عالم اليمن طاووس كيسان اليمانى


  

بسم الله الرحمن الرحيم

اسمه ونسبه: هو طاووس بن كيسان أبو عبد الرحمن الفارسي ثم اليمني الجَنَدي الحافظ الأبناويº نسبة إلى أبناء الفرس الذين جهزهم كسرى لأخذ اليمن، الحميري مولى بحير بن ريسان الحميري، وقيل اسمه ذكوان وطاووس لقبه.

مولده: ولد في خلافة عثمان رضي الله عنه أو قبلها بقليل.

شيوخه: روى عن زيد بن ثابت وعائشة وأبي هريرة وزيد بن أرقم وابن عباس وابن عمر وابن عمرو، وغيرهم. فقد أدرك خمسين من الصحابة.

الرواة عنه: روى عنه سليمان التيمي والضحاك وعبد الله بن طاووسº ابنه، وابن جريج وعمرو بن دينار ومجاهد والزهري ومكحول الشامي وقيس بن سعد، وغيرهم كثير.

ثناء العلماء عليه: روى عطاء عن ابن عباس قال: إني لأظن طاووسًا من أهل الجنة.

قال قيس بن سعد: هو فينا مثل ابن سيرين في أهل البصرة.

قال الزهري: لو رأيت طاووسًا علمتَ أنه لا يكذب.

قال عمرو بن دينار: حدثنا طاووس ولا تحسبنَّ فينا أحدًا أصدق لهجة من طاووس.

وقال: ما رأيت قط مثل طاووس.

قال ابن معين وأبو زرعة: طاووس ثقة.

قال ابن حبان: كان من عُبّاد أهل اليمن ومن سادات التابعين مستجاب الدعوة، حج أربعين حجة.

وقال أبو نعيم: ومنهم المتفقه اليقظان، والمتعبد المحسانº أبو عبد الرحمن طاووس بن كيسان.

قال الذهبي: الفقيه القدوة عالم اليمن الحافظ.

وقال: كان رأسًا في العلم والعمل.

وقال: كان شيخ أهل اليمن وبركتهم ومفتيهم، له جلالة عظيمة، وكان كثير الحج.

وقال النووي: وهو من كبار التابعين والعلماء والفضلاء الصالحين، ثم قال: واتفقوا على جلالته وفضيلته ووفور علمه وصلاحه وحفظه وتثبته.

قال ابن حجر: ثقة فقيه فاضل.

من أحواله وأقواله: قال ابن أبي نجيح: قال مجاهد لطاووس: رأيتك يا أبا عبد الرحمن تصلي في الكعبة والنبي - صلى الله عليه وسلم - على بابها يقول لك: اكشف قناعك، وبيّن قراءتك. قال طاووس: اسكت لا يسمع هذا منك أحد. قال: ثم خيّل إليّ أنه انبسط من الكلام يعني فرحًا بالمنام .

قلت: وما له لا يفرح والرؤيا الصالحة من المبشرات؟

روى عبد الرزاق عن داود بن إبراهيم أن الأسد حبس ليلةً الناسَ في طريق الحجّ، فدق الناس

 

بعضهم بعضًا، فلما كان السَّحر ذهب عنهم، فنزلوا وناموا، وقام طاووس يصلي، فقال له رجل: ألا تنام. فقال: وهل ينام أحد في السحر.

عن ابن عيينة قال: قال عمر بن عبد العزيز لطاووس: ارفع حاجتك إلى أمير المؤمنين يعني سليمان بن عبد الملك قال: مالي إليه حاجة. فكأن عمر عجب من ذلك، قال سفيان: وحلف لنا إبراهيم بن ميسرة وهو مستقبل الكعبة: وربّ هذه البنية ما رأيت أحدًاº الشريف والوضيع عنده بمنزلة إلا طاووسًا.

عن ابن طاووس قال: كنت لا أزال أقول لأبي: إنه ينبغي أن يُخرج على هذا السلطان وأن يُفعل به، قال: فخرجنا حُجّاجًا، فنزلنا في بعض القرى وفيها عامل يعني لأمير اليمن يقال له ابن نجيح، وكان من أخبث عُمّالهم، فشهدنا صلاة الصبح في المسجد، فجاء ابن نجيح فقعد بين يدي طاووس، فسلّم عليه فلم يجبه، ثم كلمه فأعرض عنه، ثم عدل إلى الشق الآخر فأعرض عنه، فلما رأيت ما به قمت إليه فمددت بيده وجعلت أسائله، وقلت له: إن أبا عبد الرحمن لم يعرفك، فقال العامل: بلى، معرفته بي فعلت ما رأيت. قال: فمضى وهو ساكت لا يقول لي شيئًا فلما دخلت المنزل قال: أي لكع بينما أنت زعمت تريد أن تخرج عليهم بسيفك لم تستطع أن تحبس عنه لسانك.

وقال رجل له: ادع الله لنا. قال: ما أجد لقلبي خشية فأدعو لك.

عن ابن أبي نجيح عن أبيه أن طاووسًا قال له: يا أبا نجيح من قال واتقى الله خير ممن صمت واتقى الله.

قلت: لأن نفع القائل أعم وأوسع ممن سكت واتقى الله فنفع نفسه، بل قد يكون سكوته إثما إذا رأى المنكر فلم يغيره والجهل فلم يحاربه بنشر العلم.

عن ليث قال: كان طاووس إذا شدّد الناس في شيء رخّص هو فيه وإذا ترخّص الناس في شيء شدّد فيه. قال ليث: وذلك العلم.

قال حنظلة بن أبي سفيان: ما رأيت عالمًا قط يقول: لا أدري أكثر من طاووس.

قلت: فإن لا أدري نصف العلم كما تقدم مرارًا.

قال جرير بن حازم: رأيت طاووسًا يخضب بحناء شديد الحمرة.

قال عبد الرحمن بن أبي بكر المليكي: رأيت طاووسًا وبين عينيه أثر السجود.

عن ابن طاووس عن أبيه قال: عجبت لإخواننا من أهل العراقº يُسمّون الحجاج مؤمنًا.

قال الذهبي: يشير إلى المرجئة منهم الذين يقولون: هو مؤمن كامل الإيمان مع عَسفِهِ وسفكه الدماء وسبه الصحابة - رضي الله عنهم -.

قلت: لأن المرجئة يقولون: لا يضر مع الإيمان ذنب كما لا تنفع مع الكفر طاعة. وقولهم باطل، فالإيمان يزيد بالطاعات وينقص بالمعاصي والزلات.

إيماننا يزيد بالطاعات

وتارة ينقص بالزلات

قال - تعالى -: ويزداد الذين آمنوا إيمانا، {المدثر: 31}، وقال: والذين اهتدوا زادهم هدى وآتاهم تقواهم {محمد: 17}، وقال: فزادهم إيمانا {آل عمران: 173}، وقال: اليوم أكملت لكم دينكم {المائدة: 3}، قال البخاري: فإذا ترك شيئًا من الكمال فهو ناقص.

وقال - صلى الله عليه وسلم -: \"يخرج من النار من قال: لا إله إلا الله. وفي قلبه وزن شعيرة من إيمان، ويخرج من النار من قال: لا إله إلا الله. وفي قلبه وزن بُرة من إيمان، ويخرج من النار من قال: لا إله إلا الله. وفي قلبه وزن ذرة من إيمان\".

وقال - صلى الله عليه وسلم -: \"أكمل المؤمنين إيمانًا أحسنهم خُلُقًا\" صحيح، رواه أبو داود وغيره.

فكيف يكون إيمان الفاسق كإيمان الصديقين؟!! سبحانك هذا ظلم في الرأي وضلال في القول.

 

نسأل الله أن يحفظنا من الزلل.

قال طاووس: تعلّم لنفسك فإن الناس قد ذهبت منهم الأمانة.

قلت: لعله يعني أنهم يحرفون الكلم من بعد سماعه وينسبونه للمتحدث، وما أكثر هذا في زماننا وقبل زماننا، وما آفة الأخبار إلا رواتها.

عن أبي عبد الله الشامي قال: استأذنت على طاووس لأسأله عن مسألة فخرج عليَّ شيخ كبير فظننته هو، فقال: لا، أنا ابنه. قلت: إن كنت ابنه فقد خرف أبوك. قال: تقول ذاك؟! إن العالم لا يخرف. قال: فدخلت فقال لي طاووس: سل وأوجز، وإن شئت علمتك في مجلسك هذا القرآن والتوراة والإنجيل. قلت: إن علمتنيها لا أسألك عن شيء. قال: خَفِ اللهَ مخافة لا يكون شيء عندك أخوف منه، وارجه رجاءً هو أشد من خوفك إياه، وأحبّ للناس ما تحب لنفسك.

قلت: وهذا جماع كل خير في الدنيا والآخرة ومما اتفقت عليه شرائع الله في القرآن والتوراة والإنجيل غير المحرفين.

قال طاووس: لا يتم نسك الشاب حتى يتزوج.

وقال: البخل أن يبخل الرجل بما في يديه، والشح أن يحب أن يكون له ما في أيدي الناس.

وقال لابنه: يا بنيº صاحِب العقلاء تنسب إليهم وإن لم تكن منهم، ولا تصاحِب الجهّال فتنسب إليهم وإن لم تكن منهم، واعلم أن لكل شيء غايةً، وغاية المرء حسن عقله.

عن ابن طاووس قال: جاء رجل من الخوارج إلى أبي فقال: أنت أخي، فقال أبي: أمِن بين عباد الله؟ المسلمون كلهم إخوة.

ورأى طاووس رجلا مسكينًا في عينيه عمش وفي ثوبه وسخ فقال له: عُدّ أن الفقر من الله فأين أنت عن الماء؟

قال ابنه له: ما أفضل ما يقال على الميت؟: قال: الاستغفار.

قلت: نعم. قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: \"استغفروا لأخيكم وسلوا له التثبيت فإنه الآن يُسأل\" رواه أبو داود وهو صحيح.

وفاته: قال ابن شوذب شهدت جنازة طاووس بمكة سنة خمس ومئة، فجعلوا يقولون: رحم الله أبا عبد الرحمن حج أربعين حجة، وقيل مات سنة ست.

رحم الله طاووسًا وجمعنا به في جنات النعيم.

المراجع:

حلية الأولياء.

تهذيب الكمال.

تقريب التهذيب.

سير أعلام النبلاء، تذكرة الحفاظ.

تهذيب الأسماء واللغات.

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply