بسم الله الرحمن الرحيم
يعاني العمل الإسلامي من أزمة قيادة حقيقية، ربما صارت هذه بدهية لدى الكثيرين، لكنهم يختزلون القيادة في عنصرها البشري فقط، بينما التأمل العميق في ثنايا الأزمة يكشف أن الفقر القيادي ثلاثي الأبعادº فهناك : الفكر القائد ـ العمل القائد ـ الشخص القائد. وتتوفر صفة القيادة لأي من هذه الأبعاد عندما يحتشد خلفه قطاعات عريضة من العاملين للإسلام.
وهذه الأبعاد ـ ثلاثتها ـ تلزم للعمل الإسلامي كي ينهض من كبوته، وتلك وضعية مثالية لم تتوفر له في السبعين عاماً الماضية إلا مرات قليلة، لكن في ظل واقع متدهور، يصبح الجمع بينها مطلباً صعب المنال، والأولى أن تنهض الهمم لتوفير أهم تلك الأبعاد وأكثرها قدرة على إذابة الجمود الذي أصاب العمل الإسلامي، ونحسب أن الفكر القائد له الأولوية، والأجدر بتركيز الطاقات من أجل إيجاده باعتباره طليعة أي عمل دعوي ناجح، ولا نعني بقيادة الفكر تدارسَ ما فات، وإنما السعي بقوة لصياغة رؤية فكرية تأصيلية مجددة متكاملة، تصلح لإدارة، وقيادة، وتفعيل ـ وليس تسكين ـ العمل الإسلامي.
وتزداد أهمية هذا البعد الفكري القيادي، في ظل محاولات الترويج لرؤى فكرية ارتدادية تفكيكية، تعود بالحركة الإسلامية ثلاثين عاماً إلى الوراء لتجد نفسها منشغلة ـ بعد كل هذا العناء ـ بلملمة ما تبعثر من ثوابتها، وترميم ما اهتز من أصولها، ومن ثم كان لا بد أن تتوفر في هذه الرؤية المجددة قدرتان: القدرة على مقاومة الفكر الارتجاعي، والقدرة على تحريك العمل الإسلامي والأمة بأسرها خطوات إلى الأمام.
هذه الدعوة إلى قيادة فكر جديد لا تعني أبداً إهدار الإنجازات الفكرية التي تراكمت طيلة عقود ماضية، فلا شك لدينا في ثرائها، ولكنها لا ترقى إلى مستوى القيادة المطلوبº لأنها فقدت قدرتها على المواءمة الظرفية الزمنيةº لذا بدا واضحاً: التعثر.. والتكرار.. والتناقض، في أداء الحركات الإسلامية تحت وطأة التداعيات السياسية في العقد الأخيرº حيث انتهى الأمر أن أصبح منهاج الفعل ينحصر لدى بعضهم في أعمال تفجيرية، تُدمي العمل الإسلامي قبل أن تخدش أعداءه، أو مبادرات فردية لا تحرك الماء الساكن، أو رؤى تمسخ الهوية وتذيبها في أهواء الآخرين، بينما قنع آخرون بمنهاج رد الفعل، و اعتبروه الأسلم والأحكم.
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد