فليقتص منك
عن جرير أن رجلاً كان مع أبي موسى - رضي الله عنهما - فغنموا مغنماً فأعطاه أبو موسى نصيبه ولم يوفه، فأبى أن يأخذه إلاّ جميعه فضربه أبو موسى عشرين سوطاً وحلق رأسه، فجمع شعره وذهب به إلى عمر - رضي الله عنه -. فأخرج شعراً من جيبه فضرب به صدر عمر. قال: ما لك؟ فذكر قصته. فكتب عمر إلى أبي موسى- رضي الله عنهما -: سلام عليك، أما بعد، فإن فلان بن فلان أخبرني بكذا وكذا، وأني أقسم عليك إن كنت فعلت ما فعلت في ملأ من الناس جلست له في ملأ من الناس فاقتص منك، وإن كنت فعلت ما فعلت في خلاء فاقعد له في خلاء فليقتص منك، فلما دفع إليه الكتاب قعد للقصاص. فقال الرجل: قد عفوت عنه للّه.
عمر وجارية
عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: جاءت جارية إلى عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - فقالت: إن سيدي اتهمني فأقعدني على النار حتى احترق فرجي. فقال لها عمر: هل رأى ذلك عليك؟ قالت: لا. قال: فهل اعترفت له بشيء؟ قالت: لا، فقال عمر: عليّ به، فلما رأى عمر الرجل قال: أتعذب بعذاب اللّه؟ قال: يا أمير المؤمنين، اتهمتها في نفسها. قال: أرأيت ذلك عليها؟ قال: لا. قال: فاعترفت لك به؟ قال: لا. قال: والذي نفسي بيده لو لم أسمع رسول اللّه - صلى الله عليه وسلم - يقول: (لا يقاد مملوك من مالكه، ولا ولد من والده لأقدتها منك، وضربه مائة سوط)، وقال للجارية: اذهبي فأنت حرّة لوجه اللّه، وأنت مولاة اللّه ورسوله: أشهد لسمعت رسول اللّه - صلى الله عليه وسلم - يقول: (من حرق بالنار أو مثل به فهو حر وهو مولى اللّه ورسوله).
وأنت أيضاً
عن يزيد بن أبي مالك قال: كان المسلمون بالجابية وفيهم عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - فأتاه رجل من أهل الذمة يخبره أن الناس قد أسرعوا في عنبه. فخرج عمر - رضي الله عنه - حتى لقي رجلاً من أصحابه يحمل ترساً عليه عنب. فقال عمر: وأنت أيضاً؟ فقال: يا أمير المؤمنين، أصابتنا مجاعة. فانصرف عمر - رضي الله عنه - وأمر لصاحب الكرم بقيمة عنبه.
عدل عمر
عن إياس بن سلمة عن أبيه قال: مر عمر بن الخطاب - رضي الله عنهم - في السوق ومعه الدرة، فخفقني بها خفقة فأصاب طرف ثوبي فقال: أمط عن الطريق. فلما كان في العام المقبل لقيني فقال: يا سلمة تريد الحج؟ فقلت: نعم. فأخذ بيدي فانطلق بي إلى منزله فأعطاني ست مائة درهم وقال: استعن بها على حجك، واعلم أنها بالخفقة التي خفقتك. قلت: يا أمير المؤمنين، ما ذكرتها. قال: وأنا ما نسيتها.
{ولا تجسسوا}
عن عبد الرحمن ابن عوف، أنه حرس مع عمر بن الخطاب - رضي الله عنهم - ليلة المدينة. فبينما هم يمشون شب لهم سراج في بيت فانطلقوا يؤمونه. فلما دنوا منه إذا باب مجاف على قوم لهم فيه أصوات مرتفعة ولغط. فقال عمر وأخذ بيد عبد الرحمن بن عوف: أتدري بيت من هذا؟ قال: هذا بيت ربيعة بن أمية بن خلف وهم الآن شرب فما ترى؟ قال: أرى أن قد أتينا ما نهى اللّه عنه، قال اللّه: {ولا تَجَسَّسوا}، فقد تجسسنا فانصرف عنهم عمر.
فقد عصيت الله في ثلاث
عن ثور الكندي أن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - كان يعس بالمدينة من الليل، فسمع صوت رجل في بيت يتغنى، فتسور عليه، فقال: يا عدو اللّه، أظننت أن اللّه يسترك، وأنت في معصية؟ فقال: وأنت يا أمير المؤمنين، لا تعجل عليّ إن أكن عصيت اللّه واحدة، فقد عصيت اللّه في ثلاث، قال: {وَلاَ تجَسَّسوا} وقد تجسست. وقال {وأتوا البيوت من أَبوابِها}، وقد تسورت عليّ ودخلت عليّ بغير إذن، وقال اللّه - تعالى -: {لا تدخلوا بيوتاً غير بيوتِكم حتى تَسأنسوا وتسلموا على أهلها}، قال عمر: فهل عندك من خير إن عفوت عنك؟ قال: نعم، فعفا عنه، وخرج وتركه.
أتعمد إلى ما ستر الله فتبديه
حكى الشعبي أن رجلاً أتى عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - فقال: إن لي ابنة كنت وأدتها في الجاهلية فاستخرجناها قبل أن تموت، فأدركت معنا الإسلام فأسلمت، فلما أسلمت أصابها حد من حدود اللّه - تعالى -، فأخذت الشفرة لتذبح نفسها، فأدركناها وقد قطعت بعض أوداجها فداويناها، حتى برئت، ثم أقبلت بعد بتوبة حسنة وهي تخطب إلى قوم، فأخبرتهم من شأنها بالذي كان، فقال عمر: أتعمد إلى ما ستر اللّه فتبديه؟ واللّه، لئن أخبرت بشأنها أحداً من الناس لأجعلنك نكالاً لأهل الأمصار، بل أنكحها نكاح العفيفة المسلمة.
حاطب بن أبي بلتعة
أخرج البخاري عن علي - رضي الله عنه - يقول: بعثني رسول اللّه - صلى الله عليه وسلم - أنا والزبير والمقداد - رضي الله عنهم - فقال: «انطلقوا حتى تأتوا روضة خاخ فإن بها ظعينة معها كتاب فخذوه منها، » فانطلقنا تعادي بنا خيلنا حتى أتينا الروضة، فإذا نحن بالظعينة، فقلنا: أخرجي الكتاب، فقالت: ما معي، فقلنا: لتخرجن الكتاب أو لنلقين الثياب؟ قال: فأخرجته من عقاصها. فأتينا به رسول اللّه - صلى الله عليه وسلم - فإذا فيه من حاطب بن أبي بلتعة - رضي الله عنه - إلى ناس بمكة من المشركين، يخبرهم ببعض أمر رسول اللّه - صلى الله عليه وسلم - فقال: «يا حاطب، ما هذا؟ » فقال: يا رسول اللّه، لا تعجل عليّ إني كنت امرأ ملصقاً في قريش يقول: كنت حليفاً ولم أكن من أنفسها وكان من معك من المهاجرين من لهم قرابات يحمون بها أهليهم وأموالهم فأحببت إذا فاتني ذلك من النسب فيهم أن أتخذ عندهم يداً يحمون قرابتي، ولم أفعله ارتداداً عن ديني ولا رضاً بالكفر بعد الإسلام، فقال رسول اللّه - صلى الله عليه وسلم -: (أما أنه قد صدقكم)، فقال عمر: يا رسول اللّه، دعني أضرب عنق هذا المنافق، فقال: (إنه قد شهد بدراً، وما يدريك لعل اللّه قد اطلع على من شهد بدراً فقال: اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم).
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد