بطاقة.. إلى المسافر المقيم


 

بسم الله الرحمن الرحيم

يا ولدي..

 

ماذا أكتب لك؟!!

 

كلمات العالم كلها لا تفي بما أريد!!

 

فمن أين لي بكلمات تزرع الفرح في فؤادك، وتعيد الحب إلى قلبك؟؟

 

من أين لي بكلمات ترسم البسمة في عينيك قبل أن ترتسم على شفاهك؟؟

 

من أين؟؟ وقد صدأ قلمي كما صدأ قلبي، وباتت كلماتي مُرّةً مُرّة.. مرارة الحنظل؟

 

يا ولدي.. أمضيت أياماً من عمري وسنوات، أفنيتُها لأجلك، عساي أرى في مستقبلك مستقبلي الذي ضاع، وفي حياتك حياتي التي أردتُ ولم تكن.. وها أنت - ولمّا تشبَّ عن الطوق بعد تتركني.. ملقياً باللوم في كل ما عانيتُ.. عليّ وحدي، وأتساءل أإلى هذا الحد كان حليبك- الذي ارتشفته من صدري قطرة إثر قطرة- مشبعاً بالحقد واللؤم؟.. أم أني لم أحسنُ إيصال حبي ومشاعري إليك كما أوصلت غذاءك وأنت جنين في أحشائي لم تزل؟ قسوتك عليَّ تلك الأيام، حفرت أخدوداً عميقاً في قلبي، أعمق من كل ما صنعته بي أيامي.. فهي لم تكن يوماً بضعة مني، وأنت مني.. أنت أنا، فهل رأيت عاقلاً يدمي نفسه بيده؟!

 

يا ولدي..

 

شوقي إليك يضجٌّ في حناياي كبركان ثائر، الله وحده يعلم متى وكيف يهدأ.. والقلق عليك ينهش أضلعي ويقتات أعصابي، وأنت صامت صامت.. ترى هل أحتلٌّ شيئاً من تفكيرك وأنت عني بعيد؟ هل ينبض قلبك بعضاً من نبضات حنيني إليك؟ أم تراه تحجر كما الدموع في مآقيّ؟

 

حين أذكرك يا ولدي، تتحول روحي أطيافاً هائمة تحلق بعيداً تبحث عنك، تجول هنا وهناك، تفتش الدروب عساها تعثر على آثار خطاك، تتلمس القلوب عساها تلمس قلبك فيعود غضاً طرياً كما كان.. لكنها ترجع خائبة منكسرة وقد أتعبها البحث وملّت الطواف دون جدوى.. فأتخيلك وأنت ما زلت صغيراً بين ذراعيّ، تزغرد الضحكة في عينيك، فأتمنى لو عدت إليَّ، أحتضنك من جديد ولو كانت روحي هي الثمن.

 

كل ما أرجوه..أن تستوطن السكينة قلبك، ويحل السلام فؤادك المتعب، ويحفظك الله سالماً من كل سوء، وأنت ما زلت عني بعيد

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply