قصص من شريط الأماني و المنون


بسم الله الرحمن الرحيم

 

 في ليلة ارتدت البقاع ثياب الحزن و الحداد، ليلة تحلت بالأحزان و اتشحت بالسواد، ليلة ظلماء، تخضبت بالدماء، ليلة أبكت جموعاً و أمطرت دموعاً، ليلة غاب عنها القمر.مأساة و فاجعة روَّعت القلوب راح ضحيتها أم و أربع بنات في عمر الورود.

حادثة بددت فرحة الصغار، و خنقت الابتسامات لدى الكبار، صغار كانوا قد استعدوا لعام دراسي جديد، كانوا فرحين بالملابس و الحقائب و الدفاتر الجديدة.

كانت أحلامهم تملأ الدنيا فرحة و بهجة، فهم يحلمون باللعب غداً مع أقرانهم في المدارس. إنها أماني الصغار ترقبها بحب و بفرح عيون الأبوين، لسان حالهم: هؤلاء هم أولادنا فلذات أكبادنا، أجيال المستقبل، خاصة بعد المنزل الذي سكنوه قبل أيام.

 

كانت العائلة في وسط السيارة غارقة في بحار الأماني و فجأة!! و في ذلك الشارع المعتم المظلم. كانت كلمة الله هي العليا و:

ما بين طرفة عين و انتباهتها *** يبدل الله من حال إلى حال

فقد سكتت أهازيج الصغار، و كتمت الضحكات، و تطايرت الأجسام الصغيرة في الهواء.. تمزقت.. و غرقت الأحلام و الآمال، ليتحطم بذلك الباص الذي تركه قائده بلا علامات انتظار و لا إشارات تحذير في منتصف الطريق، ليفجر شلالات من الدماء و الدموع و الأحزان، و يضع نهاية أليمة لأحلام جميلة، و خاتمة حزينة لقصة أسرة سعيدة.

ليبقى الأب المكلوم وحيداً بعد أن عاش نحواً من عشرين سنة في أمانٍ, بين أولاده في أمانيه يخطط و يرسم لوحة المستقبل بأحلام طوال لتنتهي به الأيام وحيداً كما بدأ، أعطوه المهدآت أكثر من مرة لكن الحزن أكبر من قدرته على الاحتمال، قرء عليه، هدئ من روعه، ولكن دون جدوى فقد ضاع كل شيء بالنسبة له.

 

قصة أخرى:

رجل جمع المال منذ سنين ليبني منزلاً فاشترى الأرض و بدأ بالبناء، وانتهى منه لكن تأخر دخول الكهرباء. و بذل كل ما بوسعه و كان يردد: لن أرتاح و يهدأ لي بال حتى يصل الكهرباء إلى المنزل فشفع الشفاعات و بعد عناء طويل دخل الكهرباء، و في أول يوم من دخوله كان يراقب الكهربائيين وهم يقومون بتمديد الأسلاك و هو فرح مسرور لا تسعه الدنيا فقد تحققت أمنيته، وها هو الكهرباء سيضيء بعد ساعات في بيت أحلامه، و فجأة تلتمس الأسلاك ببعضها و هي في يده فيسقط ميتا كأن لم يكن.

 

قصة أخرى:

عامل أجنبي من دول شرق آسيا جاء لهذه البلاد وهو يعيش في ظلام الكفر و الجهل و قبل رمضان بيوم واحد فقط نور الله قلبه فدخل مكتب الجاليات فنطق الشهادتين و أسلم ثم صام أول يوم من رمضان و بينما هو يمشي في الطريق إذ صدمته سيارة في وضح النهار فمات!!! مات و هو مسلم صائم \"ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء \" نسأل الله أن يرحمه برحمته.

 

قصة أخرى:

و شاب في العشر الأواخر من رمضان و الناس في صيام و قيام و تحر لليلة القدر و قراءة للقرآن يتمنون صلاح القلوب و غفران ما تقدم من الذنوب و رضا علام الغيوب. أما هذا الشاب فقد كان يعيش في عالم آخر. كان يخطط و يرسم للقاء عشيقة الهاتف. كان يتمنى و يحلم أن يعيش تلك الليلة في أحضان الشهوات. فكان الموعد و حدد مكان اللقاء، أتدرون أين؟؟؟ كان الموعد بين العاشقين في أحد المساجد المكتظة بالمصلين القائمين، قتجمل ذلك الشاب و تعطر و الشيطان يغريه ويمنيه، وبينما هو يقود سيارته متجها إلى ذلك المسجد - لا ليعبد الله بل ليعبد شهوته إذ ارتطمت سيارته بسيارة أخرى في أحد التقاطعات، و في لحظات فارق الحياة. نسأل الله أن يتجاوز عنه و يغفر له.

 

قصة أخرى:

يقول أحد الأخيار كنت في رحلة إغاثية أنا و بعض الإخوة إلى إحدى البلاد الخارجية،

و كان معنا في الطائرة شباب تبين من حديثهم المرتفع الذي كان عن النوادي الليلة و بنات الهوى و أماكن اللهو و المجون، فحزنت و كنت أردد يا الله حتى بين السماء و الأرض، ثم تذكرت سبب ر حلتي و أنها لنصرة المسلمين و مساعدتهم فدمعت عيناي و أنا أسأل الله الإخلاص، ثم بدأت أدعو لهم.

 

قصة أخرى:

والد مع أولاده في يوم يمرحون و يضحكون، و بينما هو يقود دراجة بخارية عريضة تنطلق به كالريح، و لم يستطع التحكم بها حتى استقرت به بين أسنان حراث زراعي ليغرق في شلالات من الدموع.

 

قصة أخرى:

فتاة في عمر الورود تراقب الأيام و الشهور ليزفها أبوها إلى عريسها ترحل بها الأماني إلى العش السعيد وفجأة يموت الوالد ليحزن عليه الجميع، فيأتي العريس من مدينته البعيدة ليعزي أهل زوجته و يقف معهم في محنتهم. و ربما كان يحلم كيف سيكون القادم من الأيام و فجأة تنحرف السيارة و تنقطع الأحلام فيموت العريس و تبقى العروس تبكي على زوجها و أبيها و تتلاشى الأماني التي كانت تحلم فيها.

 

قصة أخرى:

يقول أحد مغسلي الأموات: في أحد الرمضانات أحضر إلينا شاب لتغسيله و أثناء التغسيل لفت نظري أنه مبتسم فسألت أهله عن حاله، فأخبروني أنه حديث عهد بتوبة، و بدأ منذ أشهر بصيام الاثنين و الخميس، ولما دخل رمضان توفي بعد إفطار يوم من أيامه أثناء تناوله الشاي. كان يضحك فاستلقى و ظن أهله أنه مازال يضحك و لازمت الابتسامة شفتيه حتى بعد الموت.

 

قصة أخرى:

و يقول مغسل للأموات آخر جاءتنا إلى المغسلة جنازة شاب توفي في إحدى الدول العربية ووضع في تابوت. فلما فتحنا التابوت وجدناه أسود كالليل البهيم. فتعجبت لأن أخوه كان أبيضاً. ثم سألت أخاه هل أخوك أبيضاً فقال نعم. ثم طلبت منه أوراق الوفاة فأعطاني أوراقاً ناقصة فطلبت منه شهادة الوفاة فوافق شريطة أن لا يخبر أحداً بها فلما نظرت إلى شهادة الوفاة إذا مكتوب فيها سبب الوفاة إبرة مخدر تعاطاها و مات و هي في عضده. نعوذ بالله من سوء الخاتمة.

  

 

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply