بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
يمثل خوف الأطفال من المدرسة إحدى المشكلات التي تشكل مصدراً من مصادر الضيق للأسرة وعادة ما يأخذ هذا الخوف شكل التعبير عن الانزعاج الشديد والرعب، والبكاء، أو المغص المعوي، والتمارض في صباح اليوم الدراسي، والتوسل بالبقاء في المنزل وعدم الرغبة في الذهاب إلى المدرسة وفي الغالب فإن مثل هذا الخوف يعتبر أمرا طبيعياً لان الطفل سوف ينتقل إلى بيئة اجتماعية جديدة بالنسبة له ويحدث الخوف عند كثيرٍ من الأطفال ولكن الشيء غير الطبيعي هو استمرار هذا الخوف وتحوله إلى دافع لعدم ذهاب الطفل إلى المدرسة ، ولمواجهه هذا الخوف، والتخفيف منه.
وحتى نساعد أطفالنا في الاندماج في البيئة الجديدة على الأقل يجب أن نجعل من يوم الذهاب إلى المدرسة خبرة سارة و يوماً سعيدا بعيداً عن تهويل الموقف أو القلق، وعمل كل ما من شأنه تحبيب الطفل في المدرسة بالأساليب التربوية المناسبة.
وفي السطور القادمة بعض الأساليب الإرشادية التي يمكن اتباعها للتقليل من الخوف من المدرسة عند الأطفال، والذي عادة يتم تقليصه في فترة قصيرة (قد لا تصل إلى ثلاثة أيام في اغلب الحالات) إذا ما أمكن استخدام هذه الأساليب بشكل منتظم.
أولا: مخا وف الطفل حسب العمر الزمني:
سنتان: مخاوف متعددة منها:
*مخاوف سمعية: مثل الخوف من: القاطرات، الرعد، الناقلات الضخمة، المكانس الكهربائية، الأصوات المرتفعة .
*مخاوف بصرية: الألوان القاتمة، المجسمات الضخمة .
*مخاوف مكانية: لعب أو عرائس متحركة ، الانتقال لبيت جديد
*مخاوف شخصية: انفصال عن الأم وقت النوم،خروج الأم أو مغادرتها المنزل ، المطر والرياح.
*مخاوف مرتبطة بالحيوانات: خاصة الحيوانات المتوحشة .
سنتان ونصف :
*مخاوف مكانية: الخوف من الحركة أو الخوف من تحريك بعض الأشياء .
*مخاوف من الأحجام الضخمة: وخاصة الناقلات .
ثلاث سنوات :
*مخاوف بصرية: الخوف من المسنين ، الأقنعة، الظلام ، الحيوانات ، رجال الشرطة ، اللصوص. مغادرة الأم أو الأب المنزل خاصة أثناء الليل .
أربع سنوات :
*مخاوف سمعية : مثل الخوف من الماكينات ، الظلام ، الحيوانات البرية ، مغادرة الأم المنزل خاصة في الليل .
خمس سنوات :
فترة خالية نسبياً من المخاوف ، لكن المخاوف إن وجدت تكون ملموسة و واقعية كالخوف من الإيذاء والأشرار والاختطاف ، والكلاب، والخوف من عدم عودة الأم أو الأب للمنزل .
ست سنوات: فترة تزايد في المخاوف.. تأخذ أشكالا مختلفة :
*مخاوف سمعية : مثل جرس الباب ، الهاتف ، الأصوات المخيفة ، أصوات الحشرات وبعض أصوات الطيور .
*مخاوف خرافية: مثل الأشباح والعفاريت ، الخوف من اختباء أحد في المنزل أو تحت السرير.
*مخاوف مكانية: الخوف من الضياع أو الفقدان ، الخوف من الغابات والأماكن الموحشة ، *الخوف من بعض العناصر الطبيعية: الخوف من النار، الماء، الرعد، البرق، الخوف من النوم المنفرد، الخوف من البقاء في المنزل أو في حجرة، الخوف من ألا يجد الأم بعد العودة لمنزله أو أن يحدث لها أذى.
*الخوف من أن يعتدي عليه أحد بالضرب ، الخوف من الجروح والدم ، الخوف من خوض خبرة جديده بمفرده، (الخوف من المدرسة كبيئة جديدة ).
سبع سنوات: تستمر المخاوف في الانتشار لتشمل :
*مخاوف بصرية: مثل الخوف من الظلام ، الممرات الضيقة ، الأقبية ، تفسير الظل على أنه أشباح أو كائنات مخيفه .
*الخوف من الحروب والدمار ، الخوف من الجواسيس واللصوص، أو اختباء أحد في المنزل أو تحت السرير أو نحو ذلك .
*مشكلات لا تصل لدرجة الخوف ولكنها مرتبطة بالنمو كالخوف من أن يصل متأخراً إلى المدرسة أو أن يتأخر عن موعد الحافلة ، أو أن يفقد حب الآخرين أو أن يُهمل من الآخرين.
من 8 الي9 سنوات :
تتضاءل عموما المخاوف في هذه الفترة ، فتختفي المخاوف من الماء ، وتقل المخاوف من الظلام بشكل ملحوظ.
عشر سنوات :
تظهرر مخاوف جديدة منتشرة بين أطفال هذه المرحلة ، بالرغم من أن نسبة المخاوف تقل بشكل عام عما كانت عليه في الأعوام السابقة ، وعما ستكون عليه في الأعمار اللاحقة (12سنة) .. ومن أكبر مخاوف هذه الفترة الخوف من الحيوانات ، خاصة الحيوانات المتوحشة والثعابين.. الخوف من الظلام (ولكن بنسبة اقل بين الطلاب).. الخوف من النار والمجرمين و القتلة و اللصوص .
ثانياً الإجراءات الإرشادية :
أ ) تكوين علاقة طيبة بمنسوبي المدرسة ، للتعرف على المشكلة بشكل مبكر قبل استفحالها .
ب) تجنب التركيز على الشكاوى الجسمية والمرضية ، فمثلاً لا تلمس جبهة الطفل لتفحص حرارته ، ولا تسأل عن حالته الصحية صباح كل يوم دراسي ، ويتم هذا بالطبع إذا كنا متأكدين من سلامة حالته الصحية وإلا فعلينا التأكد من ذلك مبكراً أو بشكل خفي .
ج ) تشجيع الأبوين من قبل المدرسة على ضرورة حث الطفل على الذهاب إلى المدرسة مع التوضيح لهما أن مخاوف طفلهما ستختفي تدريجياً ، مع بيان أن استمرار غياب الطفل عن المدرسة سيؤدي إلى تفاقم مخاوفه، وليس العكس.
د) من الواجبات المناطه بالوالدين لتدريب الطفل على التخلص من خوفه من المدرسة، ما يلي :
1- زيارة المدرسة مع الطفل قبل بدء العام الدراسي عدة مرات حتى يتعود الطفل على مشاهدة المعلمين ومرافق المدرسة
2- تجنب مناقشة الطفل في أي موضوع يتعلق بخوفه من المدرسة وخاصة خلال عطلة نهاية الأسبوع التي تسبق الذهاب إلى المدرسة ، فلا شيء يثير خوف الطفل أكثر من الكلام عن موضوع الخوف ، لأن الحديث عنه أكثر إثارة للخوف من المواقف ذاتها ، ولا نناقش أعراض خوفه أيضا، ولا نستخدم أسئلة مثل : هل تشعر بالخوف لأنك ستذهب إلى المدرسة غداً؟ هل أنت مضطرب أو خائف، أو هل تشعر أن قلبك يخفق لأنك ستذهب إلى المدرسة غداً؟
3- أخبر الطفل بكل بساطة في نهاية عطلة الأسبوع، وبالذات في الليلة التي تسبق صباح الذهاب إلى المدرسة بدون انفعال وكأمر واقعي بأنه سيذهب إلى المدرسة غداً.
4- أيقظ الطفل في صباح اليوم التالي، وساعده على ارتداء ملابسه، وزوده ببعض الأطعمة الجذابة على ألا تكون من النوع الدسم الذي قد يؤدي إلى الشعور بالغثيان فيما بعد (لاحظ أن الغثيان من أعراض القلق، وأن إثارته بشكل قصدي أو غير قصدي قد يؤدي إلى إثارة القلق وزيادة حدته).
5- خلال فترة الإعداد هذه تجنب أي أسئلة عن مشاعره ، ولا تثر أي موضوعات خاصة بخوفه حتى ولو كان هدفك زيادة طمأنينته (لا تسأل مثلا إن كان يشعر بالهدوء ).. كل المطلوب أن تأخذه إلى المدرسة، (فقد تكون ردة فعله سلبيه فيتمسك بك، فلا تحاول أن تستجيب له خصوصاً عندما تكون متأكدا من أن ابنك لا يعاني من أي مرض) وسلمه للمرشد أو لأحد المدرسين المعنيين بالاستقبال واترك المكان.
6- عليك عند عودته من المدرسة أن تمتدح سلوكه ، وأن تثني على نجاحه في الذهاب إلي المدرسة، مهما كانت مقاومته أو سخطه أو مخاوفه السابقة (مثل العناد أو الصراخ أو رفض الذهاب إلى المدرسة)، وبغض النظر عما ظهر عليه من أعراض الخوف قبل الذهاب إلى المدرسة أو خلال اليوم كالتقيؤ أو الإسهال .
7- أبلغه أن غداً سيكون أسهل عليه من اليوم، ولا تدخل في مناقشات أكثر من ذلك، وكرر هذه العبارة (إن غداً سيكون أسهل من اليوم) حتى وإن بدا الطفل غير مستعد لذلك .
8- كرر في صباح اليوم التالي نفس ما حدث في اليوم السابق ، وكرر بعد عودته من المدرسة السلوك نفسه بما في ذلك عدم التعليق على مخاوفه ، مع امتداح سلوكه ونجاحه في الذهاب إلى المدرسة.
9- عادة ستختفي الأعراض في اليوم الثالث ، ولمزيد من التدعيم يمكن أن تهديه في اليوم الثالث شيئاً جذابا ، أو يمكن تنفيذ جلسة أسرية بسيطة احتفالا بتغلبه على المشكلة ودخوله المدرسة.
10- استمر في تأكيد العلاقة الإيجابية بالمدرسة لتجنب أي انتكاسات مستقبلية قد تحدث لأي سبب آخر كالعدوان أو المعاملة غير التربوية داخل المدرسة .
11- عندما يستمر هذا الخوف بعد الأسبوع الأول، ويؤدي إلى احجام الطالب عن الذهاب إلى المدرسة يمكن أن تستعين بمركز التوجيه والإرشاد.
ثالثاً : توجيهات عامه :
* اتبع البرنامج المعد من قبل المدرسة (الأسبوع التمهيدي لاستقبال الطلاب المستجدين)
* لا تتأخر عن الموعد المحدد لخروج ابنك من المدرسة حسب البرنامج
* لا تستجب لمخاوف ابنك وانفعالاته عندما تظهر عليه أثناء مغادرتك المدرسة مهما كانت حدتها، فهو بأيدٍ أمينة
*لا تستخدم العقاب في إيقاف الخوف ورفض الذهاب إلى المدرسة
* لا تسرف في تقديم الهدايا لابنك كدعم له للذهاب إلى المدرسة حتى لا يعتمد عليها مستقبلاً
* لا تقارن بين أطفالك في درجة استجابتهم ومخاوفهم التي يظهرونها تجاه الذهاب إلى المدرسة لأن الأطفال يختلفون في قدراتهم وشخصياتهم
وصلى الله وسلم على نبينا محمد والحمد لله رب العالمين
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد