الشيخ رائد صلاح: اعتقالي نعمة من الله والأقصى في خطر حقيقي


بسم الله الرحمن الرحيم

 

يطلق عليه الفلسطينيون لقب \"رجل الأقصى\"..نظرا لجهوده \"العملية\" في الدفاع عن المسجد الأقصى المبارك والقدس الشريف، فقد كان يتجول في الليل والنهار يسترق السمع إلى أصوات تنبعث من أسفل ساحات المسجد الأقصى، بحثا عن أعمال الحفريات التي تقوم بها جهات إسرائيلية تحت المسجد لإضعاف أساساته وتسهيل هدمه، ونظّم عبر مؤسسة الأقصى لإعمار المقدسات الإسلامية حملات إعلامية واسعة النطاق لكشف وفضح الممارسات الإسرائيلية ضد أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين، ونجح في حث عشرات الآلاف من عرب فلسطين المحتلة عام 1948م على شد الرحال إلى المسجد الأقصى وإعماره وإحياء ليله ونهاره.وبجهود خارقة أعاد افتتاح المصلى المرواني تحت المسجد الأقصى الذي ردمت إسرائيل مداخله عقب هزيمة يونيو 1967م، وأدخل إصلاحات واسعة شملت جميع ساحات ومرافق المسجد الأقصى والبلدة القديمة والقدس بكاملها، ولذلك حاربته المؤسسات الأمنية والسياسية الإسرائيلية واتهمته بدعم الإرهاب، ولفقت حوله لوائح اتهام مثقلة بالأكاذيب والمغالطات ليزج به عام 2003م في السجن لشل جهده، ولكنها أفرجت عنه بعد أن فشلت في ثنيه عن مبادئه.إنه الشيخ رائد صلاح (رئيس الحركة الإسلامية في فلسطين المحتلة عام 1948م)!.. مراسل \"المسلم\" التقى الشيخ في حديث حول ظروف الاعتقال والإفراج والتحديات التي تواجهها الحركة الإسلامية والسكان العرب في فلسطين المحتلة عام 1948م والمخاطر التي تعترض المسجد الأقصى المبارك والقضية الفلسطينية.

 

ما هي المبررات التي ساقتها السلطات الإسرائيلية من أجل اعتقالكم؟

- الاعتقال كان يقوم على ادعاءات وهمية وتهم زائفة من قبل المخابرات الإسرائيلية التي حاولت أن تساومنا بعد اعتقالنا لابتزاز مواقف سياسية منا، حيث عرضوا علينا أن نكتب بما يتفق مع خطاب المؤسسة الإسرائيلية حول المسجد الأقصى المبارك والتعايش والسيادة الإسرائيلية واستنكار أعمال المقاومة الفلسطينية مقابل التفاوض حول مستقبل اعتقالنا. ونحن دسنا على هذا العرض البائس، ولكن بعد ذلك عرضوا علينا عن طريق أحد محامينا أن نعترف بأحد بنود الاتهام التي وجهوها ضدنا مقابل إطلاق سراحنا فرفضنا.

الاتهامات التي وجهت إلينا تلخصت في كفالتنا لآلاف الأيتام من أبناء شعبنا الفلسطيني في الضفة الغربية وقطاع غزة، وتوزيع آلاف الطرود الغذائية على العائلات المحاصرة في الضفة والقطاع، وتزويد المستشفيات هناك بالمساعدات الطبية، وأيضا لأننا نهضنا لإعمار وإحياء المسجد الأقصى المبارك، وطبعاً مع الحملة الإعلامية التي يشنها علينا الإعلام الإسرائيلي والأحزاب الإسرائيلية المختلفة كان من الطبيعي أن يتم استغلال أعمالنا الإنسانية ودفاعنا عن مقدساتنا كمبرر لاعتقالي مع بعض الإخوة في الحركة الإسلامية، والحمد لله أن منّ علينا بالفرج من عنده وخرجنا من السجن، بعد أن عجز السجن عن قهرنا، ووقف كل أبناء الشعب الفلسطيني خلف دعم قضيتنا.

أرى أن الاعتقال كان نعمة ربانية، ومدة نقاهة طويلة، والآن مرحلة مواصلة العمل لخدمة الجماهير والمسجد الأقصى والقدس.

 

وكيف تصف مدة الاعتقال التي دامت أكثر من سنتين؟

- مدة الاعتقال هي نعمة من الله تعالى، تجسدت فيها مظاهر الخير، فقد كانت خلوة مع الله وعبادته، وكانت فرصة لقراءة واسعة في مجالات كثيرة في مواضيع التفسير والفقه والتاريخ واللغة العربية والفكر الإسلامي، إضافة إلى مجال الكتابة، حيث قمت بكتابة مذكراتي منذ بداية الاعتقال وكتبت الشعر والقصائد الشعرية الهادفة. لذا فإنني أرى أن الاعتقال كان نعمة ربانية، ومدة نقاهة طويلة، والآن مرحلة مواصلة العمل لخدمة الجماهير والمسجد الأقصى والقدس.

 

وما الهدف من وراء اعتقالكم؟

- أعتقد أن الهدف الأساسي في هذه الحملة هو الإسلام وقيمه، حيث إن جهاز المخابرات الإسرائيلي يعتبر الزكاة والصدقة الجارية وكفالة اليتيم وإغاثة الملهوف ودعم المريض أعمالا إرهابية، هذا الاتهام بحد ذاته هو طعن في صميم الإسلام، ثم إنهم يحاولون تصوير كل مؤسسة إنسانية خيرية في العالم العربي والإسلامي تبدي استعدادها لتقديم العون الإنساني على أنها مؤسسة إرهابية، وهذا طعن مباشر في قيم المسلمين، وكذلك كانوا يهدفون إلى منعنا من مساعدة شعبنا الفلسطيني، إذ حاولت المخابرات الإسرائيلية أن تصور كل عمل إنساني على أنه عمل إرهابي لا لسبب إلا لأنه يقدم للشعب الفلسطيني، وأيضاً لمنعنا من الدفاع عن المسجد الأقصى المبارك وإعماره، ومحاولة إخراج الحركة الإسلامية عن القانون هي وكل المؤسسات التابعة لها وإغلاق كل مراكزها ومقراتها وإيقاف نشاطاتها.

العرب والمسلمون مطالبون ببذل المزيد من الجهد، من أجل حماية فلسطين وشعبها وأرضها ومقدساتها، فالفلسطينيون بأمس الحاجة إليهم

 

كيف هو واقع السكان العرب في فلسطين المحتلة عام 1948م، وما التحديات التي تواجهها؟

- لا أبالغ إذا قلت إننا نعيش في مرحلة صعبة جدا، قد تكون أخطر وأصعب من نكبة عام 1948م، أو ربما تتساويان، فوجودنا في خطر، وأرضنا وبيوتنا ومقدساتنا في خطر، والحكومة الإسرائيلية تصادر أرضنا، وتهدم بيوتنا، وتدعو إلى ترحيلنا واعتبارنا خطرا سكانيا يتهدد الدولة العبرية، أما المنظمات الإرهابية اليهودية فلا تدخر جهدا لقتل بعض قياداتنا وارتكاب مجازر بشعة كان آخرها العمل الإرهابي الجبان في بلدة \"شفا عمرو\" والذي أدى إلى استشهاد خمسة من المواطنين العرب الأبرياء، وكذلك حادثة تدنيس أحد المساجد في مدينة \"يافا\" مؤخرا برأس خنزير، والتهديد بتدمير المسجد الأقصى المبارك. ولا أنسى القيادات الصهيونية التي ترجمنا بشتى النعوت النابية، فـ\"نتنياهو\" شبهنا بورم سرطاني، والحاخام \"عوفاديا يوسف\" شبهنا بالأفاعي والعقارب، وبعضهم الآخر اعتبرنا قنبلة موقوتة أو طابورا خامسا.

وبودي الإشارة هنا إلى السياسة الإسرائيلية تجاهنا هي سياسة مواجهة وتصادم، بدليل أننا منذ النكبة لا زلنا نعاني من سياسة هدم بيوتنا، ومصادرة أراضينا، ومصادرة مقدساتنا، إضافة إلى سياسة الاضطهاد الديني والتمييز القومي، ومصادرة حقوقنا القومية، ومواصلة إبقاء الظلم التاريخي علينا، ومواصلة مطاردتنا عن طريق المخابرات والشرطة والجيش بهدف تخويفنا واعتقالنا، ولكننا لا نستسلم أبدا بإذن الله.

 

ما رأيك بالانسحاب الإسرائيلي من غزة؟ وهل سيوفر ذلك الأمن لهم؟

- أولاً: الانسحاب تم بفعل المقاومة الفلسطينية وصمود الشعب الفلسطيني وصبره، وليس عطفا أو تنازلا من قبل الاحتلال، كما أن الانسحاب غير مكتمل في ظل سيطرة إسرائيل على كافة المداخل والمعابر المؤدية إلى غزة، أما إذا كانت هذه الخطوة ستوفر الأمن للإسرائيليين، فلا يمكن لأي شعب أن ينعم بالأمن ما دام يبيح لنفسه شرعة احتلال شعب آخر، فإذا أراد الشعب الإسرائيلي لنفسه الأمن فعليه الإقرار الكامل بكل حقوق الشعب الفلسطيني.

 

 

 

 

والمسجد الأقصى المبارك؟

- المسجد الأقصى الآن في خطر حقيقي مصدره الحكومة الإسرائيلية، لأنها تصر على مواصلة السيطرة على المسجد منذ احتلاله عام 1967م، وهي تصر أيضا على التحكم في أبوابه بقوة السلاح والتحكم بالدخول والخروج، إضافة إلى وجود منظمات يهودية متطرفة تدعمها الحكومة الإسرائيلية تصر على ارتكاب أفعال إرهابية وإجرامية ضد المسجد الأقصى وضد المصلين فيه، بل ويسعون لجمع التبرعات تمهيدا لبناء الهيكل المزعوم على أنقاضه.

 

وكيف ترى موقف العرب والمسلمين من ذلك؟

- أعتقد أنهم يتجاهلون الأخطار المحيطة بالمسجد الأقصى، ولا يكتفون إلا بالخطابات الإعلامية الرنانة، وأرى أن يتم عقد مصالحة تاريخية صادقة بين الحكام والشعوب في العالم العربي والإسلامي كي تتوحد جهودهم في الدفاع عن المسجد الأقصى المبارك والقدس الشريف، كما أننا كفلسطينيين مطالبون بإعمار وإحياء المسجد الأقصى ومؤازرة أهل القدس، لدعم صمودهم ورباطهم هناك، خاصة أنهم يواجهون تحديات جمة ومصاعب كبيرة حتى في لقمة عيشهم جراء سياسات الاحتلال.

 

ما الرسالة التي توجهها للشعوب الغربية والعربية والإسلامية؟

- بالنسبة للغرب، فنحن لا نحمل لشعوبه إلا الخير، لأن ديننا الإسلامي الحنيف يأمرنا أن نحب الخير لكل بني البشر، كما نحب لنا ولهم السلام، لأن السلام إن كان عند غيرنا برنامجا سياسيا فهو جزء من إسلامنا، والأصل في العلاقة بيننا هو التعارف والمجادلة بالحسنى وليس الحرب أو الصراع.

أما العرب والمسلمون، فنحن على يقين بأنهم يحملون الخير ومقومات الحضارة التي ستنهض بهم لاستئناف الحضارة الإسلامية العربية وقيادة العالم إلى بر الإيمان والأمان، وهم مطالبون ببذل المزيد من الجهد، من أجل حماية فلسطين وشعبها وأرضها ومقدساتها، فالفلسطينيون بأمس الحاجة إليهم.

 

 

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply