بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
لعل غرابة الموضوع شدك أخي القارئ لكي تتصفح هذا المقال، ولكن أود أن أخبرك بأن جزءاً من الموضوع سقط عمداً فلم يكتمل، والموضوع (احذر أن تصلح بين أقاربك قبل استحضار النقاط التالية).
وقبل أن أعرض بضاعتي وأسرد نقاطي أود أن أتقدم بمقدمة فأقول:
لا شك أن مهمة إصلاح ذات البين - كما أنها عظيمة الأجر - فكذلك هي صعبة للغاية، ومن جرب القيام بها سيدرك كم من الوقت والجهد سيمضي من أجل تحقيقها، وقد ينجح فيما يقدم عليه وقد يبوء في نهاية الأمر بالفشل، والواجب على من تصدى للقيام بها أن يلحظ نقاطاً مهمة، هيا معي أخي المربي لكي نتعرف عليها، وأنا متأكد أنك ستستفيد كثيراً بعد استكمال الموضوع:
أ- إذا كنت تحب أن تقوم بهذا العمل الجليل فأخلص النية وجردها لله وحده وإياك وإشراك مصالح متنوعة فإنها تعيق التوفيق في تحقيق الهدف المنشود.
ب- قبل البدء بالإصلاح أكثر من دعاء الله بأن يجعل التوفيق حليفك، ويسهل لك ما أقدمت عليه، وتبرأ إلى الله من قوتك وقدرتك وذكائك، وأظهر عجزك وشدة حاجتك لتأييده وتوفيقه، وصاحب الدعاء طوال مدة الإصلاح.
ت- احرص أن تقدم - في الظروف العادية - لكل فرد من أرحامك معروفاً تبني به لنفسك مكانة في نفوسهم، فيقدرونك ويحترمونك، وتكون لك به عندهم يد تمون بها عليهم وقت الإصلاح، فإن المعروف يأسر القلوب، خاصة إن جاء في وقت شدة الحاجة إليه.
ث- احرص أن تقدم - بين يدي الإصلاح أو بعده - صدقة تفتح بها أبواب السماء لما أقدمت عليه.
ج- أنت محتاج لكل من يستطيع أن يعينك في عملية الإصلاح، فاستعن بأهل العلم والدين والحكمة والخبرة والرأي من رجال العائلة، أو من خارجها، ولا تكن وَحدَوي الرأي والتصرف.
ح- احرص ألا تسيء لسمعتك بأي خطوة تحسب عليك، فإن الناس يستحضرون ما سبق من أعمالك عندما تتولى الإصلاح بينهم، وقد يستحضر أحدهم خطوة خطوتها - مع أنها كانت مجرد خلاف الأولى في حقك - منعته من الاستفادة من خيرك.
وتذكر أن من ترك شيئاً لله - من حقوقه عوضه الله خيراً منه، وتذكر أن من المروءة أن نتنازل عن حقوقنا - أحياناً - حفاظاً على سمعتنا.
خ- إذا امتنع أحد عن الاستفادة من مبادرتك بسبب خطوة ترى أنها من حقك - وكان بإمكانك احتساب الأجر عند الله بالاستغناء عنها - فإياك أن تستحضر استغناءك عنه وأن عملك لمصلحته هو، فإن هذا مدخل من مداخل الشيطان ليفسد عليك أجر الإصلاح.
د- إذا كنت ترغب أن تنال أجر الإصلاح فبادر بإصلاح ما فسد ولو أنك لم تفعل خطأ من وجهة نظرك فأنت تحمل هماً أعظم من هموم الناس من حولك، فلا تقدم هواك على همك.
ذ- إذا كان بإمكانك التراجع عن الخطوة التي أثرت سلباً على سمعتك - مع أنها من حقك - فكن شجاعاً جريئاً واحتسب الأجر وتراجع، وتذكر أنه ما ترك عبد شيئاً لله إلا عوضه الله خيراً منه.
ر- احرص أن يكون بعض اجتماعات الإصلاح على الأقل - التي تجمع فيها الأطراف المختلفة في بيتك، فإنه أدعى لجعل الطرف المتشدد أن يقبل ويلين ويتراجع احتراماً لك وللمكان الذي هو فيه.
ز- ابدأ بجلسات فردية بين المختلفين واثن على كل منهم وعلى حسن خلقه وبين له حبك له لحرصه على الخير، واذكر له أجر السابق للصلح، وتذكر حديث (ليس الكاذب الذي يقول خيراً أو ينمي خيراً) وتذكر أن الكذب في هذا المقام جائز بل محمود، ولكن احذر أشد الحذر من المبالغة فيه فأنت في موضع الذي يأكل من لحم الميتة وقت الاضطرار، كما أن المستمع لو علم أنك تكذب فسيمقت حديثك.
س- بين له أن الطرف الآخر يتمنى لو أن العلاقة تتحسن، ولكنه يمنعه مانع ما من البدء فكن أنت الذي ينال أجر البدء في الصلح، واذكر له حديث (وخيرهما الذي يبدأ بالسلام).
ش- بين له بعض الخسائر التي وقعت فيها العائلة بسبب سوء العلاقة بين الطرفين، إن كان هناك خسائر واضحة، ولكن احذر من المبالغة، فإنها غير محمودة في هذا المقام.
ص- إذا أحسست بنوع من التقبل فاحمد الله واسأله المزيد واثن على المتقبل وانقل هذه الصورة للطرف الآخر واطلب منه أن يبدي ليناً هو الآخر.
ض- إذا رأيت تقبلاً من كلا الطرفين فاجمعهما، وابدأ بنقاط الخلاف السهلة التي يمكن الانتهاء منها بسرعة.
ط- إذا وصلت في أحد لقاءات الإصلاح إلى طريق مسدود وتوقف سير العمل في هذه الجلسة فلا تيأس، وأجل بقية العمل لجلسة أخرى ريثما ترتب أوراقك بشكل صحيح.
ظ- إذا كان سبب توقف عملية الإصلاح أحد الطرفين المتنازعين فاحذر كل الحذر من تهديده أو تحدّيه، فأنت طرف إصلاح لا تملك سوى الإرشاد والتوجيه، وثق أنك لو سلكت ذاك الطريق فستفقد كل امتيازاتك في قلبه، وستخسر مكانتك عنده في المستقبل.
ع- لو قدر الله لك عدم النجاح بعد جميع الخطوات التي خطوتها فلا تتأسف على الوقت الذي أمضيته، ما دمت قضيته في طاعة وبنية خالصة لله، واستحضر أنك تعمل لله وليس للبشر، وتذكر أنك مطالب ببذل الجهد ولست مسئول أمام الله عن النتائج.
هذا ما أحببت أن أدل عليه إخواني مما علمني ربي فإن أصبت فمن الله وإن أخطأت فمن نفسي والشيطان والله أسأل أن ينفع بما سبق القارئ والكاتب،
وصلى الله وسلم على نبينا محمد والحمد لله رب العالمين
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد