بسم الله الرحمن الرحيم
الشيخ عبد الرشيد شيخ علي صوفي، من مواليد 1964م بمنطقة تسمى \"هرر\" في اقليم أوغادين، ثم انتقل وهو صغير إلى جمهورية الصومال مع والده حيث كانت النشأة، والشيخ متزوج وله ثلاثة عشر من الأولاد بنين وبنات.
قمنا بزيارته في الدوحة وأجرينا معه الحوار التالي:
*هل لك أن تحدثنا عن طلبك للعلم، وكيف كانت البداية وأين ومن هم أبرز المشايخ الذين تلقيت العلم على أيديهم؟
الحمد الله، اللهم صل على نبينا محمد وآله وسلم تسليمًا كثيرًا، الوالد - رحمه الله - ورحم جميع والدينا، كان بفضل الله - تعالى -من العلماء، أو من أبرز العلماء، بل ربما يشار إليه إلى أنه كان في زمنه وفي عصره وفي بلده من أوحدهم بفضل الله - تعالى -، فكان مفتي البلاد وشيخها وعالمها ومقرئها رحمة الله عليه، فكان تعلمي ودراستي الأولية على يديه - رحمه الله -.
فقد أسس في الصومال مسجدًا ومدرسة فعلاً تعتبر هي الأولى من نوعها في هذه المنطقة، بل ويقال أيضًا في قارة إفريقيا، تختص بتعليم القرآن وتجويده وعلومه والناس كانوا يأتون من أقطار البلاد سواء في الصومال أو من حولها ليتلقوا هذا العلم منه، فأنا تربيت في هذه الحلقات التي كان يعملها الوالد الله يرحمه في المسجد، ودرست أيضًا في تلك المدرسة، وتلقيت وتعلمت وحفظت القرآن بفضل الله - تعالى -في صغري، ربما كنت في حدود العاشرة من عمري، ثم هنالك درست مبادئ العلوم، وأبرزها القرآن والقراءات وحفظت الشاطبية واستمعت إلى شرحها منه مرات عديدة، ودرست الفقه الشافعي والنحو.
ثم وجهني الوالد إلى مصر لدراسة القراءات عام 1982م، والتحقت بمعهد القراءات فدرست العالية في القراءات العشر في ثلاث سنوات، إضافة إلى دراستي على مشايخ آخرين أجازوني في القراءات العشر منهم الشيخ محمد إسماعيل الهمداني، والشيخ محمد الليثي.
ثم عدت إلى الصومال، فلما مرض الوالد قمت مكانه في التدريس والتعليم، وبعد الأحداث التي أصابت الصومال أتيت إلى قطر.
*هذا في مجال العلم والتحصيل والتدريس، فهل لك عن تحدثنا عن الدعوة إلى الله وأهميتها ودور العلماء؟
الدعوة إلى الله هي وظيفة الأنبياء، لا شك في ذلك، فهو أمر مجمع عليه، ولو سُئل أحد أيا كان: عن مهمة الأنبياء جميعا، لأجاب بأنها الدعوة إلى الله وهذا بنص القرآن الكريم: {وَمَا نُرسِلُ المُرسَلِينَ إِلاَّ مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ فَمَن آمَنَ وَأَصلَحَ فَلاَ خَوفٌ عَلَيهِم وَلاَ هُم يَحزَنُونَ}(48) سورة الأنعام.
والعلماء هم ورثة الأنبياء الذين ورثوا العلم، ومعه الدعوة إلى الله التي يقوم بها ورثة الأنبياء، والتلازم بين العلم والدعوة قائم، فهما لا ينفكان عن بعض.
*ما هو دور العالِم في الدعوة؟
ما يقوم به العالم من جهود طيبة في التعليم والتدريس والتوجيه هو دعوة إلى الله ولا شك، ولكن هذا الجهد يخدم الراغبين وهم لا شك أنهم أقل من الصنف الآخر وهم غير الراغبين، فأغلب الأمة بعيدون عن العلماء، وهنا تبرز أهمية توجيه الدعوة لغير الراغبين من خلال الذهاب إليهم في أوكارهم وبيوتهم وأماكنهم، ومخالطتهم والصبر عليهم، وأرى أن التدرب في دعوة هؤلاء أمر مهم بالنسبة للعلماء وأصحاب المنابر.
والأصل أن يقوم العلماء وطلبة العلم بالدعوة بدل العوام الذين يبذلون جهداً يشكرون عليه.
*كيف كانت بدايتك مع الدعوة وأين؟
كانت بداية معرفتي بأهل الدعوة عام 1987م عندما زاروني في مسجدي بالصومال، وقد كان لهم دور كبير في هداية جيران المسجد، ومن بينهم رجل عاص تسببوا في حضوره للمسجد وتوبته مما أثر فينا، وكيف أننا غفلنا عن دعوته إلينا مع قربه منا، ولم نتحمل مشقة طرق الباب عليه وزيارته، بل كنا نتخذ مبدأ الهجر لصاحب المعاصي، ولكن الأولى من ذلك دعوته والصبر عليه.
* هل لك أن تحدثنا عن أصناف المدعوين في نظرك؟
أرى أن الدعوة في عمومها تنقسم إلى قسمين:
1- دعوة الراغبين، دعوة لمن له رغبة في الدين والخير، وهذه تكون بالدروس والمحاضرات والمؤتمرات الإسلامية واللقاءات والندوات، وهذا النوع من الدعوة مهم جدا.
2- دعوة غير الراغبين، وهذه هي الأساس، وهي التي قام بها أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - بعد أن تقبلوا دعوة الرسول - صلى الله عليه وسلم - واستجابوا لها مع صدودهم وعدم رغبتهم في بادئ الأمر، ولكن مع صبره - عليه الصلاة والسلام - واستمراره كان له أثر في دعوة القوم.
*هل لك أن تذكر لنا بعض البلاد التي زرتها؟ ومدى الحاجة إلى ذلك؟
زرت أغلب القارات أوروبا وأمريكا واستراليا إضافة إلى آسيا وإفريقيا، وشتى البلاد منها السويد والنرويج وبريطانيا وفرنسا والدانمارك وبلجيكا وهولندا، ونيوزلاندا، وعدد من ولايات أمريكا.
والحاجة ماسة في دعوة الناس سواء كانوا مسلمين أو غيرهم، وسواء في بلاد المسلمين أو غيرها.
فأغلب المسلمين اليوم يحتاجون إلى من يذكرهم بدينهم ليتشبثوا به ويعملوا بهديه، ويطبقونه واقعاً ملموسا في حياتهم. والتزام المسلمين بالدين وتعاليمه دعوة لغير المسلمين في حد ذاته.
وفي بلاد المسلمين الأوضاع صعبة فأغلب الناس عوام والجهل متفشي والبدع كثيرة والمعاصي متعددة، وهم في حاجة ماسة إلى الدعوة.
وفي بلاد غير المسلمين أوضاع الكفار معروفة وأوضاع المسلمين يرثى لها وتتطلب تظافر الجهود، وبذل المستطاع، فالخوف من ذوبان أبناء المسلمين وسط ذلك الركام إن لم يكن هناك دعاة يعينونهم، ومن الغرائب التي نجدها أن الكثير من أبناء المسلمين يؤتى بهم إلينا وهم شباب لا يعرفون عن الإسلام شيء.
* هل تذكر لنا بعض المواقف والأحداث التي رأيتها؟
1- كنا في بعض بلاد أوروبا ببلدة إزبيا في الدانمارك قريبا من ألمانيا، عندما قمنا بزيارة بعض المسلمين من المهاجرين العرب، فأساء في استقبالنا، مع أن الذي أخذنا لزيارته أحد أصحابه، لكن ذلك لم يشفعº بسبب ما كان عليه من تفلت وانحراف عن الاستقامة على دين الله.
2- شاب مسلم في الخامسة والعشرين لا يعرف من هو محمد - صلى الله عليه وسلم -، وهو من أبوين مسلميين، فلما دخل المسجد بسبب بعض الأخوة، وقرأ ترجمة للقرآن وعرف بأن القرآن كلام الله المنزل على محمد، رجعت به الذاكرة إلى هذا الاسم الذي كان يسمعه من والديه، فهداه الله وصار من الدعاة.
3- زرنا بعض المناطق النائية في باكستان التي لا يوصل إليها إلا مشياً على الأقدام، فوجدنا المسلمين على بدع ليست من الدين في شيء، وقد سيطر عليهم أحد دعاة السوء الذي أسقط عنهم الصلاة والعبادة مقابل مال يدفعونه له، وهذا في عدد من القرى، وبعد جهود وصبر واحتساب استطعنا التأثير فيهم بفضل الله.
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد