الصحافة العربية .. لا عزاء للجماهير


 

بسم الله الرحمن الرحيم

 

ما فتئ القائمون على تحرير الصحف العربية يمارسون مهمة(حارس البوّابة) بالطريقة التي تتفق و توجّهاتهم الفكرية، و كأنّ الصحافة أداة لترويج مناهجهم، و التسويق لأُطروحاتهم العقيمة.

 

المستقر أن الصحافة عند كل من يعرف أبجدياتها هي ملك للأمة، و مضامينها نبض لإرادة جماهيرها، و وظائفها تُشبع حاجات القرّاء الذين ينتظرونها كل صباح، و هي حاجات تُمثّل إرادة المجموع، الإرادة التي تفرض نفسها على القائم بالاتصال في المؤسسة الصحفية، سواء كان كاتباً أم رئيس تحرير. بعض الصحف تأبى إلاّ أن تخالف هذه البدهيات المهنية، و تجعل من طاقمها التحريري موجهاً لخدمة أهواء رئيس التحرير، و توجهاته الفكرية التي تسير عكس التيار، و تخالف إرادة المجموع.

في الصحافة العربية ليس هناك مجال للحياد أو الموضوعية أو مخالفة أهواء السيد رئيس التحرير و الجوقة المحيطة به ممن هم على شاكلته أو يزيدون. مفاهيم (الحياد)، و (الموضوعية)، و (الرأي الآخر)، و (حرية التعبير) مدفونة في أضابير السيد رئيس التحرير و من في حكمه. قد تظهر في كتاباتهم و أُطروحاتهم، و ندواتهم، و مقابلاتهم، لكنها لا تلامس الواقع، و لا يمكن أن تكون حقيقة ملموسة في صحافتهم، و ما هي عندهم إلاّ شعارات جوفاء يُروّجون بها لسوقهم، و يُسوّقون بها لبضاعتهم، بل و يُمرّرون بها مضامينهم الفاجرة.

قد يجادلهم (الصحفي) الذي يعمل بينهم، و يدافع عن (دينه) و لو لم يكن متديناً، و عن (الرأي الآخر) و لو لم يؤمن به، و عن (الحقيقة) و لو لم يتفق معها، لكن هذا الصحفي الصادق النزيه تضيق عليه الصحيفة بما رحبت، و تطارده نظرات السيد رئيس التحرير وزبانيته، تحمل رسائلها ضرورة الهجرة إلى مكان آخرº إذ لا مكان هنا في (صحافة العرب الدولية) لشرف المهنة، و حيادية الرأي، و موضوعية الرؤية.

قد يحاول القارئ إرسال تعليق على مقال، يتعدى به حدود نظرية (ما أُريكم إلاّ ما أرى)، بدعوى إتاحة المساحة للرأي الآخر (كما يزعمون)، فيلبث من أول النهار إلى آخره يترقّب و لا مجيب. يعيد النظر فيرى قائمة التعليقات على المقال منشورة بانتقائية بالغة هدفها تعزيز النظرية.

حفظنا من بعض الحكماء مقولة: (إذا أردت أن تعرف واقع أمة فانظر إلى إعلامها). أمّا نحن في الوطن العربي، فإن بعض صحافتنا تنطق بنقيض واقع الأمةº إذ هي تُعبّر عن حال الجوقة الليبرالية، و تنطق بلسانها.

 

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply