في ظل الحضارة الزائفة


 

بسم الله الرحمن الرحيم

هـذي الـحضارةُ في أدنى معانيها *** تـعطي الجسومَ وتنسى جوهراً فيها

 

تـقـيـمُ لـلـجسمِ سلطاناً وهيمنةً *** وتـنـبـري لـعذابِ الروحِ تشقيها

 

وآزَرَتـهـا نـفـوسٌ ضلَّ هاجِسُها *** فَـزَيّـنَـت فـي دَهاءٍ, سوءَ حاديها

 

وشـقـوةُ الـناسِ مذ كانوا نفوسهمُ *** تَـؤزٌّ أجـسـادَهُـم شـرّاً فتُرديها

 

بـئـسَ الـحياة ُ إذا كانت توجّهُها *** تـلـك الـنفوسُ وقد نامَت نواهيها

 

فـتـسـتـحيلُ حياةُ الناسِ مجزرةً *** ويـمـخـرُ الشرٌّ في شتّى نواحيها

 

يـا حسرتاهُ على الإنسانِ قد عَميَت *** مـنـه الـبصيرةُ وامتدّت غَواشيها

 

يـعمى عن الرّشدِ في القرآنِ واأسفا *** ويـبـصـرُ الـغيَّ في دنياهُ تنزيها

 

سـمّـى الـفواحشَ فنّاً من سفاهته *** وراح يـسـفـكُ طهرَ الغيدِ حاميها

 

ومـسـلمو اليومِ قد ضلّوا صِراطَهُمُ *** فـبـدّلـوا بـجـمالِ الوَجهِ تشويها

 

لـم تبقَ مَفسَدَةٌ في الغربِ قد وُلِدَت *** إلا فـشـا بـربـوعِ الشرقِ فاشيها

 

أيـن الـتَفَتَّ وجَدتَ الفُحشَ منتشِراً *** كـأنّـمـا لـعـنـةٌ هبّت سوافيها

 

فـفـي الـشّوارعِ فِسقٌ عمَّ مظهرُهُ *** وفـي الـمـكـاتبِ أعراضٌ نُدَمّيها

 

وفـي الـمـحـافـلِ أخلاقٌ ممزَّقَةٌ *** وفـي الـمـعاهدِ نارُ الجنسِ نُذكيها

 

وفـي الـبـيوتِ شريطُ العُهرِ تأكلُهُ *** مـنـا الـعـيـونُ فما تَندى مآقيها

 

وفـي الـمـسابحِ قطعانٌ قد انبَعَثَت *** مـنـهـا النتانةُ حتى فاضَ طاميهَا

 

فـي سـوقِ شَـهوَتِنا بِعنا طَهارَتَنا *** ونَـدّعـي أنـنـا نَـحمي غَواليها

 

بَـنـاتُـنـا في دكاكينِ الهَوى لُعَبٌ *** كـيـف الـحرائرَ للذؤبانِ نلقيها؟

 

تَـبَـخَّـرَت غَيرَةٌ منا قد اشتَهَرَت *** فـيما مضى أين منا اليومَ زاكيها؟

 

وأيـنَ أجـنـحـةٌ طِـرنا بها شُهُباً *** فـدانـت الأرضُ قاصيها ودانيها؟

 

أيـنَ الأُلـى حملوا القرآنَ في رَشَدٍ, *** فـعـمَّ نـورُهُـمُ الدٌّنيا وما فيها؟

 

هـمُ الأبـاةُ وربٌّ الـكونِ أرسَلَهم *** لـيغسلوا الأرضَ من أدرانِ طاغيها

 

شـقّـوا الطريقَ ونور اللهِ مُرشِدُهُم *** وسُـنّـة الـمصطفى تجلو خوافيها

 

هـذا قـتـيبةُ شرقُ الأرضُ حرّرَهُ *** وطـارق الفتحِ أرضُ الغربِ يَهديها

 

حـتـى اسـتـقامَ لهم ما شاءَ ربٌّهُمُ *** مـن الأمـورِ - تعالى -اللهُ مجريها

 

فأينَ نحن من الماضي المجيدِ؟ وهل *** صُنّا الأمانةَ؟ أم ضاعت غواليها؟

 

خُـنّـا الأمـانـةَ والأخلاقَ واأسفا *** فـاجـتـاحَ دولَتَنا الإعصارُ منهيها

 

وأصـبـحَ الـنـاسُ أنعاماً تسَيِّرُها *** فـي كـلّ نـاحـيةٍ, أهواءُ راعيها

 

فاستَفحَلَ الخَطبُ حتى لا ترى فَرَجاً *** كـيف الخلاصُ وللأقدارِ مُجريها؟

 

ومـا الـرٌّعـاةُ بِدُنيا الغافلينَ سِوى *** جـنـدٍ, لإبـليسَ صالي النارِ داعيها

 

لو غَيَّر القوم ما في النفسِ لانكشَفَت *** هـذي الـمفاسدُ وانجابت طَواغيها

 

وبُـدِّلـوا بـهـبوط العيشِ أجنحةً *** تـسـمـو بـأمَّـتنا والله ُ راعيها

 

فـبـالـصلاحِ يظلٌّ القومُ في شَمَمٍ,  *** وبـالـذنـوبِ يُـذِلٌّ اللهُ جـانـيها

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply