وجدي غنيم : أعداؤنا أقل بكثير مما نتخيل


 

بسم الله الرحمن الرحيم

 

كيف ترى مسيرة الدعوة الإسلامية اليوم في ظل الأجواء الضاغطة؟

الحقيقة أن الدعوة الإسلامية هي دعوة الله - عز وجل - التي هي قائمة وستظل قائمة. ولا بد أن ينتصر هذا الدين بعز عزيز أو بذل ذليل، ولكن شاءت إرادة الله في هذا الكون أنه أمرنا بالأخذ بالأسباب ليختبرنا وليعطينا الفرصة، فالدعوة اليوم أخذت أشكالاً عديدة، وباتت أزمتها تتمثل في وجود بعض الدعاة على غير بصيرة..وخاوون من العلم الشرعي، حيث يتعدون على الإسلام دون أن يدروا وخاصة الثوابت كالعقيدة وأسماء الله وصفاته وشرائع الدين بدلاً من نصرته ونشره وتوعية الناس بالفهم الصحيح وهذه مصيبة المصائب.

فعندما يخرج علينا أحدهم ويقول: إن إبليس ليس بكافر ولكنه عاص، فماذا نقول حيال ذلك؟! إن بعض الدعاة الآن بدأوا بإنكار المعلوم من الدين بالضرورة، وتكذيب صريح القرآن الكريم.

 في رأيك ما سبب تلك الظاهرة؟

يمكن القول بأن الذي أسهم في ظهور مثل هؤلاء الدعاة هي الفضائيات والتي أسميها \"الفضائحيات\" لعملها الدؤوب على نشر الفضائح وطمس الحق.

وأسمي هؤلاء الدعاة \"الكائنات التلفازية\" التي تجري وراء الشهرة والمال، ما أحدث لغطاً وتهريجاً كبيراً.

كما أن غياب المرجعية الصحيحة ساهم بشكل أو بآخر في بزوغ نجم هؤلاء، وليعلم الجميع أن نهاية هذا الصنف ممن ارتضى الدنيا وغفل عن الآخرة ستكون مأساوية بمعنى الكلمة.

الداعية القدوة.. هل أصبح عملة نادرة؟

لا والله، فالدعاة الربانيون كثيرون ولكنهم لم يمكَّنوا من وسائل الإعلام والظهور على الفضائيات، والمشكلة تنحصر في القائمين على الإعلام الذين أصبح همهم الأول والأخير إحداث الفتنة في المجتمعات الإسلامية. فهل يسمع أحد عن الشيخ المحلاوي الذي أفنى عمره كله في الدعوة إلى الله والوقوف في وجه الباطل؟! لا يمكن أن نتجاهل العلماء والدعاة بسبب منعهم من الظهور في الإعلام. ينبغي علينا أن نعي حقيقة مهمة جداً وهي أن الدعاة إلى الله \"ليسوا مشاهير ولا نجوماً ولا كواكب وإنما دعاة\" فهذه المصطلحات تنطبق فقط على الممثلين والفنانين.

 وكيف ترى الدعوات المطالبة بتجديد الخطاب الديني؟

دعوت كثيراً إلى تجديد الخطاب الديني لتصل الدعوة للجميع بوسائل متجددة، ولكني بدأت أندم الآن لأن هذه الدعوات خرجت عن الضوابط الشرعية التي أكدت عليها مراراً وتكراراً، فأخذت الكلمة الأولى وأهملت الكلمة الثانية، الأمر الذي أدى إلى ظهور من يدعو إلى تجديد الخطاب الديني والتمرد على أصوله وثوابته، فهل هذا تجديد أم تبديد وتشويه لمعالم الدين؟!

 ما دور المسلمين في نصرة قضايا الأمة الإسلامية الساخنة؟

ينبغي على كل إنسان أن يعرف حدوده وقدراته وإمكاناته حتى لا تتحمل نفسه أكثر من طاقتها فتنهار، وبالتالي يعمل وفق ظروفه وأحواله.

فالواجبات اليوم تنقسم إلى قسمين: واجبات على الأفراد، وواجبات على الحكومات. فبالنسبة للأفراد فإن الله سيحاسب كل مسلم على ما قدمه للإسلام. أما الحكومات فبيدها زمام الأمور ولديها الإمكانات الكبيرة، وبالتالي فإن الكلام يوجَّه إلى الحكومات والسلطات التي لها اليد الطولى في كل صغيرة وكبيرة.

 وماذا عن دور العلماء والدعاة في توعية المسلمين لمواجهة محاولات تذويب الهوية الإسلامية؟

للأسف الشديد نحن المسلمين نساعدهم على ذلك، فبعض العلماء والقنوات الفضائية ساهموا في انحطاط أخلاقنا وجهلنا بأساسيات الدين وطمس هويتنا الإسلامية، وبالتالي تخلى بعض الدعاة عن مهمتهم الأساسية بتبصير المسلمين بالثوابت والقيم الإسلامية، خاصة أننا أصبحنا نحارَب في أصول ديننا من قبل أعدائنا. ويمكن القول بأن الحرب على الإسلام اليوم أخذت ثلاثة اتجاهات على النحو التالي: الاتجاه الأول يتمثل في تشويه صورة الرموز والعلماء والدعاة، الثاني: تكسير الثوابت الإسلامية كالحجاب والجهاد، الثالث: تجفيف المنابع الإسلامية، وللأسف الشديد سار بعض الدعاة على نفس السيناريو، إما رغبة في منصب أو مال، وإما رهبة من أولي السلطان.

 هل تعتقد أن التغيير بالعالم الإسلامي يمكن أن يتم عن طريق صناديق الاقتراع؟

ليس شرطاً، لأن صناديق الاقتراع والانتخابات في كثير من البلدان الإسلامية تزور نتائجها لصالح المنتفعين من السلطة، ويبقى رهان التغيير الحقيقي على تربية الشعوب وصياغة شبابها على النهج الإسلامي.

 إلى متى ستستمر ظاهرة الأنظمة الاستبدادية؟

إلى أن يستحق الناس التغيير من الله - عز وجل -، ولكن طالما أن هناك فئة تهتف بالشعارات المؤيدة والكاذبة فإنهم يستحقون أكثر من ذلك، ولا تنس أن الله بيده ملكوت كل شيء، وهو قادر على التغيير بمجرد القول \"كن فيكون\".

 إذن من أين يأتي التغيير؟

إن الله لا يغير ما بقوم حتى\" يغيروا ما بأنفسهم (الرعد: 11)، نعم هذه هي الحقيقة، فتغيير النفس أولاً ومن ثم النصر والريادة والتغيير وهذا الأمر ينطبق على كافة المستويات من أفراد ومؤسسات وقيادات.

 كيف ترى الضغوط التي تجابهها حكومة حماس في فلسطين بعد تسلمها الحكم؟

أرى أن الله - سبحانه وتعالى - يفضح الأنظمة الكاذبة حتى يأتي بالإسلام النظيف الناصع الأبيض، فالحرية والديمقراطية وأمريكا .. كل هذا وذاك كذب ونفاق وتضليل. فهل يعقل أن \"إسرائيل\" تُترك دون محاسبة وهي تملك 200 رأس نووي. وما كل هذا إلا فضح لكل القيادات والسلطات القائمة ومجلس الأمن والمجتمع الدولي. فأين المجتمع الدولي من قاتل الشيخ أحمد ياسين؟! فكل هذا خير للمسلمين والإسلام. وأنا أهيب بكل الشعوب المسلمة بضرورة مساعدة إخواننا في حماس وفلسطين بكل ما تملك، حتى وإن استدعى الأمر اقتسام لقمة العيش معهم.

 في رأيك ما هي أهم التحديات والأخطار المستقبلية التي تواجه الأمة الإسلامية؟

أعداؤنا أقل بكثير مما نتخيل، وأبسط مثال على ذلك إعصار كاترينا الأخير، الذي ضرب أمريكا فأكل الأخضر واليابس، وكشف أقوى قوة في العالم أمام الجميع.

وإن شاء الله عندما نقول: \"لا إله إلا الله محمد رسول الله\"، سنلقي في قلوب الذين كفروا الرعب، وهي قريبة إن شاء الله، فالأمر بعد الله بأيدينا.

 ألا تستحق تلك التحديات توحيد جهود المسلمين والحركات الإسلامية؟

الأفراد ليس في أيديهم شيء، ولكن كل الأمور في يد الدول والحكومات، فقرار واحد من النظم يغير موازين الشعوب.

 

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply