أمانة الثأر

سطرت المرأة الفلسطينية كلمات من نور ونار عندما وقفت بوجه الاحتلال الإسرائيلي لفك حصار مجموعة من رجال المقاومة في بيت جنين..أثبتن للعالم أنهن أشرف وأقوى وأعز من كل جيوش العالم، وأنهن أمهات المجاهدين وإخوانهم، ودرعهم الصامد.

إلى اللواتي لقنَّ الرجال معاني الرجولة، وعلَّمن الأبطال كل معاني البطولة:

مـن لـلـبطولة يحيي نفح ذكراها * * * فـي قـلـعـة بالدم الغالي بنيناها

مـن لـلـذئاب إذا ما الغدر قادهمُ * * *إلـى بـروج تـلـيدُ المجد أعلاها

مـن لـلدواهي إذا عزَّ الرجال بها * * *والشرق والغرب في الأصقاع عاداها

ريـاضنا الخضر كم جفت مدامعها * * *لـمـا الـخنوع تنامى في حناياها

وأحـكم الطوق في أعناق من رقدوا * * *وراح يـرسـم وشـماً في محياها

بـاعوا سيوف صلاح الدين في لجج * * *كُـلّ الـشـيـاه وكل المعز تأباها

وقـدمـوا خـيل سيف الله في سف * * *هـديـة لـلـفـيـف من سباياها

حـتـى غـدونا كأنا في لظى زمن * * *فـيـه الـهـزائـم تهوانا ونهواها

تـنـاثـرت بـعـدها أشلاء أمتنا * * *فـي كـل أرض فصرنا من بقاياها

هـي الـرجولة هجران الرجال لها * * *فـي أمـة الـعرب أشقاها وأعماها

تـلاطـمـت حـولنا أمواج محنتنا * * *فـي لـج لـيـل فـناجى قلبي الله

وراح يـسـأل فـي دهـياء داهية * * *صـبـت عـلينا سيولاً من رزاياها

مـتى سيصحو بنا عزم الرجال هنا * * *عـلى الرجولة تحيي بعض موتاها

الـطـرف سافر في الآفاق ملتمساً * * *نـوراً يـضيء مع الظلماء مسراها

وحـط فـوق جـبين الشمس يسألها * * *عـن ذكـريـات وأمجاد صنعناها

وغـادر الحلم سور البؤس في ظُلَم * * *لا يـدرك الـمرء في الآفاق أعلاها

عـلَّ الأمـانـي تـعيد اليوم ثانية * * *مـفـاخـراً بـالخنا والعهر بعناها

وفـجـأة شـع نـور الفجر مبتسماً * * *فـأدهـش الأرض في شتى زواياها

مـن بـيت حانون جاء النور منبثقاً * * *يـحـيي قلوباً جحيم البؤس مأواها

نـزف الـجـراح بها أحيا لنا قيماً * * *مـا كـان يدرك هذا العصر معناها

عـلـى ربـاها رأيت النصر مد لنا * * *مـن الـحـرائـر أسـباباً نسيناها

لـلـه درك كـم خـنساء قد زأرت * * *زأر الأسـود إذ الإقـدام نـاداهـا

فـر الـيهود دجاجاً عندما اقتحمت * * * تـلـك الـحشود وعين الله ترعاها

خـولاتـنـا الشم أدهشن الأنام بها* * *والحرب قد كُشفت في الساح ساقاها

هـي الـرجـولـة والأنباء شاهدة * * *هـل هـزّ عرش الطغاة السود إلاّها

هـي الـبطولة إذ لم يبق من بطل * * *يـشـيِّـد الـمجد في العلياء لولاها

هـا قـد أعادت ليالي الحزن باسمة * * *بـيـن الأنـام فـما أندى سجاياها

لـكـنـمـا سقطت كالأسد صامدة * * *أخـت يضيء شموس الكون تقواها

إذ خـلَّـفت بعدها الأطفال في كرب * * *يـبـكـون أمـاً لهم ما كان أحناها

فـاسـمع نحيب صغير راح يندبها * * *وطـفـلـة رفـعـت لـله شكواها

الـعـمر أضحى جحيماً بعد فرقتها * * *يـشـكـو إلـى الله بـلواه وبلواها

مـن طول ما ذرفت دمع الأسى لهباً * * *بـعـد الـفـجـيعة عيناه وعيناها

تـلـك الـشهيدة نبراس يضيء لنا * * *درب الـخلود ويحيي الدهر ذكراها

ذرت صـواعـقـهـا آطام جندهم * * *تـحـت الـنعال فلم تُبصر شظاياها

تـلـك الـشهيدة والأحداث تخبرنا * * *أن الـجـنـان بـإذن الله مـأواها

مـا كـان غـيرك يا أختاه من أمل * * *أحـيـا لأمـتـنـا الثكلاء قتلاها

صـحـوت في غابة الآلام منتفضاً * * *مـمـا رأيـت بـدار طاب مرآها

وعـدت أبـصر في صحراء أمتنا * * *روضـاً يـقـدم لـلـدنيا هداياها

لـتـعـزف النصر ألحاناً تعيد لها * * *بـعـد الـغياب عن الدنيا مزاياها

لـن تـعقم الأمة المعطاء في زمن * * *فـيـه الطواغيت كل الكون تَخشاها

حـاكـوا لأمـتـنـا ملون مصيدة * * *سـوداء مـا خـفـيت يوماً خفاياها

يبقى ضياء الهدى في الكون يحملها * * * لـلـمـجد إن عثرت يوماً مطاياها

إذا أتـتـنـا جـيوش الغدر زاحفة * * *هـبـت أشـاوسنا في الساح تلقاها

أو أحـكـمت بلهيب الحقد هجمتها * * *فـي حـفـرة حـفرت يوماً دفناها

فـاسـأل بـلادناً أسود الله تحرسها * * *كـم ذات يـوم دم الأبـطال غذاها

هـذي جـرائـم صهيون سنذكرها * * *لـو كـل وغد زنيم الأصل أخفاها

وكـل مـجـلس ذعر الكون بررها * * *وألـف بـوش أتـى يخفي بلاياها

ردت مـرابـعـنا الخضراء محرقة * * *فـوق الـنـيـام لتخفي في ثناياها

أشـلاء أم وطـفـل لا تـمـيزها * * *وطـفـلـة تحت هذا الردم مثواها

لـتـدفع القوم نحو الثأر في شغف * * *مـن مـجرم في جحيم الحقد ألقاها

مـن قـاتل ترك الأحياء في وطني * * *قـبـراً لأشـلاء أطـفال جمعناها

بـيـن الـفجائع والإجرام عاث بها * * *مـن جـند صهيون ذؤبان عرفناها

جـراح مـسـجدها المفجوع باقية * * *نـيـران ثـأر قريباً سوف تصلاها

ضـراغـم الأمة المعطاء ما غفرت * * *لـقـاتـل نـال يـوماً من رعاياها

أمـانـة الـثأر في الأعماق ملهبة * * *فـأي حـر مـدى الأيـام يـنسأها