إعداد المعلم


 

بسم الله الرحمن الرحيم

 

يعتبر التعليم نظاماً فرعياً من نظام المجتمع، يؤثر فيه ويتأثر به، وبينهما علاقات تفاعلية متبادلة، ومن ثم فإن تطوير أي منهما له مردود ايجابي على الآخر، ينشطه ويفعله ويحركه نحو تحقيق أهدافه على نحو أفضل.

وبمنطق النظم فإن النظام التعليمي يتكون من مدخلات وعمليات ومخرجات، مدخلات يستمدها النظام التعليمي من المجتمع، ثم يتولى هذا النظام معالجتها بمجموعة من العمليات، من أجل تحويلها إلى مخرجات تتسق مع متطلبات المجتمع واحتياجاته وتطلعاته المستقبلية، وكذلك متطلبات التغيرات العالمية والتكنولوجية.

تتكون مدخلات النظام التعليمي من مدخلات معرفية ومدخلات بشرية، ومدخلات مادية، ويعتبر المعلم أحد أهم المدخلات البشرية، حيث يعتبر المعلم هو العنصر الفعال والمؤثر في مدخلات النظام التعليمي، وفي تحقيق أهدافه على نحو أفضل وبكفاءة عالية، كما أن هذا المعلم هو الركن الأساسي في أي إصلاح أو تطوير تربوي، وأن إعداده بمثابة استراتيجية يمكن من خلالها الحد من الأزمة التربوية المعاصرة.

وتعتبر التربية والتعليم العمل الأساسي والعنصر المؤثر والحاسم في بناء وإقامة مجتمع المعرفة، حيث يقع على عاتقها العبء الأكبر في النهوض بالمجتمع معرفياً وبخاصة في مجتمعاتنا العربية التي تعتبر التربية جوهرية وأساسية في بناء الإنسان والثقافة الإنسانية.

لذا أصبحت السياسات التعليمية تأتي في مقدمة الأولويات لمعظم الدول المتقدمة من خلال التركيز على نظريات رأسمال البشري التي توظف في إعداد وتنمية القوى البشرية للتغيرات الاقتصادية والاجتماعية لمجتمع ما بعد الصناعة Post Industry أو مجتمع المعرفة، حيث أصبحت السياسة التعليمية جزء أساسي من السياسات الاجتماعية والاقتصادية، لذا كان على التربية أن تقوم بتحقيق متطلبات ذلك العصر من خلال العمل على:

1- إطلاق حريات الرأي والتعبير والتنظيم.

2-النشر الكامل لتعليم راقي النوعية.

3-توطين المعرفة.

4-التحول نحو نمط إنتاج المعرفة في البنية الاجتماعية والاقتصادية.

5-تأسيس نموذج معرفي عربي عام، أصيل منفتح ومستنير.

6-المعرفة كسبيل لبلوغ الغايات الإنسانية الأخلاقية الأعلى: الحرية، والعدالة، والكرامة الإنسانية.

وبناء على ذلك سادت العالم عدة توجهات في ميدان إعداد المعلم وتدريبه، ربما من أهمها اختيار

الطالب /المعلم الكفء قبل التحاقه ببرنامج إعداده في كليات إعداد المعلمين من المستوى الجامعي، وتحديث برامج إعداده وتزويدها بالتكنولوجيا المعاصرة، وتطوير المناهج الدراسية بما يتوافق مع احتياجات المجتمع ومتطلبات التقدم العالمية، والاهتمام بتخريج معلم قادر على تنمية قدرات الطلاب واكتشاف مواهبهم.

وانطلاقاً مما حدده مؤتمر وزراء التربية في هلسنكي عام 1987م من أهداف لنظام إعداد المعلم المعاصر، وأعطته الشرعية الدولية وهى(3):

1- إعداد المعلم من المستوى الجامعي، ويتم ذلك في الجامعات وكليات إعداده لمدة ثلاث سنوات على الأقل.

2- تزويد الطالب/ المعلم بالأسس الفكرية التي تمكنه من مواجهة التحديات في أعماله المستقبلية.

3- تزويد الطالب/المعلم بالمهارات اللازمة لإدارة الصف بفعالية، وعمل الفريق مع الزملاء وتوطيد الصلة مع أولياء الأمور.

4- إكسابه سبل اختيار المعرفة الضرورية من بين المعلومات المتاحة.

5- التمكن من التخصص الدقيق.

6- ممارسته الفعالة للتربية العملية ومهاراتها، من أجل تسهيل عمله المستقبلي المدرسة.

7- تزويده بالمعرفة الضرورية الخاصة بمجموعات الفئات الخاصة، وبالمعارف المتعلقة بالثقافات المختلفة.

لقد بدأت غالبية دول العالم المتقدم وبعض الدول الأخرى في تعديل وتطوير نظم إعدادها للمعلم تمشياً مع الاتجاهات العالمية والأهداف السابقة المرجوة من برامج إعداد المعلم، وأضحت النظم المطورة لإعداد المعلم في هذه الدول أحد المعالم البارزة لنظمها التعليمية في الوقت الحالي كما في ألمانيا، وسنغافورة، واليابان، وكوريا، وجمهورية الصين الشعبية، وفرنسا، واستراليا، ونيوزيلندا، وكندا، والولايات المتحدة الأمريكية، ودول عربية أخرى خطت خطوات جيدة في ذلك كمصر والمملكة العربية السعودية.

حيث أصبح للمعلم أكثر من دور وخصوصا مع زيادة الاتجاه لاستخدام التكنولوجيا في التعليم، وبناء على ذلك سيكون الطالب هو محور العملية التعليمية (التعلم المتمركز حول الطالب) وبالتالي سيصبح دور المعلم مرشدا، مدربا رياضيا، ناصحا، كما أن أدواره ستتعدى حجرة الدراسة ولذلك أن تتضمن نظم الإعداد بعض المهارات الإدارية مثل التخطيط والتنظيم. كما يجب أن يعد بحيث يستطيع العمل كجزء من فريق يضم عناصر مختلفة مثل زملائه ومشرفيه والآباء، وسيتركز دور المعلم في تنمية حب التعلم والاكتشاف لدى الطلاب.

 

 

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply