بسم الله الرحمن الرحيم
يرى بأن النظرة المثالية إلى الحياة ومطالبته إياها بما لا تطيق هو ما يُغضبها منه فتقسو عليه، تلك فلسفة شاعرنا الأستاذ إبراهيم بن محمد أبانمي، يحدثنا عن أنماط الشعر الحديث والشعر التقليدي، وأزمة الاعتراف بالآخر وغيرها من الموضوعات الثقافية الشيقة..
دعنا نبدأ من الشمس، أين انتهى بك تحليقك في لغتها حتى اللحظة؟
سؤالك يغمز لي بعين مكر..
لن أنكر تأثري بشعر د. عبد الله بن سليم الرشيد، ولست ممن يقسم بعظام أجداده أنه الفرد المتفرّد ولكنني أسعى..
أنت أخبرني ماذا ترى؟!
ربما يكون هذا الجواب جواب ذي الريبة، والشعر كله \"ارتياب\" وترقّب، ربما كان هذا الذي انتهى بي إليه التحليق في لغة الشمس \"الارتياب\" نحن البشر أبناء الأرض، فإلى أين الفرار؟! لا تحاول الطيران!!
هل يمكن لشاعرٍ, تعوّد \"أن يشرب مراراً على القذى\".. أن تصفو معانيه يوماً؟
كثيرا ما أُنعت بالتشاؤم..
لست كذلك، ولعل النظرة المثالية للحياة ومطالبتي إياها بما لا تطيق، هو ما يُغضبها مني، فتقسو عليّ كثيراً.
لماذا -في رأيك- لايسأم غيم الشعر من الترحال في الأرض الخراب؟!
لأنه الشعر!! إني لأعجب كيف استطاع أن يحيا بيننا إلى الآن!
ولولا قدرته على رؤية الجمال في القبح لكان قد هلك منذ أطل جيلنا هذا البائس.
ألا تعتقد أنّ هم الرؤية الفنية قد يأخذك من إلهام قصيدتك الأساسي إلى لحظةٍ, هي أشبه برسم لوحة تشكيلية؟
بلى. ولذا أمزّق أكثر قصائدي إذا خرجت منها إلى العبث بالألوان.
تطلّ من نوافذ شعرك ملامح حداثية على استحياء، وبعض الناس قد لا يعدّ ما تكتبه شعراً!! فما ردّك عليهم؟
لنتجاوز أزمة الاسم.
من لا يرى الشعر فيه فليسمه بما يشاء، ثم ليستمتع به إن استطاع، ثم يا سيدي أنا لا أقاتل لأحمي قصائديº فهي التي في كل ليلة تدثرني وتحميني، فإن لم تحمِ نفسها فلست آسف عليها.
أما الحداثة فإنه لم يقتل الشعر إلا اتباع الشعراء لتلك المدارس النقدية القديمة والحديثة، ومتى كان الشعر تابعاً جَمُد، واسأل أجدادنا الذين خُلِبَت أبصارهم بكتب البلاغة يخبروك، واسأل أصحاب أدونيس -إن كانوا لا يزالون أحياء- يخبروك أيضاً.
لست حداثيًا بالمعنى السيّئ، لكنني أحرص على أن أكون أنا، وأن تكون كتابتي بعضي..
هل يسوّغ استقراء جماليات الأنماط الأدبية الجديدة في نظرك الخروج عن طبيعة الشعر الذي تعلّمناه وحفظناه دهراً؟!
أليسوا يقولون: الشعر كائن حي؟
الشعر الحديث ليس خارجاً عن إرادة أبيه، بل هو امتداد له يذعن لعصاه أحياناً، ولكن هذا لا يسوّغ أبداً أن نكتب كما كان أصحاب المتنبي يكتبون. ومن يريد أن يجبرني على ذلك فليلبس أولاً- كما كانوا يلبسون. الزمان اختلف!!
أين اختفى الشعر التقليدي في رأيك؟ وهل نتوقع عودته بشكل جديد قريباً؟
هو في وجداننا نلجأ إليه كلما أنهكنا المسير، ليس هو المختفي بل الذي لا يطيق أن ينطلق منه، ويضيف إليه، هو الذي لا يقدر على أن يرفع رأسه لتراه، لن أخبرك هل سيعود أم لا، لكني أعلم أن البقاء للأصلح.
ما الحل للأزمة التي يعيشها خطابنا الأدبي، والمتمثلة في عدم الاعتراف بالآخر؟
لماذا هي أزمة؟
ذلك حِراك محفّز، لو لم يكن لما كان أدب ونقد جديران بالبقاء، وانظر إلى العصور الزاهية تجد ذلك الحِراك موجوداً، فأما الزبد فيذهب جفاء.
ماذا تقول للناقد الذي يفرض انطباعه على ذائقة الشعر، ويتعدّى على بوح اللحظة الشعورية وتلقائيّتها؟
قلت لك: القصيدة مناضلة زاخرة بالكبرياء، لا تلتفت إلا إذا راقها عزف ما.
للناقد أن يقول، ولي أن أقبل أو أعرض..
لن يغضب الأديب إلا إذا حاول الناقد أن يسبقه، وأن ينير طريقه، ثم يفرض عليه (قل ولا تقل)، أما إذا ظل خلفه فالسّلم بينهما قائم.
كلمة أخيرة توجّهها إلى كل شاعر\"أفنى روح الحرف مستعذباً طعم عذابه\".
أنتم الناس أيها الشعراء..
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد