غداً أمضي وبعد غد أعودُ ***كأني لا أُرادُ ولا أُريد!
ويثقل في دروب النور خطوي ***وفي هذا الدجى بصري حديد
وما لي قد حنيتُ اليوم ظهري ***وأزعُمُ أنني رجلٌ شديدُ
وأزعم أنَّ ملءَ السمع ذكري ***وذكري مثل صاحبه بليدُ!
وأزعمُ أنني ما زلتُ غضّاً ***وفوق الطوق قد شبّ الحفيد! !
وأمضي كالكفيف إلى مصيري ***وأمضي لا أتيه ولا أحيدُ
وأعجب كيف لا اسطيعُ نُطقاً ***وتحتَ لساني الدرٌّ النضيدُ! !
عتبتُ عليك يا زمنَ الأفاعي ***أتعبثُ في مصائرنا القرود؟
أتحكمنا النذالة والنفايا ***وترسمُ ما تشاء وما تُريد؟
عتبتُ عليك كيف تشل ساقي ***ويَخفقني بدرِّتك العبيدُ؟
تواريني التراب ولستُ ميتاً ***كما واريتني وأنا وليد
لماذا يا عدوَّ الله تبكي ***وقلبُك من فظاظته حديد؟ ؟
ألفناها دموعَ الذل حتى ***سئمنا ما نقولُ وما نُعيد
تجودُ وما علمتُ لديك شيئاً ***تجودُ به، فكيف إذن تَجود؟ ؟
وتعييني الإجابةُ يا صديقي ***فبحر الصمت ليس له حدود
كتبت على جدار الصبر شعري ***فلم يبق الجدارُ ولا القصيد!
وعبدّتُ الطريق فما مشينا ***وبيضتُ الهمومَ وهن سود
وكم أَرّختُ من عطشي فصولاً ***لتزهر في أكفكمُ الورودُ!
وكم أنذرتكم في الصبح جيشاً ***وقلت لكم لقد رجعت يهود!
وتزحف هذه الخمسون نحوي ***أَوَ عدٌ يا جُهينةُ أم وَعيدُ؟ ؟
إليكَ إليكَ يا وطني المفدى ***وأدري أنه قُطع البريد
فلا الزيتون في عيني ذاو ***ولا عِنب الخليل به صدود
عشقتكِ يا جبال النار طفلاً ***ونارُ العشقَ ليس لها خمودُ
أمدّ عليك حين الحرّ جفني ***ويرعشُ حين أذكرك الوريدُ
وحاشا أن أخون العهد يوماً ***وحاشا أن يساورني الجحود
أنحيا كالقطيع ولا نبالي ***ونزعمُ أنه العيش الرغيد؟
وتنسلخ البلاد بساكنيها ***وتُنتهك الحدود فلا حدود
ونمضغ ذلَّنا والعارُ يمشي ***على أكتافنا وله جنودُ
وكيف ألمٌّ يا أبتاه صوتي ***ويخرسُ فوق حنجرتي النشيدُ؟ ؟
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد