بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
ذكر شيخنا الشيخ ابن عثيمين - رحمه الله - في تفسيره لسورة البقرة ج 1 ص 95
أن أهل الجنة لا يمنون لأن المني إنما خلق في الدنيا لبقاء النسل لكن في الآخرة لا يحتاجون لذلك.
والسؤال هو:
هل يفيدنا المشايخ هنا وطلبة العلم بمزيد حول هذه المعلومة التي ذكرها شيخنا - رحمه الله - وهل سبقه أحد فيها؟
الجواب:
أورد ابن القيم في " حادي الأرواح إلى بلاد الأفراح " (ص 307 - 311)، في " الباب الخامس والخمسون في ذكر نكاح أهل الجنة ووطئهم والتذاذهم بذلك أكمل لذة ونزاهة ذلك عن المذي والمني والضعف، وأنه لا يوجب الغسل".
وقد أورد أحاديثاً تتعلق بموضوع المني في الجنة وهي:
1. عن أبي أمامة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سئل: أيجامع أهل الجنة؟ قال: دحما دحما، ولكن لا مَنَّي ولا مَنِّية.
قال ابن القيم: وهاشم وخالد، وإن تُكلم فيهما فليس الاعتماد عليهما. ا. هـ.
روى هذا الحديث الطبراني في " الكبير " (7479)، والبيهقي في " البعث والنشور " (367) وقال: تفرد به خالد بن يزيد، وليس بالقوي. ا. هـ.
وجاء من طريق آخر عن أبي أمامة عند أبي نعيم في " صفة الجنة " (366)، والبزار (3524) وقال: عمارة لا نعلم حدث عنه إلا عبد الرحمن بن زياد، وعبد الرحمن كان حسن العقل، ولكنه وقع على شيوخ مجاهيل فحدث عنهم بأحاديث مناكير فضُعف حديثه، وهذا مما ينكر عليه ولم يشاركه فيه غيره. ا. هـ.
ولفظه: سئل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - هل ينكح أهل الجنة؟ قال: إي والذي بعثني بالحق دحما دحما، وأشار بيده، ولكن لا مني ولا منية.
قال ابن القيم: " لا مني ولا منية ": لا إنزال ولا موت. ا. هـ.
2. وعن محمد بن كعب القرظي عن رجل من الأنصار عن أبي هريرة قال: حدثنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو في طائفة من أصحابه، فذكر حديث الصور بطوله إلى أن قال:.... والذي بعثني بالحق! ما أنتم في الدنيا بأعرف بأزواجكم ومساكنكم من أهل الجنة بأزواجهم ومساكنهم، فيدخل رجل منهم على اثنتين وسبعين زوجة مما ينشئ الله، وثنتين من ولد آدم، لهما فضل على من أنشأ الله لعبادتهما الله في الدنيا، يدخل على الأولى منهما في غرفة من ياقوتة على سرير من ذهب، مكلل باللؤلؤ، وعليها سبعون حلة من سندس وإستبرق، ثم يضع يده بين كتفيها، ثم ينظر إلى يده من صدرها من وراء ثيابها وجلدها ولحمها، وإنه لينظر إلى مخ ساقها، كما ينظر أحدكم إلى السلك في قصبة الياقوت، كبده لها مرآه، وكبدها له مرآه، فبينا هو عندها لا يملها ولا تمله، ولا يأتيها مرة إلا وجدها عذراء، ما يفتر ذكره، ولا تشتكي قبلها، فبينا هو كذلك إذ نودي: أنا قد عرفنا أنك لا تمل ولا تمل، إلا أنه لا مني ولا منية إلا أن لك أزواجا غيرها، فيخرج فيأتيهن واحدة بعد واحدة، كلما جاء واحدة قالت: والله! ما في الجنة شيء أحسن منك، وما في الجنة شيء أحب إلي منك. الحديث.
وهذا الحديث ليس عند ابن القيم في " حادي الأرواح "، وإنما وجدته في " الترغيب والترهيب ".
قال العلامة الألباني في " ضعيف الترغيب " (2224): قلت: وهو حديث طويل جدا في نحو ثمان صفحات، لا أعلم له شبيها، تفرد به (إسماعيل) هذا - وهو ضعيف - عن محمد بن يزيد - وهو مجهول - وفوقه الرجل الأنصار الذي لم يسم، فهو إسناد ظلمات بعضها فوق بعض، مما لا يشك الباحث أنه حديث مركب.... ا. هـ.
3. أورد السيوطي في " الدر المنثور "أثاراً وهي:
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد والأصبهاني في الترغيب عن أبي الدرداء قال: ليس في الجنة مني ولا منية، إنما يدحمونهن دحما.
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد عن طاوس قال: أهل الجنة ينكحون النساء ولا يلدن، ليس فيها مني ولا منية.
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد عن عطاء الخراساني. مثله.
والخلاصة: لا يثبت حديث مرفوع إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - بخصوص هذا الأمر، ولكن الجنة فيها ما لا عين رأت ولا خطر على قلب بشر. والله أعلم.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد والحمد لله رب العالمين
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد