أقول غابت


 

بسم الله الرحمن الرحيم

طـرقـتُ بابك، لا حسُّ ولا خبرُ *** ولا حـبـيب على الأشواق ينتظرُ

 

ولا عـيـون لـطـول البعد أرّقَها *** سـهـد، ولـوَّحَ في أحداقها السهرُ

 

قـد كـان صـوتُكِ يأتيني، فألثمه *** لـثـم البراعيم ظمأى شاقها المطرُ

 

مـا زلت بالباب يا أمي- أدافعهُ *** ولـم يـزل فـيـه من أشواقنا أثرُ

 

طـفـل أنـا، لم تزل عيناه دامعةً *** ولـم يـزل قـلـبه للحزن ينفطرُ

 

فـالذكرياتُ، وإن ناءت - تؤرقني *** وتـستثير الجوى في روحي الذِّكَرُ

 

فـي كـل زاويـة ألـقى لها أثراً *** فـي كـل أشـيـائها تبدو وتستترُ

 

فـي عتبة الباب في أحجار قنطرة *** فـي الياسمين، وفي الحناء يزدهرُ

 

فـي ساحة الدار في ليمونة عبقت *** بـزهـرها الأبيض الفواح ينتشرُ

 

في مصعد المنزل المهجور من زمنٍ, *** وهـاتـفٍ, صامت يصغي، وينتظرُ

 

وفـي الرٌّكيعات عند الفجر ألمحها *** فـصوت إبريقها يصحو كما الفجرُ

 

وفـي زخـارف ثوب عند مشجبها *** وفـي رفـوف أوان زانها الصورُ

 

أمـي نـشيدي، وأمي نبض قافيتي *** يـضـمها الشوق في قلبي فيستعرُ

 

أقـول: غابت، ستأتي مثلما وعدت *** كـم ذا تـغـيب إذن؟ إني لمنتظرُ

 

أمي! أتيتُ، أليس اليوم- موعدنا  *** أم أن مـوعـدنا يا أمي- الحشرُ

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply