الحمد لله، و الصلاة و السلام على رسول الله، و على آله و صحبه و من والاه.
أما بعد:
(فإن النحو علم يُعرف به حقائق المعاني، و يوقف به على معرفة الأصول و المباني، و يحتاج إليه في معرفة الأحكام، و يستدل به على الفرق بين الحلال و الحرام، و يُتوصل بمعرفته إلى معاني الكتاب، و ما فيه من الحكمة و فصل الخطاب)[1]
و لابد له مع ذلك من أصول تُحكمه، و ضوابط تضبطه حتى يكون الاستدلال، و الاحتجاج على أصول و قواعد محكمة.
و قد كتب في ذلك الجلال السيوطي (الاقتراح في أصول النحو و جدله) فنثر فيه درراً، و غرراً، و فوائد بديعة، و شوارد رفيعة.
و مما زاده جمالاً على جماله شرح ابن الطيب الفاسي (فيض نشر الانشراح من روض طي الاقتراح) عليه، فجلى فيه غوامضه، و أبان مشكلاته.
و قد اعتراهما حشوٌ يُورث الملل و السآمة على المشتغل بالقراءة فيهما.
و قد صحَّ العزم باختصار و تهذيب لكتاب السيوطي مقتصراً فيه على المهم من تلك الأصول، وزائداً عليه المهم من غيـره، مجانباً للحشو فيه.
و سميته بـ (النحو إلى أصول النحو).
و مرادي بـ (النحو) الأولى القصد إذ هو من معانيه [2]، و بالثانية العلم - أي علم النحو -.
و الله أسأل أن ينفع به كما نفع بأصله.
مقدمات:
أصول النحو: علم يُبحث فيه عن أدلة النحو الإجمالية من حيث هي أدلته، و كيفية الاستدلال بها، و حال المستدل بها.
حد النحو: علم بأصولٍ, يُعرف بها أحوال أواخر الكلم العربية إعراباً و بناءً.
و قيل: انتحاء سمتِ كلام العرب ليلحق مَن ليس مِن أهل العربية بأهلها في الفصاحة.
حد اللغات: اللغة أصوات يُعَبِّر بها كل قوم عن أغراضهم.
فصل في مبدأ اللغة:
اختلف أهل العربية في ذلك على أقوال ثلاثة:
الأول: أنها من وضع الله - تعالى -. وهو الأرجح.
الثاني: أنها اصطلاحية.
الثالث: التوقف.
فصل في المناسبة بين الألفاظ و المعاني:
أطبق أهل اللغة على التناسب بين الألفاظ و المعاني، بل الألفاظ قوالب للمعاني.
و هي شرط في الألفاظ لأنها إن كانت من وضع الله - تعالى -فهي لازمة لحكمته، أو كانت من وضع البشر فهي ظاهرة لمرادهم لمعناها.
و دلالة الألفاظ على المعاني إما:
(1) بذواتها.
(2) أو بوضع الله - تعالى -.
(3) أو بوضع الناس.
(4) أو بكون البعض بوضع الله، و البعض بوضع الناس.
فصل في الدلالات النحوية:
الدلالة هي ما يقتضيه اللفظ عند إطلاقه.
و هي ثلاث دلالات:
الأولى: دلالة لفظية: وهو ما يعود إلى القول و الكلام.
الثانية: دلالة صناعية: و هي ما يعرف بالمصطلح.
الثالثة: دلالة معنوية: وهو ما يفهم من الملابسات المحيطة بالمتكلم من غير استعانة بكلام كـقولك للمسافر: سفرا سعيدا أي تسافر سفرا سعيدا.
فصل في الحكم النحوي:
الحكم النحوي ستة أقسام:
الأول: الواجبº كـ (رفع الفاعل) و تأخره عن الفعل.
الثاني: الممنوعº كعكس ما سبق.
الثالث: الحسنºكرفع المضارع الواقع جزاءً بعد شرط ماضٍ,.
الرابع: القبيحº كرفع المضارع بعد شرط مضارع. وهو ضعيف أو ضرورة.
الخامس: خلاف الأولىºكتقديم الفاعل على المفعول نحو (ضرب غلامُهُ زيداً) بدلاً من (ضرب زيداً غلامه).
السادس: جائز على السواءº كحذف المبتدأ أو الخبر أو إثباته حيث لا مانع من الحذف و لا مقتضى له.
و منه رخصة: وهو ما جاز استعماله لضرورة الشعر.
فصل في طرق معرفة العجمة:
الكلام العجمي هو كلٌّ ما ليس بعربي، و لو نقل إلى العربية.
و لمعرفة العجمة في الاسم طرائق سبعة:
الأولى: أن يُعرف بالنقل عن إمام من أئمة العربية.
الثانية: أن يكون خارجاً عن أوزان الأسماء العربية.
الثالثة: أن يكون أوله نون ثم راء كـ (نرجس)، فإنه لا يعرف في العربية اسم هذه حاله.
الرابعة: أن يكون آخره دالٌ بعدها زاي كـ (مهندز)، أو دالٌ بعدها ذال كـ (بغداذ).
الخامسة: أن يجتمع فيه:
(1) الجيم و الصاد كـ (الصولجان).
(2) الجيم و القاف كـ (المنجنيق).
(3) الجيم و الكاف كـ (جنكيز).
(4) الجيم و الطاء كـ (الطاجن).
(5) السين و الذال كـ (السذَّاب).
(6) الصاد و الطاء كـ (صراط
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد