بسم الله الرحمن الرحيم
يعيش العالم الإسلامي اليوم على قمم الحضارة والمدنية، ولكنه يعيش أيضاً في ظل أعتى الحروب القِيمية الطاحنة.
كان الإسلام بقوته والمسلمون بضعفهم أول مستهدف في هذه الحرب، إلاّ أنَّ الناظر يعجب كيف يكون هذا بين تلك القوى الضخمة وما يُواجههم من إمكانات ضئيلة بالمقياس البشري، ولكن ما أن ينظر إلى الكفة الأخرى فيدرك جانب القوة عند المسلمين، إنَّ المسلمين وإن لم يملكوا العتاد والقوة فإنَّهم يملكون رصيداً هائلاً من القيم التي عادة ما تَرجحُ بكفة الميزان.
من هنا كان العمل الإسلامي يتربعُ على كرسي القيادة في الصف الإسلامي، فلا عجب أن تعقد اللقاءات والمؤتمرات للتباحث في هذا الشأن، ومن الوعي والسبق أن يكون محور التباحث حول سبل الاتفاق وعوامل الافتراق في العمل الإسلامي.
العمل الإسلامي - كغيره من الأعمال - قائمٌ على أساسٍ, بشري يعتريهِ ما يعتري أعمال البشر من القصور والتقصير.
ولأن كان العمل الإسلامي قد خطى خطواتٍ, فاعلةٍ, فيما مضى، إلاَّ أنَّ التحديات المعاصرة تفرضُ مزيداً من التأمل وإعادة النظر مرةً بعد مرة.
العالم اليوم بمؤسساته السياسية والاقتصادية يسعى حثيثاً نحو التكتل والتجمع، ولو على أدنى مستوى من دواعي الشراكة والعولمة، أبرز مظاهر هذا التكتل، وسنة الله الكونية أنَّ الاجتماع قوةً والفرقة ضعفٌ وخور، وقد كان يقالُ الكثرة تغلب الشجاعة، وأولى الناس بالاجتماع أهل الحق ليبلغوا ما أُمروا به من البلاغ، وليقوموا بواجبِ الرسل الذين اتحدت كلمتهم ((وَمَا أَرسَلنَا مِن قَبلِكَ مِن رَسُولٍ, إِلَّا نُوحِي إِلَيهِ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعبُدُونِ)) (الأنبياء: 25).
وهم أبناء لعائلات أبوهم واحد وأمهاتهم شتى.
وهذا الإجماع والاجتماع العالمي على الإسلام، وهذه الفريات المتواليةِ على المسلمين وقيمهم، فرصةً لجمعِ الشتات ووحدة الصف، إذ أنَّ الفريةَ التي لا تقتلكُ تقويك.
وقد كانت الآمالُ تولدُ من أرحام الآمال، وقد قال الله فيما أنزل على عبده: ((فَإِنَّ مَعَ العُسرِ يُسراً * إِنَّ مَعَ العُسرِ يُسراً)) (الشرح: 7، 6).
فجعل اليسر قرين العسر، ولن يغلب عسر يسرين.
إنَّ الدارس لتاريخ الأمم والشعوب يرى أنها مرت بنوبات فتور وركود، لكنها ما أن تتحد على كلمةٍ, سواء، حتى تستعيد عافيتها وعزها.
تأبي الرماح إذا اجتمعن تكسرا *** وإذا افترقن تكسرت آحادا
والمشروعات النهضوية هي أبنيةٌ ضخمة لا تتقيد بمحدوديةِ عمر إنسانٍ, واحد، بل ولا حتى بلدٍ, واحد، فما لم تُعتمَد استراتيجية إكمالِ ما بُدِء وتحسين ما أُنشئ، فستظلُ محاولاتٍ, مبعثرةٍ, آيلةٍ, للسقوط في أيِّ ظرف.
وحينما تتقاطع المشروعات الإسلامية تتحولُ مع الزمن من مهامِ البناء إلى مهام انتهاز الفرص، للإجهاز على الخصمِ والإطاحة به، وأولٌّ خاسرٍ, في هذه المعركةِ القيم التي بُنيت عليها تلك المشروعات، أمَّا إذا تآلفت وتصالحت قام البنيان الشامخ وصارت أمةَ البنيان المرصوص.
ولقد حثَّ الشارعُ على الاجتماع ونبذَ الفرقة والخصام، ففي شعائرِ الدين الظاهرةِ تلحظُ هذا المعنى بجلاءº فالصلاةُ والحج والصوم والجمعة والعيدين وغيرها قامت على الاجتماع والتوحد.
وحثَّ الشارعُ على لزومِ طاعةِ من ولاهُ اللهُ الأمر، ورتَّبَ على الطاعة أجراً، وحذَّر أشدَّ التحذير من شقِ هذه العصا، بل من مات مفارقاً للجماعةِ مات ميتةً جاهلية، أما إذا اشتدت الكروبُ وضاقت السبلُ فتأكد هذه الدعوة.
ألا ترى أنَّ الله أكد في سورة الأنفال التي كان ابن عباس- رضي الله عنه- يقول: تلك سورةُ بدرٍ, أكد فيها على الاجتماع، ((يَسأَلونَكَ عَنِ الأَنفَالِ قُلِ الأَنفَالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصلِحُوا ذَاتَ بَينِكُم وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِن كُنتُم مُؤمِنِينَ)) (لأنفال: 1).
((يَا أَيٌّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُم فِئَةً فَاثبُتُوا وَاذكُرُوا اللَّهَ كَثِيراً لَعَلَّكُم تُفلِحُونَ * وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلا تَنَازَعُوا فَتَفشَلُوا وَتَذهَبَ رِيحُكُم وَاصبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ)) (لأنفال: 47، 46).
وكان من أولَ المشروعات المحمدية في المدينة، المؤآخاةُ التي تجاوزت حدود الحياة إلى الموت، فكان التوارثُ بين الإخوةِ في الله مشروعاً ثم نسخ.
وكان أول عملٍ, قام به محمد- صلى الله عليه وسلم - في المدينة بناءَ المسجدº ليكون المركز الإسلامي الذي ينطلقُ منه إشعاعَ النور والهدى.
إنَّ التكتلات البشرية - أياً ما كانت - فهي تتمحورُ حول قاعدةٍ, من المسلماتِ التي لا تقبلُ الجدل، واللهُ - تعالى -لما أمرَ بالاعتصام أمرَ بأن يكونَ ذلك بحبله ((وَاعتَصِمُوا بِحَبلِ اللَّهِ جَمِيعاً وَلا تَفَرَّقُوا)) (آل عمران: من الآية103).
وأشدَّ من تُلهبهِ نارَ الفرقة والافتراق، هم الأتباع، وهؤلاءِ هم السوادُ الأعظم، وهم القيمة الفاعلة في أممهم.
وفي سبيل تحقيقِ هذا التوافق وتنميتهِ، لا بدَّ من معرفةِ دواعي الافتراقِ، ووضع اليد عليها، فصرف الدواء إنما يكون بعد تشخيص الداء. ومعرفتنا للأسباب هي في ذات الوقت علاجº لأننا متى ما شئنا أن نخلي الساقية من الماء فلنبادر إلى ما يمدّها فنوقفه.
والتجردُ لله من الحظوظ والشهوات، خاصةً ما خفي منها، كحب الترأس والظهور، من أعمقِ الأسس في هذا الشأن، فلم يمنع عمر وكبار الصحابةِ رضوان الله عليهم أن يراجعوا الحق لما استبان لهم على لسان أبي بكر- رضي الله عنه-، ولمَّا اختلف الصحابة في بدرٍ,، وأمر الله بالإصلاح ثنَّى ذلك بصفات المؤمنين ((إِنَّمَا المُؤمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَت قُلُوبُهُم وَإِذَا تُلِيَت عَلَيهِم آيَاتُهُ زَادَتهُم إِيمَاناً وَعَلَى رَبِّهِم يَتَوَكَّلُونَ * الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَمِمَّا رَزَقنَاهُم يُنفِقُونَ)) (لأنفال: 3).
والولاءِ والبراء عقدٌ شرعي لا يشترطُ فيه مطلقُ التوافقُ، فالله سمَّى الطائفتين المقتتلتين باسم الإيمان، ثُمَّ أعقب تلك الآيةِ بالأمر بالإصلاح بين الإخوة المؤمنين، وأمر هُنا أيضاً بالتقوى.
إنَّ كثيراً من الخلافِ المسببِ للافتراق، خلافٌ حول مسائلَ يسعُ الخلاف فيها، ولا تعدُ أن تكون وجهاتِ نظرٍ, قابلةٍ, للأخذ والرد، وهذا الحماسُ المفرط للاجتهادات يُؤدي في أحيانٍ, كثيرةٍ, إلى شقاقٍ, وفرقة.
ولا بدَّ في سبيلِ توحيدِ الصفِ من وجود قياداتٍ, علميةٍ, راشدة، تكونُ محطَّ ثقةٍ,، فينفتلُ منها المختلفون بنفوسٍ, مرضية.
أيٌّها الأخوة: إنَّه إذا لم يمكن التوافق فلا أقل من السير في خطوطٍ, متوازيةٍ,، إن لم تتفق فلا أقل من أن لا تتقاطع، وقاعدة الشريعة العامة أنَّهُ لا واجب مع العجز، وأن التكليف بقدر الوسع.
إنَّ إثارةَ فقه الائتلاف على مستوى المؤسسات والأفراد، أمرٌ بات من ضرورياتِ العمل الإسلامي، ونحنُ اليوم بأمسِ الحاجة إلى تداولِ هذا الفقه وبكثافة.
وإنَّ الذي بيني وبين بين بني أخي *** وبين بني عمي لمختلف جداً
فإن أكلوا لحمي وفرتُ لحومهم *** وإن نهشوا عرضي وفرت له عرضاً
ولا أحملُ الحقدَ القديمِ عليهم *** وليس رئيس القومِ من يحمل الحقدا
وهنا أمرٌ مهمٌ إذ لا بدَّ من التفكير بجديةٍ, في واقعِ الجيلِ الصاعد حيال فقه التوافق والاختلاف، حتى لا تتكرر الأخطاء، ولا نزال بحمد الله نرى نماذجاً لمشروعاتٍ, جادة قامت على الاتحاد، فأفلحت في مسيرتها، وجنت ثمارَ زرعها.
ولا بدَّ في هذا الصدد من تأملِ هدي القرآن والسنة في الأمر بالعدل مع الصديق والعدو، ومن قراءةٍ, متأنيةٍ, في السيرةِ النبويةِ وتراجمِ السلف، وهدي العلماء في الائتلاف.
إن العدل سمةٌ مميزةٌ لشريعتنا، عاش في كنفها البرٌّ والفاجرُ، والمسلمُ والكافرُ، كل هؤلاءِ بالعدل يُحكمون ولا يُظلمون، حتى وإن أبغضنا الكافر فنحنُ مأمورون بالعدل معه، ذلك توجيهُ ربنا في كتابه العزيز: ((وَلا يَجرِمَنَّكُم شَنَآنُ قَومٍ, عَلَى أَلَّا تَعدِلُوا اعدِلُوا هُوَ أَقرَبُ لِلتَّقوَى)) (المائدة: من الآية8).
قال ابن تيمية- رحمه الله -: وهذه الآية نزلت بسبب بغضهم للكفار، وهو بغضٌ مأمورٌ به، فإذا كان البغضُ الذي أمرَ اللهُ به قد نُهيَ صاحبهُ أن يظلم من أبغضه، فكيف في بغضِ مسلمٍ, بتأويلٍ, وشبهةٍ, أو بهوى نفس؟ فهو أحقٌّ أن لا يُظلم، بل يُعدل عليه[1].
لقد فاق المسلمون في تاريخنا المجيد غيرهم في العدل، وتجاوزوا بعدلهم أهل الملة من المسلمين إلى أهل الذمة من اليهود والنصارى.
ويُذكر أنَّ عمر بن عبد العزيز- رحمه الله - كتب إلى واليهِ على البصرة يقول له: [\"ثم انظر من قِبَلك من أهل الذمة قد كَبُرت سِنٌّه، وضعفت قوته وولّت عنه المكاسبُ، فأجرِ عليه من بيت مال المسلمين ما يصلحهُ وذلك أنَّهُ بلغني أنَّ أميرَ المؤمنين عمرَ- رضي الله عنه- مرّ بشيخٍ, من أهلِ الذمةِ يسألُ على أبوابِ الناسِ فقال: ما أنصفناك إن كنَّا أخذنا منك الجزية في شبيبتك ثم ضيّعناك في كِبرك، ثم أجري من بيتِ المال ما يصلحه\" [2].
إنَّ من مظاهر العدل قبول الحقِّ ممن جاء به، فالعبرةُ بالقولِ لا بالقائل، وفي قصةِ الشيطان مع أبي هريرة- رضي الله عنه- حين وكَّلهُ الرسول- صلى الله عليه وسلم - بحفظِ زكاة رمضان، ومجيءِ الشيطان إليه أكثرَ من مرة، حتى علّمه أن يقرأ آية الكرسي إذا أوى إلى فراشه، وأنَّهُ بذلك يكونُ محفوظاً من اللهِ ولا يقربه شيطانٌ حتى يصبح، في هذه القصة صدَّق الرسول- صلى الله عليه وسلم - القول وإن صدرَ من الشيطان، حيثُ قال: ((أما إنَّه قد صدقك وهو كذوب)) ([3]).
ومن فقه هذا الحديث وفوائده - كما قال ابن حجر - رحمه الله -: إنَّ الحكمة قد يتلقّاها الفاجرُ فلا ينتفع بها، وتؤخذُ عنه فينتفعُ بها، وإنَّ الكافرَ قد يصدقُ ببعض ما يصدقُ به المؤمن، ولا يكون بذلك مؤمناً، وبأنَّ الكذّاب قد يصدُقُ [4].
وفي هذا الصدد يُذكرُ من وصايا ابن مسعود- رضي الله عنه- قوله لرجلٍ, قال له: أوصني بكلماتٍ, جوامع، فكان ممَّا أوصاهُ به أن قال: ومن أتاك بحقٍّ, فاقبل منه وإن كان بعيداً بغيضاً، ومن أتاك بالباطلِ فاردُده وإن كان قريباً حبيباً [5].
إننا حين نفقدُ هذا الميزانَ في قبول الحقِّ قد نرفض حقاً، لأنَّه جاءَ من شخصٍ, نبغضه أو لا نهواه، أو لا نرتضي منهجهُ بشكلٍ, عام، علماً بأنَّ قبول الحق الذي جاء به لا يعني موافقته في كل شيء، ولا الرضى عنه فيما يخطئُ فيه، وقد يضطرنا هذا الخلل في العدلِ في قبول الحقّ ورفض الباطل، لقبول زلّة خطأٍ, من شخصِ نحبه، ونرتضي منهجهِ علماً بأنَّ رفضنا لهذه الزلَّة والخطأ منه، لا يعني بغضهُ ولا الانتقاص من قدره، ولا رفض بقية الحقِّ الذي جاء به.
إنَّه العدل الذي ينبغي أن نأخذ أنفسنا به، ونتمنى بهِ أن يُجري الله الحقَّ على ألسنتنا وألسنة خصومنا، وكم هو عظيمٌ الإمامُ الشافع- يرحمه الله - حين قال: (ما ناظرت أحداً إلاَّ قلتُ: اللهمّ أجرِ الحقّ على قلبه ولسانه، فإن كان الحقٌّ معي اتبعني، وإن كان الحقٌّ معه اتبعته) [6].
وأين هذا يا مسلمون ممن يتمنون انحراف خصومهم، أو يرمون مخالفيهم بالباطل، ويتهمونهم وينفّرون الناس منهم وهم مسلمون، بل قد يكونون علماء، وقد يكون ما معهم من الحق أكثر من خصومهم، فإلى الله المشتكى، وكم يتلاعبُ الشيطان أحياناً ببعض المحبين، وكم يخطئُ هؤلاء وينسفون قواعد العدل وهم يحسبون أنَّهم يحسنون صنعاً، وكم نظلم أنفسنا ونظلم غيرنا بتصنيف هذا، وتجريح ذاك، واتهام ثالث وإشعال معارك وهمية بين نفرٍ, من المسلمين، الكاسبُ الأول والأخير منها هم الأعداء المتربِّصون والخاسر الأكبر هم المعتدون الفاقدون للعدل والإنصاف.
وإن كانت الخسارة تعمٌّ والفتنة تقع على المسلمين! وأين نحنُ من هذا الموقف البديع والعدلِ حتى مع غير المسلمين يقدمه لنا شيخُ الإسلام ابن تيمية بسلوكه العمليِّ، فهو حين سعى بإطلاق سراح أسرى المسلمين من التتار أصرَّ كذلك على إطلاق سراح المأسورين من أهل الذمة قائلاً لمسؤول التتر: \" بل جميع من معك من اليهود والنصارى الذين هم أهل ذمَتنا، فإنا نفكٌّهم ولا ندعُ أسيراً لا من أهل الملَّة ولا من أهل الذمة\" [7].
فإذا أنصفَ هذا العالمُ الربّاني وعدلَ مع غير المسلمين، وكان سبباً لفكّ أسرهم، فماذا يقولُ من يسعى للوقيعة بإخوانه المسلمين ويتمنّى الضٌّرَّ لهم بشكلٍ, أو بآخر؟
إن من قواعد الائتلاف إنصاف عامة المسلمين وخاصتهم..فكيف السبيلُ لهذا الإنصاف؟
إن مما لا شك فيه أن المسلمين - قديماً وحديثاً - يتفاوتون في مراتب الإيمان، فهناك من هم في الذروة من الإيمان، وهُناك من هُم في أدنى درجات الإيمان، وهناك طائفةٌ في الوسط بين هؤلاءِ وأولئك، ولكن الجميع تجمعهم رابطةُ الإسلام، وحسابهم على الله، وما لم يخرج المسلم من الملة، فإنَّ لهُ حقاً في الموالاةِ على قدر إيمانه.
وما من شكٍ, كذلك أنَّ الفرقة الناجية من خيرةِ المسلمين، وهم أهلُ السنة والجماعة الذين قالوا وعملوا بالكتاب والسٌّنة.
ولكن دائرةَ المؤمنين تتسعُ لتشملَ غيرَ الفرقة الناجية من عُصاة المسلمين، ومن وجد عندهم نوع انحراف لكنهم في دائرة الإسلام، وهذا ما نصَّ عليه الشيخُ ابن تيمية- رحمه الله - حين قال: \"وإذا قال المؤمن: ((رَبَّنَا اغفِر لَنَا وَلِإِخوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالأِيمَانِ)) (الحشر: من الآية10).
يقصد كل من سبقهُ من قرونِ الأمة بالإيمان، وإن كان قد أخطأ في تأويلِ تأوّله فخالف السنة، أو أذنب ذنباً، فإنَّهُ من إخوانه الذين سبقوهُ بالإيمان، فيدخلُ في العموم، وإن كان من الثنتين والسبعين فرقةً، فإنَّهُ ما من فرقةٍ, إلاَّ وفيها خلقٌ كثيرٌ ليسوا كفاراً، بل مؤمنون فيهم ضلالٌ وذنبٌ، يستحقون به الوعيد كما يستحقه عصاةُ المؤمنين\" [8].
----------------------------------------
[1] منهاج السنة: 5/127.
[2] أحكام أهل الذمة لابن القيم، تحقيق صبحي الصالح 1/38.
[3] رواه البخاري برقم 2311.
[4]الفتح 4/616 ح 2311.
[5] الأحكام في أصول الأحكام لابن حزم: 4/586، عن كتاب \"فقه الائتلاف\" محمود الخزندار ص98.
[6] عن فقه الائتلاف ص104.
[7] حياة شيخ الإسلام، محمد بهجت البيطار ص15، عن الرسالة القبرصية، فقه الائتلاف: 47.
[8] منهاج السنة: 5/240، 241 عن فقه الائتلاف: 186.
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد