في سن الروضة هل يمكن تدريس لغة أخرى للطفل؟!
الإجابة عن هذا السؤال حظيت بدراسات كثيرة في البلدان الأوربية لكنها لم تنل الاهتمام الكافي في البيئة العربية برغم تنوع الآراء المؤيدة والمعارضة..
في هذا الموضوع يقول شاكر عبد العزيز الباحث بكلية التربية جامعة حلوان:
\"يشعر الطفل في سن الروضة بصعوبة كبيرة في تعلم اللغات الأجنبية.. وتؤكد دراسات كثيرة أن تعلمها في هذه السن يعوق تقدم الطفل في تعلم اللغة الأم \"اللغة العربية\"..
الاطلاع على الثقافات
والفريق المؤيد لتدريس لغة ثانية في هذه السن تقوم حججه على:
إيجاد الدافع لدى الطفل لدراسة لغة ثانية في سن مبكرة.
البدء بتعلم بعض المواد الدراسية في سن مبكرة يخفف العبء عن كاهل المتعلم فيما بعد.
توفر دراسة لغة أخرى الاطلاع على ثقافات أخرى مما يحقق تراكماً ثقافياً.
هناك مؤشرات تدل على نجاح تجربة تعليم اللغة الثانية في سن مبكرة، من وجهة نظر هذا الفريق. كذلك يقول أصحاب هذا الرأي: إن الآثار السلبية لتعليم اللغة الثانية في سن مبكرة إنما توجد حينما تكون اللغة الثانية هي لغة الأغلبية من السكان، في حين لا تحظى اللغة الأولى وهي لغة الأقلية بأي اهتمام أو دعم.
تداخل اللغات
أما الآراء المعارضة فتبني معارضتها على أسباب كثيرة أهمها:
إن تدريس اللغة الإنجليزية أو اللغة الفرنسية أو غيرها من اللغات الثانية إنما يتم على حساب اللغة الأولى وهي اللغة العربية.
إن الطفل لا يكون قد تمكن من لغته الأولى وهي العربية بل لم يتلق أي تدريب عليها فكيف يدرس لغة أخرى؟
أن اللغة التي يأتي بها الطفل إلى الروضة أو المدرسة هي اللهجة العامية.. وهي بعيدة عن اللغة العربية الفصحى في نواحٍ, كثيرة وينبغي توجيه الاهتمام إليها أولاً لا إلى غيرها.
الطفل حينما يتعلم لغتين في وقت واحد يسبب له هذا ما يُعرف باسم \"تداخل اللغات\" فهو يفكر بلغة ويتكلم بأخرى فتختلط قواعد اللغتين ومفرداتهما مما يسبب إرباكاً للطفل وضعفاً للغتين أو إحداهما على الأقل.
إن هذا الذي يجري عندنا لا يتم في أي بلد من بلدان العالم المتقدمة التي تحظر لغة أخرى بجانب لغة الطفل الأصلية إلا بعد أن يتمكن من لغة بلده، ولا يتم هذا غالباً قبل انتهاء المرحلة الابتدائية وقد يتأخر ليكون في المرحلة الثانوية.
سيزيد التلاميذ ضعفاً إلى ضعفهم في لغتهم العربية التي تعاني من ضعف واضح فيها بالفعل.
سيبعد الطالب عن القرآن الكريم وفهمه وقراءته واستيعابه لضعفه في اللغة العربية يولّد في نفوس الأبناء احتقاراً للغتهم في مجتمع لا تزال الأمية متفشية فيه.. يؤيد ذلك أن بعض الناس ينظر إلى أن أبناءه حين يتمتمون ببعض كلمات أجنبية فإن ذلك فتح وتمدن ورقي مع أن هذا هو الجهل المبين.. !
كذلك حين يطلع الأبناء على ثقافات أخرى وهم في هذه السن المبكرة ولمّا يحصنوا بعد ضد مظاهر المادية والانحلال سيترك ذلك أثراً غائراً في نفوسهم نحو ثقافتهم الوطنية فيشعرون بتخلفها وبانتمائهم إلى الحضارة الغربية فيعدونها مثلاً أعلى لهم فينشأ الطفل متمرداً على وطنه شاعراً بالغربة وعدم الانتماء، أما علتا الدافع وتخفيف المواد الدراسية فيمكن أن يتما في إطار المرحلة الإعدادية أو الثانوية ولن يؤثر ذلك في شيء منهما..
وهكذا نجد أن حجج الفريق الثاني أقوى وأكثر، ويكفي سبب واحد منها للعدول عن فكرة تدريس اللغة الثانية في مرحلة رياض الأطفال على أن يكون ذلك في المرحلة الابتدائية والإعدادية وهنا ينبغي تقديمها في ضوء متطلبات المجتمع والدين والثقافة والحاجة إليها والاعتبارات التربوية والتعليمية الأخرى التي ينبغي عدم إغفالها..
فالهدف هو استخدام اللغة لأغراض البحث والتواصل والتطور العلمي وليس الغزو الفكري أو التشبه بسلوكيات وأنماط الحضارة الغربية التي لا تتفق مع حضارتنا في كثير من توجهاتها ومنطلقاتها.
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد