الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.
أما بعد:
فإن نعمة الله -تعالى -على هذه الأمة، ما أخبر به النبي -صلى الله عليه وسلم -بقوله: ((إن الله يبعث لهذه الأمة على رأسِ كل مائة سنة من يجدد لها دينها)) رواه أبو داود، وهو حديث صحيح.
إحياء ما ذهب من العمل بالكتاب والسنة، إحياء السنن التي ماتت بإظهار البدع والمحدثات، فيرزق الله من هذه الأمة جبالاً يجددون لها ما اندرس من دينها فلله دَرُهم في الإمامة والحكم، ولله دَرُهم في العلم والتعليم، ولله دَرُهم في ساحات الوغى والجهاد.
عمر بن عبد العزيز والشافعي وشيخ الإسلام ابن تيمية وغيرهم، ولا يلزم أن يكون المجدد واحداً بل قد يكونون جماعة كل يجدد في جانب من جوانب الدين.
وقد قال النبي -صلى الله عليه وسلم -: ((مثل أُمتي مثل المطر لا يدرى أوله خير أم آخره)) حديث حسن بطرقه فالخير باقي في هذه الأمة إلى يوم القيامة.
وهكـــــــذا لما غلب الجهل على الناس، وكان الشرك عاماً عليهم في هذه الجزيرة، بعث الله -سبحانه وتعالى-الإمام المجدد محمد بن عبد الوهاب -رحمه الله -، فجدد الله به الدين، وجلى به التوحيد، بعد أن ران الشرك على الكثيرين، وبيّن الله به السنة بعد أن انتشرت البدع، وأحيـاء الله به العلم، بعد أن عم الجهل، ورفع الله به لواء الجهاد في سبيله، بعد أن تركت تلك الفريضة، وصارت حروب الناس تقاتلاً بينهم، ونهباً للأموالِ وسلباً وحرباً، وجهلاً وظلماً، واعتداءً.
عباد الله:
ولما كان هذا المجدد ممن نفع الله به العالم، كالوا له أي: أعداء الإسلام-الاتهامات من كل جانب وشوهوا صورته، ولا يزالون يفعلون ذلك، ويبتلي الله المصلحين في وقتهم وبعد وقتهم بما يزيد حسناتهم ويرفع درجاتهم من هؤلاء المعتدين الذين يلغون في أعراضهم، يبتلي الله المصلحين بمن يتهمهم بالباطل ليرفع الله شأن هؤلاء المصلحين.
وهكذا إذا رأيت أعداء الله يتكلمون اليوم في الوهابيــة فأعلم أنها تقض مضجعهم، وأنها تسبب لهم أرقاً فهل هناك شيء اسمه الوهابيـــة؟!!
الوهابيــة نسبة إلى مـــاذا؟!
أليســت نسبة إلى اسم الله الوهــاب؟!
الوهاب؟!
الوهابية؟!
فإذاً ما يقولونه عن النسبة إلى محمد بن عبد الوهاب -رحمه الله -بأنها وهابية:
أولاً: نسبـة خاطئة فإن الوهابيــة نسبة إلى اسم الله الوهــاب، الذي وهب هذه الأمة مثل هذا الرجل في ذلك الوقت العصيب الذي ظهر فيه.
وقد أرسل الله الرسل لعبادته وحده لا شريك له، وعرفهم أن التوحيد أساس العمل، وأن الشرك مُحبط لسائر الأعمال.
وقد كان عند الناس في ذلك الوقت من أنواع الشرك ما كان بدعٌ منتشرة، عبادة الأضرحة والقباب، توسلٌ بالأموات.
كان قبر محجوب وقبة أبي طالب يأتون إلى الاستغاثة بها، ولو دخل سارق أو غاصب أو ظالم قبر أحدهما لم يتعرضوا لهُ لما يرون من وجوب التعظيم والاحترام لهذا الضريح.
وكان عندهم رجل من الأولياء بزعمهم-يسمى تاج، سلكوا فيه سبيل الطواغيت، وصرفوا إليه النذور، واعتقدوا فيه النفع والضر، وكان يأتي إليهم لتحصيل ما لديهم من النذور والخراج، وينسبون إليه حكايات عجيبة، منها: أنه أعمى، وأنه يخرج من بلدة الخرج بدون قائدٍ، يقوده.
وشجرة تدعى الذئب، يأُمها النســاء اللاتي يُردن المواليد الذكور، ويعلقن عليها الخرق البالية، لعل أولادهنّ يسلمون من الموت والحسد.
ومغارة في جبل يسمونها بنت الأمير، وأن بعض الفسقة أراد أن يظلم بنت الأمير، فصاحت ودعت الله فأنفلق لها الغار، فأجارها من السوء فكان العامة من هؤلاء الجهلة المشركين يسعون إلى ذلك الغار يقدمون اللحم وصنوف الهدايا.
وكان بعض النســاء والرجال يأتون إلى ذكر النخل المعروف بالفحال في بلدة معينة، يفعلون عنده أقبح الفعال، وكانت المرأة إذا تأخر زواجها تضمُهُ بيدها، ترجوا أن تفرج كربتها، وتقول: يا فحل الفحول، أُريد زوج قبل الحول.
كانت شجرة أبي دجانة في العيينة، وقبة رجب، وقبة ضرار بن الأزور، وشجرة الطرفيين مثل ذات أنواط، وكانت هذه القباب والقبور تُعبــد من دون الله.
وأفرادٌ من المتصوفة على مذهب الملاحدة من الحلولية الذين يعتقدون أن الله حل في كل مكان، وأنه حل في المخلوقات، وأن كل ما ترى بعينك فهو الله، لا يميزون بين مخلوقٍ، وخالق، كان لهم انتشار في بلاد نجد وغيرها.
وكانت الموالد التي فيها الشرك تُقرأ على الناس، وكانت الحجب تكتب بالطلاسم وتعلق.
وكانت الكتب مثل: دلائل الخيرات وروض الرياحين التي فيها استغاثة وتوسل بغير الله مشهورة لها قرأه في الموالد بين الناس.
وخلت كثير من المساجد من المصلين، وانتشرت عبادة النجوم، واعتقاد تأثيرها في الحوادث الأرضية.
تبركٌ بالأشجـارٍ، والأحجارِ والجمادات، وأمرٌ عظيم قد ران الجزيرة في نجـد وغيرهــا.
فقدر الله -تعالى -أن يولد ذلك المصلح المجدد محمد بن عبد الوهاب بن سليمان بن علي بن محمد بن راشد التميمي، وقد قال أبو هريرة -رضي الله عنه -: "مازلت أحب تميماً منذ ثلاث سمعت من رسول الله -صلى الله عليه وسلم -، ومن ذلك أنه قال فيهم: ((هم أشد أمتي على الدجال)) رواه البخاري-. وجاء في الحديث أيضاً: ((أن أطول رماح هذه الأمة على الدجال رماح بني تميم)).
فبنو تميم كان في أولهم استعصى في الدعوة النبوية لكنهم بعد ذلك جاءوا مسلمين، وسيكون لهم شأنٌ في محاربة الدجال شأن عظيم.
وكان هذا المصلح التميمي محمد بن عبد الوهاب -رحمه الله -من أشد الناس على الدجالين، محارب للدجل والشرك والشعوذة.
قيضه الله - عز وجل - فولد عام ألف ومائة وخمسة عشر للهجرة، و حفظ القرآن مبكراً، وتفقه على مذهب أحمد بن حنبل في أول أمره، وكذلك تعلم على أبيه، وحج البيت الحرام، ورزق سرعة في الحفظ والكتابة، وفصاحة في الكلام، وكان يتعجب من شأنه، طاف البلاد، وأخذ العلوم، ودرس على المشايخ، وكذلك فإنه تأثر بشيخه محمد حياة السندي، وأصله من السند، وكان مقيماً في المدينة، مُحدث الحرمين، محمد حياة السندي - رحمه الله - الذي كان موحداً غير راضي بكل هذه الشركيات، وكانت الاستغاثات تسمع عند قبر النبي محمد - صلى الله عليه وسلم - في المدينة، فقال الشيخ محمد حياة السندي يوماً لتلميذه: ما تقول في هؤلاء؟ فأجابه: إن هؤلاء متبر ما هم فيه وباطل ما كانوا يعلمون.
لم يكن منغلقاً الأفق ضيقاً، وإنما كانت رحلاته إلى أماكن مختلفة حتى خارج الجزيرة إلى العراق إلى البصرة وغيرها من أسباب تفتحه وأخذه للعلم عند المشايخ في الأماكن المختلفة.
وبدأ -رحمه الله -بعد عودته من رحلاته العلمية، ومعرفته بأوجب الواجبات، دعوة الناس إلى التوحيد، وأنه لابد من محاربة هذا الشرك، لابد من تغيير الواقع، أحس بالمسئولية العظيمة تجاه دين الله -عز وجل-، الكفر والشرك منتشر.
وهكذا بدأت الدعوة، وبدأ الإصلاح في العيينة والدرعية، وهكذا تحالف الشيخ مع محمد بن سعود وغيره لأجل إقامة دين الله -عز وجل -.
واتجه إلى هدم القبة التي كانت مبنية على قبر زيد بن الخطاب ومعه ستمائة من المقاتلين فهدمها ثم قبة ضرار بن الأزور فهدمت، وأشجار كانت تعبد من دون الله وتصرف لها أنواع من العبادات فقطعها الشيخ -رحمه الله -
بدأت الدعوة إلى التوحيد، ورأى الناس بأم أعينهم أن هذه الأشياء التي كانوا يعظمونها من دون الله لا تدفع عن نفسها ضراً، ولا تملك نفعاً، وأنها أُزيلت وقطعت فلم يحدث شيء.
بدأ الأثر العملي في القلوب، بدأ الشيخ -رحمه الله -الدعوة بالنصيحة والحسنى، بالتذكير، بوعظ الناس، بالتبيان، بالتأليف، وكان أول ما ألفه كتاب التوحيد، الذي يدرس اليوم في كثير من الأماكن، التوحيد الذي هو حق الله على العبيد.
وإذا كان هناك استعصاء من قبل سدنة الأضرحة وعباد القبور، فإن الشيخ -رحمه الله -بدأ يُجرد المفارز من أهل التوحيد لإزالة هذه الأشياء بالقوة، إذا لم يستجيبوا لإزالتها بالنصح واللين، فثارت ثائرة بعض هؤلاء الجهلة من المشركين والذين لهم مصالح في القبور والأضرحة، والذين كانت تأتي إليهم الأموال من الناس، أصحاب المصالح الشخصية، أعداء الدعوات في القديم والحديث، فثاروا على الشيخ، ناوئوه، عادوه، أرادوا تشويه سمعته، وكتبوا إلى أماكن مختلفة في التحذير منه بل إنهم جردوا الجيوش لحربه.
وهكذا مكن الله للشيخ تمكيناً عجيباً، ووفقه بمن أعانه على إقامة الدين والتوحيد.
كان عفيفاً لم يأخذ الأموال كغيره وإنما يعطي العلم الذي عنده، وكان له طلاب وأنصار وأعوان يبثهم لنشر الدين والدعوة، يعلمهم توحيد الله -عز وجل -، يقرءون عليه الكتب، ولازالت تنتشر من مكان إلى مكان، ومن بلدة إلى بلدة، في نجد وغيرها، حتى وصل الأمر إلى خصوم اجتمعوا وأرادوا القضاء على هذه الدعوة المباركة، ولما كان الله -سبحانه وتعالى-قد قال في كتابه العزيز عن المشركين: {وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة} أي شرك وكفر {ويكون الدين كله لله} أي مسيطرا حاكماً {فإن انتهوا فإن الله بما يعملون بصير}
ولما قال الله في كتابه: {لقد أرسلنا رسلنا بالبينات وأنزلنا معهم الكتاب والميزان ليقوم الناس بالقسط، وأنزلنا الحديد فيه بأس شديد ومنافع للناس وليعلم الله من ينصره ورسله بالغيب، إن الله قوي عزيز} إذاً أنزل الله الكتاب ليحكم، وأنزل الحديد لكي يجاهد به المناوئين للكتاب.
فلما قام الشيخ بالدعوة فانتشرت ثم صار لها أعداء أرادوا أن يرفعوا السلاح في وجهها ويمنعوا انتشارها، عرف الشيخ أنه لابد من الأخذ بالحديد لقتال من ناوئ الكتاب، وهكذا قام الجهــاد في سبيل الله ضد المشركين، ونصر الله الشيخ.
وعاش عمراً مباركاً إلى عام ألف ومائتين وستة للهجرة.
رسائل وكتب في داخل الجزيرة وخارجها، دعوة وتبيان للأمور وجلاء ورد على الشبهات ودفاع.
وهكذا يبتلي الله المصلحين باستمرار بمن يشوه سمعتهم، ويسبهم ويشتمهم، وهذا طريق الأنبياء ألم يقولوا عن نبينا -صلى الله عليه وسلم -ساحر، كذاب، مجنون، به جِنة!!
حسدوا الفتى إذ لم ينالوا سعيه *** فالناس أعداءٌ له وخصوم
كضرائر الحسنـاء قُلنَّ لوجهها *** حســــداً وزوراً إنه لذميم
واتهم الشيخ بتهم كثيرة، منها: استحلال الدماء، وتكفير المسلمين، فكان يبين باستمرار أنه لا يستحل دماء المسلمين، وإنما يقاتل المشركين، ومتى كان قتال المسلمين في دينه ومنهجه؟!! وهو يعلم أنه لا يحل دم امرأ مسلم إلا بإحدى ثلاث، بما جاءت به الشريعة من إحلال الدم.
وكان يخاطب الناس بحديث النبي -صلى الله عليه وسلم -: ((أُمرتُ أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله)) شهادة حقيقية ليس لفظاً يُقال، وإنما شهادة تطبق بشروطها، حتى يعبد الله ويكفر بالطاغوت، هذه دعوة الرسل {أن اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت} إنما يقول بلسانه أشهد أن لا إله إلا الله ثم يعبد الطاغوت من دون الله فليست هذه شهادة {فمن يكفر بالطاغوت ويؤمن بالله فقد استمسك بالعروة الوثقى لا انفصام لها}.
وكل ما جاوز به العبد حده من معبود أو متبوع أو مطاع طاغوت يقاتل. وكل من أراد حمايته والدفاع عنه فإنه يقاتل أيضاً.
وبيّن الشيخ -رحمه الله -موانع التكفير، وأنه لا يتسرع بتكفير كل أحد، لابد من إقامة الحجة أولاً، لابد من البيان، لابد من إزالة الشبهات، قد يكون الشخص جاهلاً فيعلم، أو لديه شبهات فيناقش، أو مكره فلا يكفر وهو مكره.
واتهم الشيخ بالظلم والتعدي، فكان يبيّن ويكتب عن فلان (استدعيته أولاً بالملاطفة)، ولفلان يقول: (ولست والحمد لله ممن ادعوا إلى مذهب صوفي، أو فقيه، أو متكلم، أو إمام من الأئمة، إنما ادعوا إلى الله وحده لا شريك له، وادعوا إلى سنة رسول الله -صلى الله عليه وسلم -).
استعمل الحكمة في دعوته، وكان يتلطف في مخاطبة مخالفيه، يبدأ أولاً باللين، ويقول لفلان: (لعلك تكون مثل الفاروق الذي فرق الله به بين الحق والباطل) أي تكون على طريقته.
وكذلك فإنه قال: (فإننا نرى وجوب السمع والطاعة لأئمة المسلمين برهم وفاجرهم، ما لم يأمروا بمعصية الله) فبيّن أنه ليس بخارج على خليفة للمسلمين، ولا إمام لهم موحد يقودهم إلى عبادة الله، ولم تكن دولة الخلافة في ذلك الوقت قد بسطت سلطانها على نجد، وكان فيها تقصير من جهة دعوة التوحيد، فجاء الشيخ لتكميله -رحمه الله -وممن تآمر عليه بعض الصليبيين الذين أيدوا بعض الباشوات في قتال اتباع تلك الدعوة، وهذا واضح في مكاتباتهم ومخاطباتهم وشهادة أهل التاريخ.
لقد انتشرت دعوة الشيخ -رحمه الله -، ووصلت إلى أصقاع مختلفة، ووصل معها أيضاً تشويهات من أطراف أخرى، مما كان يملأ به أذهان بعض الحجاج عن دعوة الشيخ تشويهاً وتعسفاً.
فممن وصلت إليه دعوة التوحيد في بلاد الهند عدة، وفي بلاد اليمن، وغيرها، حتى قال القائل:
سلام على نجد ومن حل في نـجد وإن كان تسليمي على البعد لا يجدي
قفي واسألي عن عالمٍ، حل سوحها به يهتدي من ضل عن منهج الرشدِ
محمد الهـادي لسنّـة أحمدٍ، فيا حبذا الهادي وياحبـذا المهدي
لقد سرنـي ما جاءني من طريقه وكنت أرى هذه الطريقــة لي وحدي
ويُـعزى إليـه كل مـا لا يقوله لتنقيصه عند التهامي والنجدي
فيرميه أهل الرفض بالنصب فرية ويرميه أهل النصب بالرفض والجحد
وليس له ذنـبٌ سوى أنه أتى بتحكيم قول الله في الحل والعقدِ
ويتبع أقوال النبي محمد وهل غيره بالله في الشـرع من يهدي
لئن عدّه الجُهّال ذنباً فحبذا به حبذا يوم انفرادي في لحدي
وهكذا كتب عدد من علماء الهند واليمن، يؤيدونه في دعوته.
وكذلك صار لهُ أعداء بفعل ما شوهت به السمعة بين الحجاج الذين كانوا يعودون إلى أمصارهم، فاتهموا الشيخ بالكفر والإلحاد والزندقة والتكفير واستحلال الدماء ولكنه -رحمه الله -استمر على منهجه حتى دان للدعوة عند وفاته قريباً من مليونين ونصف من الناس.
وكتب أهل العلم في تأييده على ذلك من العراق واليمن والشام ومصر.
وفي ذات الوقت كان لهُ أعداء قد كتبوا ضد دعوته، والله -سبحانه وتعالى-يبتلي: {ألم، أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا أمنا وهم لا يفتنون، ولقد فتنا الذين من قبلهم فليعلمن الله الذين صدقوا وليعلمن الكاذبين}
وكانت قريش تجتهد في أن تملأ أذهان الحجاج الذين يأتون مكة بالباطل حول النبي -صلى الله عليه وسلم -ودعوته، حتى أن بعض من قدم مكة سد أُذنيه بالقطن حتى لا يسمع دعوته النبي -صلى الله عليه وسلم -.
وهكذا فعل هؤلاء، ونسبوا إلى الشيخ أباطيل كثيرة ولكن يشـاء الله -سبحانه وتعالى-أن تستمر القضية والمسلسل في الاتهامات في القديم والحديث.
حتى ذكروا أن تاجراً مسلماً قد اختصم مع تاجر هندوسي في الهند حول سلعة عند الهندوسي فخرج المسلم غاضباً وعزم على إفســاد تجارة الهندوسي، فأشاع في المسجد أن الهندوسي وهابي، فهجر الناس دكان الهندوسي، واستاءوا منه، وحاصروه، ولم يجد الهندوسي طريقةً لإعادة تجارته إلا ليعلن على الملأ أنه قد تاب من الوهابيـة وعـاد إلى الهندوسية، فتأملوا كيف بلغ التشويه إلى هذا الحد!!
ولما سافر بعض أهل العلم من نجد إلى الهند ليطلب الحديث على أحد مشايخها الذين تأثروا بالدعايات ضد دعوة الشيخ، أخذ هذا الرجل كتاباً للشيخ -رحمه الله -ونزع غلافه الذي عليه اسم المؤلف ووضعه على طاولة المحدث العالم الهندي.
فلما جاء الشيخ أخذ الكتاب فقرأه، فأعجب به، وقال: ليتني أعرف من هذا الذي ألف هذا الكتاب؟
فقال له التلميذ، طالب العلم، الراحل للعلم: أتريد أن تعرف المؤلف إنه الذي تقع فيه في دروسك، وتتكلم عليه بما وصلك من الإشاعات، إنه محمد بن عبد الوهاب.
فانقلب المحدث إلى أكبر داعية في الهند لدعوة الشيخ -رحمه الله -.
ويقوم أعداء الدين في هذه الأيام بالطعنِ في دعوة الشيخ -رحمه الله -، وإعادة الثارات والنعرات ورفع راية محاربة الوهابية!!
لماذا إذاً؟!!
لأن تلك الدعوة المباركة، وهي إحيــاء السنة المحمدية، والدعوة إلى الكتاب والسنة أشد ما يقظ مضاجع هؤلاء.
ويريدون أيضاً أن يستفيدوا من التشويهات الحاصلة عند بعض الناس ضد الوهابية ليكسبوهم إلى صفهم.
ويُريدُ الصليبيون اليوم أن يرفعوها دعوة ضد الوهابية، ليكسبوا بزعمهم طوائــف من الناس المنتسبين للإسلام الذين يعادون الدعوة، وفي ذات الوقت يشوهون الذين يقفون أمامهم وفي طريقهم من أبناء الإسلام.
فإذا عُرفت حقيقة هذه الدعوة المباركة، فات الهدف على هؤلاء ولن يستطيعوا إن شاء الله أن يصلوا إلى دعوة الحق بسوء.
اللهم ألهمنا رشدنا، وقنا شر أنفسنا، وأرنا الحق حقاً وارزقنا أتباعه، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه.
أقول قولي هذا واستغفر الله لي ولكم فاستغفروه، إنه هو الغفور الرحيم.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد والحمد لله رب العالمين
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد