لقد كان والده حاكم ( الأبله ) ووليا عليهـا لكسرى ، فهو من العرب الذين نزحوا الى العراق قبل الاسلام بعهد طويل ، وله قصـر كبير على شاطئ الفرات ، فعاش صهيب طفولة ناعمة سعيدة ، الى أن سبي بهجوم رومي ، وقضى طفولته وصدر شبابه في بلاد الروم ، وأخذ لسانهم ولهجتهم ، وباعه تجار الرقيق أخيرا لعبد اللـه بن جدعان في مكة وأعجب سيده الجديد بذكائه ونشاطه واخلاصه ، فاعتقه وحرره ، وسمح له بالاتجار معه
اسلامه
يقول عمار بن ياسر -رضي الله عنه- :( لقيت صهيب بن سنان على باب دار الأرقم ، ورسول الله -صلى الله عليه وسلم- فيها
فقلت له : ماذا تريد ؟
فأجابني : ماذا تريد أنت ؟
قلت له : أريد أن أدخل على محمد ، فأسمع ما يقول
قال : وأنا أريد ذلك
فدخلنا على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فعرض علينا الاسلام ، فأسلمنا
ثم مكثنا على ذلك حتى أمسينا ، ثم خرجنا ، ونحن مستخفيان ) فكان إسلامهما بعد بضعة وثلاثين رجلاً.
هجرته الى المدينة
عندما هم الرسول -صلى الله عليه وسلم- بالهجرة ، علم صهيب بها ، وكان من المفروض ان يكون ثالث الرسول -صلى الله عليه وسلم- وأبي بكر ، ولكن أعاقه الكافرون ، فسبقه الرسول -صلى الله عليه وسلم-وأبو بكر ، وحين استطاع الانطلاق في الصحراء ، أدركه قناصة قريش ، فصاح فيهم:( يا معشر قريش ، لقد علمتم أني من أرماكم رجلا ، وأيم الله لا تصلون الي حتى أرمي بكل سهم معي في كنانتي ثم أضربكم بسيفي ، حتى لا يبقى في يدي منه شيء ، فأقدموا ان شئتم ، وان شئتم دللتكم على مالي وتتركوني وشأني )000فقبل المشركين المال وتركوه قائلين :( أتيتنا صعلوكا فقيرا ، فكثر مالك عندنا ، وبلغت بيننا ما بلغت ، والآن تنطلق بنفسك و بمالك ؟؟)000فدلهم على ماله وانطلق الى المدينة ، فأدرك الرسول -صلى الله عليه وسلم- في قباء ولم يكد يراه الرسول -صلى الله عليه وسلم- حتى ناداه متهللا :( ربح البيع أبا يحيى000ربح البيع أبا يحيى ) فقال :( يا رسول الله ، ما سبقني إليك أحدٌ ، وما أخبرك إلا جبريل )000
فنزل فيه قوله تعالى :{ ومِنَ النّاسِ مَن يَشرِي نَفسَهُ ابتغاءَ مَرضَاةِ اللهِ ، واللهُ رءُوفٌ بالعِبادِ } [البقرة : 207 ]
صورة ايمانه
يتحدث صهيب -رضي الله عنه- عن ولائه للاسلام فيقول :( لم يشهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- مشهدا قط ، الا كنت حاضره ، ولم يبايع بيعة قط الا كنت حاضرها ، ولم يسر سرية قط الا كنت حاضرها ، ولا غزا غزاة قط ، أول الزمان وآخره ، الا كنت فيها عن يمينه أو شماله ، وما خاف -المسلمون- أمامهم قط ، الا كنت أمامهم ، ولا خافوا وراءهم ، الا كنت وراءهم ، وما جعلت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بيني وبين العدو أبدا حتى لقي ربه )
وكان الى جانب ورعه خفيف الروح ، حاضر النكتة ، فقد رآه الرسول -صلى الله عليه وسلم- يأكل رطبا ، وكان باحدى عينيه رمد ، فقال له الرسول -صلى الله عليه وسلم- ضاحكا :( أتأكل الرطب وفي عينيك رمد ) فأجاب قائلا :( وأي بأس000؟ اني آكله بعيني الأخرى !!)000
الخصال الثلاث
قال عمر -رضي الله عنه- لصهيب :( أيٌّ رجلٍ, أنت لولا خصالٍ, ثلاث فيك ) قال :( وما هُنّ ؟) قال :( اكتنيتَ وليس لك ولد ، وانتميت إلى العرب وأنت من الروم ، وفيك سَرَفٌ في الطعام ) قال صهيب :( أمّا قولك : اكتنيتَ ولم يولد لك ، فإنّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كنّاني أبا يحيى ، وأمّا قولك : انتميت إلى العرب وأنت من الروم ، فإنّي رجل من النّمر بن قاسط ، سبتني الروم من الموصل بعد إذ أنا غلام قد عرفت نسبي ، وأمّا قولك : فيك سرفٌ في الطعام ، فإني سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول :( خياركم من أطعم الطعام)
فضله
قال رسول اللـه -صلى الله عليه وسلم- :( من كان يؤمن بالله واليوم الآخر ، فليُحبَّ صُهيباً حُبَّ الوالدة لولدها ) وقال :( لا تُبغضوا صُهيباً ) وقال الرسـول -صلى اللـه عليه وسلم- :( السٌّبّاق أربعة ، أنا سابقُ العرب ، وصهيب سابق الروم ، وسلمان سابق الفرس ، وبلال سابق الحبش )
وعندما اعتدي على أمير المؤمنين عمر -رضي الله عنه- وصى الأمير أصحابه بأن يصل بالناس صهيبا ، حتى يتم اختيار الخليفة الجديد ، فكان هذا الاختيار من تمام نعم الله على هذا العبد وكان ممن اعتزل الفتنة وأقبل على شأنه.
وفاته
توفي في المدينة في شوال عام ( 38 هـ ) رضي الله عنه وأرضاه .
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد