جرعة إيمانية


 

بسم الله الرحمن الرحيم

 

كانت جرعة من ذلك الترياق كما يسميه- تعادل أثمن الكنوز، وكان على استعداد لأن يبيع كل شيء، أثاث بيته، ملابسه، حلي زوجته، ولداً من أولاده، أو حتى التخلي عن المبادئ والشرف في سبيل جرعة أو رشفة أو حقنة من هذه العقارات المخدرة. هوايته الوحيدة أن يتعرف على كل أصنافها، وأن يتذوق كل جديد منها بكل الوسائل المعروفة وغير المعروفة لأمثاله. لم يكن يتصور أن هناك قوة في الأرض تستطيع أن تقف حائلاً بينه وبين تلك الشهوة الملعونة. ومع أن حالته الصحية تسوء يوماً بعد يوم إلا أنه كان يُرجع ذلك إلى الظروف الجوية السيئة والمضطربة من حرارة وبرودة، وإلى أولئك الأطباء الذين يعرفون أشياء كثيرة إلا تخصصهم فإنهم لا يفقهون منه شيئاً، بالإضافة إلى هذه الأدوية التي لا تسمن ولا تغني. أما قلة ذات اليد، وعدم كفاية المرتب الشهري الذي يقبضه من وظيفته فيقع -كما يدعي- على عاتق زوجته التي يصفها بالتبذير والإسراف. ومع بداية كل شهر وبعد قبض الراتب بأيام معدودة يبدأ يمد يده إلى زملاء العمل الذين يعجبون من أمره. كانوا يخجلون منه في بادئ الأمر ولكن الديون تكاثرت ولم يعد في إمكانه سدادها، فأخذ يمنيهم بقطعة الأرض التي ورثها عن أبيه، وأنه سوف يبيعها ويعطي كل ذي حق حقه فيسكتون على مضض. وفي أحد الأيام جاء إلى مكان عمله في حالة مزرية، فتح الباب بعنف، أنفاسه تضطرب في صدره كسعار محموم، وجهه محتقن يميل إلى الزرقة، عيناه جاحظتان، وشعره منكوش، ومد يديه المرتجفتين يتوسل: أريد مبلغاً من المال، أنقذوني، أكاد أموت، أنا في حاجة إلى المال، المال، المال، أرجوكم، سلفة، وسأعيدها لكم فوراً، لقد وضعت قطعة الأرض عند سمسار، ستباع غداً أو بعد غد. وارتمى على الأرض يفحص برجليه ويديه، وينظر إلى زملائه بعينين زائغتين والزَّبد يملأ أشداقه. أشفق عليه أحدهم فأخرج مبلغاً من المال من محفظته وناوله إياه متمنياً له الشفاء ظناً منه أنه مريض. أخذ المبلغ وانطلق كالمعتوه يخترق الطرقات لا يحسب حساباً لأحد أو لإشارة مرور أو سيارة منطلقة، لم يعد يرى شيئاً، كل ما يراه هو ذلك الرجل القابع في الظلمة في شقة تحت الأرض في إحدى الحارات الخلفية الضيقة التي يصعب على الإنسان الوصول إليها. وصل إلى مبتغاه، هبط السلم الخشبي العتيق المؤدي إلى باب شقة بائع المخدرات، طرق طرقات سريعة وعنيفة لم يعد لديه صبر، ها هو ذا الباب، خلفه تكمن حياتي، افتح أيها الملعون، معي المال، افتح وإلا حطمت الباب. ويطل عليه من كوَّةٍ, صغيرة ذاك الرجل الماكر بنظارته الدائرية الصغيرة ووجهه الكالح الذي تشرَّب بالعفن والرطوبة، ثم قال بفحيح كفحيح أفعى ابتلعت جرذاً: ها أنت أتيت يا صالح، كان الأفضل أن يسموك طالحاً، سأفتح، سأفتح. وما إن تحركت دفة الباب حتى هجم كالمسعور يريد أن يبتلع ما عنده، وذاك يدفعه ويمنعه ويبحث في جيوبه عن المال. ألقى له بالمبلغ الذي يحمله على الأرض فانحنى البائع يلتقطه وهو يبتسم ابتسامة ماكرة ويقول: النشوة يا صالح الآن تعيش في عالم آخر تنسى الدنيا، تريد حقنة أم مضغة؟ أظنك في أسوأ حالاتك، أنت بحاجة إلى حقنة فهي أسرع في القضاء على أنفاسك الكريهة. جهز الحقنة، شمر صالح عن ذراعه … وغاب. استيقظ بعد نوم طال، نظر حوله، ما هذا؟! ازداد عجبه من هذه القضبان وذاك الباب الحديدي المغلق، أين أنا؟ ماذا حصل؟ حاول أن يتذكر، لم تسعفه ذاكرته فلازالت آثار الحقنة تسيطر عليه، ارتخت أعصابه، وارتمى على الأرض. أفاق بعد فترة لم يعرف مداها على صوت الباب يُفتح فتح عينيه لمح صورة رجل من خلف الضباب لم يتبين ملامحه، دقق فيه النظر، بدأت الصورة تظهر رويداً رويداً، فرك عينيه، حدق وإذا هو شرطي يأمره بالوقوف: قم معي إلى الضابط المسؤول عن السجن للمثول أمامه. شرطي؟! ضابط؟! سجن؟! قال هذه الكلمات متلعثماً، ثم صرخ: أين أنا؟ وما هذا المكان؟ قال الشرطي بهدوء وكأنه تعود على أمثال هؤلاء الزبائن: هذا هو السجن يا حبيبي، وستعرف كل شيء لا تتعجل قم الآن، هيا. قاده الشرطي وهو يجر رجليه جراً، فَوَقعُ المفاجأة وشدة اثر الحقنة جعلاه يسير في ذهول وتراخ. وصل إلى المكتب، وقف صالح مطأطئ الرأس: رفع الضابط عينيه فيه وسأله: -ما اسمك؟ -اسمي صالح سليمان. -أين تعمل؟ -أود سيدي قبل التحقيق أن أعرف كيف وصلت إلى هنا وما تهمتي؟ -وصلت بالسيارة يا أستاذ صالح. -حقاً يا سيدي أرجوك أن تخبرني. -أيهمك أن تعرف؟ -نعم. -عدل الضابط من جلسته وارتسمت على محياه علامات الجد ثم قال بنبرة قوية: -هل تظن أن الدولة غافلة عما يصنع أمثالك الذين يفسدون أنفسهم ويهلكون المجتمع؟ -إننا نراقبكم منذ زمن، وكنا نريد الإمساك بكم متلبسين، وحصل ذلك بالأمس عندما جئت إلى ذلك البائع الخبيث الذي باع دينه وخلقه من أجل حفنة من المال، ومنذ الأمس وأنت مطروح جثة هامدة، لا تعرف من أنت ولا أين أنت، حاولت إيقاظك والتحقيق معك ولكن دون جدوى. طأطأ صالح رأسه أكثر من ذي قبل. استكمل الضابط أسئلته: -هل أنت متزوج؟ -نعم، ولدي ثلاثة أولاد، ولدان وبنت. -منذ متى وأنت تتناول المخدرات؟ -منذ خمس سنوات، أغواني رفقاء السوء، دعوني للسفر، وفي إحدى الليالي دسوا لي دون أن أدري شيئاً منه في السيجارة، شربتها ودارت بي الدنيا… لم يقاطعه الضابط وإنما رأى في ذلك الاسترسال بداية العلاج. وتابع … وعندما عدت إلى صوابي، غضبت وأعلنت سخطي عليهم وصممت على العودة، اعتذروا، تأسفوا، رجوني أن أسامحهم وأعفو عنهم، ولن يعودوا إلى ذلك. خدعوني مرة أخرى، ولكني في هذه المرة لم أعاتبهم، شعرت بشيء من اللذة. أحسوا بسكوتي، عدّوه علامة رضا، تكررت الخدعة، أصبحت أنتظرها كل مساء، وأنا مستسلم يحدوني شعور غامض باستمرار هذه الخدعة. لم يعودوا إلى لعبتهم، شعرت بالحاجة الماسة، خجلت في بادئ الأمر، ولكني اضطررت في النهاية أن أطلبها بنفسي، وسرت بعد ذلك في ركبهم. أصبحت المخدرات مطمحي ورغبتي لم اعد اشعر أني بحاجة إلى أي شيء، الوظيفة، الترقية، الأسرة، الأولاد، المنزل الذي كنا نحلم به كل ذلك أصبح تافهاً أمام هذا الجديد الذي تحكم في مصيري، أسلمت قيادي له تمنيت أن يصبح كالسكر والأرز والشاي يباع في البقالات والمحلات التجارية. سمع الضابط بتفهم- كل ما قاله صالح، ثم أمره بالعودة إلى مكانه… نظر الضابط إلى معاونه وقال: يبدو لي أن بالإمكان علاج هذا الرجل وإنقاذه وإنقاذ أسرته، وسأبدأ المحاولة. مرت أيام ثقيلة على صالح دون أن يسأل عنه أحد، وفي إحدى الليالي جاءته الأزمة، صرخ، نادى، ارتجف. حضر الضابط على صوته فوجده في أسوأ حال، هز رأسه وقال: يا للأسف يسيرون إلى الجنون بأرجلهم. صرخ فيه: صالح، اجلس. لم يستطع أمسكه من يده بقوة وأجلسه مسنداً ظهره إلى الحائط. تكور في الزاوية يرتعد كمقرورٍ, أصابه برد شديد، توسل إلى الضابط، جرعة، قطعة صغيرة، مضغة، أغثني، أنقذني. خرج الضابط وعاد ومعه شرطي يحمل بعض الطعام والشاي الساخن وقطعة من الثلج. نظر صالح إلى الضابط كعصفور وقع في شراك صياد فتابع توسلاته بنفسٍ, متقطع وعزم خائر ووجه محتقن وعينين تدمعان: أرجوك، جرعة، جرعة واحدة تكفيني، لن أطلب غيرها بعد ذلك خذ ما شئت وأعطني جرعة، خذ روحي، خذ ما أملك، اقتلني بعد ذلكن أريد جرعة، وانخرط في البكاء. مسح الضابط جبهته وأطرافه بقطعة الثلج، وقال: أعدك بأن أعطيك جرعة إن سمعت قولي. تهيا صالح، عدل جلسته، مسح وجهه وصدره وقد أحس من نبرة الضابط صدقاً وأنه من الممكن أن يفي بوعده، تعلق بهذا الأمل، وحاول التأكد: أهذا وعد؟ -نعم وعد، وسافي به إن شاء الله. -حاضر… حاضر، أنا مصغ لما تقول. -عدِّل جلستك وكل هذا الطعام، ثم اشرب الشاي الساخن وسأذهب معك لأعطيك الجرعة. -أقبل على الطعام كمن لم يذقه منذ أسبوع، ثم قام متحفزاً هيا بنا… -خرجا وسارا معاً بين الأشجار وقد داخله أن الضابط قد يكون من المدمنين، لعله يخفي ذلك تحت شجرة أو في مكان بعيد عن العيون، واطمئن إلى هذا الخاطر. الثلج البارد والطعام والشراب ونسيم الهواء الليلي كل ذلك جعله ينتعش، أحس بشيء من النشاط. - تعالى - صوت \"الله اكبر\" لأذان العشاء، اتجه الضابط في سيره جهة المسجد، بدأت الشكوك تساوره نظر إليه الضابط، ماذا يا صالح؟ هل أنت في عجلة من أمرك؟ تريث قليلاً فبعد الصلاة تهدأ الحركة، تعال معي نؤدي الفرض ثم ننسلٌّ في الظلام دون أن يرانا أحد. أوهم صالح نفسه أن الحق مع الضابط، فهو مسؤول، ولو كُشف أمره فستكون الطامة. دخلا إلى المسجد، أشار الضابط إلى الميضأة، صليا وسمعا حديث الشيخ عن الحلال والحرام والطيبات والخبائث. أحس صالح أن الضابط لن يفي بوعده، ومع ذلك فهو لم يعد يشعر بالإحساس الطاغي والحاجة إلى تلك الجرعة. خرجا من المسجد وابتسامة أمل تعلو وجه الضابط، فصالح لم يطلب الوفاء بالوعد. سارا قليلاً دون أن يتحدث أحدهما إلى الآخر، ثم قطع الضابط حبل الصمت قائلاً: زوجتك طلبت الإذن بزيارتك، وستأتي غداً، أريدك أن تشعرها بالأمل. لم يرد صالح وإنما انشغل بما يتصارع في ذهنه من أفكار، الضابط وأسلوبه، الصلاة والمسجد، زوجته وزيارتها غير المتوقعة، ومرَّت على ذهنه خاطرة: هل تقبل زوجته تزويده ببعض المخدرات في زيارات قادمة وانشغل بهذا الخاطر. أوصله الضابط إلى مكانه ثم عاد إلى مكتبه وهو يشعر بنجاحه في الدرس الأول. في صباح اليوم التالي جاءت زوجته وفي صدرها حمل من الآلام، قابلها صالح، سألها: هل تستطيعين إحضار جرعة صغيرة، وأنا سأكون لك … وسأجعلكم …، لم تتركه يكمل كلامه، وإنما نظرت إليه باحتقار واشمئزاز وصرخت في وجهه، ظننتك تسأل عن أولادك وأحوالهم ودراستهم، ظننتك مشغولاً بإيجار السكن الذي لم ندفعه منذ ستة شهور، ولكنك لم تتغير، لا فائدة ترجى منك، لن أعود إليك، لن ترى وجهي بعد اليوم، لنا الله، لنا الله، وغادرت وهي تبكي. نشيجها المرتفع يضجٌّ في أذنيه انكسارها وانسحابها أثرا في نفسه، شعر بضآلته. علم الضابط بحيثيات المقابلة، وعلم أيضاً بعد ذلك أن الزوجة قد عملت في إحدى المدارس كعاملة طباعة. مرت أيام كان السجناء خلالها يعالجون بالندوات الدينية والطبية، وتعرض عليهم أخبار المدمنين وقصصهم ونتائج إدمانهم. ولكن العادة إذا استحكمت تحتاج إلى مجاهدة ووقت وصبر، وها هو ذا صالح يعود مرة أخرى إلى الصراخ. هرول الضابط مسرعاً فوجده يضرب الباب والجدران بيديه ورجليه وأحياناً برأسه، وقف الضابط وامسك صالحاً بقوة وصاح به: ماذا أصنع بك؟ أنت رجل؟ أنت فارغ لا قيمة لك، امرأتك تصنع الكثير لتكفل الحياة الكريمة لأولادك تخرج للعمل لتعيل أبناءك وتعلمهم وأنت لازلت في سقوطك، استيقظ، انظر لنفسك، أما كفاك ما تصنعه في نفسك وأسرتك. كانت كلمات الضابط سياطاً أصابت منه جرحاً مؤلماً، فهو على الرغم من حاله يحب زوجته وأولاده، وهو أيضاً يأبى أن يطعن في رجولته. هدأت حركته وارتخت يداه، أمسكه الضابط من يده وخرجا معاً. كانت نزهة لطيفة في حديقة السجن سيراً على الأقدام، تناولا فيها المرطبات، ودارت أحاديث مختلفة بينهما، وفي أثناء سيرهما مرا على مكتب الضابط، استأذن الضابط وعاد ومعه نسخة من المصحف الشريف أهداها لصالح قائلاً: هذه الجرعة فيها الشفاء يا صالح. ارتجفت يدا صالح وهو يمسك بالجرعة، قبّله وقال: هل تعلم يا سيدي الضابط…؟ -قل أخي. -أخي؟! نعم فأنت أقرب إلي من نفسي، ولا أدري سأخجل كثيراً من نفسي لو جاءتني الحالة، كيف ألقى وجهك الطيب هذا؟ فرح الضابط وتأكد من نجاحه فتأبط ذراع صالح وقال: -منذ اللحظة الأولى أحسست ببذرة الخير المغروسة في قلبك وكانت تحتاج إلى قليل من الرعاية، أنت صالح يا صالح ولكن الصلاح يحتاج إلى العزيمة وأظنها لم تعد تنقصك. -نزلت هذه الكلمات على صدر صالح برداً وسلاماً، أحس بقيمته وأنه لم ينته بعد، وأيقن أن بالإمكان تصحيح الخطأ. -افترقا، وعاد صالح إلى مكانه وهو يتحسس الهداية، وفي فجر اليوم التالي كان صالح أول المتجهين إلى المسجد، التقى بالضابط وتعانقا. -لم يعد صالح ذلك السجين الذي يجب عليه أن يعيش حياة السجن بنظامه المعروف، أصبح يختلط بالسجناء، ويخرج إلى ساحة السجن والمكتبة ويلتقي بالضباط والجنود… -كان كلما رأى سجيناً مدمناً قد قدم إلى السجن يشعر بأن عليه مسؤولية نحوه، أخذ يلتقي بهم، يشرح لهم، يعالجهم بحماس وكان ينجح، وكل يوم يمر يسجل نجاحاً جديداً، ازدادت جرعات الإيمان مما أدهش إدارة السجن فكلفته رسمياً بعلاج المدمنين والإشراف عليهم. -وفي أحد الأيام طلبه الضابط إلى مكتبه، قام الضابط وحياه ثم قال: -أود أن أخبرك بأمر سيسرك بإذن الله. -وبهدوء رد صالحك وما هو هذا الأمر يا أخي؟ خيراً إن شاء الله. -خير يا صالح أجاب الضابط، لقد رفعت تقريراً عن نشاطك العظيم في مكافحة المخدرات إلى وزير الداخلية، وأعجب الوزير بنجاحك وسيحضر في الغد لتكريمك. -حمداً لله ثم قال صالح والدمعة الحارة تنساب على خده: لعل الله يغفر لي. -في اليوم التالي كُرِّم صالح بحضرة الوزير برفقته أسرته، وطُلِبَ من صالح أن يتحدث، وقف على المنصة، نظر إلى زوجته وأولاده ثم نظر إلى الوزير والضابط والسجناء. -دمعت عيناه، انخرط في البكاء، نزل عن المنصة وهو يتلو بصوت مسموع قول الله - تعالى -: (الذين يتبعون الرسول النبي الأمي الذي يجدونه مكتوباً عندهم في التوراة والإنجيل يأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر ويحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث ويضع عنهم إصرهم والأغلال التي كانت عليهم فالذين آمنوا به وعزروه ونصروه واتبعوا النور الذي أنزل معه أولئك هم المفلحون) صدق الله العظيم.

 

 

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply