مواعظ قصيرة لابن الجوزي (3)


 

بسم الله الرحمن الرحيم

 

41- كيف يفرح بالدنيا من يومه يهدم شهره، و شهره يهدم سنته، و سنته تهدم عمره، كيف يلهو من يقوده عمره إلى اجله، وحياته على موته.

 42- إخواني: الدنيا في إدبار، و أهلها منها في استكثار، و الزارع فيها غير التقى لا يحصد إلا الندم.

 43- ويحك! أنت في القبر محصور إلى أن ينفخ في الصور، ثم راكب أو مجرور، حزين أو مسرور، مطلق أو مأسور، فما هذا اللهو و الغرور!

 44- بأي عين تراني يا من بارزني و عصاني، بأي وجه تلقاني، يا من نسي عظمة شأني، خاب المحجوبون عني، و هلك المبعدون مني.

 45- يا هذا زاحم باجتهادك المتقين، و سر في سرب أهل اليقين، هل القوم إلا رجال طرقوا باب التوفيق ففتح لهم، و ما نيأس لك من ذلك.

 46- ألا رُب فرح بما يؤتى قد خرج اسمه مع الموتى، ألا رُب معرض عن سبيل رشده، قد آن أوان شق لحده، ألا رُب ساع في جمع حطامه، قد دنا تشتيت عظامه، ألا رُب مُجد في تحصيل لذاته، قد آن خراب ذاته

 47- يا مضيعاً اليوم تضييعه أمس، تيقظ ويحك فقد قتلت النفس، و تنبه للسعود فإلى كم نحس، و احفظ بقية العمر، فقد بعت الماضي بالبخس.

 48- عينك مطلقة في الحرام، و لسانك منبسط في الآثام، و لأقدامك على الذنوب إقدام، و الكل مثبت في الديوان.

 49- كانوا يتقون الشرك و المعاصي، و يجتمعون على الأمر بالخير و التواصي، و يحذرون يوم الأخذ بالأقدام والنواصي، فاجتهد في لحاقهم أيها العاصي، قبل أن تبغتك المنون.

 50- أذبلوا الشفاه يطلبون الشفاء بالصيام، و أنصبوا لما انتصبوا الأجساد يخافون المعاد بالقيام، وحفظوا الألسنة عما لا يعني عن فضول الكلام، و أناخوا على باب الرجاء في الدجى إذا سجى الظلام، فأنشبوا مخاليب طمعهم في العفو، فإذا الأظافير ظافرة.

 51- يا مقيمين سترحلون، يا غافلين عن الرحيل ستظعنون، يا مستقرين ما تتركون، أراكم متوطنين تأمنون المنون.

52- وعظ أعرابي ابنه فقال: أي بني إنه من خاف الموت بادر الفوت، و من لم يكبح نفسه عن الشهوات أسرعت به التبعات، و الجنة و النار أمامك.

53- يا له من يوم لا كالأيام، تيقظ فيه من غفل و نام، و يحزن كل من فرح بالآثام، وتيقن أن أحلى ما كان فيه أحلام، واعجباً لضحك نفس البكاء أولى بها.

54- إن النفس إذا أُطمعت طمعت، و إذا أُقنعت باليسير قنعت، فإذا أردت صلاحها فاحبس لسانها عن فضول كلامها، و غُض طرفها عن محرم نظراتها، و كُف كفها عن مؤذي شهواتها، إن شئت أن تسعى لها في نجاتها.

55- علامة الاستدراج: العمى عن عيوب النفس، ما ملكها عبد إلا عز، و ما ملكت عبداً غلا ذل.

56- ميزان العدل يوم القيامة تبين فيه الذرة، فيجزى العبد على الكلمة قالها في الخير، و النظرة نظرها في الشر، فيا من زاده من الخير طفيف، احذر ميزان عدل لا يحيف.

57- سمع سليمان بن عبد الملك صوت الرعد فانزعج، فقال له عمر بن عبد العزيز: يا أمير المؤمنين هذا صوت رحمته فكيف بصوت عذابه؟

58- يا من أجدبت أرض قلبه، متى تهب ريح المواعظ فتثير سحاباً، فيه رعود و تخويف، و بروق و خشية، فتقع قطرة على صخرة القلب فيتروى و يُنبت.

59- قال بعض السلف: إذا نطقت فاذكر من يسمع، و إذا نظرت فاذكر من يرى، و إذا عزمت فاذكر من يعلم.

60- قال سفيان الثوري يوماً لأصحابه: أخبروني لو كان معكم من يرفع الحديث إلى السلطان أكنتم تتكلمون بشيء؟ قالوا: لا، قال، فإن معكم من يرفع الحديث إلى الله - عز وجل -.

61- كلامك مكتوب، و قولك محسوب، و أنت يا هذا مطلوب، و لك ذنوب و ما تتوب، و شمس الحياة قد أخذت في الغروب فما أقسى قلبك من بين القلوب.

 

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply