كيف اطرد هذا الهم .. !؟


 

بسم الله الرحمن الرحيم

 

السؤال:

الإخوة الكرام: بارك الله لكم في هذا الموقع الرائع وجزاكم الله عنا كل خير.

إخوتي الكرام والله لم الجأ لطلب المشورة ضيقا بقدر الله - عز وجل - ولا شكا في قدرته - جل جلاله- على الشفاء والتي لا تقف أمامها قدرة.. ولكني بحاجة إلى من أبثه همومي بعد أن أخفيتها حتى عن اقرب الناس إلي وهي أمي.. !! تزوجت وكنت في بداية دراستي الجامعية، ويسر الله - عز وجل - لي الحمل مباشرة وتزامن مع انتقال زوجي إلى منطقة أخرى.. ورغم ضغوط من حولي لإكمال دراستي لكوني متميزة دراسيا إلا أنني فضلت اللحاق بزوجي لحقه علي. وأنعم الله - عز وجل - علي بثلاثة أبناء ثم حاولنا العودة مرة أخرى لمنطقتنا وتيسر لنا بفضل الله ذلك، وهنا أكملت دراستي مع عناية أمي بارك الله فيها لأبنائي، حتى أتم ابني الأصغر الرابعة وكنت قد تخرجت، ومررت بعدها ببعض الظروف النفسية السيئة لمرض أمي الشديد، وأثر هذا على صحتي بشدة مما أدى إلى امتناع الحمل من جديد وهذا ما أكدته لي الطبيبة النسائية، ومع انتقالي من طبيبة لأخرى تعبت من الأدوية وقد مضى على هذه الحال سنتان تقريبا، مما جعلني في قلق دائم وتغيرت صحتي وبدأت أهمل أبنائي.. !!!

أنا في صراع حقيقي يمنعني من النوم، فأنا من ناحية أعلم أن هذا بأمر الله - عز وجل - وبقضائه وبقدره ويجب أن أصبر ومن ناحية أخرى أتمنى المزيد من الذرية خاصة وأن بعض من حولي يؤكدون بأن ليس للإنسان في كبره إلا الأبناء مما يزيد في معاناتي خاصة مع عدم احتمال ألا يتيسر لي الحمل من جديد.

و كثيرا ما أقرأ عن الدعاء وقدرته كسبب على رفع البلاء فألجأ إليه ولكن وساوس الشيطان تقول لي: الطب يقول لا فائدة ولا يمكن حدوث معجزة في هذا الزمن.. !!

أرجوكم أعينوني على تجاوز ما أنا فيه بسرعة وجزاكم الله خيرا.

 

 

الجواب:

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله

من أهم الوسائل الناجحة في علاج الهموم التي تعصف بالنفس هو البوح بها وإخراجها إلى السطح. كنوع من التنفيس الانفعالي على من تثقين فيه، ثم اعلمي أنه لا يوجد مشكلة إلا ولها حل إلا أمرين، الأول: الهرم والشيخوخة، والثاني: الموت. أما ما عداهما فله حل بإذن الله، لأنه ما أنزل من داء إلا وأنزل له دواء، علمه من علمه وجهله من جهله.. ثم إن من الوسائل المعينة على الشفاء هو الاعتراف بنوع من المرض.

وقد ذكرت مشكلتك ووصفت العلاج لنفسك ولكنك لم تفطني له. وهو يكمن في الثقة في الله - سبحانه وتعالى - كما أشرت، ثم الصبر، وهما علاجين نافعين ونتائجهما مضمونة لو أحسن الأخذ بهما.. هذا أولا.

أما بقية المشكلة التي سببت لك هذا الألم النفسي وانقطاع الحمل لمدة سنتين فاعلمي يا أختي الكريمة أن مدة توقف الحمل تعتبر عادية جدا، فكثير من النساء تقف سنتين وثلاث ثم تحمل. وأنت خذي هذا الأمر من زاوية أخرى، فأنت قد حملت ثلاث مرات كما قلت فهذا دليل على أن عندك استعداد من الناحية الطبية إلا إذا حصل استئصال لأماكن الحمل فهذا أمر آخر أما تناول العلاجات فلا يقطع الحمل وكله بأمر الله، ثم هبي أنك قد توقفت عن الحمل نهائيا فتذكري أن عندك أولاد وأن غيرك قد حرمت من الإنجاب نهائيا وتتمنى ولو ولدا واحدا.

وقد أشرت إلى أن من أسباب القلق هو الخوف من المجهول بعد الكبر مخافة جحود الأبناء وعدم برهم وهذا ضرب من الوهم زاد في معاناتك لأن من قال لك ذلك إنما يرجم بالغيب فلا يعلم بالغيب إلا الله فما يدريك أنك ستعيشين إلى أن تريهم وهم كبار، أو هم سيعيشون إلى ذلك الزمن، أو أنهم سيكونون لك أبر من نفسك لنفسك، فلماذا يا أخت الكريمة تعلقين نفسك بحبل الوهم وتقعين أسيرة لوهم لا وجود له إلا في خيالك المتعب.

ثم انك تناقضين نفسك بالالتزام أمام وساوس الشيطان مع العلم أنك تقرين بقدرة الله - سبحانه - على رفع الضرر الذي أصابك. هذا التناقض والانهزام هو السبب لما أنت فيه، فلو أنك أخلصت القصد والطلب والتوكل عليه - سبحانه - لرأيت العجب.

إذا خلاصة الأمر أن ما تعانين منه ما هو إلا مجرد وهم أنت أسرت نفسك فيه. ولا يمكن أن تخرجي منه إلا باللجوء الصادق إلى الله (أمن يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السوء) (وقال ربكم ادعوني أستجب لكم) ثم عليك بالسياج المانع لنزغات الشياطين وهي الأوراد الصباحية و المسائية مع كثرة الاستغفار وقراءة القرآن بشكل منتظم و يومي. وإن وجدت أن الحالة استعصت فعليك بزيارة الطبيب النفسي فربما يصرف لك بعض المسكنات. وكم من صاحبة ذرية تتمنى الخلاص منهم لما سببوه لها من ألم وكم من عقيم قيض الله لها من يبرها، فسبحان من بيده ملكوت السماوات والأرض، وما أجمل حبائل التوكل والصبر.

 

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply