في البحث عن خليفة : فن الإدارة والقيادة


 

بسم الله الرحمن الرحيم

 

ثمة حقيقة مقبولة في عالم اليوم مفادها أنه لا يمكن للمرء أن يشغل وظيفة ما مدى الحياة، وهذا من شأنه أن يلقي الضوء على الحاجة الملحّة الملقاة على عاتق كبار المسؤولين في الشركات من أجل وضع خطط اختيار نوابهم في أولويّات جدول أعمالهمº فربما يستغرق الأمر وقتاً طويلاً للعثور على أشخاص موهوبين يستطيعون فهم واستيعاب طبيعة العمل الجاري.

ولكن إذا قمت بالبدء في إنشاء شركة، وبذلت الجهد للوصول بها إلى النجاح، فمن المحتمل أن يكون آخر ما يطرأ على ذهنك هو فترة الصلاحيّة الخاصة بك أو حاجتك في اختيار خليفة.

إن الخاصية الأولى بالطبع هي بناء فريق عمل قويّ من حولك..فريق يدعّم عيوبك.وإذا لم تفعل ذلك فستجد أن فترة صلاحيّتك الخاصة أقصر مما تتخيّل.

إن العثور على الأشخاص الذين يمكن أن يخلفوك ليس بالشيء الذي يمكن أن تفعله بين عشيّة وضُحاها، وغالباً ما يكون محفوفاً بالمصاعب. والقرارات السيئة عادة ما تخرج إلى النور عندما ينتقل القائد الناجح بعيداً عن مركز الضوء. وعندما يقوم أحد الخلفاء بتحويل هرم نقديّ بالمليارات إلى خسارة فادحة بالمليارات في أقل من عامين، كما حدث مؤخراً في إحدى الشركات، فمن الواضح أنك فهمت الأمر على نحو خاطئ!

إن \"فترة الصلاحيّة\" تحتاج أن تضع في اعتبارها الدورة التقييميّة للشركة والمهارات المطلوبة في كل نقطة من هذه الدورة. الشركة تبدأ حياتها كفرخ صغير، وعادة ما يديرها شخص لديه فكرة، ولكن هل هذا الشخص ذو الفكرة هو الأصلح لإدارة شركة تبدأ حياتها كفرخ؟

وفي الغالب يعمل المؤسّسون في موقع الرؤساء الفنيين بشكل أفضل من كونهم رؤساء تنفيذيين، ومن المحتمل أنهم تلقّوا النصح لجلب مدير محترف منذ البدايةº لأن ذلك سيجعلهم يتحركون إلى الأمام بشكل أسرع. وهذا لا يعني بالضرورة فقدان القدرة على التحكمº لأن المؤسّس سيكون هناك لرسم رؤية المدير حول مسار الشركة، بينما يقوم الرؤساء التنفيذيّون بتحويل هذه الرؤية إلى واقع.

إننا في حاجة إلى الحديث أكثر عن القيادة والإدارة، ولاسيما لقبول وفهم الاختلافات الدقيقة -بل الحرجة- بين القادة والمديرين، وأن الواحد منهما لا يمكن أن يوجد بدون الآخر.

وفي مقال لـ(جون بي كوتر) بعنوان (ما يفعله القادة بالفعل) في مجلة هارفارد بزنس في عام 1990، شرح الكاتب بكل وضوح الاختلافات بين القيادة والإدارة. وبالرغم من مرور زهاء (15) عاماً على المقال، فإن ما قاله صحيح إلى اليوم.

لقد وصف الإدارة بأنها تتعامل مع الأمور المعقدة، بينما تتماشى القيادة مع التغيير، واستمر في شرحه قائلاً: إن المديرين يحتاجون إلى أخذ قرارات بما يريدون فعله، ثم يقومون بإيجاد شبكات من الأفراد والعلاقات لتحقيق برنامج عملهم. ويقوم القادة بالتركيز على رصّ الأشخاص وجعلهم يقبلون الرسالة، ومن ثم تفعيلهم حتى يعملوا من تلقاء أنفسهم.

ومن هنا يضمن المدير تنفيذ برنامج العمل، بينما يكون القائد هناك للتحفيز والإلهام. لقد استوعب عمالقة الماضي هذه الحقيقة البدهيّة البسيطة بشكل غريزي، ولكنني أعتقد أنها ربما- قد ضاعت في الاضطراب الإداري الذي نشهده اليوم.

 

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply