حوار مع الدكتور عدنان النحوي


 

بسم الله الرحمن الرحيم

 

* ما بدايتك الشعرية ومتى؟

 بدأت كتابة الشعر؟!

 ـ انطلقت بدايتي الشعرية وأنـا أطالع في بعض دواويـن أجدادي الشعـرية وكـتب الأدب واللغة والفقه، وكنت أفرغ لذلـك خلال الإجازات المدرسية الصيفية. وكان ذلـك بين عامي 1941 ـ 1942م، وكنت أحفظ من الشوقيات ومن ديوان البارودي وحافظ إبراهيم وديوان الحماسة وغير ذلك من الدواوين، ومن الشعر الجاهلي وصدر الإسلام والعصر العباسي.

*الدكتور عدنان قدم الكثير للمكتبة العربية...كم عدد مؤلفاتك، وأيها أقرب إلى نفسك؟!

 ـ عدد المؤلفات أربعون كتاباً (الآن ثمانية وتسعون كتاباً) كتب في الفكر الإسلامي والدعوة وأهم قضاياها، وكتب تدرس الأدب الإسلامي والنقد والرد على الحداثة ومذاهبها، بالإضافة إلى الداويين الشعرية والملاحم وكتب مترجمة إلى لغات أخرى.

 جميع هذه الكتب منزلتها لدي سواء. فكل كلمة كتبتها هي قطعة مني، وكل كتاب يمثل جزءاً من نهج عام محدد. يأخذ كل كتاب مكانه الخاص به، لتمثل هذه الكتب التصور النظري والصورة التطبيقية له.

 

* فلسطين القضية ما مكانتها من شعركم وإبداعكم؟

 ـ لقد كانت فلسطين وسائر قضايا العالم الإسلامي همنا الأول في النثر والشعر لقد كانت بواكير قصائدي كما تجدها في ديوان الأرض المباركة عن هذه القضية الأخطر في الواقع الإسلامي، وكذلك تبرز في سائر الدواوين ثمَّ تأخذ صورة أعمق في \" ملحمة الأقصى\" وفي جميع هذه الكتب كنت أعرض تصوراً خاصاً لقضية فلسطين نابعاً من القرآن والسنَّة. وبالإضافة للشعر فهنالك كتاب \" فلسطين بين المنهاج الرباني والواقع \" يوضح هذا التصور الخاص، وكذلك كتاب على أبواب القدس، ولا أعرض في الشعر أو النثر الأنين والشكوى، ولكنني أحلل القضية وأُبيِّن أسباب هزائمنا وأخطائنا، كذلك لا أدرس قضية معزولة عن العالم الإسلامي، ولكنني أدرسها مترابطة بالعالم الإسلامي وسائر قضاياه ولذلك جاءت ملحمة البوسنة والهرسك، وملحمة الغرباء، وملحمة الإسلام في الهند وغير ذلك لترتبط قضايا المسلمين ولتبرز جوهر الأمة المسلمة الواحدة، ومسؤولياتنا اليوم بالسعي الدائب لبنائها.

وكذلك أبرز ناحية هامة في قضية فلسطين في الشعر والنثر، ذلك بأنها حق الأمة المسلمة كلها منذ أيام إبراهيم - عليه السلام - حتى تقوم الساعة.

 إنَّ هذا الحق لم يبتدئ مع عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -، ولا وقف منذ ذلك الحين، ولكنها ملك الأمة المسلمة الواحدة الممتدة مع التاريخ هذا ما تؤكده نصوص الكتاب والسنَّة.

 

*رابطة الأدب الإسلامي العالمية متى بدأت علاقتك بها؟!

 ـ بدأت علاقتي منذ سنة 1401هـ ـ 1981م حين عقدت \" الندوة العالمية للأدب الإسلامي \" في لكنهؤ ـ الهند في ضيافة ندوة العلماء، وقد حضرها عدد كبير من رجال الأدب في المملكة العربية السعودية وخارجها، وتميزت بحضور كبير وختمت الندوة بقرارات كان من بينها أن تكون هذه الندوة دائمة، وتكونت هيئة إدارية دائمة، وهو أول مؤتمر علمي منظم للأدب الإسلامي وقد شاركتُ فيه ببحث وقصيدة وتلا ذلك مؤتمران لم أحضرهما واحد في المدينة المنورة سنة 1402هـ والآخر في الرياض سنة 1405هـ.

 

 وكان المؤتمر الرابع في لكنهؤ سنة 1406هـ لإنشاء رابطة الأدب الإسلامي وحضرتُ هذا المؤتمر وساهمتُ فيه ببحث وقصيدتين. كان هذا المؤتمر هو المؤتمر التأسيسي للرابطة، وكأنَّ الرابطة حلَّت محل الندوة العالمية التي سبق ذكرها، وفي هذا المؤتمر وضعنا اللمسات الأولى للنظام الداخلي ولأهداف الرابطة وسائر شروطها.

 

* الأدب الإسلامي أيده الكثيرون وهاجمه بعض النقاد لماذا يهاجم الأدب الإسلامي في الصحافة الأدبية؟!

 ـ أعتقد أن هنالك مجموعتين من الأسباب، مجموعة تتعلق بالناقد والمهاجم، ومجموعة تتعلق بدعاة الأدب الإسلامي.

 أما فيما يتعلق بالنقاد، فلكل ناقد قناعاته وظروفه الفكرية والنفسية فمنهم من لا يؤمن بهذا الأدب دون توافر حجة علمية أو منطقية يستند إليها، ومنهم من يجد ثغرات في بعض ما يعرض من تنظير للأدب الإسلامي أو من نصوصه فيتسلل منها ليصدر أحكاماً عامة ظالمة وهكذا تتعدد أسباب هؤلاء!

أما فيما يتعلق بدعاة الأدب الإسلامي أنفسهم فإنَّ بعض التصورات التي تطرح بين حين وآخر تحمل أكثر من وجهة نظر وتترك آثاراً متضاربة في أذهان الناس، فحيناً يطرح الأدب الإسلامي كأنه أمر طارئ في واقعنا اليوم يمثّله أدباؤه وشعراؤه فقط. ومن هنا كان النقد الذي وجّهه الدكتور الغذامي في الحوار الذي جرى قبل مدة على صفحات \" المسلمون \" من أنَّ الأدب الإسلامي لا يمثِّل تياراً، والحقيقة أنه تيار ممتد مع التاريخ منذ أن بعث الله النبوة الخاتمة، حين نقلت رسالةُ الإسلامِ الإنسانَ نُقلةً هامةً، ونقلت الأديب والخطيب والشاعر كذلك نقلة هائلة، فتغيرت اللفظة والأسلوب والمعاني. وانطلق الأدب الذي يحمل رسالة في الحياة، رسالة الإسلام.

وحين نريد أن نبرز إنسانية الأدب الإسلامي وعالميته، نبحث في النصوص التي تلائم نظرة الغرب ومذاهبه، فإنَّنا قد نتعرَّض للنقد والهجوم. ليكون معنى الإنسانية والعالمية هو الاقتراب من الغرب ونظرياته ومذاهبه. ولكن حين نعرض إنسانية هذا الأدب وعالميته من العمق الإنساني البعيد لرسالة الإسلام ولعالميتها، وحين تحمل النصوص هذه الأصالة في البعد الإنساني والعالمي، وحين يرتبط هذا الأدب مع الرسالة الإسلامية في فطرة الإنسان، حينئذ تسقط حجة المهاجمين وتغلق الأبواب أمامهم.

وسبب آخر حين نريد أن نخضع الأدب الإسلامي لنظريات الأدب الغربي ومقاييسه وموازينه سواء في ذلك اللغة والفكر والنهج، حين نَفعَل ذلك أو نحاوله نصل أحياناً إلى صورة مضطربة متناقضة، تفتحُ باباً واسعاً للخلاف، ذلك لأنَّ الأدب الإسلامي يجب أن يكتسب خصائصه الفكرية واللغوية والفنية من مصدرين رئيسين: من منهاج الله ومن اللغة العربية، ليكون أدباً متميزاً له خصائصه المتميزة سواء في ذلك الخصائص الإيمانية والفكرية أم الخصائص الفنية. إن ضغط الغرب علينا في ميادين واسعة أوجد نظرات متضاربة في واقعنا عامة وفي واقعنا الأدبي ولا أدلٌّ على ذلك من المواقف المتناقضة مما يسمى بالشعر الحر. وما هو بشعر في رأيي.

وبالنسبة لي فقد بينت وجهة نظري في كتبي التي وضعتها حول الأدب الإسلامي، ومع كل رأي أعرضه حجة من الكتاب والسنة ومن خصائص اللغة العربية وكان هدفي أن أبرز أن الأدب الإسلامي، الأدب الملتزم بالإسلام، له نهجه المتميز وموازينه المتميزة، نستطيع أن نحمله للعالم ليتعلموا منه معاني الحق والجمال الطاهر، بدلاً من أن يأتونا بأدب الفسق لبودلير وغيره، ونظريات ت. س. إليوت.

 إننا مندوبون لأن نقدم التصور الأمين للأدب الملتزم بالإسلام مع خصائصه المتميزة النابعة من منهاج الله و اللغة العربية وتاريخ أمة الإسلام، فإن لم نستطع، فذلك عيبنا وليس عيباً في دين الله الذي أتمه الله وأكمله ليشمل ميادين الحياة الدنيا كلها ويضع أسس نشاطها من سياسة واقتصاد وأدب وغير ذلك.

 

* هناك من يتهم الشعر الإسلامي بأنه شعر مناسبات ما رأيكم في هذا الاتهام؟!

 

 ـ هذا اتهام لا يقوم على أساس عادل. المناسبات باب من أبواب الشعر والنثر والفن عامة. ولكنها ليست الباب الوحيد للأدب الملتزم بالإسلام، لقد فتح الإسلام للشعر والنثر جميع ميادين الحياة والآخرة ووصل الدنيا بالآخرة، ونمَّى المواهب المؤمنة لتخوض هذه الآفاق الواسعة الشاملة، الموهبة القادرة تشق طريقها وتخترق آفاقها.

 

* التجديد في الشعر، كيف يراه الدكتور عدنان؟!

 ـ الإسلام يؤمن بالنمو والتطور في الجهد البشري وهذه سنَّة من سنن الله في الحياة الدنيا، ولكن الإسلام له تصور خاص للنمو والتطور والتجديد، وأسس خاصة عرضتها في كتاب: تقويم نظرية الحداثة وموقف الأدب الإسلامي منها، وهنا أعرض قاعدة واحدة هامة وهي: أن التجديد والنمو والتطور يجب أن يقوم على أسس ثابتة راسخة لا بدَّ أن يكون هنالك جذور ضاربة في الأرض، وساق ممتدة فوقها، وبعد ذلك أغصان تتجدد وثمار وأوراق إذا ذهبت الجذور والساق انقطع النمو والتجديد. وكذلك في العلوم يمضي النمو والتطور قائماً على نظريات ثابتة لو اختلت لذهب النمو والتطور، وكذلك الأدب والشعر والنثر هنالك نمو وتطوير يقوم على قواعد راسخة أصبحت جزءاً لا يتجزأ من اللغة نمت خلال آلاف السنين وبلغت بها اللغة العربية ذروة نضجها في جميع خصائصها وقواعدها عندما اختارها الله لغة الوحي والنبوة ولغة القرآن الكريم، ولغة العبادة للمؤمنين كافة. استقرت خصائص بناء اللغة وتركيبها وقواعد بلاغتها ونحوها وصرفها وعروضها، كل هذه الخصائص كانت طاقات هائلة مختزنة فيها فجاء أئمة اللغة مع الأيام فكشفوا عن بعض هذه القواعد في جهود عظيمة بنَّاءة.

من خلال هذه القواعد الثابتة يستطيع الشعر وكذلك النثر أن يتجدد وينمو في الموضوع والأسلوب واختيار الألفاظ وتجديد المعاني، والانطلاق في آفاق الحياة والكون على قدر ما تسمح به الموهبة المؤمنة.

ولماذا يلحٌّ الكثيرون على أن يكون النمو والتجديد في الشعر فقط، ولماذا لا يكون كذلك نمواً طبيعياً في النثر؟! يرى بعضهم أن التجديد في الشعر هو إلغاء الوزن والقافية وقد تبنَّى ذلك كثيرون وبعد تجارب مرة عادوا عن غيّهم.

النمو ينهض على ثوابت، فإذا لم ينهض على ثوابت كان تفلتاً وضياعاً. وعلى كل فهذا رأي موجز فصَّلته في كتبي وبعض المقالات في الصحف والمجلات ومن الأمثلة التي أقدمها للتجديد في الشعر التصور الذي عرضته للملحمة في الأدب الإسلامي، والتصور لولادة النص الأدبي وقضايا أخرى، وأوضحت رأيي في قصيدة لآلئ الشعر أوزان وقافية، كما أوضحتها نثراً في كتاب التجديد في الشعر بين الإبداع والتقليد والانحراف.

 

*ما مستقبل الأدب الإسلامي في نظركم؟!

ـ يتوقف مستقبل الأدب الإسلامي في رأيي على عدة عوامل أهمها:

 1. قوة الأمة المسلمة وامتداد رسالتها في الأرض، فالأدب الإسلامي هو أدب أمة ذات رسالة ربانية، فكلما قويت الأمة وعزت عز سلطانها وعز أدبها.

 2. الموهبة المؤمنة الملتزمة بالإسلام. فعلى قدر ما يهب الله لهذه الأمة من مواهب، وعلى قدر ذلك كله يتحدد مستقبل الأدب الإسلامي.

 3. صدق الدعاة للأدب الإسلامي وتجردهم وتخليهم عن المصالح الذاتية وزهوة الدنيا، وإقبالهم على الآخرة، وعزوفهم عن عروض الدنيا، فبمقدار ما يتحقق ذلك في الواقع وتظهر آثاره يقوى الأدب الملتزم بالإسلام ويمضي إلى مستقبل كريم، وتتكاتف الجهود صفاً كالبنيان المرصوص بدلاً من التمزق والخلاف.

 4. مستوى الجهد والنهج والتخطيط الذي يوضع لرعاية المواهب وعدم طمس القدرات، والذي يرسم الدرب لهذا الأدب على نهج وصراط مستقيم.

· الإبداع وليد المعاناة، ما موقف الشاعر عدنان من هذه المقولة؟!

ـ المعاناة قد تكون أحياناً عاملاً من عوامل الإبداع ولكنها وحدها لا تكفي. وربما تشتد المعاناة في الفرد أو الأمة فلا ترى إبداعاً وقد تراه، فهناك عوامل متعددة تدفع النص الأدبي ليحمل الجمال الفني المؤثر، وأهم هذه العوامل الزاد من التجربة في الحياة، الزاد من العلوم والثقافة، التفاعل مع الواقع، الموهبة، قوة الإيمان والتوحيد، وكذلك فصلت في هذا الموضوع في كتاب الأدب الإسلامي إنسانيته وعالميته.

وبإيجاز لا يمكن أن يكون الإبداع إلا ثمرة عامل تعمل في ذات الأديب، في فطرته، بطريقة ربانية قد نعلم طرفاً منها ونجهل الكثير.

· أصبح القارئ في هذه الأيام لا يميز بين الشعر والفنون الكلامية الأخرى، لماذا؟!

ـ قد يكون في ذلك بعض المغالاة إذا أطلقنا الألفاظ على عمومها. فالقارئ الجيد يميز بين الشعر الأصيل الجيد وبين غيره. ولكن قد يحدث الاختلاط وعدم القدرة على التمييز حين يهبط الشعر كما نراه فيما يسمى بالشعر الحر، أو الشعر المنثور أو غيره، هبوطاً يقتل الجمال الفني ومع ذلك يظل بعضهم يتغنَّى به ويمد الإعلام الواسع له. والمؤسف أنَّ بعض المسلمين تورطوا في ذلك، وكثير من المجلات الإسلامية تنشر هذا الفن الهابط تحت شعار الإبداع. وكذلك اضطراب موازين النقد في واقعنا اليوم اضطراباً واسعاً، جعل الرؤية تضطرب وتختلط.

وأعزو هذا كله لاستسلامنا لأعداء الإسلام وتقليدنا لهم في كثير من النواحي تقليداً أعمى، حتى أصبح القارئ يحار بين ما هو أصيل وبين ما هو طارئ تحت شعار الحداثة، فاضطربت الموازين لدى القارئ والكاتب والناقد. أخذ يخلط الأوراق في محاولة للموائمة بين التوجهات.

 

*من هم الشعراء الذين تركوا بصمات واضحة في حياة الشاعر عدنان؟!

ـ قد لا أستطيع أن أحدد ذلك بدقة كبيرة، ولكني نشأت مع المتنبي وأبي تمام وأبي فراس والبحتري وابن الرومي، وحفظت كثيراً من شعرهم وكذلك حفظت كثيراً من الشعر الجاهلي والمعلقات، وتابعت مع شعراء العصر الحديث كالبارودي وشوقي وحافظ وكذلك الأخطل الصغير وعمر أبو ريشة وكثير غيرهم. وأعترف أني نسيت الكثير مما حفظت وأعتقد أنه من حيث السبك كان لشعراء العصر العباسي تأثير واضح، ومن حيث الصورة والحركة فلجميع من قرأت قد يكون هنالك تأثير.

 

*ماذا تقول للشاعر المبتدئ؟!

ـ عليه أن يحفظ من كتاب الله وسنة رسوله ما يستطيع وأن يصحبهما مصاحبة عمر وحياة تلاوة وتدبراً وحفظاً وأن يحفظ ما يستطيع لكبار الشعراء القدامى وشعراء العصر الحديث، وأن يتجنب كل التجنب جميع أشكال الشعر الحديث المنثور وغيره، وليتقن قواعد اللغة العربية وأبواب بلاغتها وبيانها. وليتزود قدر ما يستطيع من الثقافة والعلوم الأخرى. فإن كان موهوباً فإنَّ ذلك كله سيصقل موهبته ويضعه على الطريق الصحيح لشعر الإيمان وأدبه.

 

*القصيدة متى يكتب لها الخلود في عقل القارئ؟!

ـ هنالك شروط متعددة لذلك تتعلق بالأديب صاحب النص وبالنص نفسه وبالقارئ، أنا أتحدث عن أدب الإيمان والإسلام فهذا أساس الخلود ولا أتحدث عن سواه. فلا بدَّ أن تخرج القصيدة من شاعر موهوب حقاً ظاهر الموهبة، مؤمن واضح الإيمان، حسن الزاد والتجربة، لا بدَّ أن تخرج القصيدة عن إيمان وموهبة وتجربة تتفاعل هذه كلها في فطرة الشاعر فتطلق شعلة الإبداع في لحظة ما.

أما بالنسبة للنص فلا بدَّ أن يحمل موضوعاً يمسٌّ واقع الأمة أو تاريخها أو واقع الإنسان من وجهة نظر إيمانية ربانية، ويجب أن يرتقي النص إلى مستوى عال من الجمال الفني المؤثر من حيث البناء والسبك والنغمة والموسيقى، والصورة والحركة. وأن تمثل القصيدة حقاً جلياً لا باطل معه فالخلود للحق وليس للباطل، وأساس الحق في هذا الكون كله هو الإيمان والتوحيد كما يعرضها منهاج الله، وقد تعهد الله بحفظ كتابه وسنة نبيه - صلى الله عليه وسلم -، فكان لهما وللغة العربية الخلود، فما ارتبط بذلك كان أقوى على الصمود وأحرى أن ينال رحمة الله وبركاته. ولا ننخدع بمظاهر الزخرف والزينة التي قد تدوم حيناً من الدهر ابتلاء من الله - سبحانه وتعالى -.

أما بالنسبة للقارئ فيجب أن يكون متواصلاً مع الشاعر، بينهما رابطة وعروة وثقى لا تنفصم، وذلك حين يكون القارئ والشاعر في أمة مسلمة عزيزة قوية تحمي أدبها وأدباءها ومواهبها ولا تدفنها. أمة قوية تمتد مع الدهر بالحق الذي تحمله.

 

*الشعر ديوان العرب مقولة ادعاها أكثر من فن في هذا الزمن والذي برزت فيه الرواية والقصة فما رأيك في هذا الكلام؟!

ـ هذه المقولة لم تفقد مصداقيتها لبروز الرواية والقصة. وإنما فقدت مصداقيتها لهبوط مستوى اللغة العربية في أبنائها وعجمة ألسنتها وانتشار اللغة العامية ومحاولة نشر أدب اللغة العامية. وكذلك لهبوط مستوى الشعر وانصراف الكثيرين إلى ما يسمى بالشعر الحر الذي لا يمكن أن يكون ديواناً لأحد إلا للضعفاء الذين انحرفوا عن جادة الشعر الحق الذي لا يقوى عليه إلا صاحب الموهبة الصادقة.

وسبب آخر هو ما نعانيه عامة من هزائم وهوان وضعف، أذهب عنا ببعض مقوماتنا وفتح ثغرات واسعة للفتنة. عندما تبرز المواهب المؤمنة الصادقة سيظل الشعر بالنسبة للغة العربية ديوان للأمة، وفي واقعنا اليوم شعر جيد يحمل جزءاً غير قليل من تاريخنا، سواء في القصيدة والملاحم والأناشيد.

 

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply