الاكتئاب .. تشخيصه .. أنواعه وأسبابه


 

بسم الله الرحمن الرحيم

 

الاكتئاب هو مرض وليس حالة يمر بها الإنسان. وللاكتئاب في معظم الحالات أسباب عضوية مثله في ذلك مثل أي مرض آخر. و الإكتئاب من أكثر الأمراض انتشارا في العالم حيث يعاني منه حوالي 30% من المترددين إلى عيادات الأطباء العاملين في العيادات النفسية الخاصة والعامة. إن ما يقارب من 10% من الناس يصابون بهذا المرض ومعظمهم لا يراجعون أي طبيب للتشخيص أو العلاج. وإن خطر الانتحار يزداد بين المصابين بهذا المرض وخصوصا ممن لا يستخدمون أي علاج له.

 

للإكتئاب أعراض كثيرة منها ما يمكن التعرف إليه بسهولة، ومنها ما لا يظهر كعرض نفسي، بل يتخفى كعرض عضوي أو شكوى، مثل:

 

* سرعة الشعور بالإرهاق والتعب والخمول

 

* عدم الاستمتاع بالوقت والنشاطات التي كانت ممتعة في السابق

 

* اضطرابات في النوم كالأرق وأحيانا كثرة النوم.

 

* وجود آلام عامة غير محددة بالجسم من دون مرض عضوي واضح.

 

* تزايد أعراض القلق والعصبية الزائدة عن المعتاد

 

* اضطرابات في الجهاز الهضمي

 

أعراض الاكتئاب:

من الأعراض الخاصة للإكتئاب ما يكون مرتبطا بصورة مباشرة بالمرض، منها:

 

* أعراض خاصة بمزاج الفرد.

 

* أعراض جسدية.

 

* أعراض خاصة بنشاط الفرد وحيويته، كالحركة الزائدة وعدم الاستقرار، أو على العكس كالتكاسل والإحباط، أو حتى كثرة الشعور بالإرهاق السريع وفقدان الطاقة.

 

* أعراض انخفاض في الرغبة الجنسية.

 

* أعراض نفسية عامة، مثل: انخفاض الشهية للطعام، اضطراب النوم، قلق وتعكر المزاج، الشعور بالحزن، نوبات البكاء، وقلة في التركيز والقدرة على القراءة والمذاكرة وبالتالي انخفاض المستوى الدراسي.

 

* الشعور بعدم الثقة بالنفس والتعب.

 

* الأفكار التشاؤمية بأنواعها، وبتفاقم الحالة تجول أفكار حول جدوى الحياة أو التفكير والتمني بالتخلص منها.

 

التاريخ المرضي:

للاكتئاب استعدادات وراثية في كثير من الأحيان. ووجود ذلك المرض، خصوصا إذا كان من النوع الشديد، يدل على احتمال كبير لإصابة فرد من أفراد العائلة به.

 

أنواع الاكتئاب:

هناك عدة أنواع من الاكتئاب لكل منها خصائص متميزة وطريقة علاج. إلا أن الخوض في تفاصيلها لن يعود بفائدة على غير المختص. ونذكر على سبيل المثال:

 

* الاكتئاب التفاعلي، أو الارتباك الوجداني.

 

* الاكتئاب الرئيسي، والمعروف أيضا بالاكتئاب الجسيم.

 

* الاكتئاب المصاحب للاضطراب الوجداني ذو القطبين، وسمي كذلك لحدوث الاكتئاب بصورة دورية مع الهوس، وأحيانا مصحوبا يهذيان، أو قد يكون اكتئاباً دورياً ذا قطب واحد.

 

* الاكتئاب المصاحب للحمل بعد الولادة، ومنه ما يتصل بأعراض سوداوية وأنواع أخرى تهم المختصين.

 

أسباب الاكتئاب:

على الرغم من أن مرض الاكتئاب هو من أكثر الأمراض النفسية والعضوية انتشارا في العالم، إلا أن الطب الحديث لم يتوصل بعد إلى معرفة الأسباب المباشرة والحقيقة للإصابة به. ولكن توجد نظريات وملاحظات تدل على بعض أسبابه، منها:

 

* وجود نقص أو تغيرات في الموصلات العصبية.

 

* وجود تغيرات غير طبيعية في حساسية أو عدد المستقبلات الموجودة على غشاء الخلية العصبية، والتي تتحكم في نقل أو تأثير الناقلات والهرمونات وجميع المواد الكيميائية الموجودة في المخ والتي تؤثر في فعاليات ووظيفة الخلية العصبية.

 

* وجود تاريخ عائلي سابق للإصابة بالاكتئاب عند الشخص نفسه، ولكن توجد أنواع من الاكتئاب لا ترتبط بأية آثار موجودة في العائلة.

 

* وجود ضغوط نفسية شديدة في حياة الشخص، فالإجهاد النفسي وضغوط الحياة من أهم الأسباب التي تسبب حدوث مرض الاكتئاب، ولكنها في الغالب غير كافية لتطور المرض. ربما تكون ضغوط الحياة السبب في ابتداء المرض، ولكن حتى يتمكن المرض من الإنسان تكون الاستعدادات الوراثية والعضوية سببا رئيسيا له.

 

أمراض جسدية قد تؤدي إلى الاكتئاب:

كثير من الأمراض التي تصيب الجسم تسبب بطريقة مباشرة أو غير مباشرة الإصابة بالاكتئاب كعرض او مرض ثانوي لتلك الحالة، مثال ذلك:

 

* بعض أمراض الغدد الصماء كمرض السكر واضطرابات الغدة الدرقية.

 

* بعض الأمراض الروماتزمية كالتهاب المفاصل.

 

* بعض الأمراض السرطانية الخبيثة كسرطان الرئة والثدي والبنكرياس وغيرها.

 

* بعض أمراض الجهاز العصبي كشلل الرعاش وجلطات الدماغ والتصلب المتعدد وغيرها.

 

* بعض الآثار الجانبية لأنواع من الأدوية كالكورتيزون، وبعض مضادات ارتفاع ضغط الدم وغيرها.

 

إذاً، الاكتئاب ممكن أن يكون:

 

* بسبب مرض جسدي آخر.

 

* متزامنا مع مرض جسدي آخر.

 

* نتيجة آثار جانبية لعلاج مرض جسدي آخر.

 

الاكتئاب والقلق:

توجد علاقة وثيقة بين القلق والاكتئاب. فهما وإن كانا مرضين نفسيين مستقلين، إلا أنهما في أكثر الأحيان متزامنان مترافقان. وأحيانا يكون القلق جزءا من الاكتئاب أو نتيجة أو سببا له. كما أن علاج الاكتئاب وخصوصا العلاج الدوائي، أي مضادات الاكتئاب، مفيد جدا في علاج القلق في أكثر الأحيان.

 

إجابات عن تساؤلات شائعة:

* نعم، اضطرابات النوم تزول في معظم الأحيان عن طريق العلاج الدوائي للاكتئاب وبدون الحاجة في استخدام أي عقار منوم.

 

* أجل، الشكوى الجسدية قد تزول بعد أسابيع قليلة من العلاج.

 

* بعض أعراض الاكتئاب قد تستمر عدة أسابيع بعد بدء العلاج قبل أن تزول تماما.

 

* بالتأكيد، الاستمرار على العلاج ضروري وشرط أساسي لتحسن الأعراض واختفائها بإذن الله - تعالى -.

 

الأعراض الجانبية لمضادات الاكتئاب التقليدية:

* جفاف في الحلق.

 

* زغللة في الرؤية.

 

* إمساك.

 

* خمول.

 

* زيادة في الوزن.

 

* دوخة وانخفاض في ضغط الدم.

 

الأعراض الجانبية الشائعة لمضادات الاكتئاب الحديثة:

تتوفر في الوقت الحالي أحدث أنواع الأدوية لعلاج الاكتئاب والتي تتميز بندرة أعراضها الجانبية مقارنة بالأدوية التقليدية، ولكن في بعض الأحيان قد يشكو البعض من:

 

* فقدان الشهية ونقص الوزن عند بداية العلاج مع ملاحظة أن زيادة الوزن لا تحدث.

 

* اضطرابات في المعدة وشعور بالغثيان أحيانا، ولا تلبث هذه الأعراض أن تتلاشى.

 

* صداع.

 

علاج الاكتئاب:

* توجد طريقتان رئيسيتان لعلاج الاكتئاب وكلاهما مهمة وأفضل طريقة للعلاج هي استخدام الطريقتين معا، فقد لا تغني أحداهما عن الأخرى، وهما العلاج النفسي، والعلاج الدوائي.

 

* العلاج النفسي: هو استخدام الجلسات النفسية. وهو مفيد جدا ومكمل للعلاج الدوائي، ولكنه في أكثر الأحيان لا يغني عنه.

 

* يستخدم العلاج النفسي غالبا لعلاج الحالات البسيطة التي قد لا تحتاج لعلاج دوائي

 

* العلاج الدوائي: هو العلاج الرئيسي في الغالب ولكن ليس على الإطلاق. ويجب هنا أن نتذكر أن الاستجابة للعلاج الدوائي، وكذلك للجلسات النفسية، لا تجني ثمارها إلا بعد مرور أسبوعين على الأقل، وأحيانا بعد ستة إلى ثمانية أسابيع.

 

متابعة العلاج:

* يجب الاستمرار في تناول مضادات الاكتئاب لعدة شهور (في المتوسط ستة أشهر). ولكن في كثير من الأحيان قد يحتاج المريض لأخذ العلاج لمدة غير محددة بجرعات أقل وذلك لتفادي الانتكاسة أو رجوع الحالة.

 

* إن الانتكاسة أو رجوع الحالة بعد توقف العلاج لا يعني أن هناك تعوداً أو إدماناً على العلاج، فهذا كما بيّنا لا يمكن حدوثه، وكل ما في الأمر كما هي الحال في معظم الأمراض المزمنة كارتفاع ضغط الدم أو مرض السكري أو أمراض القلب أن توقف العلاج قد يعني الانتكاسة ورجوع حدة المرض.

 

* التوقف عن العلاج يكون تحت إشراف الطبيب المعالج، ويكون عادة بالتدريج.

 

النصح “بتغيير الجو” أو السفر أو إحداث تغيرات في نمط حياة المصاب بالاكتئاب نصيحة غير مجدية في أكثر الأحيان، بل إنها على الغالب سوف تزيد من حدة المرض. نقول ذلك على الرغم من أنها النصيحة الأولى التي يسمعها المريض من الذين حوله، وهي النصيحة التي نشاهدها في المسلسلات والأفلام التلفزيونية!

 

من يتابع العلامات المبكرة لتحسن المريض أو تراجعه أو انتكاسه؟

* المريض نفسه.

 

* الطبيب المعالج أو أحد أفراد الأسرة المقربين أو الأصدقاء، لأنه في كثير من الأحيان يلاحظ الشفاء، أو حتى الانتكاسة، الطبيب أو المحيطون بالمريض نفسه.

 

الشِّعر أفضل لصحة العقل:

أكد أخصائيون في العلوم النفسية في اسكتلندا، أن القصائد الشّعرية تمرّن العقل، وتحسّن وظائف الدماغ، بصورة أفضل من الكتابات النثرية، كالروايات والمقالات الأدبية.

 

وأوضح باحثون في جامعتي اسكتلندا دوندي وسانت آندروز، أن السبب في ذلك يكمن في أن القصائد الشعرية تضمن حركة أكثر للعيون، مصاحبة للتفكير الأعمق والأطول في المعاني والتعابيرº لأن قراءة القصائد غالبا ما تكون بصورة أبطأ، وبتركيز أعلى، وتعاد قراءتها بتمعّن، أكثر مما هو الحال عند قراءة النثر.

 

وأظهرت الدراسات الأولية باستخدام تقنيات التصوير الدماغي، مستويات أعلى من النشاط الدماغي عند استماع الأشخاص للقصائد، التي تقرأ لهم بصوت عالٍ,. ويعتقد الخبراء أن الشعر يثير التفضيلات الكامنة في الدماغ نحو الإيقاعات السجعية، التي تجمع بين لفظين متشابهين في الوزن والقوافي والتناغم والائتلاف بين الألفاظ، التي تتطور خلال فترات الطفولة.

 

ويرى هؤلاء أن التعابير والتخيلات الحادة، التي تنسجها القصائد، والأساليب التي يستخدمها الشعراء للتشويق، تجبر القرّاء على التفكير أكثر بتركيز وانتباه أشد لكل سطر من السطور، حيث يتكون إدراك فوري في دماغ الإنسان بأن الشعر هو نوع مختلف من اللغة، يحتاج إلى انتباه أعلى، وتركيز أدق، لكثافة الكلمات المستخدمة في القصائد.

 

وأشار العلماء إلى أن قرّاء الشعر يحاولون تصوير الكلمات والألفاظ، وابتكار أحداث تخيلية لما يصفه الشاعر في قصيدته، لافتين إلى أن الطفل يولد وبداخله حب فطري للتناغم والإيقاعات والقوافي، ولكن مع مرور الزمن يستصعب الإنسان فهم القصائد، ويبتعد عنها.

 

ولاحظ الباحثون، خلال استخدام حزمة من الأشعة تحت الحمراء، وتركيزها على بؤبؤ العين، لعدد من الأشخاص، وذلك لرصد الحركات الدقيقة للعين، أثناء قراءة الشعر، ودراسة ردود فعل القرّاء، أن الشعر سبب ظهور جميع الإشارات النفسية المصاحبة للصعوبات الفكرية والعقلانية، مثل حركات الدراسة أو التفكير البطيئة، وإعادة قراءة الأجزاء والوقفات الطويلة.

 

واكتشف الخبراء، بعد عرض نفس المحتوى، بصورة شعرية أو نثرية، أن القرّاء وجدوا الشكل الشعري أكثر صعوبة للفهم والتمعّن من الشكل النثري، وقاموا بقراءته بصورة مختلفة.

 

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply