بسم الله الرحمن الرحيم
اقرأ وانظر: أين أنت؟ فقد تُظهر أسارير الفرح .. أو تَتجهم حزيناً
الناس عامة والشباب خاصة: ما بين قوة النظر والإدراك .. وضعف البصيرة ..
فقوة النظر: تخلق شدة الرغبة، وعزيمة النشاط والإقبال على طلب العلم والعمل النافع وتكوين شخصية سوية متكاملة ..
وضعف البصيرة: تخلق الكره للحقائق والمعاني الفاضلة .. والتواني عنها والقعود دونها والإقبال على الشهوات العاجلة ولو كانت حقيرة والرضا بمحدودية العقل والجمود الفكري ..
..............
ومن هنا تدرك الفارق بين الشباب:
· فهذا شاب: مغتور مغلوب مُغَيَّب لا يتصرف بنفسه محبوس عن نفع نفسه من قبل أقرانه وأصدقائه ..وذاك شاب: مُتَمنع حصين القلب، لا صديق له إلا من صدقه ونفعه .. يقود نفسه نحو مستقبل مشرق ..
· وهذا شاب حين يسمع كلمة العلم طائرة في الهواء يخفض رأسه عنها حتى لا يسمعها كأنها حجر قاتل .. وذاك شاب يرى كلمة العلم كطائر لذيذ الطعم يسارع إلى اصطياده قبل أن يفوت، يحب كلمات العلم ويترصد لها بسمع
مصغٍ, وقلبٍ, واع، وقلم سيَّال، ونفس مشتاقة وولهة ..
· وهذا شاب: مقتول النفس.. حبب إليه متعة الكسل والإهمال واللعب ..يحرق نفسه بارتكاب الحماقات وإهلاك نفسه وتدمير مستقبله .. يعيش بين الناس ومعهم في أماكن العلم والعمل .. لكنه كميت لا تزيده الأيام إلا حمقاً وجهلاً وشراً .. وذاك شاب حي: يعيش متعة عقله يستمتع بمداد العلم والتفكر والعمل .. كل يوم يزيد نمواً وإشراقاً في
عقله وعلمه وتربيته ..
· وهذا شاب: يحتقر الوقت وهو أهون الهينات في نفسه فيقتله بالفراغ ويقتله بالتلاعب والتشاغل .. وذاك شاب: يرى الوقت هو الحياة .. يراه نبظات قلبه .. يراه طعامه وشرابه .. ويراه هواءه ومتنفسه، ويراه نور عينيه .. فيستغله في علم وعمل وفي راحة واستجمام .. وجلسة مع الفضلاء ..
· وهذا الشاب ضعيف البصيرة: أصبح عبرة ليفرح قوي النظر بنعمة الله عليه وتفضيله إياه ويحمد الله على ذلك ..
· وهذا الشاب ضعيف البصيرة حطم نفسه ليكون خلف قوي النظر رزقه ما فضل عنه فما عافته نفس قوي النظر فرحت
به نفس ضعيف البصيرة .. في كل أمور الحياة ..
· وهذا الشاب ضعيف البصيرة: يمد يده إلى قوي النظر فيتصدق عليه ويمن عليه بعطاء من صدقاته ومكرماته..
· وهذا الشاب ضعيف البصيرة: قد هيأ نفسه ليكون خادمًا في المستقبل للشاب الآخر قوي النظر ..ليخدمه في
أمور يترفع عنها ولا يدنس نفسه فيها ..
· وهذا الشاب: ضعيف البصيرة: يعيش كأراذل الحيوانات أو الحشرات معاشها الأقذار والأوساخ، وينحط في
الجحور ويلتصق بالتراب لارتكابه الفواحش .. وتناوله الممنوعات .. والمضرات ..
وذاك شاب: يعيش كأطهر النسمات، هو حمامة: السلام والأمان تحلق في السماء وهو بلبل: مغرد بأصوات الخير والفضائل، وهو نحلة: جناها عسل المكرمات، وهو جمل: يبلغ الغايات وحصان: يسابق إلى القيادة والريادة الفكرية والعملية..
· وهذا شاب: تعيش أسرته وأبوه خجلاً ومهانة، ويحذر الناس اقترانهم بهم والزواج منهم من سوء تصرفات ابنهم
، و ذاك شاب: يعيش أبوه رافع الرأس بين الناس مغتبطاً بابنه مسروراً يتسابق الناس لخطبة بناته ..
· وهذا شاب: اختلطت أوراقه وجُهل أمره لسوء عنايته بنفسه، وتخلفه عن الخير.. فقد تتصوره غبياً، وقد تتصوره معتوها مخبولاً، وقد تتصوره دنيئاً لا همة له، إلا في الساقطات وقد تتصوره محطم الشخصية لسوء التربية أو
لاستيلاء أصدقائه على إرادته وعزيمته .. وذاك شاب: ترى فيه النجابة والذكاء والحيوية والفخامة
والطموح .. عقلاً مستنيراً وقلباً صبوراً وجمالاً في الأخلاق ووقاراً وحسن سمت وأدب جم ..
· وهذا شاب: يعيش بظلمات جهله وشهوات فرجه، وقصور عقله منحط إلى الشهوات والغفلات والتافهات .. تفوح منه روائح نتنة من الجهل والحمق والرذائل والخسة والنذالة يتنعم بكل قبيح من الأقوال والأفعال .. في قلبه الكبر فيعجب بشخصيته الوقحة، وعقله القاصر .. يؤذي مجتمعه بكثرة الطيش و الحماقات، وسرعة الغضب ..قد خلق لنفسه واقعا مراً.. سطحية في أمور الحياة عامة، وكرهاً ومهانة عند الناس ..وذاك شاب: عليه حلية العلم والعقل والأدب يتجمل بها، ومهابة يُحترم بها .. يعيش بأنوار عقله ونضوج مداركه وقدراته، كل مجال له قدرة عليه، ومعرفة به، وكل مهارة له نصيب منها يعيش قلباً محباً للعلم والعمل متطلعاً لمستقبل باهر ومكانة سامية، ويعيش نجابة وصفاءً في النفس لا كدر فيها ولا هم ولا غم .. تفوح منه روائح العطر بكلمات العقل الرصينة وشذا العلم مع إشراقة الأدب، وجمال التدين .. قد خلق لنفسه واقعا رفيعا من الثقافة المميزة ورفعة الفهم وحسن التصور للأمور ومستوى مميزا فيما يطرحه ويناقشه في المجالس .. له حب قد زرعه في قلوب الناس ..
وكل ما سبق يصوره الشاعر بقوله:
ذو العقل يشقى بالنعيم بعقله ***** وأخو الجهالة بالشقاوة ينعم
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد