أكثر طرق العقاب شيوعاً


 

بسم الله الرحمن الرحيم

 

 ما يندرج على الجانب الفكري لدى المعلم يندرج كذلك على الجانب المسلكي. فحين بدأت عملي كمعلمة منذ عشرين عاماً، كان في ذهني صورة معلماتي وأساتذتي في المدارس والجامعة كنماذج أحتذيها، إذ كانوا يحيطون أنفسهم بهيبة كهيبة العلماء، لا يعترفون بالخطأ ولا يقبلون الجدل، وكان عقاب التلميذة السهل والسريع هو أن تقف في زاوية الصف وقفة لا تحسد عليها، والويل كل الويل إذا صادف حضور مديرة المدرسة في تلك الأثناء، لأنها ستلقي القبض عليها وتأخذها معها، ثم تحضرها ثانية وتطلب من المعلمة أن تعيدها مكانها لأنها \"عملت اللازم\"، فتجلس التلميذة وأوصالها ترتعد، وأظن أنك لو سألتها عن اسمها، فإنها ستتردد كثيراًº خوفاً أن تخطئ وتذوق العذاب مرة أخرى. نعم، لقد كان العقاب الصارم أكثر طرق التأديب شيوعاً، أو بالأحرى أكثر طرق التدجين شيوعاً. على أني أجد لنفسي عذراً لهذه القسوة التي لا تفسير لها سوى عدم الإعداد المهني وغياب القدوة الحسنة. ومما يزيد الأمر سوءاً أن المعلم الأشد بأساً، كان يكتسب شهرة وصيتاً حسناً لحزمه وكفاءته.

ومن المؤسف أننا لم ندرك أخطاءنا حتى قرأنا أبحاثاً ودراسات قام بها بعض \"الخواجات\" تشير إلى أن القسوة تعيق عملية التعلم وأن التدريس يجب أن يتم في جو يخلو تماماً من التوتر يسمونه في اللغة الإنجليزية: \"low affective filter\" وهذه دعوة للمترجمين أن يخرجوا بمصطلح يقابل هذا المفهوم باللغة العربية إذ إن كلمةlow تعني منخفض وكلمة affective تعني عاطفي وكلمة filter تعني راشح وكلها معاً تعني \"راشح عاطفي منخفض\" والمقصود به خلو الجو من التوتر. كما أشارت دراساتهم أن القسوة الشديدة قد تسبب تخلفاً عقلياً لدى الأطفال.

قد يقول البعض إن هناك مدرسين لديهم القدرة على ضبط التلاميذ باللين والحزم في ذات الوقت، ولكني أتحدى أي تربوي يكتسب هذه المقدرة دون تدريب عملي وتثقيف نظري.

 

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply