بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
كثيراً ما تتردد هذه العبارة "هذه مسألة خلافية، هذه مسألة اختلف فيها الفقهاء"….إلخ.
ولا نزاع في أن هناك من المسائل ما هي مسائل خلاف واجتهاد بين أهل العلم، وكلام أهل العلم حول مسائل الخلاف والاجتهاد معروف قديماً وحديثاً، لكنها تثار اليوم بصورة تخرجها من إطار البحث في مسائل الاجتهاد والخلاف:
- فهي في الأغلب تثار حول قضايا لها بعد اجتماعي أو فكري، وليس المقصود الخلاف الفقهي البحت، فكثير من المستغربين على سبيل المثال: يثيرون مسائل تتعلق بالمرأة مما نقل فيها خلاف بين أهل العلم، والدافع لذلك أبعد من مجرد الخلاف الفقهي، بل هو تكأة للتغريب سرعان ما يتجاوزون المسألة محل الخلاف إلى ما لا خلاف في تحريمه ومنعه..
- أنها تثار من قبل فئام من الناس ليسوا من أهل العلم والفقه، ولا ممن يفقهون البحث في المسائل الشرعية، إنما يتصيدون من أقوال الفقهاء ما يتسق مع أهوائهم.
- أنها في الأغلب لا تقتصر على مناطها، فالخلاف الفقهي يتخذ ذريعة لتنزيله على دائرة أوسع.
ومما ينبغي تقريره في هذه العجالة:
- أن هناك فرقاً بين مسائل الخلاف ومسائل الاجتهاد، فليست كل مسألة نقل فيها خلاف بين أهل العلم تعد من المسائل التي لا إنكار فيها، بل ذلك في مسائل الاجتهاد. قال ابن القيم رحمه الله: "وقولهم إن مسائل الخلاف لا إنكار فيها ليس بصحيح فإن الإنكار إما أن يتوجه إلى القول والفتوى، أو العمل، أما الأول فإذا كان القول يخالف سنة أو إجماعاً شائعاً وجب إنكاره اتفاقاً….. وإنما دخل هذا اللبس من جهة أن القائل يعتقد أن مسائل الخلاف هي مسائل الاجتهاد كما اعتقد ذلك طوائف من الناس ممن ليس لهم تحقيق في العلم والصواب ما عليه الأئمة أن مسائل الاجتهاد ما لم يكن فيها دليل يجب العمل به وجوباً ظاهراً مثل حديث صحيح لا معارض له من جنسه… والمسائل التي اختلف فيها السلف والخلف وقد تيقنا صحة أحد القولين فيها كثير".
- أن المرجع في ذلك كله إلى نصوص الكتاب والسنة، فمتى صح الدليل وجب الرجوع إليه والأخذ به ولم يسغ اتباع القول الآخر بحجة الخلاف في المسألة. وحين ترد السنة الصحيحة الثابتة عن النبي -صلى الله عليه وسلم- لأجل أن هناك من خالف في هذه المسألة فهذا يلزم منه أن أقوال النبي -صلى الله عليه وسلم- وأوامره لا تكتسب شرعيتها إلا حين يتفق عليها الناس، فمخالفة أحد لها -أيا كان سبب ذلك- ينزع عنها هذه الشرعية، ويجعل الأمر واسعاً، وهذا مسلك خطير يحتاج صاحبه إلى أن يراجع إيمانه.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد والحمد لله رب العالمين
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد