أحوالنا والتربية ( 4 )


 

بسم الله الرحمن الرحيم

9 ـ الثقافة

الواقع:

أكتفي بالثقافة الكرتونيّة والـ\"بلاي ستيشن\".. يرتاح بالي عندما أرى ولدي منشغلاً بما ينفع ولا يضرّ، هو على الأقل يتسلى، ونحن الآن مرتاحون منه ومن جلبته.

لا شيءَ عندي اسمه\"جلسة مع ولدي\"لا أتحملُ تعليمَه، لا أطيقُ أسئلتَه السخيفةº فإما أن أنهرَه وإما أن أقهرَه.

لا مكتبةَ خاصّةً بطفلي في بيتي، أكسلُ عن حمله إلى حلقاتِ تحفيظ القرآن مُدَّعِياً الانشغال.

ثمَّ، ولا أسأل عن مستواه العلميّ في المدرسة، ولا أتابع مذاكرتَه وواجباتِه في البيت.

 

الخطورة:

ينشأ ابنُنا ضعيفَ العقل، خاوي الوفاض، جاهلاً، بليداً، متخلِّفا.

لا يعرفُ شيئاً عن دينه، لا يحسنُ عبادةَ ربِّه، يقيمُ على خطئه في صومه وصلاتِه، طيلةَ حياتِه.

لا يحفظ شيئاً من كتابِ ربِّه، ولو فتحَ المصحف لما فرّق بين:\"الم\"البقرة و\"ألم\"الشرح.

ومع التلفاز يُصاب الطفلُ بالبله، والسرحان، والإغراق في الخيال، أصبح يقتدي بـ\"جرانديزر ـ سوبرمان ـ باتمان ـ زورو\"º فيقفز في الهواء، ولو استطاع أن يلقي بنفسه من الدور العاشر لفعلº ليجرب، ربما يكون كهؤلاء العظماء في نظره.

يسمع الأطفال عن الحب عندما يرى الأسد الملك يغني لحبيبته، تتمنى البنت أن تكون\"سندريلا\"يبحث عنها الأمير، أو\"فُلة\"ينقذها الأمير لجمالها، وتحلم بفارس ذي جاهٍ, ومالٍ, وجمال على حصانه الأبيض ينتشلها إلى عالم الخيال والجمال، ثم تُصدَم بواقعٍ, مغاير.

يتعلم المقالب من\"توم وجيري\"ويرى الصراع حول العمودية في\"أنااستازيا\".

يحلم بالمصباح السحري كـ\"علاء الدين\"، وينتظر الجني العملاق ليحقق أحلامه، ويبحث عن خاتم سليمان وتفسد عقيدته وثقافته وحياته.

وفي المدرسة، يشرحُ المعلم لنفسِه، وابني منشغلٌ بمهامِّه العليا، يُشاغبُ، يسرَح، يأكل، يستمع إلى موسيقى، ويومَ الامتحانº لن يُهان، فوسائل الغشّ تنوعت، وهو يتابع الجديدَ ـ فقط ـ فيها.

وبمثل هذا الجيلِ المُهمَلº تهونُ البشريّ. لي نفسها، قبلَ أن تهونَ على أعدائها، نظلٌّ تابعين، أذلاءَ خاضعين، لقومٍ, ملكوا علينا أرضَنا وسماءنا وأموالَنا وأقواتَنا، نستوردُ الإبرةَ والصاروخ، الطعامَ والشراب، الملبسَ والمفرش، أدوات المطبخ وآلات المصنع، والقلم والدفتر..، نستورد العقل الإلكتروني والعقلَ البشريّ.

 

انتبه!

قم الآن لا غداً، أمسِك الورقة والقلم، اكتب:

ـ ماذا أريد لابني؟

ـ أريده قارئاً متفوِّقاً مثقَّفَ الفكر مبدِعاً.

ـ لماذا؟

ـ ليكون صالحاً في نفسِه، نافعاً لوطنِه وأمّتِه، يعملُ لتمكيِن دينِ الله.. وسيادتِه في أرضِ الله.

ـ وما خطَّتي لأحقِّقَ هدفي؟

1 ـ إذا سألني ابني عن أيِّ شيءٍ,º أجيبُه إجابةً وافيةً واضحةًً مُقنِعة، وإن لم أعرف الإجابةº أعتذر له في لطف، وأعده بالبحث، وأفي بالوعد.

 

حكاية:

سأل طفلٌ في الخامسة من عمره: من أين أتيتُ يا أمي؟ ضحكت وقالت: من\"الكرنبة\"(1).

وذات يومٍ, خرج الأب إلى سوق الخضار ومعه ابنه، وبعد انتهاء الأب من الشراءº وجد الأبُ البائعَ يصرخ في طفله: ما الذي تفعله يا ولد؟ التفت الأب:وجد ابنه قد مزّق أوراق \"الكرنب\"، صاح الأب: ما هذا؟ قال الابن: أبحثُ عن أخي الصغير.

جلس الأب مع الأم وأفهمها خطأها، فجلست الأم مع ابنهاº وقالت: كنت أمازحُك، ثم أجابت الإجابة الصحيحة.

 

2 ـ أحبِّبه في القراءة وأتدرَّجُ معه:

أحكي له حكاياتٍ, مشوِّقةً ممتعة، أهديه كتباً مصوَّرة ليَطّلعَ، ويُعلِّقَ، ويُلوِّن، وبعدها يأتي دورُ القصَّة المصوَّرة، والخيالِ العلميِّ المعقول.

 

3 ـ أُسمعه أشرطة مفيدة نافعة، فيها أناشيد وحكايات، أو أحكي له أنا في جلساتي المنتظمة معهم قصص الأنبياء والسيرة والعظماء.

 

4 ـ اكتشف موهبةَ ابنك، واعمل جاهداً على توجيهِه لتنميتِها، بطريقة:\"اعرف شيئاً عن كل شيء، واعرف كلَّ شيء عن شيء\".

 

5 ـ أُلحقُه بمراكزِ تحفيظِ القرآن، وبالدوراتِ العلميَّة بالمساجد، أما مَدرستُه.. فأُحسنُ اختيارَها، أطمئنٌّ لإخلاص القائمين على أمرِها، وحسن الخلق في طلابِها.

 

6 ـ أنظم مذاكرتَه بمساعدته على تنظيم وقتِه، وتعويدِه الجلوسَ على المكتب والمذاكرةَ الصحيحة منذ نعومة أظفارِه.

 

أضمِّن جدول مذاكرتِه:

أـ مراجعة دروس اليوم.

ب ـ حلّ تمرينات هذه الدروس.

ج ـ تحضير دروس الغد.

د ـ مراجعة مادة أو أكثر مراجعةً شاملة.

ولن أنسى التحفيز والتشجيعº ليواصل ولدي الاجتهاد التفوق.

 

7 ـ أعلِّمُ ابني عن طريق الممارسةِ والتجريب، كالتجارب العلمية والجغرافية، مثل: تجربة انتقال الظلº بوضع قلم في كرتونة وتعريضه للشمس مع رسم الظل كل ساعة.

 

8 ـ أجعل للثقافة السياسية لابني نصيباً، أشجعه لمتابعة أخبار المسلمين، أحثه على المشاركة في مجلس الفصل والاتحادات الطلابيةº ليصل إلى الانتخابات المحلية والبرلمانية.

 

9 ـ أنقِّي عقلَ ابني من بعض المفاهيم والأفكارِ الخاطئة التي تؤثرُ على تقدٌّم طالب العلم وتصدٌّرِه، مثل: التعصب، الكبر، غلبة العاطفة، التأثر بالشائعات، الرؤية الجزئية، اليأس عند عدم الوصول، العجز عن مواصلة العمل.

 

10 ـ ومن أول يوم يستهل فيه الطفل إلى الحياةº أختارُ إحدى الشخصيات العظيمة، وأدرس حياته، وأستوعبُ سيرتَه، ثم، أبدأ مع طفلي أولى خطواتِه، سائراً على خطا قدوتي وقدوتِه رسول الله - صلى الله عليه وسلم-.

(أولئك الذين هدى الله فبهداهم اقتده).

 

ــــــــــــــــــــــــــــــ

(1): له ساق قصيرة وبرعم في الرأس، يلتف ورقه بعضه على بعض، وينبت في المناطق المعتدلة، ويسمى في الشام: الملفوف.

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply