بسم الله الرحمن الرحيم
في ليلة من ليالي الصيف الحار.. كانت ترتعش بشدة من الحمى.. وجه أصفر.. شفاه زرقاء.. أسنان تضرب وتطرق.. كانت حرارتها مرتفعة جد.. تإن بدون علم منه.. تتقي.. حالتها يرثى لها
رجتها أمها أن تنقل إلى المستشفى.. رفضت.. لا ترضى بأن يكشف عليها رجل فكل من في المستشفى في مثل ذلك الوقت رجال..
دعت الأم ولدا لها إلى تفقد المستشفى هل من طبيبة به.. أسرع \"محمد\" البار بأمه ثم عاد وهو يقول: هناك الطبيبتان المعتادتان- يعني المتبرجتين -.. جهزيها بسرعة.
- قومي بنيتي.. ارتدي جلبابك..
- ل.. لا اقدر ع.. على ذلك.. عظامي.. ترتعش كله..
- حاولي.. جاهدي نفسك.. سأعينك.. هي..
لبست الجلباب.. نظرت حوله.. همست: أين غطاء وجهي؟
- الآن غطاء؟.. بنيتي لا أحد أمامك وأنك مريضة.. فهوني على نفسك.
- أريد الغطاء.. وإلا فلن أذهب.
دخل أخ آخر على حالها هذه: هل هي جاهزة؟ م.. ما هذا؟! أوه.. غطاء وجه، لن أرافقه..
- أرجوك ولدي إنها مريضة.. وأنت لك مكانة رفيعة عند من في المستشفى.. فخذها.
- إذا كان لابد، فليوصلها \"محمد\" وأنتظرها أنا هناك.. مسكين أنت يا محمد.. لو منحوني مليونا ما مشيت معها بهيئتها هذه!!
كانت قد اعتادت مثل هذه الكلمات الجارحة.. لم تأبه له.. صبرت واحتسبت.
نقلت للمستشفى.. دخلت إلى الطبيبة: الس.. السلام عليكم.
- صباح الخير.. ما هذا الارتعاش؟!.. اصعدي إلى السرير.. وانزعي هذا الشيء!! -تعني الجلباب-.. ..ما بك؟
- حمى و..وقيء وارتعاش شديد..لا أعلم سببا له.
- أنت حامل؟
-ل.. سبحان الله!!.. نلت البكالوريا السنة فقط..
ضحكت الطبيبة ثم تابعت حديثها مع الفتاة حول حالته.. ثم استدعت الممرض لإعطائها حقنة.. صرخت الفتاة: رجل؟.. أيراني رجل؟ لا والله لا يكون ذلك أبد.. ولو أن أرجع إلى بيتنا بدون دواء..
- لكن.. لكن لم لا؟ أنا لا أحقن الإبر!!!!!
توسلت إليها الفتاة.. فردت قائلة: لولا أن أخوك فلان لما قبلت.
حضر الممرض.. طرق الباب.. سارعت الفتاة لتغطية وجهها بجلبابه.. استوقفت الطبيبة الممرض عند الباب: مضطرة إلى حقنها بنفسي.. اذهب أنت.
رد عليها: اعرف.. ذلك بديهي من أمثالها!!.
... تمددي هنيهة لأرى مفعول الحقنة.
... سكنت الرعشة قليل.. انخفضت درجة الحرارة بعض الشيء..
- هيه.. بعد أن نلت الشهادة ما كان اختيارك بالجامعة؟
- طب بإذن الله.
- طب؟ تريدين دراسة الطب وترفضين رؤية الرجال؟ هذا شيء عجيب!!.. لكن في الحقيقة أن الله لم يحرم رؤية الرجال فهذا زيادة من عندكم..
- بل بالقرآن.. انظري سورة النور ال..
قطعت حديثهما الطبيبة الأخرى بسلام غريب من لهجة غريبة.
-هل تعلمين -زميلتي-أن هذه الفتاة تريد أن تكون طبيبة لكن بدون رؤية الرجال؟
- كيف يكون ذلك؟!
ردت الفتاة: أبد.. ممنوع منعا باتا أن أرى الرجال.
- لو أتاك مريض ما يكون موقفك؟
- لن يكون بإذن الله.. فالأطباء كثر ولله الحمد.. ألا تعلمين أن فلانة الطبيبة لا تداوي الرجال أبدا؟
- ماذا؟ فلاااااانة لا تداوي الرجال ولا تراهم!!!!!
- نعم..
قالت تخاطب زميلتها: أتسمعين ما أسمع؟
- بل وفلانة أيضا..
- بالطبع.. فتلك يجب عليها ذلك لان اختصاصها نسائي بحت.. !!
- لم يحصل عندنا أن من الطبيبات الشريفات المشهود لهن بالخير أن يعالجن الرجال.. بل من تعالج الرجال هي فلانة وفلانة فقط.
- أحقا هذا؟؟... أطرقت برأسها ثم قالت: كم رأينا رجااااااااااااااال!!!!!
كم أثر في الفتاة ذلك التنهد الذي أطلقته الطبيبة مع آخر جماة له.. أحست المريضة حينها أنها هي الطبيبة الحقيقية وأنها يجب عليها نصحهم... ولكن مسكينتان.. فبم تبدأ؟؟ بعقيدتهما المفرنسة أم بتبرجهما المفرط أم بخلوتهما واختلاطهما بالرجال وتشبههما بهم أم وأم وأم؟؟... لم تجد حينها إلا أن تفكر كيف تراسلهما بعد شفائها؟ كيف تدعوهما إلى الخير إلى واحة الإسلام وحديقته؟ إلى حقيقته!!.. كيف تبدأ الآن ولم يبق لها معهما إلا ثواني؟.. حاولت على قدر استطاعتها أن تدعوهما بحكاية إسلام أوربي عبر خلق مسلمين.. ولم تذكر حينها إلا ذلك.. لتصرف صدر منهم.. الموقف جليل والفرصة عظيمة لكن الزاد ساعتها قليل جدا؟؟
عادت إلى بيتها.. وكلها شوق لدعوتهن.. مؤملة فيهن الخير والبركة.. فهن وان عصين ربهن ذوات قلوب رحيمة.. نامت وهي تفكر كيف تكون سببا لهدايتهم.. فمن هدي به رجل واحد خير من حمر النعم.. فكيف باثنتان وأي اثنتان.. هما طبيبتان يمكن أن تكونا في يوم من الأيام من أقوى الدعاة إلى الله...
فكم منا يفكر في اغتنام الفرص الثمينة في الدعوة إلى الله؟.. وكم منا من يجعل هم الدعوة همه وشأنه في سائر الأحوال؟.. من يتشبه منا بعمر بن الخطاب - رضي الله عنه - حين يدعو وهو على فراش الموت؟!!
عسى الله أن يتوب علينا وعليهن.. ويهدي الجميع إلى صراطه المستقيم... والى طريق الدعوة.. اللهم آمين.
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد