كيف تكتسب الثقة في نفسك ( 6 )


 

بسم الله الرحمن الرحيم

 

يصف الداعية محمد أحمد الراشد العاجز وغير الواثق من نفسه بأنه كثيراً ما تتردد على لسانه هذه الكلمات: [تريد مني أن أكون فقيهاً وليس جدي مالكاً ولا الشافعي، وتطلبون أن أتغنى بالشعر وما ولدني المتنبي ولا البحتري، وتتمنون أن ألوك الفلسفة وليس جاري سقراط، فمن أين يأتي لي الإبداع وقد قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: \"الناس كإبل مئة لا تكاد تجد فيها راحلة\". صححه الألباني في صحيح الجامع.

 

فيرد عليه ويقول له: نعم نريد ونطلب ونتمنى ونظن ونجزم، ولا وجه لاستضعافك نفسك، وقد أعطاك الله ذكاء ونسبيًا، فلم لا تتعلم الشعر وتطلب الفصاحة؟.

 

أخي الكريم، لا زلنا معاً على طريق غرس الثقة بالنفس، وكان موعدنا في الحلقة الماضية مع الوسيلة الخامسة، والتي كانت بعنوان [الانطلاقة المزدوجة]، والتي كانت تتلخص في بناء الثقة بالنفس عن طريق تطوير نقاط القوة لديك والتغلب على نقاط ضعفك.

 

واليوم موعدنا مع الوسيلة السادسة من وسائل كسب الثقة النفس، ألا وهي \'تفكير الواثق\'

تقول روس تايلور صاحبة كتاب الثقة في سبعة أيام فقط: [تتركز الثقة الداخلية بشكل كبير في التفكير، هناك طرق كثيرة للتفكير قد تساعدك كي تمضي قدماًَ نحو مستقبل تتمتع فيه بالمزيد من الثقة].

ويقول أيضاً: [يعد أسلوبك في التفكير بمثابة حجر الأساس الذي ترتكز عليه الثقة].

 

أيها القارئ الكريم، لتعلم أن هناك نوعين من التفكير: تفكير إيجابي يؤدي إلي الشعور بالنجاح والثقة بالنفس، وعلى النقيض تفكير سلبي يؤدي إلى الشعور بالفشل وفقد الثقة بالنفس، وسنعرض لك أخي الكريم بعض مزالق التفكير السلبي، وكيف تحولها إلي التفكير الإيجابي \'تفكير الواثق بنفسه\'.

 

مزالق التفكير السلبي:

إليك بعض أنواع التفكير السلبي التي يقع تحت أسرها كثير من الناس، وبالتالي يفقدون ثقتهم بأنفسهم:

1- أنا موعود بالأشياء السيئة:

هذا النوع من التفكير يسمى بالتفكير السيئ دائماًََ، وهو شعور الشخص بأن الحياة ستعصف به دوماًَ مهما فعل، ولذا على الأرجح أن الشخص يستسلم بسهولة، ويشعر بقلة الحيلة عند مواجهة أي كارثة.

 

وكمثال لذلك: تحكي أحد المتطوعات للعمل في نُزل إيواء المشردين، أنها عندما تقوم بمقابلة الشباب قبل دخولهم إلى المنزلº كانت تجد أنهم مفعمون بالأمل والتوقعات من أجل المستقبل، ولكن بعد أن يمر عليهم أسبوعان داخل النزل، وبعد أن يجلسوا مع أمثالهم من النزلاء الذين قضوا أمداً طويلاً في النزلº يبدءون في الحديث أنهم يشعرون بالأسر، وأنهم لن يجدوا أبداً فرصة للخروج من أخدود الحياة الكئيبة، لقد أصبحوا دائماً يفكرون بطريقة تشاؤمية مثل الباقين، وأصبحوا خاملين ويائسين، هؤلاء الشباب للأسف اكتسبوا نوعاً من \'التفكير السيئ دائماً\'

ومن علامات الشخص الذي عنده هذا النوع من التفكير، استخدامه لكلمات مثل \'دائماً\' و \'أبداً\'، وإليك هذه الأمثلة:

- \'لا ترغب أبداً أيها الشخص في فعل ما أريده\'

- \'لا تصلح معي أنظمة الحمية الغذائية\'

- \'دائماً ما أجد نفسي وسط هذه الفوضى\'

 

العلاج:

إن هذا الشخص في حاجة إلى التفاؤل بالخير، وإذا حدث أي شيء سيئº عليه أن يعتقد أنه مجرد أزمة عارضة، وأنه سوف يسترد عافيته قريباً، وإليك هذه الأمثلة:

1- بدلًا من قول: لا ترغب أبداً أيها الشخص في فعل ما أريده.

قل: أعرف أنك تحب أن تقوم بما ترغب فيه لكن سوف يكون شيئاً عظيماً لو فعلت ما أرغب فيه أحياناً.

2- وبدلًا من قول: لا تصلح معي أنظمة الحمية الغذائية.

قل: لا تصلح أنظمة الحمية الغذائية معي عندما أكون متعباً. سوف تكون فعالة عندما أسترخي وأستريح.

3- بدلًا من قول: دائماً ما أجد نفسي وسط هذه الفوضى.

قل: أشعر بأنني في حالة من الفوضى الآن لكن سوف يصبح كل شيء على ما يرام قريباً.

 

2- التفكير السلبي \'أفلحت فيما قمت به اليوم، لكنني مع سوء حظي أتوقع أن ذلك لن يفلح غداً\'.

عندما ننسب كل الأحداث الطيبة إلي الحظ والصدفةº فلا شك أن هذا تفكير خاطئ، فقد جعل الله لكل شيء سبباً، وقال - تعالى -: {إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم}، ولذا فمن الطبيعي إذا حقق الإنسان نجاحاً أن يشكر الله - تعالى -، وأن يبني على هذا النجاح، وأن يعلم أنه ليس هناك سبب يحول دون استمرار النجاح، أما أصحاب هذا النوع من التفكير فيعتقدون أنهم بمجرد ما يصبحوا ناجحينº ستنقلب الأمور رأساً على عقب.

ولذا فمن الكلمات والعبارات التي يستخدمونها كثيراًَ في هذه المواقف: \'مسألة حظ\' و \'مجرد\' و \'فقط\' مثل:

\' آخر مرة حققت فيها نجاحاً هي التي تحدد مقدار النجاح. أعتقد أن كل هذا يمكن أن يختفي في طرفة عين \'

\' أنني أحقق نجاحاً فقط عندما يساعدني الآخرون وقت الحاجة \'

\' هذا النجاح الذي حققته لن يدوم طويلاً \'

 

العلاج:

كما ذكرنا أن الله - تعالى -قد جعل لكل شيء سبباً فإذا أخذت بأسباب النجاح، وتوكلت على الله تعالىº فلا شك أن الله - تعالى -سيوفقك وينصرك وييسر لك سبل النجاح، قال - تعالى -: {والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا وإن الله لمع المحسنين}.

وإليك هذه الجمل الإيجابية استخدمها كعلاج لتلك الجمل السلبية التي مرت، وحدِّث نفسك إن كنت من أصحاب ذلك التفكير- دائمًا بهذه الجمل الإيجابية:

1-فبدلًا من قولك: أعتقد أن كل هذا يمكن أن يختفي في طرفة عين.

قل: ليس هناك من سبب بإذن الله يحول بيني وبين الاستمرار في تحقيق نتائج أكبر وأفضل.

2-وبدلًا من قولك: إنني أحقق نجاحاً فقط عندما يساعدني الآخرون وقت الحاجة.

قل: إنني بحمد الله أجيد فن تحفيز الآخرين وتشجيعهم لتشكيل فريق عمل ناجح، ربما يمكنني أن أعمم ذلك على الشركة ككل.

3-وبدلًا من قولك: هذا النجاح الذي حققته لن يدوم طويلاً.

 

قل: عليَّ أن أشكر نعمة الله - تعالى -، قال - تعالى -: {وإذ تأذن ربكم لئن شكرتم لأزيدنكم}، وسيزيدني الله - تعالى -بإذنه نجاحاً فوق نجاح.

ويبقى لنا نوعين من أنواع التفكير السلبي نوضحهما بإذن الله في المقالة القادمة.

فإلى لقاء قريب بإذن الله.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

 

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply