أجيالنا بين الواقع و الأمل المنشود 1-2


 

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك، وأصلي على نبيه محمد و آله وصحبه أجمعين، وبعد،،،

إخوتاه .. أجيالنا بين الواقع والأمل المنشود، قضية تثير الأسى، والكلام عنها ذو شجون، فإنَّ الصحوة الإسلامية منذ بدأت وهي تهفو لإيجاد جيل \' التمكين \' الذي:

وعد الله:} وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ ءَامَنُوا مِنكُم وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَستَخلِفَنَّهُم فِي الأَرضِ كَمَا استَخلَفَ الَّذِينَ مِن قَبلِهِم وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُم دِينَهُمُ الَّذِي ارتَضَى لَهُم وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِن بَعدِ خَوفِهِم أَمنًا يَعبُدُونَنِي لَا يُشرِكُونَ بِي شَيئًا...[55] {[سورة النور].

الجيل الذي وعدنا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ- بِقَولِهِ: [بَشِّر هَذِهِ الأُمَّةَ بِالسَّنَاءِ وَالرِّفعَةِ وَالدِّينِ وَالنَّصرِ وَالتَّمكِينِ فِي الأَرضِ...] رواه أحمد وصححه الألباني.

وكلما أتى جيل ترقب أن تكون النصرة فيمن يليه، فإذا الجيل الناشيء أسوأ ممن كان قبله، قالوا: لعل الأبناء الذين سينشئون في بيت الملتزمين تأتي النصرة على أيديهم، فإذا الأولاد أسوأ من الآباءº ذلك لأنَّ الآباء لم يربوا تربية إسلامية صحيحة، ولأنَّ الالتزام الأجوف صار ظاهرة مريرة، وصارت كل معاني الالتزام مبتسرة في المظهرº فضاع الجوهر، وحقيقة الأمر على أنَّ الدين كلٌ واحدٌ:} يَاأَيٌّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا ادخُلُوا فِي السِّلمِ كَافَّةً...[208] {[سورة البقرة] . أي: الإسلام، فالاهتمام بالجانبين حتم لازم: فمظهر يدل على جوهر، وجوهر يدلل عليه حسن المظهر، عقيدة راسخة وإيمان قوي يصدقه عمل وطاعة لله، يقين بالله وحسن توكل عليه يفرز عبادة وقربات إلى الله، توحيد بالله وإخلاص يشده إتباع للنبي - صلى الله عليه وسلم-، وتمسك بسنته، تزكية للنفوس وتربية للقلوب تنتج برًا وحسن خلق.

كذا كان الأمل المنشود أن يستوعب أهل الصحوة حقيقة تلك الأمور في حياتهم، وعند تربيتهم لأولادهم، ولكن يبدو أنَّ المفاهيم اختلطت، ومع كثرة الجدل ونفث الأعداء للشبهاتº ضاعت الحقيقة، وتعددت المناهج، وكان يقال بالأمس: إنَّ الأهداف مشتركة والوسائل مختلفة، وإنَّي لأجزم الآن بأنَّ الأهداف بين أهل الصحوة قد اختلفت، ساعد على ذلك اختلاف المنابع والمشارب، لذلك دعونا الآن نطرح هذه القضية من جديد، بداية من تحديد الأهداف وجلائها ووضوحها عند الجميع، مرورًا بتفسير الواقع ودراسة الظواهر السلبية، واقتراحات العلاج سائلين الله تعالى الهداية والتوفيق والرشاد !

أولاً: الهدف المنشود: تحديد الهدف هو أصل هذا الإشكال، فكثير من الشباب يعيشون اليوم بلا هدف، يجب على المسلم المعاصر أن يجعل له هدفاً محدداً، أن يجعل لوجوده غاية عظمى، أن يجعل لحياته رسالة سامية .. إننا ما لم تتجسد في حياتنا قيم الإسلام ومثله العليا.. إذا لم يصبح الإسلام مقياس كل حكم ومفتاح كل قضية، ومصدر كل تصور عندناº فلن يطول الزمن حتى يميل بنا الهوىº لأننا نعيش في مجتمع جاهلي لا يمتٌّ إلى جوهر الدين بصلة، في مجتمع بعيد عن القيم، تعطلت فيه كل حواس الخير، ازدحمت فيه عوامل الإفساد، فإن لم يكن شبابنا على قدر كبير من العقيدة وسمو الخلق، وقوة الإيمانº فإنهم سيضيعون حتماً لا محالة. نعم ! إن لم تكونوا ـ إخوتي الشباب ـ مُهَدِّفِينَ حياتكم، شديدي المحاسبة لأنفسكم، دائمي المراقبة لربكمº فستزل بكم الأقدام بعد ثبوتها، فإن لم تكونوا متورعين عن الشبهات، مقبلين على الطاعات، حريصين على النوافل والعبادات º فستصابون حتماً بلوثات هذا المجتمع الذي تعيشون فيه، وسيصيبكم نصيب كبير من شذوذه وانحرافه، فما أنتم إلا جزء من هذا المجتمع . فلا يجوز للمسلم المعاصر الذي يعيش التحدي العالمي الكبير، أن يعيش هكذا ضائعاً، أو مشغولاً بالطعام والشراب والجنس والشهوة ..لا ينبغي أن يكون شعاره في الدنيا قول الشاعر :

إنما الحياة طعام وشراب ومنام          فإن فاتك هذه فعلى الدنيا السلام

فالمسلم صاحب رسالة، صاحب هدف، يجعل حياته وقفاً على هدفه، ولسان حاله:

يهون علينا في المعالي نفوسنا         ومن يخطب الحسناء لم يغله المهر

 

ما هدفنا إذن؟ القرآن يهدِّف حياتك، ويدلك على الوسائل لتحقيق هذا الهدف في عبارات جامعة كافية: يقول تعالى:} يَاأَيٌّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا اركَعُوا وَاسجُدُوا وَاعبُدُوا رَبَّكُم وَافعَلُوا الخَيرَ لَعَلَّكُم تُفلِحُونَ[77]وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ هُوَ اجتَبَاكُم وَمَا جَعَلَ عَلَيكُم فِي الدِّينِ مِن حَرَجٍ, مِلَّةَ أَبِيكُم إِبرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ المُسلِمِينَ مِن قَبلُ وَفِي هَذَا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيدًا عَلَيكُم وَتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَءَاتُوا الزَّكَاةَ وَاعتَصِمُوا بِاللَّهِ هُوَ مَولَاكُم فَنِعمَ المَولَى وَنِعمَ النَّصِيرُ[78] {[سورة الحج].

هذا هو هدفك نص عليه القرآن:}وَتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ...[78] {[سورة الحج].

إن أخطر ما في قضية اليوم أن المسلمين صار في قلوبهم شعور أن في هذه الدنيا من هو أفضل منهم، وهو أخطر ما يحطم القلب، كثيراً ما أحرص وأقول لكم:أفضل من على ظهر الأرض أنتم ومن مثلكم، ينبغي أن تعتقدوا هذا، ورضي الله عن عمر حين قال:\' كنا أذل قوم، فأعزنا الله بالإسلام، فمهما ابتغينا العزة في غيره أذلنا الله \' . } الَّذِينَ يَتَّخِذُونَ الكَافِرِينَ أَولِيَاءَ مِن دُونِ المُؤمِنِينَ أَيَبتَغُونَ عِندَهُمُ العِزَّةَ فَإِنَّ العِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا[139] {[سورة النساء] . إننا ينبغي أن نوقن بذلك، أن نعيش لذلك، أننا شهداء على الناس .

هل عرفتم هدفكم؟ هدفك: دينك لحمك دمك وإن قتلت أو حرقت، فإننا لا نعيش لأنفسنا بل نعيش لديننا، هذا هدفي .

أما الغاية: فهي رضا الله والجنة .

والسؤال الآن: كيف أصبح صاحب هدف ؟ كيف أجعل الإسلام قطب الرحى في حياتي ؟ تحقق ذلك بأمور:

التركيز في الهدف و تعلق القلب به: فلابد أولاً من التركيز في الهدف، حين تركز في الهدف، فيصبح الإسلام غاية تتراءى لك، فسوف يحدث انقلاباً جذرياً في حياتك، وتعالوا نصدق مع أنفسنا: هل نحن نعيش لله أم لأنفسنا أم لأنفسنا ولله ؟!! لماذا الإسلام ليس على بالك ؟ لماذا التمكين ليس في رأسك ؟

ماذا تريد الآن، سل نفسك هذا السؤال، ما الذي يدور بخلدك؟ ما هي أحلامك وطموحاتك؟ ماذا تنشد؟ إنك ـ وللأسف ـ تريد أن تملك شقة واسعة، وزوجة جميلة، ومرتباً عالياً، وسيارة فارهة، تريد ملابس جميلة، تريد أن يكون لك احترام وتوقير عند الناس، أليست هذه وغيرها من الفانيات هي آمال السواد الأعظم من المسلمين اليوم؟! فكيف بالله تتكلمون عن نصرة وتمكين، إنها مجرد خواطر عابرة، أو حماسات قلبية سرعان ما تفتر أمام مغريات الدنيا الزائلة. نعم، صارت هذه همومنا، آمالنا، أحلامنا.

أمَّا النبي - صلى الله عليه وسلم - فكان هدفه نشر الدين، وكان يربط قلوب صحابته - رضوان الله عليهم - بهذا الهدف بحيث لا يفارقهم:

ففي غزوة الأحزاب التي يقول عنها ربنا:} إِذ جَاءُوكُم مِن فَوقِكُم وَمِن أَسفَلَ مِنكُم وَإِذ زَاغَتِ الأَبصَارُ وَبَلَغَتِ القُلُوبُ الحَنَاجِرَ وَتَظُنٌّونَ بِاللَّهِ الظٌّنُونَا[10]هُنَالِكَ ابتُلِيَ المُؤمِنُونَ وَزُلزِلُوا زِلزَالًا شَدِيدًا[11] {[سورة الأحزاب]. عرضت للصحابة صخرة فلم تنفع فيها المعاول: فَجَاءَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - فَأَخَذَ المِعوَلَ فَقَالَ :[ بِسمِ اللَّهِ] فَضَرَبَ ضَربَةً فَكَسَرَ ثُلُثَ الحَجَرِ وَقَالَ: [اللَّهُ أَكبَرُ أُعطِيتُ مَفَاتِيحَ الشَّامِ وَاللَّهِ إِنِّي لَأُبصِرُ قُصُورَهَا الحُمرَ مِن مَكَانِي] ثُمَّ قَالَ :[ بِسمِ اللَّهِ] وَضَرَبَ أُخرَى فَكَسَرَ ثُلُثَ الحَجَرِ فَقَالَ:[اللَّهُ أَكبَرُ أُعطِيتُ مَفَاتِيحَ فَارِسَ وَاللَّهِ إِنِّي لَأُبصِرُ المَدَائِنَ وَأُبصِرُ قَصرَهَا الأَبيَضَ مِن مَكَانِي هَذَا] ثُمَّ قَالَ: [ بِسمِ اللَّهِ] وَضَرَبَ ضَربَةً أُخرَى فَقَلَعَ بَقِيَّةَ الحَجَرِ فَقَالَ: [ اللَّهُ أَكبَرُ أُعطِيتُ مَفَاتِيحَ اليَمَنِ وَاللَّهِ إِنِّي لَأُبصِرُ أَبوَابَ صَنعَاءَ مِن مَكَانِي هَذَا] رواه أحمد .

قلبه - صلى الله عليه وسلم - متعلق بالهدف، يحفر الخندق وهم محاصرون خائفون قد أضرَّ بهم زمهرير البرد، وهو ينظر إلى قصور الشام والمدائن واليمن، أعرفت كيف ربى النبي أصحابه وفي أشد الصعاب جعل مفتاح النصر هو تعلق القلب بالهدف، واليقين بأنَّ الله ما كان مخلف وعده رسله، والثبات والصبر الذي هو ثمرة الاعتقاد الجازم .

أن يعيش حياته طبقاً لهدفه : إذا كان الإسلام عزيزاً عليكم، وإذا كنتم قد جعلتموه هدفكم الذي تعيشون من أجله، وتموتون من أجله، فيلزمكم أن تجعلوا علاقاتكم وأعمالكم ومشاغلكم اليومية تتفق وتتطابق مع الإسلام في حياتكم العملية، وألا يوجد بين معيشتكم وبين هدفكم أي نوع من التضارب أو التضاد.. أن تعيش حياتك للإسلام، فإنَّ الذين يعيشون اليوم باسم الإسلام لا يحتاجون مجرد إرشادهم ووعظهم وتذكيرهم، وإصدار الصحف والنشرات لهم º بل يحتاجون من ينتشلهم من الجاهلية التي تضغط على حسهم بالأمر الواقعº ليعيشوا الإسلام حقيقة لا ليتمنوه، ولا ليعجبوا به، ولا ليتكلموا عنه، بل ليعيشوه، نريد أن نعيش الإسلام عيشة حقيقية، أن نعيش الحياة كما عاشها النبي - صلى الله عليه وسلم-، كما رسمها لنا، نعيش لله، فالطعام والشراب للتقوي على طاعة الله وعبادته، وطلب الرزق للكفاف، والزواج عفة وإحصان من غوائل الشيطان، وفي بضع أحدكم صدقة، والأخلاق السمحة أصل في التعامل مع الناس برهم وفاجرهم، وعلو الهمة صفة لازمة، وطلب العلم من المهد إلى اللحد، والعبادة قربة:}...اسجُد وَاقتَرِب[19]{ [سورة العلق]. فاستكثر من الوصال، إنها حياة واقعية إلى أبعد حد، ولكن الشيطان يثبطنا عنها ويصعبها لنا، فيطرد عن ذهنك إرادتها، فاستعينوا بالله ولا تعجزوا، فالأمر بالله جد يسير .

من علامات من يعيش وفق هدفه:

أن يزيح من أمامه كل ما عارض هذا الهدف: إنها التصفية والتخليةº لذلك قال - صلى الله عليه وسلم-: [...أَلَا كُلٌّ شَيءٍ, مِن أَمرِ الجَاهِلِيَّةِ تَحتَ قَدَمَيَّ مَوضُوعٌ...] رواه مسلم .

فإذا عشت الإسلام، فكل ما يعارضه فتحت النعل، لابد أن يكون الأمر هكذا، فلا تنشغل بالترهات والشبهات التي ينفث بها أعداء الإسلام من حين لآخر، ولا تستوقفك الدنايا، ولا تُعر اهتمامًا بأصحاب الدنيا وخلانها، ولا تقع في وحل شهوة دنية، وخذ الأمر بعزة وكبرياء المؤمن، فمستقبلك معرض للخطر مع كثرة الالتفات، تجاوز تلك العقبات، فأعلى الناس منزلة عند الله أكثرهم استقامة على أهدافهم، الذين لا يلتفتون بوجوههم لأي عارض، وعلى هذا فكن فإنَّ هذا سيقطع علينا من البداية الخوض في مشاكل كثيرة، فبهذه العزيمة، والهمة العالية، والاعتزاز بالانتماء لهذا الدينº ستتخلص من عقبات كثيرة، كل منها قد يودي بك ويقطع عنك السبيل إلى ربك لو تمهلت ونظرت فالتفتت فحذار حذار . 

الاستعداد الجاد والمراقبة المستمرة: المسلم الذي يريد أن ينصر دينه، صاحب هدف غالٍ,، إنَّ هذا الهدف النبيل يحتاج منك أن تراقب نشاطاتك، فأي كلام، أو أي حركات، أو أي سكنات تنافي الإسلام º فيجب أن تتخلص منها، وإلا فإن الإنسان إن لم يراقب حركاته وسكناته º فإنَّه من الممكن أن يجد نفسه في هذه الدنيا داخل شباك، يبدو في الظاهر أنه يعيش، إلا أنه في الحقيقة قد انتحر، وقتل هدفه .

إن الحياة الطيبة هي أن تحيا لهدفك، أن تعيش لله رب العالمين:} قُل إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ العَالَمِينَ[162]لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرتُ وَأَنَا أَوَّلُ المُسلِمِينَ[163]{ [سورة الأنعام] . نريدك أن تعيش لله، نريدك رجلاً بحق، وليكن شعارك: [مَا لِي وَمَا لِلدٌّنيَا مَا أَنَا فِي الدٌّنيَا إِلَّا كَرَاكِبٍ, استَظَلَّ تَحتَ شَجَرَةٍ, ثُمَّ رَاحَ وَتَرَكَهَا] رواه الترمذي وابن ماجة وأحمد .

وجود روح الهدف:ما أحوجنا لوجود روح الهدف في العمل، فهناك فرق كبير بين العمل الذي يخرج من خلال عاطفة الدعوة لدين الله، وبين العمل الذي يتم بصورة تقليدية، أو مجرد أداء الواجب، إننا في هذا العصر قد رضينا بعبادات تحولت إلى عادات، صرنا نؤدي الصلاة بطريقة روتينية، نحتاج إلى وجود روح.. إلى حماسة القلب، قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ-: [إِنَّ اللَّهَ لَا يَنظُرُ إِلَى صُوَرِكُم وَأَموَالِكُم وَلَكِن يَنظُرُ إِلَى قُلُوبِكُم وَأَعمَالِكُم] رواه مسلم. فيا عجباً ممن يهتم بوجهه الذي هو نظر الخَلق فيغسله، وينظفه، ويزينه بما أمكن لئلا يطَّلع فيه مخلوق على عيب، ولا يهتم بقلبه الذي هو محل نظر الخالق فيطهره ويزينه لئلا يطلع ربه على دنس أو غيره فيه !

إخوتاه .. ليست الضجة الشكلية للعمل هي المطلوبة، قال تعالى:} لَن يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلَا دِمَاؤُهَا وَلَكِن يَنَالُهُ التَّقوَى مِنكُم...[37] {[سورة الحج] . ينبغي أثناء العمل أن تتحرك مشاعرنا بقدر ما تعتلج هذه الأعمال في مكنونات نفوسنا، الغذاء الحسي الذي تناله قلوبنا وأرواحنا هو هدفنا الأساسي، حين ينبض الهدف بالحياةº يصبح العمل حياً، وحين يموت الهدف يصبح العمل لا روح فيه .

إخوتاه .. إن مجرد فهم الإنسان للهدف واطمئنانه بصحته عقلاً إنما هو خطوة البداية بسلوك هذا الطريق، وهي وحدها لا تسمن ولا تغني من جوع، إلا أن يكون في قلبك نارٌ متقدة لنصرة الدين، تكون على الأقل في ضرامها مثل تلك النار التي توجد في قلب أحدكم حين يجد ابناً له مريضاً، فلا يدعه حتى يسرع به إلى الطبيب، الأمة مريضة، إنني أريد أن توقد في قلوبكم نار، نار الإسلام، الغيرة على الإسلام وللإسلام، هذه النار تأكل مشاغلكم عن الإسلام، وكما قالوا:\' حب الله: نارٌ في القلب تأكل كل ما سوى المحبوب\' نعم نارٌ تأكل كل ما سوى الهدف

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply