ملامح صياغة الخطة


 

بسم الله الرحمن الرحيم

                    

 

أضحت المنافسة الشديدة في عالم اليوم بالإضافة إلى تعقد ظروف العمل دافعًا مهمًا لمتخذي القرار - أيًا كان مدار عملهم- إلى عدم الإقدام على اتخاذ قرار إلا بعد صياغة الخطة التي تقرب لهم خطوات المستقبل وتفتح لهم خيارات أوسع تتيح لهم اتخاذ القرار الأقل كلفة والأكثر ربحًا و التخطيط يعد الوسيلة الناجحة لصناعة قرار ذو قيمة ربحية أعلى ومخاطر أقل، وأي بناء تخطيطي لايمكن أن يتم بدون أسس يرتكز عليها ومن هنا سنحاول التطرق إلى أهم الأسس التي ترتكز عليها العملية التخطيطية وأبرز جوانب نجاحها حتى يتسنى لنا أن نبدأ في تلمسها في جوانب حياتنا المسلمة كلها :يعرف دور الخطة
بأنها: ( عملية إعداد مجموعة من القرارات لمواجهة المستقبل .. وتوجيهه إلى تحقيق أفضل الأهداف ) وبذلك التعريف يظهر لنا أن التخطيط يسعى إلى تحقيق الهدف وذلك عبر تحديده ورسم ملامحه بشكل واضح جلي يسهل معه قياسه كميًا، وهذا الوضوح بدوره سيكون المحرك الرئيس قي صياغة أي خطة في إطار أي تنظيم ولعل نظرة بسيطة إلى واقع التجربة العربية الحاكمة وعلاقتها بالسلطة يتضح بما لا يدع مجالاً للشك كيف أن الفعل الحضاري العربي متوقف عن النمو المؤثر الإيجابي بسبب ضبابية الهدف بين القائد وبين الإنسان الفاعل المنفذ...الذي لا يعرف ماذا يراد منه حتى اللحظة وما هي ملامح خطة الوصول للهدف المراد تحقيقه! وهنا نفرق بين خطة علمية وبين قرار آني لحظي عشوائي التركيب.
وهذا المثال بدوره ينسحب على المؤسسات التجارية الخاصة كذلك، فإذا ما قررت الإدارة العليا زيادة الإنتاجية بمعدل 10% مثلا بعد دراسة لإمكانات واحتياجات المؤسسة ثم تركت الموظفين دون أن توضح لهم هذا التوجه الخططي الجديد وملامح صياغته وتحديد دور كل فرد داخل إطار التنظيم المؤسسي حتى تكتمل العملية للوصول للهدف الجديد فهل يتوقع أن تنجح خطة كهذه؟


مقومات التخطيط:
لابد لنجاح أي عملية تخطيط من توفر مقومات و إمكانات يستطيع المخطط تشكيلها في خدمة هدفه النهائي وهذه الإمكانات سواء أكانت موارد طبيعية أو مالية أو كفاءات بشرية أو تقنية تتطلب منا حسن تنظيم وإدارة وموائمة بين مانحتاج إليه في سبيل نجاح الخطة وبين ما نملك على أرض الواقع وكيف نضخ مزيد من الإمكانات ونبحث عنها في حال عجزت إمكاناتنا الحالية عنها لتسهيل القيام بدورنا بحيث تصب كلها في تحقيق الهدف .


خطوات التخطيط:
*
حدد ملامح هدفك بشكل دقيق وارسم تصورك لشكل هذا الهدف
*
ابدأ بجمع المعلومات عن هدفك...أفضل وسائل تحقيقه .. إمكاناتك .. احتياجاتك ..
*
ابدأ بتحليل وموازنة بين هذه الإمكانات والاحتياجات ثم رتب أولويات سير خطتك .
*
ضع خطتك في شكل يتيح لها القياس كميا حتى تستطيع التأكد من حجم الإنجاز ومدى موائمته لتصوراتك السابقة .
*
ابدأ بقراءة المستقبل استنادا على ما تحمل من معلومات سابقة وذلك بوضع كل الاحتمالات الممكنة
*
ضع خطط بديلة لكل توقع تهدف منها لتقليل الخسائر ومن ثم الالتفاف للعودة لمسار خطتك مرة أخرى
*
اجمع كل الآراء حول ما خططت له قبل البدء بالتنفيذ
*
ابدأ متوكلاً على الله بتنفيذ الخطة : وهذه المرحلة هي التي تتيح إنزال كل التصورات النظرية على أرض الواقع وهي مرحلة دقيقة تفشل كثير من المؤسسات والجماعات والدول في تحقيقها بسبب ضعف الاهتمام بالمعلومات التي تبنى على أساسها الخطط .
*
المتابعة والتقييم: فالمتابعة الدقيقة هي التي تتيح تعديل أي انحراف قد يطرأ على الخطة بحيث تظل مقياسًا نابضًا ومقودًا لحركة خطتك يوقف جموح تنفيذها، وقد يفاجأ المشرف باستحالة تحقيق الهدف على أرض الواقع فينبغي عليه أن يكون صادقا وأن يرجع للبحث عن هدف ممكن التحقيق فالعودة للحق خير من إهدار جهود موظفيك هباءً بسبب خطأ في التقدير .


كيف تكون مخططًا ناجحًا؟
1-
تلمَّس من سيرة الرسول - صلى الله عليه وسلم - المجال الحيوي للخطة منذ بدء الدعوة السرية حتى بناء الدولة الإسلامية فكل منعطف يحمل نموذجا خططيا بارزا بإمكان المخطط المسلم الاستفادة منها.
 2-
بذل أقصى الجهد ثم التوكل على الله متيقنا النجاح بإذنه تعالى .. بحيث توازن بين هذه الثقة وبين سلوكك الخططي الذي يضع كل الاحتمالات نصب عينيك.

 3-
ضع في اعتبارك أسوأ الاحتمالات.. ابدأ بوضع خطة مناسبة لتقليل الخسائر ومن ثم العودة لمواصلة الهدف الأسمى .
 4-
لابد من معرفة عميقة بالأهداف بعيدة المدى للخطة فموقع كالإسلام اليوم مثلاً لا يمكن لواضع خطة بنائه أن يكون ذا هدف لحظي بل هو في مضمونه وقراءته يلتقي بهدفه هذا و يتجاوز في تراكماته النتائج التي يحققها الموقع في هذه الأيام ويشكل في طريق هدف الأمة الإسلامية - البعيد المدى- لبنة توضع في مسار تحقيقه .
*
لابد من امتلاكك لروح المبادرة
*
قدرتك على تقسيم العمل وتخصيصه ووضع كل فرد داخل إطار التنظيم بما يتلاءم وإمكاناته ويحدد مدى اقترابك من خطوط النجاح الخططي المستهدف.
*
معرفتك التامة بالمؤثرات المحيطة بك كمخطط سواء أكانت داخلية من بيئة العمل نفسها أو خارجية سواء أكانت سياسية أو اقتصادية أو اجتماعية تساعدك على صناعة إطارك الخططي في جو أقل مخاطرة .
*-
لا تبدأ بوضع خطة لم تتعرف قبلها على آراء فريق عملك
*
لكل فرد هدف خاص به والمخطط الناجح هو من يستطيع أن يوجد رابط تقاطعي بين كل أهداف الأفراد الخاصة وهدف المنظمة العام سواء أكانت دولة أو مؤسسة خاصة أو أسرة مسلمة.

وأخيرًا : لايعني التخطيط رسم دقيق لكل ماقد يواجهك من صعوبات، فقد يفاجأ المخطط بانحرافات غير متوقعة والذكاء الخططي يعني فيما يعنيه مدى مرونة هذه الخطة لتحمل أي تغيير قد يطرأ في مسارها بأقل التكاليف ومن ثم قدرة هذا التغيير في المسار على الوصول إلى نفس الهدف المحدد وبأقل تكلفة .

 

 

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply