الرحيل محتم هيثم العمر - رحمه الله -

قَـد كُـنـتُ أَرجُـو أَن تُـخَلَّفَ بَعدَنَا ** ذُخـراً لَـنَـا.. لِـتَـخُـطَّ كَفٌّكَ لَحدَنَا

لَـكِـنَّـمَـا الأَقـدَارُ تَصطَفِي مَن تَشَا ** لَـيـسَـت تَخَافُ.. وَلَيسَ تَرجُو وُدَّنَا

تَـخـتَـارُ مِـن أَحـبَـابِـنَـا أَغلاهُمُ ** وَنَـظَـلٌّ فِـي صَـمـتٍ, نًرَاقِبُ وَعدَنَا

هَـذِي الـجُمُوعُ أَتَت إِلَيكَ..انهَض لَهَا ** وَمَـجَـالِـسُ الـسٌّـمَّـارِ مَوعِدُهَا دَنَا

أَوَيَـحـلُـو جَـمعٌ غَابَ عَنهُ الهَيثَمُ ؟!!  ** أَيَـشُـوقُـنَا سَهَرٌ.. وَفَارَقَ حَشدَنَا ؟!!

نَـادَى الـجَـمِـيعُ: أَبَا مُحَمَّدٍ,! استَجِب ** مَـا كُـنـتَ قَـبـلَ اليَومِ تُنقِصُ عَقدَنَا

أَيَـضُـمٌّـنَـا بَـيتٌ..وَلَستَ بِهِ هُنَا ** تَـرنُـو لَنَا؟!! أَيَطِيبُ بَعدَكَ شَهدُنَا؟!!

قَـالُـوا: اصـبِـرُوا لِفِرَاقِهِ.. وَتَجَلَّدُوا ** أَنـتَ الَّـذِي بِـالـصَّـبـرِ كُنتَ تَمُدٌّنَا

مِـن أَيـنَ نَـأتِـي بِـهِ.. وَقَد فَارَقتَنَا ** فِـي حُـزنِـنَـا نَـشقَى بِذُلِّهِ وَحدَنَا؟!

لَـهـفِي عَلَى نَبعِ الحَنَانِ.. وَقَد مَضَى ** وَمَـخَـايِـلٍ, لِـلـخَيرِ كَانَت قَصدَنَا!!

أَسَـفِـي عَـلَى ذَاكَ الشَّبَابِ قَدِ انطَوَى ** قَـبـلَ الأَوَانِ طَـوَى لَـيَالِي سَعدِنَا !!

يَـا حَـسـرَةً!! لا تَـنـتَهِي مِنَّا عَلَى ** نَـفـسٍ, سَمَت.. فِي الخَيرِ طَابَت مَعدِنَا

مَـاذَا يَـقُـولُ مُـحَـمَّـدُ الغَالِي.. وَيَا ** مِنُ.. وَالحَسَن.. وَفَقَدنَا بَعدَكَ رُشدَنَا؟!!

قَـد كُـنـتَ مَـلـجَـأَنَـا لِكُلِّ عَظِيمَةٍ, ** كُـنـتَ الأَمَانَ مِنَ الزَّمَانِ.. مِنَ الدٌّنَى

وَالـدِّفِءُ أَنـتَ لَـنَـا بِـلَـيـلٍ, بَارِدٍ, ** فَـمَـن الَّـذِي سَـيَرُدٌّ بَعدكَ بَردَنَا ؟!!

كَـم قَـد حَمَلنَا الوَردَ.. نَرجُو لَكَ الشِّفَا ** وَالـمَـوتُ يَـضـحَكُ مِن أَمَانِي وَردِنَا

فِـي كُـلِّ رُكـنٍ, مِـن بُـيُـوتِنَا لَمسَةٌ ** تَـروِي فِـعَـالَـكَ كَي تُضَاعِفَ وَجدَنَا

إِنِّـي لأَذكُـرُ مِـنـكَ كُـلَّ صَـغِـيرَةٍ, ** أَيَّـامَ كَـانَ الـدَّهـرُ فِـيـهَـا عَـبدَنَا

فَـمَـلاعِـبُ الأَطـفَـالِ ضَـمَّتنَا مَعاً ** وَمَـعَـاهِـدٌ لِـلـدَّرسِ تَـذكُـرُ عَهدَنَا

كَـم ذَا تَـعَـارَكـنَـا!! وَكَـم أَبكَيتَنَا!! ** وَرَجَـعـتَ تُـضـحِكُنَا.. لِتَمسَحَ كَمدَنَا

كَـم رُحـتَ تَستَجدِي السَّمَاحَ لِمَا مَضَى ** وَتَـظُـنٌّ أَنَّ الـقَـلـبَ يَـذكُرُ حِقدَنَا!!

لَـيـتَ الـسَّـمَـاحَ يُعِيدُ شَخصَكَ بَينَنَا ** لَـيـتَ الـدٌّمُـوعَ تَـرُدٌّ غَـصَّةَ فَقدِنَا

كُـنَّـا نَـظُـنٌّ الـمَـوتَ لُـعبَةَ مَازِحٍ, ** لَـكِـنَّ مَـوتَـكَ يَـا أَخِـي قَـد هَدَّنَا

يَـا سُـحـبُ!! سَحّاً.. ثُمَّ تَسكَاباً عَلَى ** قَـبـرٍ, حَـوَى أَغـلَـى الأَحِـبَّةِ عِندَنَا

يَـا رَبٌّ!! أَسـكِـنـهُ الـفَرَادِيسَ العُلَى ** إِنَّ الـدٌّعَـاءَ لَـهُ قُـصَـارَى جَـهدِنَا

وَاجـعَـل جِـنَـانَ الـخُلدِ مَثواهُ الَّذِي ** يَـرضَـى بِـهِ.. رَبَّاهُ!! وَاقبَل حَمدَنَا

وَاغـفِـر لَـهُ.. وَارحَـمهُ.. ثُمَّ تَوَلَّنَا ** أَلـهِـمـنَا - رَبِّ - الصَّبرَ بَعدَهُ وَاهدِنَا

فَـعَـزَاؤُنَـا أَنَّ الـرَّحِـيـلَ مُـحَـتَّمٌ  ** خَـيـرُ الـبَـرِيِّـةِ لَـم يُخَلَّد فِي الدٌّنَى