بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
السؤال :
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم.
أنا رجل، متزوج منذ 12 سنة، ولي عدد من الأولاد، وكان زواجي من فتاة زميلة لي، وكانت بيننا علاقة شريفة في حدود المعقول والمسموح، وكان زواجنا بعد التخرج على سنة الله ورسوله، وفجأة وقبل عدة أشهر اكتشفت أنها كانت على علاقة بشخص قبل معرفتي بها، وأنها عاشرته دون الخدش بعفتها -والعياذ بالله-، فاحتقرتها بقدر ما كنت أحبها وأكثر، ولا أستطيع ملامستها رغم أني سألتها قبل الزواج إن كانت تعرف أحداً قبلي، فمدت يدها على القرآن الكريم وحلفت أنها لا تعرف سواي، ولأن نفسي عزيزة ولا أستطيع أن ألمس واحدة مرت بتجربة سواء شرعية أم لا، علماً أني عرفت عن طريق الصدفة وضغطت عليها فأجابت بالتفاصيل، فو الله لم أضربها ولم أمارس قساوة الرجولة عليها، ولم أخبر أحداً من أهلي أو أهلها، ولكنني شبه هاجر لها، فأخبروني وانصحوني أثابكم الله، علماً أن علاقتنا الزوجية والعائلية جيدة جداً، سواء من أهلي أو أهلها أو بيننا، وأود المحافظة على سمعة أولادي وسمعة عائلتي، فأخبروني ماذا أفعل وأنا رجل وحاج بيت الله ولا أقبل الحرام ولا أستطيع ملامستها، علماً أن أي شيء لا يغضب الله أقبله. وفقكم الله وسدد خطاكم، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الجواب:
أخي الكريم: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، وبعد:
دعني أولاً: أحيي فيك رجولتك، ونبل أخلاقك في تعاملك مع زوجتك عندما علمت عنها ما علمت، وأسأل الله أن يجزيك عن ذلك أفضل الجزاء وأوفاه.
ثم ثانياً: دعني أقف معك وقفة مصارحة ومعاتبة: أخي الكريم إنك تعيش مع هذه المرأة منذ اثنتي عشرة سنة، وبينك وبينها أولاد، أصبح عمرها الحقيقي هو عمرها معك، وحياتها الحقيقية هي حياتها معك، لم تر منها خلال تلك المدة الطويلة ما يسوؤك ولا ما تنكره عليها، فهل بعد هذه المدة تبدأ في حفر الماضي، وتقيم محاكم التفتيش لتسألها عن شيء حصل قبل أن تعرفك، وقبل أن ترتبط بك، وقبل أن يكون بينكما حرمة!.
أخي الكريم: إن الله -جل وعلا- قال عن الكافرين: "قل للذين كفروا إن ينتهوا يغفر لهم ما قد سلف"[الأنفال: 38]، فجعل مجرد كفهم عن الكفر سبباً للمغفرة، أفلا يكون سبباً للمغفرة عندك هذه العشرة الطويلة، وهذه العلاقة الشريفة، وهذا الخلق الكريم منها معك ومع أهلك، ومن أهلها معك، ولذلك فإني أرى أن التصرف السليم الذي كان عليك أن تفعله عندما بلغك هذا الخبر أن تدفنه وألا تصارحها به، وألا تتحدث معها فيه ما دام أنك لم تر منها طوال حياتك ما يريبك، أما تلك الزلة التي حصلت منها في تلك الفترة فينبغي أن تعلم أن كل الفتيات عرضة للإغواء، ولكن واضح من حال زوجتك أنها كانت مستعصمة ولم تقع في الهاوية، وهذا بحد ذاته منقبة كريمة لها.
وأما أنها حلفت بعد أن استحلفتها، فماذا تتوقع من فتاة تُسأل مثل هذا السؤال القاسي والمحرج إلا أن تستتر بستر الله عليها، وأن تكتم ما جرى منها، وأنت تعلم أن لكل منا في حياته أموراً لا يرغب أن يطلع عليها أحد، فلماذا تجعل هذه المرأة في هذا الامتحان العسير؟!
إن عليك -أخي الكريم- أن تضرب صفحاً عن الماضي كله، وأن تعتبر بحال العُشرة بينكما، وأن تتذكَّر أن الإنسان لا يصح أن يكون متهماً بخطيئة وقعت منه، أو هفوة سلفت في ماضي عمره.
أخي الكريم: إن الشيطان لا يفرح بشيء كما يفرح أن يفرق بين الرجل وزوجه، ولذلك فلا تدع للشيطان فرصة أن يهدم ما بنيتماه طوال هذه المدة الطويلة.
استعذ بالله من الشيطان، وصارح زوجتك بأن ما جرى منها هفوة يغفرها لها حالها معك وجميل عشرتها، وأنك لا تحتبس هذه الذكرى الآن في مخيلتك، وإنك إنما تتعامل معها من خلال عشرتك معها، وعلاقتك الطويلة بينك وبينها، ولا تجعلها تعيش في حال توجس وقلق وهي تعاشركº فإنها لا يمكن أن تسعدك وهي بهذه الحال.
أنصحك -أخي الكريم- أن تأخذ زوجتك الآن في رحلة إلى العمرة، أو أي منتجع جميل هادئ، وتبدأ معها علاقة جديدة حارة، تشعرها بالأمن بقربك، وتشعرها بثقتك بها، وتجعلها تتجاوز هذه المحنة، وإياك أن تتعامل معها بما يشعر باستغرابك منها في هذا الوقت، ولعل عفوك عنها يكون سبباً لعفو الله عنك، وإحسانك إليها يكون سبباً في إحسان الله إليك.
أسأل الله أن يصلح شأنكما، ويؤلف ما بينكما، ويغفر لي ولكما، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد والحمد لله رب العالمين
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد