إنفاق الأموال الباهظة على الرياضة وغياب فقه الأولويات


 

بسم الله الرحمن الرحيم

 

السؤال:

نرى كثيرا من الدول إن لم يكن معظمها تنفق الأموال الطائلة على الرياضات المختلفة، وخاصة كرة القدم، وإن كان هذا مقبولا عند الدول الغربية، التي تيسر الحكومات لشعبها سبل الحياة، فهل يحق هذا في الشعوب النامية التي يشتكي الناس فيها من عدم سداد الاحتياجات الأساسية؟

 

الجواب:

  بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:

 فالحكومة تنوب عن الشعب في الإنفاق وإدارة شئون البلاد، والضابط الحاكم الذي يحكم الإنفاق هو الأولويات ومدى حاجة الناس إليه، ولا شك أن إنفاق الأموال الطائلة في الرياضة يحتاج إلى مراجعةº لأنه نوع من التبذير والإسراف المنهي عنه شرعا، وهذا لا يعني حرمة الرياضة، و لا الإنفاق عليها، ولكن الحديث عن الإسراف فيه.

 

يقول الشيخ فيصل مولوي نائب رئيس المجلس الأوربي للإفتاء والبحوث:

يجب على الدولة إذا أرادت أن تلتزم بشريعة الله - عز وجل - أن تنفق أموالها على رعيتها بحسب الأولويات الشرعية، صحيح أن الإسلام يحث على الرياضة، ولكن ذلك لا يخرج الرياضة من حدود الإباحة الشرعية أو الاستحباب، إنما هناك فرائض شرعية يجب القيام بها أولاً، ومنها سد حاجة الفقراء إلى الطعام واللباس والدواء والتعليم وغيرها، ومنها أيضاً سد حاجة الأمة كلها إلى الترقي في مدارج العلوم والصناعات وما إلى ذلك، فهذه المسائل يجب أن تنال الأولوية في ميزانية أية دولة إسلامية...

يضاف إلى ذلك أن الظاهرة العالمية المعاصرة في زيادة الاهتمام بالرياضة إنما ترمي إلى إبعاد الشباب عن الاهتمام بقضايا الأمة ومصيرهاº لتبقى الفئات المتحكمة مسيطرة على مقدراتها، وهذه المسألة تظهر بوضوح أكثر في البلاد الإسلاميةº حيث تحرص كثير من الأنظمة على إبعاد الشباب عن التفكير والعمل في القضايا الوطنية الكبيرة، وتشغله عن ذلك بأنواع المباريات الرياضية أو المفاسد الأخلاقية. وهذه ظاهرة يجب أن تُحاربº لأن تقديم الأهم على المهم، وتقديم الواجب على المستحب من الأمور البديهية التي يحرص عليها الناس جميعاً...

 

ويقول الشيخ عبد العزيز بن عبد الله آل الشيخ مفتي السعودية عن هذا الإنفاق [بتصرف]:

إنه إنفاقٌ ما أريد به وجه الله، وأنه إنفاق في الباطل وتبذير، و أن صرف الأموال بهذا الشكل "سيكون وبالا على أصحابه يوم القيامة، وحسرة وندامةº لأنه لم ينفقها في وجه شرعي يحبه الله ورسوله، ودفع مبلغ 20 مليونا ثم رفعه إلى 42 مليون ريال مقابل اشتراك لاعب في أحد الأندية يعد "إنفاقا غير مبرر بدون موجب شرعي. أهـ

 

ويقول الدكتور محمد رأفت عثمان ـ أستاذ الشريعة بجامعة الأزهر:

إن توجيه المال لشراء لاعبي الكرة نوع من التبذير والإسراف الذي ترفضه الشريعة الإسلامية، وتوجيه ملايين الجنيهات لشراء لاعبي كرة القدم يدل على وجود خلل في ناحيتين:

الأولى: التقدير المبالغ فيه من الدولة لأمر هو في حقيقته من الكماليات التي يكون من الخبل الإنفاق عليها بهذه الصورة.

الثانية: الخلل في جانب الجماهير نفسها التي حولت هذه اللعبة إلى زاد يقتاتون منه ويتعايشون عليه وأصبح في اعتقادهم أن مشاهدة أي مباراة لكرة القدم أهم من كثير من الأعمال. أهـ

 

ويقول الدكتور أحمد عمر هاشم رئيس جامعة الأزهر السابق:

هناك أولويَّات وضرورات في المجتمعات الإسلامية يجب توجيه ملايين الجنيهات التي تنفق على بيع وشراء لاعبي كرة القدم إليها فهناك آلاف المسلمين الذين لا يجدون المأوى ويفترشون الأرض وينامون على الأرصفة وهم بالطبع أولى من هذه الملايين التي يتم إنفاقها على شراء اللاعبين. أهـ

 

ويقول الدكتور عمر مختار القاضي ـ الأستاذ بجامعة الأزهر:

إن إنفاق ملايين الجنيهات على شراء اللاعبين في الوقت الذي يوجد فيه ثلثا سكانا العالم تحت خط الفقر يؤدي إلى ظهور التطرف نتيجة عدم الشعور بالعدالة فيتم استفزاز آلاف الأشخاص الذين يكدون في العمل ولا يحصلون على ما يوازي تعبهم مقابل ملايين الجنيهات التي توجه لشراء لاعبي كرة القدم. أهـ

 

والله أعلم

 

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply