، كما وقعت غزوة أحد، واستشهد حمزة عم الرسول - صلى الله عليه وسلم -، وهناك أحداث كثيرة وقعت في السنوات اللاحقة للهجرة النبوية منها غزوة بني النضير، غزوة ذات الرقاع، غزوة الخندق، غزوة بني قريظة، بيعة الرضوان، صلح الحديبية، غزوة خيبر، وفي هذه السنة ايضا بدأت الرحلات المتتابعة لقبائل اليهود من المدينة إلى الشام.
ـ سنة 36 هـ آثر الامام علي - رضي الله عنه - أن يبقى في العراق فانتـقل مركز الخلافة من المدينة إلى الكوفة.
ـ سنة 41 هـ أصبحت المدينة إمارة من إمارات الدولة الأموية.
ـ سنة 62 هـ ثار أهل المدينة بقيادة عبدالله بن الزبير ضد الحكم الأموي حيث عمل خندقا وسورا في الجهة الشمالية للمدينة، ولكن تم القضاء على الثورة بعد دخول مسلم بن عقبة بجنده إلى المدينة.
ـ سنة 145 هـ قام محمد بن عبد الله الحفيد الأكبر للإمام الحسن - رضي الله عنه - بعمل خندق حول المدينة في موضع الخندق الذي عمل أيام رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.
ـ سنة 230 هـ وفي عهد الخليفة الواثق تعرضت المدينة للهجوم من (بني هلال) فسبب خراب العديد من مبانيها.
ـ سنة 578 هـ نزل الجنود الصليبيون ينبع ولكن صدوا بقيادة أحد أفراد عائلة صلاح الدين الأيوبي.
ـ سنة 654 هـ انتـقلت السلطة من الدولة العباسية إلى المماليك الذين كثرت المنازعات الداخلية في زمانهم وتدهور عمران المدينة.
ـ سنة 1916 م وبسبب الحرب العالمية الأولى قامت السلطة التركية في المدينة بهدم المباني حول الحرم بهدف تسهيل الدفاع عنها.
ـ سنة 1950 م هدم السور المحيط بالمدينة ولم يبقَ منه غير اجزاء من (الباب المصري).
ـ سنة 1971 م احترقت المدينة فأتى الحريق على بعض تراثها المعماري.
7 ـ المصادر:
1 ـ تاريخ معالم المدينة المنورة قديما وحديثا / السيد أحمد ياسين الخياري، ط4 سنة 1414 هـ، جدة.
2 ـ التكوين المعماري والحضري لمدن الحج في المملكة العربية السعودية / تأليف / محمد سعيد فارسي ص: 137 / ط 1 سنة 1984 م عكاظ.
3 ـ المدينة المنورة تطورها وتراثها المعماري / صالح لمعي مصطفى.
4 ـ التاريخ الشامل للمدينة المنورة / الدكتور عبد الباسط بدري / ج 1: 23.
5 ـ المدينة المنورة عاصمة الإسلام الأولى / الدكتور محمد السيد الوكيل.
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد