الميلاد


  

بسم الله الرحمن الرحيم

 طلبت الردى حتى تهيَّبك الردى*** وفي موتك المشهود عشتُ مخلَّدا

فأكرم بموتٍ, قبَّل المجدُ رأسَهُ*** وبين يديه الحقٌّ والبرٌّ والندى

وروحك أحيت في فدائك أمةً*** وبعضُ حياة الأمة الموت والفدى

حزمت عليك الناسفات فبُشِّرت *** بك الحور واخترتَ الشهادةَ موعدا

إهابك ضمّ البرق والرعدَ قاصفاً *** وثورةَ بركانٍ, أضاء وأرعدا

فأصبحتَ زلزالاً يدكّ حصونهم *** ونارَ شهابٍ, للشياطين أُرصدا

وكنتَ سعيراً لليهود تعجلت *** وبرداً على قلب الملبين أحمدا

فما زلتَ صوتَ الحقِّ في مسمع الدٌّنى *** يردده والآخرون هم الصدى

وقال لنا قوم قد انتحر الفتى *** وربّ ضلالٍ, يَلبَسُ العلمَ والهدى

وفي مذهب العميان ينتحر الضيا *** ويكره نورَ الشمس من كان أرمدا

وكم من نصيح قد يضرك نصحه *** وإن صديق الجهل أنكى من العدا

وكم بيننا من لا يرى غير أنفه *** يقول أرى ما لا ترون من المدى

وكم قائل قد كان يُحسنُ صمته *** وكم من إمامٍ, كان خيراً لو اقتدى

وكم بيننا من خائنٍ, ومُخذِّل *** يريشُ لنا فهم الخنوع مُسدداً

فإن هبَّ بعض المجرمين لذبحنا *** يجد في حمانا من يسنٌّ له المدى

 

*****

فلسطينُ يا أسطورة المجد والعُلا *** بنوكِ لهم تهوي المفاخرُ سُجَّدا

ترابك تسقيه الدماء طهورة *** ليثبت أمجاداً ويزهو سؤددا

فبوركت يا شعب البطولة قد رنت *** بأبصارها الدنيا إليك لتشهدا

وطأطأت الشمَّ الرواسي رؤوسَها *** أمامك إجلالاً وإن كُنَّ جلمدا

تصبٌّ عليك القاذفات سعيرها *** فيُطفئها بحر البطولة مُزبدا

فدى لك من باعوا البلاد بسلمهم *** وكل ذليل بالخضوع تبلَّدا

دماؤك من قلبي تسيل وفي الحشا *** لظى غضبٍ, بين الضلوعِ توقدا

أغالب دمع القهر أن يذبحوا أخي *** ولا أستطيع أن أمدَّ له يدا

فيا بطلاً أحني أمامك هامتي *** شهيداً زرعت المكرمات لتحصدا

وأبكيك دمعاً فيه ذوَّبت مهجتي *** وأفديك بالأنفاس لو كنت تفتدي

ولكن صوتاً منك يهتف بي أَفِق *** ولا تبكني فالحقٌّ فيَّ تجسدا

تحررتُ من أُسر المهانة ثأثراً *** وأنت بها مازلت دوني مقيدا

أعلمكم أن الحياة كرامة *** وما متٌّ كالأبطال إلا لأولدا

لئن قتلوني سوف يرعبهم دمي *** ويرسم فوق الأرض سيفاً مجردا

وإن يدفنوني يزرعوا الحقد في الثرى *** فما ضمّني إلا ليلفظهم غدا

وإن يهدموا جدران بيتي فإنني *** بنيتُ من الأمجاد صرحاً ممردا

فلن يستطيع البغيُ كسر إرادتي *** وإن صال حيناً فوق أرضي وعربدا

يظنون موتي غير أنِّي راجعٌ *** بسيفي ينضوه حفيدي مجدَّدا

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply