سعيدة وسوزان.. فرحة بالإسلام واعتزاز بالحجاب


 
 
 
 
بسم الله الرحمن الرحيم
كان الأخ \"عبد القادر\" أحد الإخوة المسلمين من بورما مقيماً في ولاية \"ميرلاند\"، حيث يعمل مديراً لأحد محلات الأحذية، وكان متزوجاً من امرأة نصرانية اسمها \"سوزان\"، كان يصلي معنا أحياناً في مسجد مدينة \"لوريل\" خصوصاً يوم الأحد الذي يقام فيه الدرس الأسبوعي.

وذات يوم جاءني يطلب عوناً في مشكلتهº حيث إنه رزق من زوجته بطفلتين توأم، وهو قلق بشأن مستقبلهما لكون زوجته نصرانية، وذكر أنه حاول مراراً إقناعها بالقدوم إلى المسجدº وسماع شيء عن الإسلامº ولكنها كانت ترفض رفضاً تاماً زيارة المسجد، وكان حائراً فيما ينبغي أن يعمله، فعرضت عليه أن يأتي هو وزوجته لزيارتنا في منزلنا حيث ستلتقي بزوجتي، ولعلها تشعر بشيء من الارتياح، وتتعرف على الإسلام عن طريقها، وبحمد الله نجحت هذه الفكرة، فأقبلت زوجته على الاستماع لما يذكر لها عن الإسلام، ووافقت أخيراً على الحضور إلى المسجد، وسماع الحلقات والدروس التي تكون فيه.

وفي إحدى زياراتها للمسجد كان هناك درس في التفسير حيث كنت أقوم بشرح بعض الآياتº فسألت زوجته سؤالاً، وقبل أن أجيب عن سؤالها بادر أحد الحضور بالرد بأسلوب بدا لها جافاًº فتأثرت بالرد ظانة أنه غضب من سؤالهاº خصوصاً أنها تسمع صوته وهي مع النساء في مكانهن، بدأت تبكي، واضطرب الحضور، وأخذها زوجها من المسجد، وذهب بها إلى منزله، وعندما قابلته فيما بعد سألته عن سبب بكاء زوجته، فذكر أنها أحست أن من رد عليها بدا غاضباً من سؤالها، وأنها لا تريد إغضاب أحدº أو الدخول في مشاكل معهم، ولذا فهي لن تأتي للمسجد مرة أخرى.

ويظهر أن هذه المرأة لم تتعود الاستماع لأسلوب بعض الشعوب في الحديث، خصوصاً أولئك الذين هم مثلي من شبه القارة الهندية، حيث إنني أعلم أن الأخ لم يكن غاضباً عندما أجاب على سؤالها، لذا قلت لعبد القادر: \"أرجو أن تخبر زوجتك أن هذا هو أسلوبنا في الحديث نحن الذين من الهند أو باكستان، حيث نبدو صارمين وحادين أكثر من المعتاد، بحيث يظن الآخرون أننا نتحدث بغضب، وأن الأخ الذي تحدث إليها لم يكن لديه أي شعور عدواني أو غضب تجاهها\".

ويبدو أنها اقتنعت بذلك فعادت تحضر الدروس مرة أخرى، ثم انتظمت فيها، وأصبحت تستغلها لطرح العديد من الأسئلة التي تخطر ببالها مما كان له أكبر الأثر في معرفتها الكثير عن الإسلام، كما تعرفت على العديد من الأخوات المسلمات اللاتي يحضرن للصلاة في المسجد، وكن يشجعنها على تعلم المزيد، ويوافينها بما ترغبه من معلومات.

أعجبها نمط الحياة الجديد تحت ظل الدين الإسلامي، وعزمت أن تعتنق الإسلام، هيأت لها كل شيء لتنطق بالشهادتين بكل احترام ونشاط،  فأصبحت مسلمة أختاً في الإسلام، بعد ذلك قمت بإعادة عقد الزواج بينهما على الشريعة الإسلامية في نفس اليوم، وبدأت سوزان تعيش حياةً هنيئة سعيدة في رحمة واسعة غشيتها بعد الإيمان بالله، والدخول في هذا الدين الخالد.

في أثناء حفل الزواج بينت لهما بأن للزوجة على زوجها صداقاً، ويجوز أن يكون نقوداً أو شيئاَ آخر، كما بينت لهما بأن المهر ملك تام للزوجة، ولها حق التصرف فيه كما تشاء، ولا يجوز للزوج أن يحول دونها البتة، رضي عبد القادر أن يدفع لها المهر بكل ارتياح.

تعجبت سوزان من تكريم الإسلام المرأة ومحافظته على حقوقها، مما زاد طمأنينتها في استمرار الحياة على الإسلام، وكان هذا في ولاية \"ميري لاند\".

يسرني في هذا الصدد أن أحكي لكم رواية أخرى تشبه ما سبق وقعت في ولاية \"ميشيغان\"  قبل بضع سنين.

كان من مسؤوليتي أن أقوم بمعاقدة الزواج على المسلمين وألقي الخطبة كإمام في مسجد \"التوحيد\" في هذه الولاية، ذات يوم طلب مني شاب مسلم أن أقوم بالمعاقدة بينه وبين فتاة، فبينت لهما حقوق الزوج على زوجته, وحقوق الزوجة على زوجها في الإسلام، أملأ كلاهما استمارة عقد الزواج، كما وقعا على استمارة دفع وتسلم المهر، وقد قلت لهما قبل الاتفاق على شروط الزواج:

هل من سؤال عندكما؟

قالت الفتاة: لا.

قال الشاب: عندي سؤال مهم أسألك يا سيدي.

قلت: تفضل.

قال: لقد عرفت بأنه يجب عليَّ أن أعطي لها المهر، ويكون ملكاً لهاº ألا يجب أن تدفع لي مهراً كما أدفع لها؟!

قلت له: في الشريعة الإسلامية يجب على الزوج أن يدفع المهر لزوجته فقطº فالمهر حق لهاº لا عليها، ولا تسأل بعد ذلك عن مدى دهشة الشاب عندما علم هذا.

كما أن الفتاة تعجبت من تكريم الإسلام المرأة، ومحافظته على حقوقها، كما تعجبت \"سوزان\" من قبل، وكانت تهتز فرحاً من حوارنا.

وشاء الله - سبحانه وتعالى - لها الهداية فدخلت في دين الله، ولله الحمد، وعاشت بعد ذلك مع زوجها حياة إسلامية، واختارت لنفسها اسم \"سعيدة\" تعبيراً عن شعورها بالسعادة لما منّ الله عليها من الهداية.

ولما كان إسلامها عن قناعة وعلم فقد كانت تلتزم بكل ما تتعلمه من دين الله، فكانت تحرص على ارتداء حجابها كلما خرجت من بيتها غير عابئة بمن حولها من الجيران غير المسلمين وغيرهم، كما ألبست بنتيها الصغيرتين اللتين تدرسان في المرحلة الابتدائية الحجاب بالرغم من أنهما لم تتجاوزا العاشرة، وعندما قيل لها: إنهما لا تزالان صغيرتين، ولم يفرض عليهما الحجاب بعد، وأن الأطفال الآخرين قد يسخرون منهما، ويستغربون لباسهما، أجابت بثقة: بأنها يجب أن تعودهما على الحجاب منذ الصغر حتى تكبرا معه وتتعودا عليه، بحيث تستمران عليه عندما تكبران، وأن الالتزام بالإسلام وآدابه ينشأ مع الطفل ويكبر معه.

وقد أصبحت سعيدة وابنتاها مميزات جداً عندما يخرجن جميعاً أو يكن في السوق بلباسهن الإسلامي، وعليهن الحشمة والوقار الظاهر عليهن، فقد كانت على هذه الدرجة من الالتزام، بينما كان زوجها يعترف لي بأنه يخجل من نفسه ومن ضعف التزامه، ويخبرني بشعوره أننا نحن الذين ولدنا مسلمين لا نلتزم بديننا لأننا نظنه أمراً هيناً ومضموناً لنا، ولذلك فإن إيماننا ضعيف ومهزوز، بينما أولئك الذين عرفوا قيمته بعد الضياع الذي كانوا فيه فإنهم يقدرون أهمية ما هم عليه من الهداية.

وهنا لا يملك المرء إلا أن يردد المقولة التي وردت عن الفاروق عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - حيث يقول: \"لا يعرف الإسلام من لم يعرف الجاهلية.\"

 

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply