أحمد والاغتصاب والندم


بسم الله الرحمن الرحيم

 

سواد الليل وحده لا يواسي ذلك الباكي، كيف سولت له نفسه بأن يفعلها؟، ها قد توالت الآلام وزاد الأنين، يوما ما كان أحمد يتمتع بشهواته، صورته أمام الناس كمؤمن خالص الإيمان، ما فوت الفروض، وما أضاع صيام النوافل، كان كل إثنين وخميس تجده يبلل شفتاه بالماء متحملا عطش الصوم في رمضاء حارة جوها يلهب الإنسان... هيا يا إخوتي ولنتطرق لقصة أحمد... الذي أخذه الشيطان على غفلة من نفسه... فجعله يرتكب أفظع الكبائر...

 

شاب ناضج عرف بين الناس بأنه ذا أخلاق عظيمة، هيبته وجماله الأخّاذ، حبه وتقديره لوالديه، عطفه على المساكين، صلاته وصيامه، طريقة تعامله مع الناس، كل ذلك جعلة انسانا متميز خلوق، كل من يعرفه يحبه أعظم حب... لكن لا يعلم أحد أن أحمد يتحول من ملاك وديع إلى شيطان رجيم عندما يتسنى له أن يخلو بنفسه، كان الشيطان يسطر على كل أفعاله، وهو في حد ذاته ما إن يرتكب معصية حتى يندم ندما عظيما... كان أحمد قد بلغ السابعة عشر، وصار فتى ذا طموح وأمل، غير أنه مال إلى المعاصي، كان إذا جلس أمام شاشة الحاسوب تحول إلى أقبح صورة، كان يتجول بين مواقع الرذيلة بحثا عن المواقع الجنسية والنساء العاريات، وحسبك أنه إن جن الليل ونام والداه كررها حتى إذا انتهى من المواقع الجنسية صعد إلى غرفته وارتكب العادة السرية، ناهيك عن البرامج التي يشاهدها في التلفاز بعيدا عن نظر والديه، ومن إن ينتهي من الاستمناء حتى يندم ندما عظيما، وتتناثر دموعه دمعة إثر دمعة، ويضيق صدره، وتتقطع أنفاسه، ويلتهب جسده حزنا على المعصية، وينطق لسانه بأني قد عاهدت ربي أن لا أعيدها...

ولكن مهما قال ومهما بكى، ما هي إلا أيام، ويستدرجه الشيطان إلى حتفه، ولا يتركه حتى ينقض عهد الله من بعد ميثاقه...

وفي أحد الأيام صعد أحمد إلى غرفته في الطابق الثاني، وبينما هو في الممر أبصر باب غرفة أخته مفتوح، فراودته نفسه ودخل عليها في وقت متأخر من الليل، وعرى جسدها... ولكنه انتبه وعاد إلى رشده في آخر اللحظات..

ونام وهو ظالم لنفسه... وأشرق الصبح وبان، وظل أحمد يفكر فيما فعله، وهو غير مصدق لذلك، حتى طرد ذاك الخاطر من ذهنه، وذهب إلى مدرسته، كان يومه حزين كئيب، أحس الجميع بأن أحمد ليس كعادته، كان يشارك الطلاب، وهو الأول على الفصل علما وأدبا..

كان الطلاب يستفسرون منه، وهو يبلغهم بأنه متعب قليلا، وحسبك أن أحمد يضمر في قلبه قصة أخنه ذات الثلاثة عشر ربيعا...

مرت سنة كاملة وأصبح أحمد في الصف الثالث الثانوي، وهو لم يترك الذنوب، بل وتعمق فيها، وفي أحد الأيام رأت والدته السواد على عينيه، فأحست باجتهاده في المذاكرة، وأخذت من درجها حبوب منومة، وناولته إياها، وقالت: خذ يا حبيبي هذه الحبوب، وأرجو أن تريح نفسك وتنام هذه الليلة.

كان أحمد يتناول العشاء مع والديه، وصعد إلى غرفة أخته بقلب متحجر، ناولها بلطف كأس العصير الذي أعده لها، وأضاف إليه حبتان من المنوم...، فشربته الفتاة.. وغرقت بعد دقائق في سبات عميق،،،

انطفأت أنوار الشارع، وسكنت بلابل الناس، وهناك طفل لم تسن عينه، توجه إلى غرفة أخته في الليلة الظلماء، تأكد من نوم كل من في البيت، وخاف من أن يره أحد، لكنه نسي رب الناس... الذي أمهله حتى يتوب، ولكن دون جدوى، فدنا من أخته وجامعها (والعياذ بالله)...

 

حتى إذا أنتهى من لذت الشهوة أسرع إلى الحمام ليغتسل.. في ظلمة الليل البهيم...

 

نجح أحمد وحصل على مجموع عال أهله لدخول الجامعة، كان إعجاب الناس به كبيرا، وكانت الإجازة بمثابة فرصة لأحمد ليجدد العهد مع ربه، وكما نعلم خاننا أحمد وسلك طريق الفاسقين، مر الشهر الثالث على الحادثة المؤسفة، وبدت أمل أخت أحمد في التقيؤ بكثرة، عندها حملتها أمها إلى المستشفى، وأخذت أحمد معها، كان أحمد قد نسي ما فعله، لكن الرب الرحمن - عز وجل - لا ينسى، وقد قضى أن يعاقب أحمد في الدنيا، فذهبت أم أحمد إلى قسم النساء للعلاج، وتركت أحمد يوصل أخته لتعالج، وصعق أحمد عندما أبلغته الدكتورة بأن أمل حامل، كاد أن يقع مغشيا عليه، لكن لم تعلم أمل بأي شيء، أحس بأن أمره سيكشف، وعندما سألته أمه، أخبرها أنها مجرد ضربة شمس، لا أحد سواه يعلم أن أمل حامل...

مر يوم على الفاجعة، التي أصابت أحمد، فلم يعد يشتهي الطعام، ولا يطيق النظر في وجه أي أحد. وتذكر أنه في أحد الأيام عندما ذهب لغرفة أخته استيقظت، ورأته على حال لم يكن يرغب أن تراه، وفي الصباح، جزمت بأنه حلم عابر...

تمنى أحمد لو يصاب بالجنون، أو يموت، خوفا من العار، فراح يفكر ليل نهار، كيف يخلص نفسه من هذه الورطة، وفي أحد الليالي جاءته الفكرة الشيطانية

 

الانتحار:

ولكن كيف أنتحر، وكل الناس تنظر لي نظرة عالية... فكر في أن يكسر حافة من حواف السطح الجانبية، ويسقطها معه، حتى يتبين للناس، أنه كان مستندا على حافة السطح فانكسرت ووقع هو معها، وبالفعل في أحد الليالي انطفأت الكهرباء، كان أحمد قد مهد لنفسه، وشق المكان، وهناك تناول المطرقة وراح يطرق على ذاك الموقع فسقطت الحافة الإسمنتية فخبأ المطرقة-، وأسقط هو نفسه معها من قمة الطابق الثاني.... فهرع والديه إلى السطح...

 

ولكن الله لم يشأ أن يموت أحمد بل حدث له كسر في إحدى يديه، وأصيبت قدماه بكسر، وجرح في العمود الفقري... وأستيقظ أحمد من غيبوبة دامت شهرا كاملا، وأبصر إلى جانيه أمه الحنونة، وراح يبكي، فعانقته أمه بعطف، وسألها ماذا حدث له، فأبلغته أنه سقط من على السطح، وأن السبب هو تلك الحافة المتكسرة، وحدث له جرح في عموده الفقري ربما يقعده أشهر ليلتئم...

سأل أحمد عن أخته أمل، فأخبرته أمه أنها تعاني من آلام في البطن، وأن الدكتور قال بأن السبب هو كمية الدماء التي تفقدها من الدورة الشهرية، وقد عاد إليها المرض في هذا الشهر لنفس السبب...

عندها أحس أحمد براحة شديدة عندما علم بأن أمل غير حامل، حسب ما درس في مادة الأحياء، وأراد أن يسجد لله شكرا، وثناء وحمدا...

واليوم بعد ستة أشهر، ترى أحمد وهو عابد، تاب إلى الله توبة نصوحا، وقد هداه الله والحمد لله، وأتبع سبيل المؤمنين، ترك أحمد كل المعاصي التي كان يفعلها، وأبدل كل سيئاته حسنات، واستطاع أن يقف على قدميه مجددا، والحمد لله رب العالمين، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبة أجمعين

 

 

 

 

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply